بقلم/ د. سيف العسلي -
نعــــم لعلــــي عبــداللــــه صالـــــح
إن التصويت بنعم للأخ علي عبدالله صالح يعني دون شك او مبالغة ضمان مستقبل واعد وآمن ويعني دون شك او مبالغة ضمان استمرار الاستقرار والتطور.. ويعني دون شك او مبالغة ضمان استمرار التنمية الاقتصادية وتجذر مسار العملية الديمقراطية وترسخها ويعني دون شك او مبالغة منع الوقوع في الاضطراب وعدم التأكد الذي سيحدث في حال التصويت لمرشح اللقاء المشترك.. ويعني دون شك او مبالغة افشال المؤامرات التي تحاك على الوحدة والنظام الجمهوري.. ويعني دون شك او مبالغة حماية الحرية واحباط محاولة اعادة الدولة الشمولية.. ويعني انتصار الاعتدال على التطرف والمغامرة..
الآن حصحص الحق واصبح علينا اليمنيين ان نختار بين اثنين لا ثالث لهما هما المرشحان علي عبدالله صالح وفيصل بن شملان.. ولذلك فإنه يجب علينا ان نصوت بنعم لعلي عبدالله صالح وذلك للاسباب التالية :
اولاً : السيرة الذاتية المميزة للاخ علي عبدالله صالح والمضطربة والغامضة لفيصل بن شملان.. فمن يراجع السيرة الذاتية للاخ علي عبدالله صالح المكتوبة وغير المكتوبة فسيجد انها تعبير واضح عن قيم مثل الصدق والاخلاص والوفاء والثبات والتضحية.. ونتيجة لذلك فإنه وعد فأوفى وتقدم الصفوف في أوقات الأزمات فعالجها.. فقد نادى بالتسامح ومارسه.. وتبنى توسيع المشاركة السياسية فأنجزها.. وقد تبنى مقاومة المناطقية والسلالية فنجح في تجاوزها.. رفع شعار الوحدة بالطرق السلمية فحققها.. وأنبرى للدفاع عنها عندما تعرضت للتهديد فحماها.. وقد وعد بانجاز دستور ديمقراطي فحقق وعده، وقد وعد بالسماح بالتعددية ورعايتها فأظهرها للوجود ورعاها.. وقد وعد بإقامة انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة فقامت في البلاد عدد من هذه الانتخابات الحرة والنزيهة وقد وعد بتحقيق التنمية الاقتصادية فحقق جزءاً كبيراً منها وقد وعد بايصال التعليم الاساسي الى كل قرية فوفى بوعده وعد بتطوير القطاع الصحي فهاهو اليوم المواطن اليمني يحصل على خدمات القلب المفتوح وبأيد يمنية، وقد وعد بحماية السيادة الوطنية فهاهو القرار اليمني مستقل وهاهي الحدود اليمنية واضحة ومحمية من التجاوز والانتهاك..
فإذا كان المرشح علي عبدالله صالح قد أوفى بكل هذه العهود وغيرها في الماضي فإنه هو القادر على الوفاء بأي وعود يقطعها على نفسه في المستقبل بكل تأكيد وهاهو اليوم يعد بمحاربة الفساد ولا شك انه سيفي بوعده هذا علي عبدالله صالح هو وحده القادر على كبح جماح الفساد لأنه لا يحتاج الى دعم من القوى المستفيدة منه.. اما فيصل بن شملان فغير قادر على ذلك لأنه لا تتوافر له القاعدة السياسية التي تمكنه من فعل ذلك حتى لو وعد بذلك.. وفي حال فوزه فمن المتوقع ان يتقوى الفساد مستغلاً احتياج الرئيس الجديد للولاء والمساندة وسوف لن يكون الرئيس الجديد قادراً على التميز بين دعم قوى الفساد ودعم غيرها من القوى.
فإذا وعد المرشح علي عبدالله صالح في تحسين الأوضاع الاقتصادية للمواطن اليمني فإنه حتماً سيفي بوعده بفضل الجهود الكبيرة التي بذلها علي عبدالله صالح فقد نجحت في تنفيذ الجزء الأصعب من برنامج الاصلاح الاقتصادي ولا شك ان نتائج ذلك في المستقبل الكبير على المواطنين ستكون ايجابية وخصوصاً عندما يتم تنفيذ ما تبقى من سياسات هذا البرنامج.
