الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:42 ص
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الأحد, 20-أغسطس-2006
المؤتمر نت - اخفقت التهديدات والدبلوماسية في وقف الزعيم الكوري الشمالي عن استعراض عضلاته النووية.فماهي الخيارات التي تبقت أمام الولايات المتحدة؟ في تجارب الصواريخ، بيل باول/مجلة التايم -
لغز اسمه كيم يونغ
اخفقت التهديدات والدبلوماسية في وقف الزعيم الكوري الشمالي عن استعراض عضلاته النووية. فما هي الخيارات التي تبقت أمام الولايات المتحدة؟

في تجارب الصواريخ، كما في معظم الاشياء، فان الممارسة توصل إلى الكمال. ولذلك، وبينما انطلق صاروخ "تايبو دونغ 2" الذي اطلقته كوريا الشمالية مؤخراً ثم ما لبث ان سقط في بحر اليابان في اقل من دقيقتين بعد اطلاقه الذي تزامن استراتيجيا بكثير من الدعاية، فإن ثمة قليلا من التعقل في الاعتقاد بأن كيم يونغ ايل سينثني عن عزمه بسبب الفشل. ومع حيازته لبلوتونيوم كاف لصنع ستة الى ثمانية رؤوس حربية نووية، ومخزون من الصواريخ المتوسطة المدى، فإن كيم يعتبر الان تهديدا بالنسبة لجيرانه الاسيويين. ومع وجود أسلحة نووية وصاروخ عابر للقارات يعمل بشكل جيد بحيث يستطيع تهديد الولايات المتحدة ايضا واحتمال ان يتنمر على اكبر خصومه الرهيبين، فإن الأمر يبدو ببساطة مثار بهجة كبيرة لكيم لا يقوى على مقاومتها.

خلال معظم فترة الرئيس بوش في البيت الابيض تم اعتبار كوريا الشمالية مجرد حشرة إلى درجة إصرار الرئيس على التعامل معها بشكل خاص بالتنسيق مع الصين وكوريا الجنوبية واليابان وروسيا في مباحثات سداسية. لكن، ومنذ السنة الماضية عندما اتفق كل الاطراف من حيث المبدأ على تعليق كوريا الشمالية برنامجها النووي في مقابل ضمانات امنية، رفض الشمال حضور الاجتماعات. والان، وبعد تجاهل كيم للتحذيرات، من الولايات المتحدة وروسيا والصين، بعدم اجراء التجارب على قدراته الصاروخية وتهديده بإجراء المزيد منها في المستقبل القريب، فإن السؤال الماثل امام ادارة بوش هو: ماهي، في ضوء الوضع الراهن، تلك الخيارات المتبقية للتعامل مع نظام نووي ذي حزب واحد لا يمكن التكهن بتصرفاته؟

ضربة عسكرية خاطفة ودقيقة

أشارت تقارير استخباراتية في الشهر قبل الماضي الى ان اجراء تجربة على اطلاق صاروخ تايبو دونغ وشيكة. وقال مسؤولان سابقان في ادارة كلينتون، هما وزير الدفاع وليام بيري ومساعد وزير الدفاع اشتون كارتر في تصريح للواشنطن بوست ان وجود كوريا شمالية نووية لديها صاروخ باليستي عابر للقارات يمثل خطرا كبيرا جدا يصعب على الولايات المتحدة تحمله. وقد حانت اللحظة، كما قالا، لتوجيه ضربة استباقية ضد موقع الاطلاق الكوري الشمالي. وحتى لو كان بيري وكارتر يتحدثان الى جمهور سياسي محلي، فيما يبدو في جزء منه محاولة للتأكيد قبل انتخابات نصف الفترة بان الديمقراطيين يمكن ان يكونوا أشد من ادارة بوش فيما يتعلق بالأمن القومي، فإن وجهة نظرهما تجد لها جذوراً فيما يعتبر حقيقة استراتيجية إزاء نظام كيم. فبعيداً عن كونها حكومة مجنونة اولا عقلانية، فإنها مدفوعة كليا بما يمكن اعتباره (قانون بقاء) كما يقول يون دوك مين المتخصص بالامن القومي في معهد سيول للعلاقات الخارجية والامن القومي. ومن خلال تلك النظرة، هل سيجازف كيم بالحرب، وهو ما يعني النهاية الاكيدة لنظام وراثي كان والده قد بدأه، ردا على ضربة جوية محدودة تستهدف قدرته النووية؟ وقد يكون الجواب بالتأكيد "لا"، لكن من الواضح ايضا ان ادارة بوش تعتقد بان توجيه ضربة استباقية مايزال امرا ينطوي على مجازفة كبيرة. وقد لا يكون الشمال الان قادرا على الرد على الولايات المتحدة، لكن لديه بطاريات مدفعية ضخمة متموضعة عبر خط العرض 38 مستعدة لتصويب فوهاتها باتجاه سيول، وهي اكثر مدن العالم اكتظاظا بالسكان، وحتى لو لم تهاجم سيول، فإن ضربة امريكية ستقصم بالتأكيد ظهر التحالف الاميريكي الكوري الجنوبي. حيث يعارض مواطنو كوريا الجنوبية في معظمهم مبدأ استخدام القوة ضد الشمال. وبالرغم من حقيقة ان حكومة كوريا الجنوبية لديها القليل لاظهاره، فإن استطلاعات الرأي العام هناك تشير الى ان الناس ما يزالون يدعمون سياسة "شروق الشمس" المعمول بها منذ عام 1998، والتي ترقى الى سياسة "كل الجزر ولا عصي" كطريقة تحكم العلاقات مع بيونغ يانغ.

