بقلم: وليام إنغدال: - النفط وليس الديمقراطية.. الدافع لغزو العراق ·الاحتياجات المتنامية للصين من النفط تربك الوضع الدولي سياسيا ونفطيا
· واشنطن دعمت "ثورات الألوان" في آسيا طمعاً في الطاقة أيضا
·واشنطن تتهم بكين بالخروج على قواعد اللعبة لاقترابها من مصالحها النفطية في إفريقيا
·مفاوضات لتزويد إسرائيل بالغاز الروسي عبر تركيا
·صراع خفي على نفط إفريقيا بين كبريات الشركات الأمريكية والصينية
·صقور واشنطن ما زالوا يرفضون دمج روسيا والصين بالعالم الليبرالي
·خطر "القاعدة" يتضاءل أمام التحديات الصينية للمصالح النفطية لأمريكا في آسيا وافريقيا
تبدو الولايات المتحدة منهكمة بهدوء باستراتيجيتها التي أصبحت واضحة المعالم الآن والمتمثلة بالسيطرة على مصادر النفط والطاقة الرئيسية في الخليج وآسيا الوسطى وحوض بحر قزوين وأفريقيا ومناطق أخرى من العالم·
لقد كانت استراتيجية الولايات المتحدة العالمية للسيطرة على النفط السبب الحقيقي وراء تغيير النظام في العراق بحجة نشر الديمقراطية ولقد كرر الرئيس بوش دعاية حول نشر الديمقراطية في خطاب ألقاه في الثامن والعشرين من مايو الماضي وأعلن فيه أن سلامة الولايات المتحدة تعتمد على "دعمنا القوي للديمقراطية" خاصة في الشرق الأوسط وهذه هي البداية فحسب والرسالة انتشرت من دمشق إلى طهران بأن المستقبل هو للحرية وأننا لن نستكين حتى يتحقق وعد الحرية لكل الشعوب في كل الدول·
ولكن إذا سارت الأمور وفقا للاتجاهات التي برزت مؤخراً فإن الديمقراطية التي سوف ننشرها لن تكون على النحو الذي يريده بوش، بل تعزيز النفوذ الروسي والصيني على موارد النفط والغاز الرئيسية في العالم·
فالسعي للسيطرة على الطاقة هو الذي دفع واشنطن لدعم "ثورات الألوان" الذي ينطوي على مخاطر كبيرة في جورجيا وأوكرانيا وأوزبكستان وروسيا البيضاء وقرغيستان خلال الأشهر القليلة الماضية، كما أنه هو السبب وراء النشاط الأمريكي في خليج غينيا في غرب أفريقيا وفي السودان التي هي مصدر 7 في المئة من واردات الصين من النفط وهو الدافع وراء عداء الولايات المتحدة للرئيس الفنزويلي هوغو شافيز والرئيس البوليفي ايفو موراليس·
نتائج عكسية
ولكن هذه الاستراتيجية الأمريكية للسيطرة على موارد النفط العالمية بدأت تظهر لها نتائج عكسية في الآونة الأخيرة وذلك يبرز ما يشبه "تحالف الدول غير الراغبة" التي بدأت ترى أن لا خيار لها على الرغم من العداوات التقليدية بينها سوى التعاون في التصدي لما ترى انه محاولات أمريكية للسيطرة عليها جميعا وتهديد أمن الطاقة في هذه الدول·
لقد بدأ البعض في واشنطن يدرك أنه لم يجر التعامل بحصافة كافية بهذا الشأن مع روسيا والصين اللتين يعتبر تعاونهما "مع واشنطن" ضروري لنجاح مشروع الطاقة العالمي للولايات المتحدة·
فعلى العكس من نصائح خبراء سابقين في شؤون الصين، بمن فيهم وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر مهندس الزيارة التي قام الرئيس نيكسون لبكين عام 1972 رفض البيت الأبيض منح الرئيس الصيني هو جينتاو شرف الاستقبال الرسمي الكامل على حفل عشاء أثناء زيارته الأخيرة لواشنطن في شهر ابريل، الماضي وأقام البيت الأبيض بدلا من ذلك حفل غداء مختصر له لقد تعرض هيو لإهانة علنية كان أبرزها في أثناء مؤتمر صحافي عقده في البيت الأبيض بمعنى آخر، وجه الرئيس جورج بوش صفعة ديبلوماسية للرئيس الصيني·
