المؤتمر نت -
أتطلع الى أن تظل العلاقات بين الأحزاب محكومة بالمصلحة الوطنية وأن لا تكون مصدراً للإساءة للوطن
= واحد وعشرون عاماً على نشأة المؤتمر الشعبي العام، ما الذي يتداعى إلى ذهن الدكتور عبدالكريم الإرياني الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام في هذه المناسبة؟
== يتداعى إلى ذهني السنوات الطويلة منذ قيام ثورة السادس والعشرين حتى أقيم المؤتمر الشعبي العام في يوم الرابع والعشرين من أغسطس عام 1982م من سبتمبر – يتداعى إلى ذهني ذلك الفراغ السياسي وتلك المعاناة التي كان يعيشها أي مسئول في الجمهورية اليمنية، كما كان يعاني منها أيضاً المثقفون والشباب وكل الفئات، فالجميع كان يدرك أن نظاماً جمهورياً راسخاً لا بد أن يكون مسنوداً بتنظيم سياسي.. ومن المعروف أنه جرت محاولات عدة ولكنها باءت بالفشل حتى جاء المؤتمر الشعبي العام وكانت آلية تشكيله ولوائحه وأنظمته وقيادته برئاسة الأخ/ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية أساس التغيير النوعي الذي أدى إلى ترسيخ المؤتمر الشعبي العام على مختلف المستويات القيادية والرسمية والشعبية.. كما يتبادر إلى ذهني أيضاً العديد من جلسات الوحدة اليمنية وما كان يعتريها من قصور واضح وهو أن هناك فراغاً سياسياً تنظيمياً في الشمال بينما يوجد في الشطر الجنوبي سابقاً –تنظيم يقوم على أسس ومبادئ لا شك أنها كانت تختلف جذرياً عن الأسس والمبادئ التي قام عليها المؤتمر الشعبي العام.. وفي مراحل مفاوضات الوحدة كانت هذه الثغرة تبدو بارزة حتى أمام بعض المهتمين من القيادات العربية الذين كانوا يكررون القول كيف يمكن أن تتحدوا دون أن يكون هناك تنظيمان سياسيان لهما صلة واسعة بالجماهير لإقناعها بسلامة الوحدة اليمنية ويتبادر إلى ذهني أيضاً المنجزات الهائلة التي تحققت على مدة واحد وعشرين عاماً، وقد تحدثت عنها في مواضع عدة ولا أعتقد أن أي قارئ يجهل ما حققه المؤتمر الشعبي العام الذي أصبح تنظيماً سياسياً على ساحة الجمهورية اليمنية، له جذوره وقواعده وقياداته، وما حققه في مختلف المراحل التي مر بها الوطن من المفاوضات والمراحل النهائية لتحقيق الوحدة اليمنية وما تلى ذلك من أحداث ومعطيات حتى اليوم.
تطور المؤتمر
= كيف تقيِّمون عملية التطور التي شهدها المؤتمر الشعبي العام منذ نشأته حتى الآن..؟
== لا شك أن الذي يتابع تاريخ قيام المؤتمر الشعبي العام وينظر إليه اليوم سيجد فرقاً هائلاً بين عام 1982م وعام 2003م، في مقدمة ذلك تكوين المؤتمر، المؤتمر العام الأول انعقد عن طريق شكل من أشكال الديمقراطية في اختيار ألف عضو، وانعقد المؤتمر بألف عضو مثلوا جميع ألوان الطيف السياسي، معظمها كانت ألوان متأثرة بالخارج، ولكن نظراً لأن هذا أول تنظيم ولأنه يقوم في ظل دستور كان حينها يحرم قيام الحزبية قبلت الأحزاب السياسية ودون استثناء أن يدخل ضمن هذا التنظيم عن طريق الألف عضو، ونتج عن المؤتمر