واخيراً، فان توجيه ضربة عسكرية امريكية ضد كوريا الشمالية سيغضب الصين، وهي قوة عظمى صاعدة سعت ادارة بوش الى إقامة علاقات مستقرة وودية معها. ولعل ضرب كوريا الشمالية مع المجازفة بتحويل الصين الى قوة معادية على طول الخط ليست صفقة يريد اي مسؤول في الادارة الاقدام عليها.

احتواء النظام ثم عصره

بالنسبة للبعض في ادارة بوش، تمثلت الاستراتيجية المثالية في التعامل مع كيم على الدوام في عملية خنق اقتصادي ودبلوماسي على امل ان يقود ذلك حكومته الى انهيار في نهاية المطاف او أن تتعرض الى انقلاب قد يجلب قائدا اكثر وداً، او على الاقل اكثر قابلية للتكهن بما يفكر به. وتستند تلك الطريقة الى الفكرة القائلة بأنه بدلا من محاولة التفاوض مع كيم او اتخاذ اجراء عسكري ضده، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها يكونون في وضع افضل عندما يضعونه في صندوق ويركزون بالتالي على منعه من تسريب ترسانته الى لاعبين اخرين شرسين. وكانت عناصر تلك الاستراتيجية قيد العمل لفترة من الوقت، وافرزت امثلة قليلة من النجاح الذي يعتد به.

ان المبالغة في الانتشار الأمني فيما بعد الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) والتي ركزت فيها الولايات المتحدة وحليفاتها على اعتراض اسلحة الدمار الشامل قد جعلت من بيونغ يانغ هدفا رئيسيا بسبب مبيعات الحكومة السابقة من الصواريخ لباكستان وايران. والخوف الكبير هو ان يتم اغواء كوريا الشمالية لبيع مواد نووية لتنظيم القاعدة الذي ليس لديه اي تردد باستخدامها. ويقول مساعد وزير الخارجية الاميركية السابق روبرت كارولتشي ان بيونغ يانغ "قد تبرر بيع مواد قابلة للانشطار لمجموعة ارهابية على أنه سيكون امينا ومدرا للربح نسبيا".

ثمة الان اكثر من ستين بلدا تتعاون مع جهود واشنطن لمحاصرة كوريا الشمالية، في الوقت الذي يعتبر فيه تكريس سجل كوريا الشمالية كمنتهك لمعاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية هدفا رئيسيا. وقد بزغ البرنامج بسبب حادث جرى في كانون الاول من عام 2002، حين اعترضت سفينة حربية اسبانية – ثم اطلقت – سفينة شحن مسجلة في كمبوديا في بحر العرب، وكان على متنها كوريون شماليون وهي تحمل خمسة عشر صاروخاً من طراز "سكود" من صنع كوريا الشمالية في طريقها الى اليمن. وفي ذلك الوقت لم يكن هناك اي تخويل قانوني دولي لاحتجاز الاسلحة. ولقد غيرت مبادرة الانتشار فيما تصر الولايات المتحدة على ان البرنامج قد اعاق صادرات كوريا الشمالية من الاسلحة والمواد منذ تلك السنة.

لقد حققت الادارة بعض النجاح في قطع وصول كوريا الشمالية الى النظام المصرفي الدولي. ففي السنة الماضية مارست وزارة الخزينة الامريكية ضغطا مكثفا على البنوك الدولية التي لها اعمال تجارية مع كوريا الشمالية وفي السنة الماضية ساعدت في اغلاق عشرات الحسابات في بانكو دلتا اشيا المصرف الذي يتخذ مقرا له في ماكاو والذي كان يشك في انه يزور ويغسل اموالا نيابة عن بيونغ يانغ. ويشك بعض الدبلوماسيين في بكين، في الحقيقة، ان الضغط المالي الذي ما فتئت الولايات المتحدة تمارسه كان السبب الرئيسي في اطلاق بيونغ يانغ لصواريخها اخيرا.

