المؤتمرنت - دراسة أميركية: المسنون ما زالوا سعداء في بحث إحصائي بعنوان مائة على مائة تم إجراؤه في الولايات المتحدة، أعلن الباحثون من مؤسسة إفركير الأميركية في العاشر من هذا الشهر أن كثيراً ممن تجاوزا المائة في العمر لا يزالون سعداء ويتمتعون بصحة جيدة، والأهم أن أعدادهم في تزايد.
ويعلق الدكتور جون ماش بأن الصحة هي أكثر من مجرد حالة مرتبطة بالوضع الطبي للإنسان. ولذا فإن من المهم النظر إلى الجوانب الاجتماعية والنفسية التي تؤثر في المعمرين بشكل طويل نسبي. وأضاف بأن شريحة من أعمارهم تجاوزت الخامسة والثمانين تزداد اتساعاً في الولايات المتحدة، مما يعني ضرورة البحث فيما يهمهم كي يُمكن تقديم الرعاية والعناية بهم.
وشملت الدراسة مائة من المعمرين، ممن تجاوزوا التاسعة والتسعين من العمر، ثلثاهم كانت أعمارهم ما بين مائة وبين مائة وأربع سنوات.
و تقول الدكتورة مارغريت دريكامر من كلية الطب بجامعة يال الأميركية بأن هناك فرقا بين من عاشوا كي يبلغ عمرهم مائة عام وبين من استطاعوا البقاء إلى هذا العمر. وهو كلام دقيق في وصف حالة الإنسان وصحته ونشاطه آنذاك.
و يضيف الدكتور ماش بأن 71% منهم صنفوا وضعهم الصحي والعام بأنه جيد أو ممتاز. وبالرغم من أن بعضهم أبدى ندماً على بعض الأمور ومجريات الأحداث التي مروا بها، إلا أن 61% منهم صرحوا بأنه لا يُوجد ما كان عليهم فعله أفضل مما فعلوه في حياتهم، و78% قالوا بأنه لا يوجد ما كان يجب عليهم عدم فعله. وفي حين أبدى 30% أمنيتهم لو أنهم أكثروا من الأسفار والتنقل بين مناطق العالم، تمنى 9% منهم لو أنهم لم يُسرفوا في العمل واقتصروا على نشاط أقل فيه، و6% فقط تمنوا لو قضوا أوقاتاً أطول مع عائلاتهم. ما يعني أن ثمة شعوراً متنوع الصفات حول الرضا عن مجمل مجريات ما مروا به من أحداث وما اتخذوه من قرارات اجتماعية وعملية وصحية.
وعلل 23% منهم طول أعمارهم بعنايتهم بأرواحهم ومعتقداتهم، في حين أكد فقط 3% منهم أن الأمر له علاقة ونتيجة لمستوى الرعاية الطبية التي تلقوها طوال حياتهم أو بسبب تمتعهم بجيناتهم الوراثية. بينما رأت غالبيتهم جملة من الأمور المرتبطة بما وصلوا إليه من طول العمر كالعمل بجد ونشاط وتناول الوجبات الصحية والعيش في مستوى جيد والامتناع عن التدخين وعنايتهم ومحبتهم لمن يهتمون بهم من أفراد أسرهم.
و أكد 30% منهم أن من أفضل ما فعلوه ونجحوا في تحقيقه طوال حياتهم هو تنشئتهم للعائلة من حولهم، يليه لدى 20% هو نجاحهم في مشوارهم العملي، بينما رأى 6% فقط أن مستوى التعليم أو الزواج هو أفضل ما فعلوه.
و الغريب هو أنه بالرغم من تفكير الكثيرين منهم بالوفاة، إلا أن 4% فقط أكدوا بأنهم خائفون منها. ويعلل الباحثون الأميركيون السبب إلى أن أكثر من 70% منهم يؤمنون بأن ثمة حياة بعد الموت. الأمر الذي يصفه الدكتور ماش قائلاً بالرغم من حقيقة أن هؤلاء قد عاشوا عمراً طويلاً إلا أنهم لا يزالون مستعدين للمستقبل.
وفي معرض التعليق على الدراسة برمتها ونتائجها التي فاجأت الكثيرين، يقول الدكتور مايكل ستينمان من جامعة كاليفورنيا بأنها تُعطي صورة جميلة عن الشيخوخة والتقدم في العمر بشكل صحي. ونحن كأطباء نهدف إلى تقديم صورة عن الشيخوخة ليست على أنها حالة مرضية، بل في الواقع هي جزء طبيعي من الحياة ومراحلها. ونحن نحتاج أن نتعرف على الطريقة التي تُمكن الناس من بلوغ الشيخوخة في حالة صحية، كي يتسنى لهم تمضية تلك الأيام والأوقات في سعادة نحو كل مما هو آت في المستقبل وكل ما مر بهم في الماضي، بدلاً من العيش تحت تهديد الشعور ببلوغ كبر السن وتقدمه، على حد وصفه.
والمعمرون هؤلاء الذي بلغوا المائة ينظرون اليوم إلى حالهم وإلى ما مروا به في حياتهم بالرضا أكثر بمراحل مما يعيشه من هم أصغر منهم أو في مقتبل العمر. وبغض النظر عن حالتهم الصحية اليوم، والتي لا يتوقع أي منا أن تكون حديداً كما يُقال، فإنهم في حالة نفسية ذات مستوى أعلى بكثير مما يعيشه الأصغر سناً.
وكانت العديد من المصادر الطبية قد نظرت إلى مراحل العمر وتقسيماتها ومدى تعرض الإنسان للأمراض أثناءها ومدى أيضاً الشعور بالسعادة أو على أقل تقدير الرضا بما حاصل فيها وما يتحقق أثناءها. وأشارت إلى أن هناك فترات من الراحة النفسية وفترات من التوتر. فالتوتر يغلب عند نهاية العشرينات وبداية الثلاثينات، وكذلك نهاية الخمسينات وبداية الستينات.
وأهمية الأبحاث في مجال الشيخوخة هو التعامل الواقعي معها ومع القدرات البدنية والنفسية خلالها لدى الإناث ولدى الذكور أيضاً.
الشرق الاوسط |