انتخاب لجنة دائمة، ولا شك أنه أعدت لوائح كانت أساساً لهذا التكوين وظلت قائمة حتى عُدِّلت في مراحل مختلفة، وكان المؤتمر الشعبي العام بعكس غيره سواءً التنظيم القومي الموحد أو الحزب الاشتراكي اليمني لم يكن يحتوي على ألوان طيف سياسي متعددة معروفة وليست سراً على أحد، لا على رئيس الدولة أو على أعضاء المؤتمر فكانت جميع ألوان الطيف السياسي مشاركة، ثم مر المؤتمر بمراحل أخرى توسعت فيها هيئاته وقواعده، ثم جاءت الوحدة اليمنية التي قامت على أساس التعددية الحزبية، وزال ذلك العائق الدستوري الذي كان قائماً في الشطر الشمالي سابقاً، ووجدت هذه الأحزاب المنضوية تحت مسمى المؤتمر الشعبي العام ولم تكن قد قطعت صلاتها ذات الايديولوجية المماثلة في الوطن العربي، وكما هو معروف خرجت هذه الأحزاب وأعلنت تشكيلاتها الحزبية وأصبح المؤتمر الشعبي العام عملياً يمثل قناعات أعضائه الذين ظلوا في عضويته، وكان بعضهم أعضاء في أحزاب أخرى ولكن ظل البعض متمسكاً بعضويته، وأنا اعتقد أن هذه الخطوة الجريئة التي أتخذها الأخ الرئيس علي عبدالله صالح بأن يشكل تنظيماً لا يبدو متناقضاً تناقضاً كاملاً مع الدستور في آلية تشكيله وفي انتمائه وفي ميثاقه الوطني، أما من ناحية الميثاق الوطني فقد شكل الأخ الرئيس لجنة- ولم يكن قد تقرر بعد قيام المؤتمر الشعبي العام- لإعداد ميثاق وطني وكان العديد من أعضاء هذه اللجنة هم أعضاء في ما كان يمسى بلجنة الحوار والتي أيضاً كانت تضم جميع ألوان الطيف السياسي، وتولت هذه اللجنة التي أصبحت لاحقاً برئاسة القاضي عبدالكريم العرشي، أطال الله عمره، وأعدت الميثاق الذي عرض على أوسع قاعدة شعبية في مختلف أنحاء الجمهورية، وأشرف على الاستفتاء ولم يقل له انتخاب لأنه اعتبر استفتاء، وتم إقرار الميثاق بأغلبية ساحقة، لأنه ميثاق ذو أصول وجذور وفكرة وسياسة وتوجيهات يمنية محضة بعيدة عن أي تأثير بأي مؤثرات خارجية، فكان الميثاق الوطني وما زال هو محور الإيمان والاقتناع الذي يتحلى به عضو المؤتمر أو من يرغب في عضوية المؤتمر، ويظل الدليل النظري والتوجيهي لكل أنشطة المؤتمر الشعبي العام.
التوجه إلى الوحدة
= بتقديركم النشأة التعددية للمؤتمر الشعبي العام هل ساعدت على تحقيق الوحدة؟
== بكل تأكيد لم تكن هي التي سيَّرت كل الخطوات التي أدت إلى قيام الوحدة بل، كما نعرف جناح للمؤتمر الشعبي العام حينها أجرى مظاهرات في شوراع الأمانة وبعض المدن يحتج على عرض قيام الوحدة اليمنية على مجلس النواب وبعض الأعضاء المتعاطفين معه إما تغيبوا أو لم يصوتوا. ما حدث في هذه الحالة كان العكس وليس التوجه إلى الوحدة التي ارتبطت بها التعددية.
مصلحة الوطن فوق أي إساءة
= كيف تتبدى لكم الآن علاقة المؤتمر الشعبي العام مع الأحزاب؟؟
== الحقيقة.. يبدو لي أن معركة الانتخابات الأخيرة قد اتسمت- مع الأسف- بقدر كبير من التجريح والتضليل للناخب والإساءة للمؤتمر الشعبي العام وقياداته.
وهو أسلوب لا يتسم ولا ينسجم مع روح الديمقراطية والتعددية، فأشعل ذلك درجات التنافس في إطار الانتخابات النيابية، لكن صراحة الانتخابات لم تنته إلا وقد تركت جرحاً- لا نقول لا يندمل- ولكنه جرح في أخلاق التعامل السياسي بين الأحزاب والتنظيمات السياسية وبالذات "اللقاء المشترك" ومع ذلك فجميع الأحزاب السياسية على الساحة اليمنية بكل تأكيد أحزاب لها جذورها ولها قواعدها، ولا يمكن للمؤتمر الشعبي العام أن يقطع علاقته بهذه الأحزاب فيما له علاقة ومصلحة وطنية عليا، لأن مصلحة الوطن هي فوق أي إساءة أو تجريح، وأتمنى _وربما مستقبلاً- أن الأحزاب السياسية تعرض تلك الضوابط الانتخابية على مؤتمراتها العامة لكي تصبح ملزمة للجميع، واعتقد أن الضوابط الانتخابية التي تم التوقيع عليها قبل الانتخابات باسبوع لم تأخذ دورها على مستوى القواعد والتنظيمات والفروع، لم يكن هناك وقت لتهذيب العملية الانتخابية من خلال الإطلاع على تلك الوثيقة والتوعية بها، ولا شك أنا أطمع أن تظل العلاقات بين جميع التنظيمات والأحزاب السياسية على الساحة اليمنية محكومة بالمصلحة الوطنية العليا وأن لا يكون التنافس الحزبي مصدراً للإساءة إلى الوطن.
لا تعوق حركتهم
= كيف تفسرون إدعاءات بعض أحزاب المعارضة بأن المؤتمر يعوق حركتهم؟؟
== ذلك جزء من الدعاية المضللة أثناء العملية الانتخابية وقبلها في مراحل القيد والتسجيل وغيرها.. ولو كان المؤتمر يعوق حركتهم لما استطاعت مجمل الأحزاب العاملة في اليمن أن تحصل على ما يقارب من مليوني صوت أو أكثر.. هي تحصل على هذا العدد.. إذاً كيف نعوق حركتها ومن منعها.. إذا جمعت كل هذه الأصوات التي حصلت عليها هذه الأحزاب وليس المؤتمر.. إذا هذا ادعاء رد عليه الناخب والذي وثق بهم ولم يصوت لهم لا بالإكراه ولا بغيره وإنما صوت لهم بقناعاته، فإذاً هناك مليونا صوت أو أقل أدلى بها الناخب اليمني لغير حزب المؤتمر ولمن يعتبروا معارضين للمؤتمر، أنا أعبتر أن هذا أكبر دليل على بطلان تلك الدعوة.
إعادة تشكيل المؤتمر
= شهد المؤتمر الشعبي العام تطوراً مشهوداً في داخله كتنظيم. فما الذي ينتظره من تطوير في ضوء المعطيات والمتغيرات الحالية؟
== بالطبع فإن التطور التنظيمي منذ نشأة المؤتمر وحتى اليوم كان يسير في اتجاه تصاعدي حسب الظروف والمعطيات الواقعية في الوطن اليمني، لا شك أن أهم خطوات التجديد التي انطلق منها المؤتمر قبل الانتخابات النيابية هو أنه خول القواعد الأساسية للمؤتمر الشعبي العام في اختيار مرشح المؤتمر في الدوائر الانتخابية، وبالطبع تعتبر هذه خطوة غير مسبوقة في تاريخ أي تنظيم داخل الوطن وربما في الوطن العربي، هذا يعتبر قمة في التطور وترسيخ مبدأ اللامركزية في اتخاذ قرار حاسم.. مثل هذه التجربة- بالتأكيد- هي محل اعتزاز وتقدير، لكن اتضح إنها بحاجة إلى تهذيب وتطوير وضبط الآليات المستخدمة، لكني أعتبرها ضمن خط تصاعدي من أهم التطورات والتجديدات التي حصلت في المؤتمر الشعبي العام، وطبعاً أمام المؤتمر، المؤتمر العام السابع في عام 2005م، وكما تنص عليه اللوائح لا بد من إعادة تشكيل المؤتمر من مستوى الجماعة والمركز الانتخابي والدائرة والمحافظة إلى القمة. وأيضاً حصل تطوير في لوائحه بأن كل محافظة ستنتخب عدداً من قياداتها إلى عضوية اللجنة الدائمة، التي كان ينتخب جميع أعضائها مركزياً، فستبدأ المحافظات بانتخاب عدد ثم ينتخب المؤتمر العام العدد المتبقي.