لكن العقاب الذي وضعته الولايات المتحدة او الولايات المتحدة واليابان، الشريك الأكثر رغبة في المنطقة في عزل الشمال اقتصاديا، كان له اثر محدود. وتعتبر الصين حبل السلامة الاقتصادي الحقيقي بالنسبة لكوريا الشمالية، كما تعتبر كوريا الجنوبية ثاني اضخم شريك تجاري لها. وفي الفترة الأخيرة، وبالرغم من تجربة الصاروخ، اوضح البلدان ان لهما اهتماما قليلا بفرض عقوبات مشددة ضد الشمال للسبب نفسه: فالعقوبات قد تقود الى انهيار نظام كيم. ومن وجهة نظر البلدين، فإن الانهيار يعني الفوضى وتدفق اللاجئين عبر الحدود. ولا يريد اي منهما حدوث اي شيء من هذا القبيل. ولهذا، وعندما سئلت جياينغ يو الناطقة بلسان وزارة الخارجية الصينية عما اذا كانت الصين ستوافق على فرض ضغوطات اقتصادية على كوريا الشمالية، اجابت فقط بتأكيد الدعم للمباحثات السداسية، واعادت التأكيد على موقف الصين الداعي الى تجنب التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى. وجرى ترتيب لأن يتوجه كبير مفاوضي بكين لشؤون كوريا الشمالية وهو نائب وزير الخارجية مو داوي الى بيونغ يانغ في وقت لاحق لاجراء مباحثات هناك. وهو ربما يكون قد وبخ الكوريين الشماليين على عدم الانصياع لبكين من خلال اطلاق الصواريخ، وربما عمل على إقناعهم باجراء جولة اخرى من المباحثات السداسية. لكن من غير المرجح ان يكون قد طرح امر فرض عقوبات جدية على بساط البحث. فالاستقرار في كوريا الشمالية هو ما يهم الرئيس الصيني هو جينتاو، حتى لو كان من نوع الاستقرار الذي يحبه السجان.

العودة الى طاولة المفاوضات حقيقة

ثمة دبلوماسي رفيع المستوى في شرقي اسيا يتحدث عن المسألة بصراحة: "اذا لم يكن هناك خيار عسكري، ولا يوجد هناك مثل ذلك، فانك لا تستطيع ان تحصل على عقوبات ذات معنى، وانت لا تستطيع، ومع استنفاد المباحثات السداسية كما يبدو، فما الذي تبقى لفعله؟"

إن أحد الاحتمالات هو العودة الى المباحثات السداسية، لكن مع طاقة ومرونة مجددة. فالدبلوماسي السابق وندي شيرمان، الذي تفاوض مطولا مع كوريا الشمالية خلال سنوات كلينتون، يعطي وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس الفضل في السماح لنائبها، السفير الامريكي السابق لدى كوريا الجنوبية كريستوفر هيل، بالتحدث مباشرة الى الكوريين الشماليين في اطار المباحثات السداسية.

ويمكن للرئيس ان يمنح مفاوضيه تفويضاً بتقديم بعض التنازلات، مثل الموافقة على اكثر من مجرد إجراء محادثات فردية بين واشنطن والشمال في اطار المباحثات السداسية لاقناع كيم بالعودة الى طاولة المفاوضات. لكن، وفي ضوء إدارة كيم ظهره للمباحثات متعددة الاطراف لما يقارب السنة، فإن ادارة بوش قد تواجه حقيقة انها إذا ما أرادت إقفال موضوع كوريا الشمالية، فإن عليها ان تدخل فيما اراده كيم دائما: وهو إجراء مباحثات مباشرة. ومن المفترض ان يكون هدف كوريا الشمالية هو تحقيق اعتراف دبلوماسي وضمانات امنية من واشنطن، بالاضافة الى كل انواع المزايا الاقتصادية مثل تلك التي تعرضها الولايات المتحدة وحليفاتها الاوروبيات على ايران كمحفزات لوقف برنامجها للاسلحة النووية المشكوك بوجوده. وفي المقابل، فإن كيم سيوافق على التنازل عن برنامجه النووي.

لطالما ساوى الرئيس بين اسلحة كيم النووية الضخمة والابتزاز. ولعل الدخول في مباحثات وجها لوجه مع كوريا سيكون مساويا للانهيار. لكن الرئيس بوش عندما دخل الى المكتب البيضاوي، كان لدى كوريا الشمالية رأسان حربيان نوويان؛ والآن، تقدر وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية (سي اي ايه) ان لدى بيونغ يانغ بلوتونيوم يكفي لصناعة ثمانية رؤوس حربية نووية، وانها تعمل بجدية على امتلاك تقنية تستهدف ايصال هذه الرؤوس الحربية النووية الى الشواطئ الاميركية. ان كوريا الشمالية تبني ببطء وبثقة قدرتها النووية، مما يجعل العالم اقل امنا. كما انه ليس من الواضح ماذا يمكن للمرء ان يفعل حيال ذلك من دون محاولة شيء ما يكون مختلفا تماما. واذا ما قصد كيم يونغ ايل ممارسة الضغط ثانية على واشنطن، فإنه سيكون بذلك قد نجح بالتأكيد في عرض ألعابه النارية يوم الرابع من تموز المنصرم




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر