عبد الرحمن الراشد -
حرب بلا معنى
ابحثوا في الارقام لا البيانات، فهي أصدق من كل تعليق. وتعكس شيئا من الأذى والألم الذي اصيب به اللبنانيون جراء الهجوم الاسرائيلي الشامل بعد خطف جنديين اسرائيليين وقتل ثمانية آخرين في هجمة لحزب الله داخل إسرائيل.
حجم الأضرار التي لحقت بلبنان وأهله تذكِّرنا بالحروب الكبيرة التي لا تعلن إلا في اوقات الخطر والاستعداد التام لها.
وها هي خسائر اللبنانيين ضخمة بعشرات الأنفس، ومئات المواقع الحيوية، وستستغرق إعادة بناء الطرق والجسور أشهرا طويلة، وربما سنوات لأن معظمها بنيَّ بدعم دولي وعربي، ولن تعود هذه الدول لتمويله طالما أن السبب واضح.
والسؤال الذي يستحق ان يطرح من المتضرر؟ كل الثلاثة ملايين لبناني بشكل مباشر او غيره. والأكثر هم شيعة لبنان، أكثر من سنته ومسيحييه. فهم أكثر الجهات تضررا، أي مؤسسات حزب الله التي استهدفها الاسرائيليون بالقصف المركّز.
يعود التساؤل هل كانت الغارة على الدورية الاسرائيلية وقتل ثمانية وخطف جنديين تستحق كل هذا؟ نترك الاجابة لمن يريد ان يفلسف الخسائر، انما النتيجة واضحة للعيان حيث لم تحقق هدفا معلنا من ورائها بعدُ.
والمثير للاستغراب ان حزب الله تميز عن بعض الفصائل الفلسطينية بأنه يعرف متى يتقدم، وكم خطوة يسير، ومتى يتراجع. لذا كان دائما اقل عملياتيا، وافضل دقة في التصويب، واكثر ربحا في النتائج. هذه المرة يبدو ان الحزب في موقف حرج دفعه الى الغارة التي قادت الى الهجوم الاسرائيلي. ولا أظن ان مخططي الحزب يجهلون ان رئيس الوزراء الاسرائيلي جديد ومجهول الزعامة، وقطعا يتلهف لأي معركة منذ ان كلف برئاسة الحكومة الاسرائيلية في أعقاب مرض رئيسه ارييل شارون. أولمرت يريد بطولة بأي ثمن، فكانت عملية خطف الجندي الاسرائيلي في غزة ثم خطف الجنديين الى لبنان. أولمرت يريد الحرب لأنه، كما وصفه سياسي بارز قبل اسبوع من المعركة متنبئ بوقوعها، قال انه يريد ان يثبت رجولته أمام الناخبين الاسرائيليين. اولمرت ليس شارون ولا بيريز ولا رابين ولا نتنياهو الذين كانوا يفاخرون بتاريخهم العسكري والسياسي ضد العرب. اليوم اغلبية الاسرائيليين تؤيده لأنه حول عمليات الخطف الى قضية وأعلنها حربا على أطراف لا تكافئه قوة.
والسؤال الأكثر أهمية ما الذي سيحدث لاحقا؟ من المرجح انه بعد انتهاء العمليات العسكرية ان اسرائيل ستقبل بإطلاق الف اسير فلسطيني ولبناني مقابل إطلاق سراح جنودها الثلاثة. وحينها سيعلن كل طرف انتصاره لكن أرجو ان تتأملوا جيدا الوضع هل كان انتصارا، احسبوه بالأرقام او الآلام او بالسياسة او الأرض.
[email protected]
الشرق الاوسط