نزار قبانی -
كشفت قانا الستائر
وجه قانا شاحب اللون كما وجه يسوع
و هواء البحر في نيسان
أمطار دماء و دموع...
قصفوا الحنطة و الزيتون و التبغ
و أصوات البلابل...
قصفوا قدموس في مركبه
قصفوا البحر و أسراب النوارس
قصفوا حتى المشافي...
و النساء المرضعات...
و تلاميذ المدارس
قصفوا سحر الجنوبيات
و اغتالوا بساتين العيون العسلية
و رأينا الدمع في جفن علي
و سمعنا صوته و هو يصلي
تحت أمطار سماء دامية
كل من يكتب عن تاريخ «قانا»
سيسميها على أوراقه: «كربلاء الثانية»!
كشفت قانا الستائر
و رأينا أميركا ترتدي معطف خاخام يهودي عتيق...
و تقود المجزرة
تطلق النار على أطفالنا دون سبب
و على زوجاتنا دون سبب
و على أشجارنا دون سبب
و على أفكارنا دون سبب
هل على كل رئيس حاكم في أمريكا،
إن أراد الفوز في حلم الرئاسة
قتلنا، نحن العرب؟
انتظرنا عربي واحداً.
يسحب الخنجر من رقبتنا...
انتظرنا قريشياً واحداً...
انتظرنا هاشميا واحداً...
دونكيشوتاً واحداً...
قبضاياً واحداً لم يقطعوا شاربه...
انتظرنا خالداً...أو طارقاً...أو عنترة...
فأكلنا ثرثرة و شربنا ثرثرة...
أرسلوا فاكسا إلينا..استلمنا نصه
بعد تقديم التعازي و انتهاء المجزرة!!.
ما الذي تخشاه إسرائيل من صرخاتنا؟
ما الذي تخشاه من (فاكساتنا)؟
ما الذي تخشاه إسرائيل من ابن المقفع؟
و جرير ..و الفرذدق؟
و من الخنساء تلقي شعرها عند باب المقبرة...
ما الذي تخشاه من حرق الإطارات...
و توقيع البيانات..و تحطيم لمتاجر...
و هي تدري أننا لم نكن يوما ملوك الحرب...
بل كنا ملوك الثرثرة...
ما الذي تخشاه من قرقعة الطبل...
و من شق الملاءات...و من لطم الخدود؟
ما الذي تخشاه من أخبار عاد و ثمود؟
نحن في غيبوبة قومية
ما استلمنا منذ أيام الفتوحات بريدا...
نحن شعب من عجين...
كلما تزداد إسرائيل إرهابا و قتلا...
نحن نزداد ارتخاء... و برودا...
وحدة خضراء تزداد انفصالاً...
و حدود كلما شاء الهوى تمحو حدودا!
كيف إسرائيل لا تذبحنا ؟
كيف لا تلغي هشاما, و زياداً, و الرشيدا؟
و بنو تغلب مشغولون في نسوانهم...
و بنوا مازن مشغولون في غلمانهم...
و بنو هاشم يرمون السراويل على أقدامها...
ما الذي تخشاه إسرائيل من بعض العرب
بعد ما صاروا يهودا؟...