المؤتمرنت - -
منى واصف تكتب ..أنتظر التاريخ
هذه أسوأ حرب مرت علي، باعتباري من جيل الستينيات، فقد عاصرت حرب عام 67 وتشرين73 ، وكذلك عاصرت مجزرة قانا الأولى حيث كنت أصور مسلسلاً في بيروت، ولم أجد بين كل تلك الحروب ما هو أسوأ من هذه.
أجد نفسي، كمواطنة عربية سورية، خجولة مما يحصل، لأنني لم أستطع أن أقدم شيئاً، ولا أعتبر أن كلماتي قد تفيد.
شاركت من قبل في المغرب باعتصام للفنانين أمام مكتب للأمم المتحدة، وكذلك في بعض فعاليات الصليب الأحمر في دمشق، ومع ذلك فإنني أعتقد أن كل ما فعلته هو أصغر من المأساة التي تحدث في لبنان. لذلك لم أكن أستطيع أن أدلي من قبل بأي تصريحات، فذلك محرج ومخجل.
أتذكر الآن أننا حينما كنا نقدم مسلسلات تاريخية كنا نواجه عتباً من البعض يعتبرون أننا نقدم تاريخاً أكثر سواداً مما ينبغي، ذاك التاريخ الذي كتب، كما يقولون، بأيد غير عربية. والآن؟ إنني متأكدة أن ما حصل في الماضي هو حقيقي طالما أنه يتكرر الآن. فمن سيجرؤ على التأريخ لهذه الفترة؟ من سيتهم من، ومن سيبرّئ من؟ ومن سيتحمل عار ما حصل؟
لا أستطيع أن أعبر، فقط أنتظر التاريخ، علّ معجزة تعيدني لأرى ماذا سيكتبون. كيف سيمحون ما حصل. أما عن عظمة المقاومة؛ فلقد ذهلت كيف اهتزت صورة الجندي الإسرائيلي الذي اعتادوا على وصفه بالجنيّ، كيف تزعزع أمام البطولة الميدانية للمقاوم.
ولكنني في النهاية لا أستطيع أن أشاهد الحرب على الشاشة، فغالباً ما أخبئ عيني. لا يمكن أن أسامح من قتل هؤلاء الأطفال ملائكة الله، كما لا أسامح هذا الصمت الرهيب للأنظمة. أرجو أن يسامحنا الأطفال الذين لم نستطيع الدفاع عنهم. حرام لبنان الجميل. البلد الذي كان كل من لديه رأي حر يقوله من منبر لبنان.
* ممثلة سورية
"السفير"