نعمة خالد /نقلا عن اخبار الادب - القبل لا يمكن أن تصنع حملا عام 1948 ومع قدوم جيش الإنقاذ إلي فلسطين، والذي عقد عليه الفلسطينيون آمالا كبيرة، وحلما بحماية فلسطين من المؤامرة التي اكتشفنا فيما بعد ضلوع أنظمة عربية فيها حسب رواية التاريخ، اكتشف الشارع الفلسطيني، بفطرته أن جيش الإنقاذ لم يكن أكثر من كذبة رغم وجود العديد فيه ممن كان يؤمن بما تطوع من أجله، والمتمثل بإنقاذ فلسطين. في تلك الفترة خرجت امرأة من قرية نائية في الجليل، وكانت ترقب فلول الجيش المهزومة، زغردت المرأة ساخرة ثم أنشدت:
بارودكم اليلمع ما ينفع
هاتم سلاحكم وخذم ملفعي
والملفع لمن لا يعرف هو غطاء الرأس عند المرأة.
اليوم وفيما يتعرض الشعب الفلسطيني لإبادة منظمة، ولبنان ومقاومته إلي مشروع تصفية، نجد أن البارود وترسانة الأسلحة العربية لم تعد تلمع، بل أكلها الصدأ وهي مخزنة في أقبية، تلمع نصالها فقط لقمع حركة معارضة أو حركة لشارع سئم الذل الذي طال.
أنا فلسطينية، وممن يحلمون أحلاما شيطانية، وأحلاما وردية علي رأي بعض أصحاب هذه المقولات أسأل: ألم تحرك أشلاء حنان أو أمينة أو هدي غالي بصرخاتها أو رائحة الجثث المحترقة في سيارة شحن صغيرة في دورين ما تبقي من ضمير لدي القيادات العربية، أم الجلود قد وصلت سماكتها إلي حد لا تستطيع هكذا مشاهد من اختراقها؟
مسيرات احتجاج ومظاهرات في عواصم إسلامية وعربية، تنظير وتنظير وتحليل علي الفضائيات. رغم إيماني أن هذا ضرورة من الناحية المعنوية للمقاومة في فلسطين ولبنان، إلا أني أشارك جارتنا المسنة أم محمد التي قالت: ( وإيش جاييهم ياحسرة من المظاهرات وكثرة الحكي، ما هو البوس عمره ما حبل مرة، البوس مش ممكن يخلي مرة تولد).
أسلفت أنني ممن يحلمون بأحلام شيطانية أو وردية، وأضيف: أن الأوان قد آن للخروج إلي دائرة الفعل والابتعاد عن الشعارات الطنانة والرنانة، صوت هدي علي شاطئ غزة يرن في أذني: ربما أرادت أن تقول وا معتصماه، رغم يقيني أنها لا تعرف حكاية وا معتصماه، ارتطم صوتها بجدار عازل حول فلسطين، ارتطم بركام في غزة، ارتطم بنوم أشبه بالموت في العواصم العربية، وربما أدركت هدي مثل حنان وفاطمة في جنوب لبنان أن معتصما لم يولد بعد.
|