وفي الوقت ذاته وجه نائب الرئيس ديك تشيني صفعة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في أوضح هجوم علي سياسات روسيا تجاه حقوق الإنسان وعلى سياساتها الخاصة بالطاقة، وذلك في أثناء خطاب ألقاه في ليتوانيا في أوائل شهر مايو الماضي، واتهم تشيني بكين بانتهاج سياسة في مجال الطاقة تعتمد على "التخويف والابتزاز" ثم تلا ذلك تصريح لوزيرة الخارجية كونداليزا رايس قالت فيه إنه يجب "ممارسة الضغط" على روسيا من أجل القيام بإصلاحات ديمقراطية·· ووجهت رايس لطمة أخرى للصين في شهر مارس الماضي أثناء جولة لها في جنوب شرق آسيا حين وصفت بكين بـ "القوة السلبية" في آسيا·
الخروج على قواعد اللعبة
لقد اتهمت واشنطن بكين مراراً وتكراراً بـ "الخروج على قواعد اللعبة" في ما يتعلق بسياساتها النفطية معلنة ان الصين مذنبة لمحاولتها "السيطرة على الطاقة في مصادرها" وكأن هذه ليست استراتيجية أمريكية ثابتة منذ قرن او يزيد·
وربما تعكس أهمية استهداف الصين وروسيا في آن معا وهما الدولتان العملاقتان في آسيا وأوروبا احداهما أكبر المستثمرين في سندات الخزانة الأمريكية والثانية ثاني أكبر قوة عسكرية نووية في العالم، ربما يعكس ذلك ادراكا في واشنطن بأن الهيمنة على العالم لن تكون بالأمر السهل، كما سبق أن وعد عدد من المخططين الاستراتيجيين من داخل إدارة بوش والمحيطين بها·
وفي الوقت ذاته تبدي كل من الصين وروسيا اهتماماً متزايدا بتعاون أوثق مع ايران ولا سيما في شؤون الطاقة لدرجة الحديث عن ضم ايران الى منظمة شانغهاي للتعاون SCO التي أنشئت في شهر يونيو عام 2001 وتضم كلاً من الصين وروسيا وكازاخستان وقرغيستان وطاجكستان وأوزبكستان وكان الهدف المعلن من انشائها آنذاك تسهيل "التعاون في القضايا السياسية والاقتصادية والتجارية والمواضيع العلمية والتقنية والثقافية والتعليمية وكذلك في مجال الطاقة والنقل والسياحة والبيئة" ولكن المنظمة بدأت مؤخراً تبدو وكأنها تكتل للطاقة والمال في آسيا الوسطى تحت بلورته ليعمل قطباً حضاريا للهيمنة الأمريكية·
واتخذت الدول الأعضاء في هذا التكتل خلال الأشهر الماضية عددا من الخطوات ذات البعد الاستراتيجي للنأي بنفسها عن الاعتماد على الولايات المتحدة في مجالي الطاقة والنقد Energy, Monetary,Fields وأن نظرة فاحصة على الخريطة تشير الى آفاق توسيع منظمة SCO·
الأهمية الجيو سياسية للطاقة الروسية
في خطابه الأخير حول "حالة الاتحاد" أعلن الرئيس بوتين أن روسيا تخطط لتحرير سعر صرف الروبل ليصبح بالإمكان تحويله الى عملات رئيسية أخرى كاليورو واستخدامه في عمليات بيع النفط والغاز كما بدأت روسيا ايضا بتحويل جزء من احتياطاتها الضخمة بالدولار الى عملات أخرى وسوف تستخدم أيضا 40 مليار دولار من اجل شراء احتياطي من الذهب·
وقد عززت شركة نقل الغاز الطبيعي المملوكة للدولة Transneft سيطرتها على خطوط الأنابيب لتصبح المصدر الوحيد للغاز الروسي فروسيا لديها الآن اكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم تليها ايران وسوف تسيطر منظمة SCO إذا ما انضمت إليها ايران على الغالبية العظمى من احتياطات العالم من الغاز الطبيعي إضافة الى نصيب كبير من احتياطاتها النفطية ناهيك عن سيطرتها المحكمة علي مضيق هرمز الذي تعبر منه معظم ناقلات النفط من الخليج الي اليابان والغرب·
لقد ذكرت تقارير في شهر مايو الماضي أن روسيا والجزائر هما البلدان اللذان توردان معظم إمدادات الغاز لاوروبا قد اتفقتا على زيادة التعاون بينهما في مجال الطاقة، وقد منحت الجزائر الحق الحصري لشركات روسية للعمل في حقول النفط والغاز وسوف تتعاون شركتا غاز بروم C.Azprom وسوناتراتش Sonat Rach في تزويد فرنسا بالغاز، واتخذ الرئيس بوتين قرارا بإلغاء ديون الجزائر التي تصل الى 4.7 مليار دولار ومن جانبها ستقوم الجزائر بشراء ما قيمته 7.5 مليار دولار من الطائرات الروسية الحربية المتقدمة إضافة الى أنظمة دفاعية وأسلحة أخرى·
وأعلن وزير الدفاع الروسي سيرجي ايفانوف أيضا بأن بلاده ستقوم بتزويد إيران بصواريخ Tor-m1 المتقدمة المضادة للطائرات، كمقدمة لتزويدها بالمزيد من الأسلحة المتقدمة·
وفي واحد من أكثر المؤشرات على وقاحة روسيا - بوتين الجيوسياسية في مجال الطاقة دخلت شركة غازبروم Gazprom التي تحتكر صناعة الغاز وتخضع لسلطة الدولة في مفاوضات هادئة مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت من خلال الملياردير الذي يحتفظ بعلاقة صداقة قوية مع اولمرت بيني شتميتز لضمان امداد اسرائيل بالغاز الطبيعي من روسيا من خلال خط انابيب تحت مياه البحر بين تركيا واسرائيل·
ووفقا لصحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية قال مكتب اولمرت إنه سوف يدعم اقتراح شركة Gazprom·
وسوف تواجه اسرائيل خلال بضع سنوات نقصا في الغاز حيث سينضب الغاز المستخرج من البحر خلال سنوات قليلة وتجري شركة "بريتش غاز" British Cas مفاوضات لتزويد إسرائيل بالغاز المستخرج من قطاع غزة لكن إسرائيل تجادل في حقوق الشركة للتنقيب عن الغاز في غزة فضلا عن امكانية الحصول على الغاز من مصر أيضا، وحتى مع غاز مصر وغزة يتوقع ان تواجه اسرائيل نقصا في امدادات الغاز مع حلول عام 2010 ما لم تجد مصادر جديدة للغاز، والآن وبعد دخول بوتين وشركة Gazprom على الخط فسوف يتم تحويل الغاز الى اسرائيل عبر خط "بلوستريم" Bluestream بين روسيا وتركيا الذي بنته موسكو من قبل عامين من اجل زيادة نفوذها على تركيا، ومن الواضح أن بوتين يسعى لممارسة بعض النفوذ في اسرائيل في ظل النفوذ الأمريكي احادي الجانب على الدولة العبرية·
الأهمية الجيوسياسية للطاقة بالنسبة للصين:
تسعى بكين من جانبها الى "تأمين الطاقة من مصادرها" فاقتصاد الصين المتنامي الذي سجل نسبة نمو وصلت الى 9 في المئة يحتاج الى الكثير من الموارد الطبيعية كي يحافظ على نموه، لقد أصبحت الصين مستورداً للنفط في الآونة الأخيرة ومع حلول عام 2045 ستصبح الصين معتمدة على النفط المستورد لتلبية 45 في المائة من احيتاجاتها من الطاقة·
وقد بدأ النفط الخام في كازاخستان يتدفق على الصين اعتبارا من شهر مايو الماضي، من خلال خط أنابيب بني حديثا من مدينة اتاسو الى أقليم زينغ جانغ والذي يبلغ طوله ألف كيلو متر·
وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها ضخ النفط مباشرة الى داخل الصين، وتعتبر كازاخستان كذلك من الدول الأعضاء في منظمة SCO لكن اعتبرتها واشنطن ضمن مناطق نفوذها منذ انهيار الاتحاد السوفيتي وتقوم شركة "شيفرون تكساكو" بتطوير حقول النفط الرئيسية في البلاد·
ومع حلول عام 2011 سيتمد هذا الخط بطول ثلاثة آلاف كيلو متر الى مدينة دوشانزي حيث يقوم الصينيون ببناء أكبر مصفاة للنفط في البلاد والتي من المقرر أن يستكمل العمل فيها مع حلول عام 2007 لقد مولت الصين بناء كامل خط الأنابيب الذي بلغت كلفته أكثر من 700 مليون دولار وسوف تقوم بشراء النفط من هذه المصفاة، وكانت شركة النفط الوطنية الصينية قد اشترت شركة "بتروكازاخستان" مقابل 4.2 مليار دولار وسوف تستخدمها من أجل تطوير حقول النفط في كازاخستان·
وتجري الصين أيضا مفاوضات مع روسيا لبناء خط أنابيب لإيصال نفط سيبيريا الى شمال شرق الصين، وهو المشروع الذي يمكن ان يستكمل مع حلول عام 2008 اضافة الى خط لأنابيب الغاز الطبيعي من روسيا الى شمال شرق الصين، وقد تفوقت الصين على اليابان، وأصبحت ثاني أكبر مستورد للنفط بعد الولايات المتحدة على المستوى العالمي·
وتعمل الصين وروسيا على دمج مشروعات الكهرباء بينها ففي شهر مايو الماضي اعلنت شركة Grid Corp التابعة للحكومة عن خطط لزيادة الواردات من الكهرباء الروسية خمسة أضعاف مع حلول عام 2010·
الصين ونفط أفريقيا
في اطار مساعيها الدؤوبة لتأمين امدادات نفط " من المصدر" تحركت الصين نحو مناطق النفوذ التقليدية لأمريكا وبريطانيا وفرنسا على نفط افريقيا·
بالاضافة الي كونها من الدول الرئيسية المشاركة في تطوير خط انابيب النفط السوداني الذي ينقل حوالي 7 في المائة من إجمالي واردات الصين من النفط، كان الدور الصيني أكثر من نشط في دول غرب أفريقيا المحيطة بخليج غينيا الغني بالنفط والذي يعتبر المصدر الرئيسي للنفط الذي يحتوي علي كميات قليلة من الرصاص الذي يعتبر من اغلى انواع النفط·
ومنذ إنشاء منتدى الصين- أفريقيا عام 2000 ألغت الصين التعرفة الجمركية على 190 سلعة مستوردة من 28 دولة أفريقية من الدول الأقل تطوراً في القارة وألغت ديوناً لها على دول في القارة الأفريقية بقيمة 1.2 مليار دولار·
وفي خطوة ترمي الى الالتفاف على هيمنة البنك الدولي علي دول القارة السوداء قدم بنك الاستيراد والتصدير الصيني مؤخراً قرضا ميسراً بقيمة 2 مليار دولار لانغولا وبالمقابل منحت حكومة رواندا الصين نصيبا من مشاريع التنقيب عن النفط في مياهها الإقليمية الضحلة وسوف يتم استخدام القرض في مشاريع البنية التحتية وبالمقابل فإن اهتمام الولايات المتحدة بانغولا التي تمزقها الصراعات الداخلية لا يتعدى منطقة "كابنيدا" الغنية بالنفط والمحصنة جيدا والتي ظلت تخضع حتي وقت قريب لهيمنة شركات النفط الأمريكية مثل "إكسون موبيل" Exxon Mobil "وشيل" Shell ويبدو أن ذلك في طريقة نحو التغير في ظل الاهتمام الصيني المتنامي بالمنطقة·
وتشمل مشاريع البنية التحتية التي تنفذها الصيني، في أنغولا خطوط سكك حديد وشبكات طرق ومدارس ومستشفيات ومكاتب وتطوير اكثر من 5 آلاف وحدة سكنية إضافة الى مطار جديد ورحلات مباشرة من لاندوا الى بكين·
وتشارك الصين بشكل غير مباشر من خلال دعمها لحكومة السودان في لعبة تغيير النظام المحفوفة بالمخاطر في دولة تشاد الغنية بالنفط وفي وقت سابق من هذا العام أجبر المدير الفظ للبنك الدولي الأميركي بول وولفويتز عن التخلي عن خطط لقطع المساعدات عن تشاد بعد تهديد الأخيرة بوقف صادراتها النفطية وتعتبر شركة Exxon Mobil الآن الشركة النفطية الأكثر نشاطا في تشاد ولكن السودان يدعم متمردي تشاد، الذي لم يحم سقوط نظامه الفاسد وغير الشعبي برئاسة ادريس ديبي على يد السودانيين سوى قوة فرنسية مؤلفة من 1500 جندي وقد انضمت واشنطن الى باريس في الجهود لدعم ديبي·
نصيب الأسد
وقد أشرك السودان الصين بدلا من الشركات الغربية في استغلال حقوله النفطية نتيجة للعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على السودان عام 1997 وهي العقوبات التي منعت الشركات الأمريكية من العمل في السودان إن من شأن قيام نظام جديد مدعوم من السودان في تشاد أن يعرض للخطر خط أنابيب تشاد- الكاميرون كما سيهدد شركات النفط الغربية ويمكن للمرء أن يتخيل أن تتحرك أكثر من جهة لملء الفراغ ومساعدة تشاد على تطوير حقولها النفطية لاسيما إذا ذهب نصيب الأسد الى الصين·
وبعد الزيارة غير السعيدة لواشنطن مباشرة ذهب الرئيس الصيني هيو جينتاو في زيارة الى نيجيريا التي ظلت واشنطن تعتبرها منذ زمن طويل منطقة نفوذ نفطي لها·