إذا وعد علي عبدالله صالح بأنه سيتم تسليم السلطة بعد سبع سنوات فإنه سيفي بوعده لأنه ماقبل الترشيح في هذه المرة إلاّ بعد ضغوط شعبية كبيرة.. ومن ثم فإنه سيسلم السلطة سلمياً بعد هذه الدورة.. وعلى هذا الاساس فإن امكانية تحقق تداول سلمي للسلطة في الدورة القادمة ستكون حقيقة واقعة وفي ظل ظروف مواتية وبأقل تكلفة في حال استمرار قيادة الاخ علي عبدالله صالح لهذه المسيرة.
عن مرشح »المشترك«.
اما من ينظر الى السيرة الذاتية للاخ فيصل بن شملان فسيدرك وبدون عناء عدم التزامه بالديمقراطية وبالحرية.. فمن خلال تتبع مواقفه تجاه العديد من القضايا السياسية خلال حياته العامة.. فعلى الرغم من انه يدعي انه قد تلقى تعليمه في الغرب لكنه اندمج بالنظام الاشتراكي الماركسي الذي أقامه الماركسيون في الشطر الجنوبي من الوطن.. والدليل على ذلك قبوله تقلد العديد من المناصب في ظل ذلك النظام والذي لايمكن تفسيره إلاّ برغبته بتقديم الدعم لذلك النظام.. والأكثر أهمية من ذلك انه وعلى الرغم من الانتهاكات العديدة للحريات ولحقوق الانسان التي قام بها ذلك النظام في الشطر الجنوبي سابقاً فلم يعرف عن فيصل بن شملان انه اعترض عليها وعلى الرغم من تجميد ذلك النظام للتنمية الاقتصادية في ذلك الشطر مما ترتب عليه انتشار الفقر والفاقة بين جميع افراد الشعب باستثناء القلة الحاكمة إلاّ ان فيصل بن شملان لم يندد بذلك ولم يعترض على ذلك ولم يتقدم بأي استقالة من أي من تلك المناصب التي احتلها احتجاجاً على ذلك.
لكن هذا الموقف قد تغير في ظل دولة الوحدة والديمقراطية.. ويظهر ذلك بوضوح من استعراض بعض التصرفات التي صدرت منه خلال هذه الفترة فعلى سبيل المثال فقد قدم استقالته من وزارة النفط بدون مبررات ومن مجلس النواب بمبررات واهية.. الدليل على ذلك عدم اقتناع احد سواه بهذه المبررات ومن ثم لم يستقل احد سواه.. ويدل ذلك بوضوح بعدم قدرته على التأقلم مع الدولة الديمقراطية وحنينه الشديد للدولة الشمولية.
وتتضح مدلولات ذلك اذا ما تمت المقارنة بين هامش الديمقراطية المتاح في ظل الوحدة وذلك الذي كان متاحاً في الشطر الجنوبي ايام سيطرة الدولة الشمولية وكذلك اذا ما تمت المقارنة بين حجم الحرية المتاح في الوقت الحاضر وذلك الذي كان متاحاً في ظل حكم الحزب الاشتراكي للشطر الجنوبي.. وكذلك اذا ما تمت المقارنة بين مستوى التنمية الاقتصادية المحقق في الوقت الحاضر وذلك الذي كان سائداً في الشطر الجنوبي ابان حكم الحزب الاشتراكي.. فإننا سنجد انه في كل هذه المقارنات وغيرها انها كلها لصالح دولة الوحدة والديمقراطية.. فإذا كان الاستاذ بن شملان يؤمن بالديمقراطية فقد كان عليه ان يعترض على النظام الشمولي في الجنوب وان يستقيل من المناصب التي كان يشغلها في ذلك النظام.. وكان عليه ان يعمل على دعم الديمقراطية في دولة الوحدة وان يشارك في التنمية الاقتصادية في ظل هذه الدولة.