تكامل تام
= الدور الاقتصادي للمؤتمر.. كيف يبدو لكم؟؟
== بصراحة الناس يفكرون تفكيراً منفصلاً عن حكومة المؤتمر وقيادة المؤتمر برئاسة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح،وبين المؤتمر كتنظيم، الحقيقة التكامل تام، ولا أدل على ذلك من أن اللجنة الدائمة قبل البدء بالإصلاحات الاقتصادية التي بدأت قبل البدء بالإصلاحات الاقتصادية التي بدأت في عام 1995م، ظلت مجتمعه لست ساعات ودار فيها نقاش وجدل حول سلامة التوجه الذي قررت الحكومة أن تتخذه، ولم ينفض الاجتماع إلا وأقر الجميع-وهم قمة القيادة بعد المؤتمر العام- أن يعطوا ثقتهم للحكومة لكي تبدأ بتنفيذ البرنامج الشامل لإعادة هيكلة الاقتصاد اليمني وإعادة النظر في سياسته النقدية والمالية ومختلف قضايا الاقتصاد اليمني، لكن صراحة المؤتمر الشعبي العام- يثق بحكومته ولا يمكن أن يتحول إلى تنظيم يتدخل تدخلاً متواصلاً في سياسات الحكومة وإجراءاتها .. البرنامج السياسي يقره المؤتمر العام وفي كل القضايا السياسية والاقتصادية وتلتزم به الحكومة، البرنامج الانتخابي تقره هيئات المؤتمر الرئيسية، وأيضاً برنامج الحكومة بعد الانتخابات تصبح الهيئة التشريعية مع قيادات المؤتمر العليا هي. المعنية بمراجعة وإقرار برنامج الحكومة، بعد هذا كله الشيء الطبيعي وهو لا يحصل في دول عدة أن المؤتمر يعطي ثقته للحكومة ويدعمها ويؤيدها في السياسات التي تنفذها.
محاربة الفساد
= أين يتجلى دور المؤتمر في مكافحة الفساد؟؟
== أولاً المؤتمر الشعبي العام يتبنى في كل بياناته وقراراته وعلى مستوى هيئاته فقرة صريحة وواضحة بوجوب محاربة الفساد، ويصدر التعليمات لجميع فروعه وقياداته بأن يكون عيناً فاعلة في محاربة الفساد، لكن ليس من حق المؤتمر أن يتولى هيئة قضائية أو هيئات إدعاء، هذه المسألة التي تحصل في بعض الدول، المؤتمر ملزم وقياداته بتنبيه الحكومة ببعض الإجراءات غير الصحيحة، والحقيقة أن الحكومة أحالت العشرات من القضايا إلى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وهناك العديد من القضايا معروضة في النيابات العامة ومحاكم الأموال، لكن صراحة مصدر الفساد الأسياسي في رأيي هو فساد السياسات ، وعندما تكون السياسات غير صحيحة فهي مصدر فساد مهما عمل المجتمع، وأضرب مثلاً بقضية الدعم، سواء في مرحلة دعم الأسمنت ثم السكر والمواد الغذائية أو غيرها، وكانت هذه بؤر فساد خيالية، وعندما انتهى الدعم أنتهي هذا الفساد، آليات الحكومة في مكافحة الفساد قد لا تكون مكتملة- وهي فعلاً تتطورا دائماً- وبالذات في إعداد اللوائح الإجرائية التي يجب أن يلتزم بها الموظف في كل خطوة من خطوات عمله بالذات في ما يتعلق بالمال العام، فمثلاً تجد ثغرة لا يكتشف أن فيها فساد إلى وقد فلتت من اليد ولم يعد هناك حل إى بإحالتها إلى الرقابة المحاسبة.
ثغرات قيادية
= لا يخلو المؤتمر من وجود قيادات غير نشيطة.. كيف ينظر المؤتمر لهذه المسألة؟
== الانتخابات الأخيرة أوضحت ثغرات قيادية عدة، والحقيقة أن هيكلية المؤتمر التي انعقد على أساسها المؤتمر العام السادس- وهذه نقطة غابت عن بالي- الإعداد للمؤتمر العام السادس بحكم اللائحة الداخلية، بدأ قبل أكثر من سنة وكان القرار أن القيادات تنتخب بكاملها وألغي مبدأ التعيين، وبالتالي انتخبت قيادات بأسلوب ديمقراطي لكن لم يكن هناك شروط ومؤهلات يلتزم بها الناخبون في اختيار قياداتهم وهذه فقرة لا بد أن تصحح لأنك إذا أردت الناخبين أو أعضاء المؤتمر في دائرة ما أو مركز انتخابي أن ينتخبوا قياداتهم بطرق ديمقراطية لا بد لك أن تضع لوائح تشترط مؤهلات تلك القيادة، للأسف الشديد هذه الثغرة أدت إلى ظهور قيادات بعضها مزدوج وبعضها مهمل، لكن هذا لا يعني التراجع عن المبدأ مع أول تجربة وبالتالي المؤتمر العام السابع سيتفادى مثل هذه الثغرة، وعلى أمل أن تكون هناك فعلاً قيادات واعية ومدركة ومخلصة في أداء مهامها، لكنني أعتبر القصور أيضاً مصدره آلية ديمقراطية أقرتها قيادة المؤتمر في انتخاب القيادات في الدوائر والمحافظات دون أن تكون هناك من قبل، حيث كان هناك تعيين وكانت تنتخب القيادات ثم يضاف إليها بالتعيين عناصر أكثر تأهيلاً على أساس أنها ستنتخب وتصبح في موقع القيادة، التحضير للمؤتمر العام السادس خلا من هذا كله ولذلك فإن إعداد مواصفات لمن يترشح في أي إطار قيادي أصبح شرطاً أساسياً، مؤهلاته ومدة عضويته في المؤتمر ومدى قدرته وأدائه خلال السنوات الماضية هذه الأشياء لا بد أن تكون مكتوبة وموضحة ولا يجوز أختيار أي شخص لا تنطبق عليه هذه المواصفات.
الحكم على التجربة
= في تقديركم إلى أين تتجه عملية التحول الديمقراطي في بلادنا..؟
== علمية التحول الديمقراطي في بلادنا أولاً كمبدأ، التعددية الحزبية.. حرية المواطن في الاقتراع لمن يمثله.. الخ أنا أعتقد أن العملية الديمقراطية في اليمن هي الأفضل من كثير من تجارب بعض الدول من ناحية الدعم والإسناد من قبل القيادة السياسية والحكومة، فما يصرف في سبيل تسجيل الناخب وفي سبيل تهيئة الظرف الكامل لحريته في الاقتراع والانتخاب شيء لا نجده في أي دولة، وكان بعض الأجانب يطرح ملاحظاته علي سبيل النكتة، بعضهم قال لأول مرة نشاهد الدولة وقد ذهبت لتطرق باب المواطن لتدعوه للتسجيل في السجل الانتخابي, القضية هي طبعا حرية الشخص, لكن السبب في هذا أن الوعي بالعملية الديمقراطية ليس بالدرجة التي تحفز كل مواطن ومواطنه دون أي جهود من الدولة لتسجيل المواطنين.. الدولة تصرف الأموال لكل حزب دون تمييز بينما العادة في الدول الأخرى أن كل حزب يتولى استقطاب وتسجيل أعضائه على حسابه.. لكن في اليمن نجد العكس، وبالطبع العملية الديمقراطية والوعي بها وعيا كاملا لايمكن أن يأتي في دورة أو دورتين أو حتى ثلاث، إنما الشيء الملاحظ أن نسبة المسجلين والناخبين في التجربة الأخيرة مقارنة بانتخابات 93م و 97م نجد الفارق كبيرا وواضحا مما يدل على أن هذه الجهود المضنية التي تبذلها الدولة لإقناع المواطن بحقه الديمقراطي بدأت تؤتي ثمارها. الملاحظ أيضا- وهذا شيء إيجابي تشوبه بعض السلبيات- أن الحماس الحزبي نما بدرجة أكبر من نمو وعي