ووقع هيو هناك على اتفاق مع الحكومة النيجيرية تقتضي بمنح الصين أربعة تراخيص للتنقيب عن النفط مقابل تعهد الأخيرة باستثمار أربعة مليارات دولار في البنية التحتية للبلاد، وسوف تشتري الصين أسهما كبيرة في مصفاة "كادونا" للنفط التي تنتج 100 آلف برميل يوميا، وسوف تقوم ببناء محطات للسكك الحديدية ومحطات لتوليد الكهرباء كما أنها ستتحمل 45 في المائة من تكاليف تطوير أحد حقول النفط والغاز البحرية الرئيسية في نيجيريا· وتسيطر شركات غربية الآن على معظم الانتاج النفطي لنيجيريا لكن الوضع هناك سوف يتغير قريبا في صالح الصين·
وقدمت الصين قروضاً ميسرة أيضا لتمويل مشاريع بنية تحتية في الغابون وساحل العاج وليبيريا وغينيا الاستوائية·
وربما تأخذ الاتهامات للصين بأنها تخرج عن قواعد اللعبة وبأنها تحاول الحصول على الطاقة من مصادرها، بعداً حقيقيا إذا أخذت بعين الاعتبار مع التحركات الروسية الأخيرة في ميدان الطاقة·
صقور واشنطن
لا عجب إذا رأينا درجة كبيرة من الاستنفار لدى صقور واشنطن إزاء هذه التطورات، ففجأة لم يعد عالم الأعداء المحتملين مقصوراً على الإرهاب الإسلامي كما كتب المنظر البارز في تيار المحافظين الجدد روبرت كيغان مؤخراً في صحيفة واشنطن بوست علماً بأن زوجته فكتوريا نولاند ظلت تعمل نائبة لمستشار نائب الرئيس ديك تشيني لشؤون الأمن القومي إلى أن تم تعيينها سفيرة للولايات المتحدة لدى الناتو· لقد أعلن كيغان في اشارة الى الصين وروسيا أن "استراتيجية الغرب الليبرالي حتى الآن هي محاولة دمج هاتين الدولتين في النظام الليبرالي العالمي من أجل تدجينهما وجعلهما مصدري أمان لليبرالية"·
وكان كيغان من المشاركين في وضع مشروع "أمريكا في القرن الجديد" المتشدد في نهاية التسعينات والذي يدعو إضافة الى أمور أخرى الى تعزيز قدرات الولايات المتحدة العسكرية وتغيير النظام في العراق، وذلك قبل عام تقريبا من وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001·
وأردف كيغان يقول إنه "إذا ما تحولت روسيا والصين بدلاً من كونهما مصدري أمان- الى محورين للحكم السلطوي خلال العقود المقبلة وتستمران في ذلك وربما تزدهران فلا يمكن أن تتوقع منهما تحقيق الرؤية الغربية المتمثلة بالتحول نحو الديمقراطية وانهاء الحكم السلطوي"·
ويتهم كيغان البلدين بأنهما أصبحا حاميتين لـ "عصبة غبر معلنة من الأنظمة الدكتاتورية" التي تشمل الآن- وفقا كيغان- زعماء روسيا البيضاء واوزبكستان وبورما وزيمبابوي والسودان وفنزويلا وايران وانغولا وغيرهما وهي انظمة شأنها شأن الصين وروسيا تقاوم جهود الغرب للتدخل في شؤونها الداخلية بفرض العقوبات عليها أو بوسائل أخرى·
وأضاف كيغان يقول إن "السؤال الذي طرح نفسه هو ما الذي ستقرر الولايات المتحدة فعله رداً على ذلك"·
ولسوء الحظ فإن تنظيم القاعدة قد لا يكون التحدي الوحيد الذي يواجه الليبرالية اليوم، وربما لا يكون التحدي الأعظم·
وفي موضوع متصل، اتهم مجلس نيويورك للعلاقات الخارجية إدارة بوش مؤخراً بأنها تفتقر لأي استراتيجية طويلة المدى في افريقيا وانتقدت المجموعة المختصة بالسياسة الخارجية تركيز الولايات المتحدة على القضايا الإنسانية كما في دارفور وطالبت إدارة بوش بالتصرف وفقا لمصالحها المتنامية في القارة السوداء والتي لخصها المجلس بالنفط والغاز أولاً، والمنافسة المتصاعدة مع الصين ثانيا·
*مؤلف كتاب: "قرن من الحروب: السياسات النفطية الانكلو- امريكية والنظام العالمي الجديد" وهو بصدد نشر كتاب جديد بعنوان: "بذور الدمار": الأجندة السياسية الخفية وراء GMO"·
نقلا عن الطليعة
|