فإذا كان الأمر كذلك فمن المتوقع ان يعمل فيصل بن شملان في حال فوزه على اعادة الدولة الشمولية بكل ما تعنيه من غياب للحرية ومن غياب للتنمية مما يعنيه من انتشار للفقر والقهر والاستبداد فقد رضع بن شملان الشمولية حتى الثمالة واصبح لا يرتاح إلاّ لها حتى ولو سماها ديمقراطية.. فإذا كان الأمر كذلك فهل يصدق أحد انه سيعمل على احترام الدستور والقانون وانه سيعمل على بناء دولة المؤسسات وانه سيحمي الحريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟ فاقد الشيء لا يعطيه! ولذلك فإنه لايمكن تصديق ادعاءاته بقدرته على التعايش مع الديمقراطية ولا يمكن القبول بعودة الماركسية من جديد.
حگمة وتجربة
ثانياً : الخبرات الواسعة التي يتمتع بها علي عبدالله صالح والمواقف الحكيمة المجربة التي سجلت له مقابل التردد في اتخاذ المواقف الذي رصدت لفيصل بن شملان والتناقض في الوعود التي تظهر من برنامجه واحاديثه.
لا أحد ينكر ان علي عبدالله صالح قد نجح في بناء مؤسسات الدولة الحديثة وقد نجح في توسيع ممارسات الحرية العامة في اليمن.. فهو الذي كبح جماح الجهاز المركزي للامن السياسي وفي عهده تم إلغاء الموافقة الامنية المسبقة على السفر وتأشيرة الخروج والموافقة الامنية على التوظيف وغيرها من الممارسات القمعية وفي عهده تم السماح للانشطة الحزبية للظهور علناً حتى قبل قيام الوحدة.. فقد اقام المؤتمر الشعبي العام على اساس تعددي وفي عهده تم السماح للصحف الاهلية والحزبية حتى قبل قيام الوحدة.. ولم يقم بفرض حالة الطوارئ حتى في حالات الحرب.
وبعد الوحدة عمل بدون كلل على رعاية التعددية السياسية فلم يسمح بحل أي حزب حتى ولا الحزب الاشتراكي الذي تورط بالمحاولة الانفصالية.. ولا الاحزاب التي تحالفت معه بشكل مباشر او غير مباشر.. وكذلك فإنه عمل على حماية حرية الصحافة وحرية التعبير حتى ولو كانت تشن ضده شخصياً حملات تشهير لا تمت للحقيقة وللرأي بصلة.. فلا أبالغ اذا قلت انه لا يوجد زعيم عربي آخر تعرض لحجم النقد البناء وغير البناء لمثل ما تعرض له الاخ الرئيس علي عبدالله صالح.. ومع ذلك فإنه يتدخل ويستخدم سلطاته الدستورية للعفو عن تورط في ذلك بعد ادانتهم باحكام قضائية نافذة.
تجربة فاشلة
اما مرشح اللقاء المشترك فقد افصح من خلال احاديثه وبرنامجه الانتخابي عن تجربة فاشلة وجهل مفرط بأسس ادارة الحكم فعندما يتحدث عن القضايا الاقتصادية لا يستطيع حتى ان يحسب المؤشرات الاقتصادية ولايستطيع وحتى وضعها في اطارها الصحيح فعندما يتحدث في احاديثه وفي برنامجه عن الموازنة العامة ونسبها ومؤشراتها تجده يخلط بينها بطريقة توحي بأنه لم يستطع ان يستوعبها.
فعلى سبيل المثال فقد ورد على لسانه في احاديث عديدة بأن ايرادات النفط في الموازنة العامة هي 70 مليون في حين ان ايرادات النفط في الواقع تمثل اكثر 70٪ من الموازنة العامة.. وفي نفس الكلمة اشار الى ان مساهمة القطاع النفطي يصل الى حوالى 30٪ - 32٪ من الناتج القومي وربما قصد الناتج المحلي لأنه يبدو انه لا يستطيع ان يميز بين الناتج القومي والناتج المحلي.. فعلى الرغم من عدم دقة هذه النسب فإن ذلك يتناقض مع ما قاله بأن ايرادات النفط في الموازنة العامة تمثل فقط 70 مليون.. والأعجب من ذلك فقد اورد في كلمته بأن ايرادات النفط هي الآن 6 مليار دولار فكيف يمكن التوفيق بين هذه الارقام من الناحية الحسابية والاقتصادية.