المواطن, فنجد الحماس الحزبي والتعصب الحزبي والتأثير على الفئات الاجتماعية أصبح في انتخابات 2003م أقوى بكثير مما سبقها من انتخابات, لكن وعي المواطن بالعملية الديمقراطية بكل تفاصيلها وخطواتها مازال يحتاج إلى ترسيخ أكثر، ظاهرة طيبة أن الأحزاب والناخبين اصبحوا يدركون أهمية عملية الاقتراع وأهمية ان حرية الحزب المعني في أن يحصل على أكبر نسبة من الأعضاء الذين يمثلونه في السلطة التشريعية. وأقول أن العملية الديمقراطية مهما شابها من مشاكل لايمكن قول أن هذه المشاكل أيا كانت تسمح أو توجب إعادة النظر أو التجميد المؤقت مهما كانت هذه المشاكل، الحقيقة العملية الديمقراطية نظام يتمتع بآليات إصلاح ذاتية، وما دامت هناك حرية مطلقة وهناك فرص متساوية فالديمقراطية إذاً فيها من آليات إذا فيها من آليات الإصلاح الذاتي لنفسها ولتصحيح نفسها وهذا بشرط أنها مستمرة. وعلى من ينتقد أن يطلع على التجربة الديمقراطية في كل مراحلها لدى الدول التي تعتبر اليوم دولا ديمقراطية بنسبة 100% المطلع على الديمقراطية في بريطانيا منذ بدايتها والذي يقارنها اليوم يجدها كانت تشوبها الكثير من النواقص، حتى التمييز كان هناك فئات تملك حق الانتخاب وفئات لا تملك هذا الحق. وفي كل الدول الديمقراطية التي مرت على تجربتها قرون تجد بداياتها كانت تحمل الكثير من السلبيات التي تم تجاوزها في مراحل لاحقه.
والعملية الديمقراطية في بلادنا يجب الحكم عليها من واقعها، لكن البعض يسقط الديمقراطية اليمنية على الديمقراطيات العريقة والممارسات التي مرت عليها عشرات من الدورات الديمقراطية.. وأعتقد أن هذا يؤدي إلى حكم غير عادل للتجربة الديمقراطية في اليمن.
إصلاح النظام العربي
= تبني المؤتمر الشعبي العام في برنامجه الانتخابي، العمل من اجل نظام عربي جديد.. وقد تم إعداد
المشروع اليمني في هذا الاتجاه هل يمكن ان نقف من خلالكم على هذه المبادرة؟
= = الدعوة لنظام عربي جديد فعلا أطلقها الأخ الرئيس منذ فترة وأثارها في لقاءات القمة العربية، وكان في مقدمتها أولا الإصرار على انتظام القمم العربية ونوقش الموضوع ودارت حوله اجتماعات ولقاءات على مستوى الجامعة العربية واتصالات من الأخ الرئيس بعدد من وصفائه الرؤساء حتى تم تثبيت ذلك المبدأ وأصبح جزءا من نظام القمة العربية. بعد ذلك انطلق الأخ الرئيس مناديا بإصلاح النظام العربي- وبالطبع كانت هناك مبادرات أخرى عدة من رؤساء عرب، ولكن كان الأخ الرئيس أول من نادي بإصلاح النظام العربي, وكان الموضوع محل بحث ونقاش حتى جاءت قمة شرم الشيخ وتولدت قناعات كاملة لدى الرؤساء العرب وأقروا مبدأ أن تقدم أي دولة عربية ترغب مشروعا لإصلاح النظام العربي, وبالطبع فإن المشروع الذي أعد في اليمن تحت إشراف الأخ الرئيس، أعد بصياغة متكاملة، وكما نعرف تم مناقشته في مجلسي الشورى والوزراء بحيث لا يكون هذا الرأي أحاديا, فلاقى تجاوبا, واعتقد أن المشروع الآن في طريقه إلى الجامعة العربية والرؤساء العرب, وعما قريب سيطلع المواطن العربي على هذه المبادرة الكاملة والمتكاملة لإصلاح النظام العربي، ولاشك هناك دول عربية قدمت مشاريع أخرى ستصبح جميعها محل بحث ونقاش ومداولات إلى أن يتم التوصل إلى صيغة نهائية يقرها الرؤساء والملوك العرب وتحقق الهدف المنشود.