والمدهش انه تنبأ بأن الانتاج النفطي بعد عام 2012 سينخفض الى 150 ألف برميل وان ايراداته ستكون ما بين 3 -4 مليار.. يبدو انه لم يستطع ان يضرب السعر في الكمية ليحدد الايرادات.. وعندما تحدث عن الغاز فقد قال كلاماً لا يمكن ان يصدر عن من يحمل لقب مهندس ومرشح للرئاسة حيث اشار الى ان ايرادات الغاز المتوقعة خلال العشرين السنة القادمة هي مابين 10 - 20 مليار وان ذلك يعني ان دخل الغاز في المتوسط هو 57 مليون.. ويبدو انه لم يستطع ان يقسم هذه الايرادات على السنوات.. اذا قسمنا هذا الدخل على عدد السنين فإن المتوسط سيكون مليار دولار الى نصف مليار وليس 57 مليون كما أفاد.
هذا من ناحية الجهل بالحساب اما جهله بالاقتصاد فواضح فقد قال بأنه في المستقبل سوف لن يكون هناك دخل قومي او ميزانية وهذا جهل مركب فإذا كانت هناك حياة فلا بد من دخل قومي ومن ميزانية وكذلك فإنه لم يميز بين دخل النفط وقيمة صادراته فدخله يمثل نصيب الحكومة من النفط اما قيمة صادراته فيمثل حصة الحكومة وحصة الشركات.
فإذا كان مستواه الحسابي والاقتصادي على هذا النحو فإنه يعذر في قوله بأن ايرادات النفط تذهب لتغذية الفساد لأنه لايمكن ان يدرك الانجازات التي تحققت من ايرادات النفط والمتمثلة في آلاف الكيلومترات من الطرق المعبدة وآلاف المدارس التي تدرس في المراحل الاساسية لوحدها اكثر من 6 ملايين طالب والى عدد المدارس الثانوية والجامعات وغير ذلك من المنجزات وكذلك المطارات والموانئ والمستشفيات والمستوصفات.. فعدد المنجزات كبير لا يستطيع ان يحسبها مرشح المشترك ومع ذلك يدعي المشترك بأن مرشحه كفاءة ونزاهة؟!
ونتيجة لذلك فإنه لم يستطع ان يستوعب الانجازات التي تحققت في مجال التنمية الاقتصادية مما دفعه الى اعتناق مبدأ الهدم فهاهو في برنامجه الانتخابي يعد بهدم كل ماتم انجازه في عملية الاصلاح الاقتصادي انه فقط يعد بالهدم ولا يعد بتقديم اي اصلاحات بديلة على الاطلاق، وفي هذه الحالة فإن البلاد ستخسر كل المكاسب التي تحققت الأمر الذي سيعني في حال حصوله ولا سمح الله ذهاب كل التضحية التي بذلت ادراج الرياح.. ولا شك ان ذلك سيحمل البلاد والمواطنين تكاليف باهظة تتمثل في المعاناة الجديدة التي سيتم تحملها نتيجة تجريب سياسات جديدة غير واضحة وغير مجربة.
البدء من الصفر!
مرشح المشترك ينوي البدء من الصفر ولا شك ان ذلك يثير مخاوفنا جميعاً.. وبالاضافة الى ذلك فإنه سيثير غضب واستياء شركاء التنمية الخارجين لذلك فإن اصراره على البدء من الصفر سيجعل من الصعب تحقيق توافق معقول على ذلك بين مختلف مكونات الشعب اليمني مما سيجعله توجهه هذا دعوة للفتن وليس محاولة جادة للاصلاح.. وسينتج عن ذلك دون شك اضاعة الوقت والجهد في عمل لا طائل منه.
ومن يطلع على برنامج المرشح فيصل بن شملان سوف يلاحظ ذلك بوضوح فهو يوعد بتخفيض الضرائب او إلغائها وفي نفس الوقت يعد برفع المرتبات.. وهو يوعد بأن يعيد بزيادة الموظفين العامين وفي نفس الوقت يعيد تخفيض عجز الموازنة وهو يوعد بالحفاظ على الوحدة وفي نفس الوقت يعد باعادة الاعتبار للحرب التي شنها الانفصاليون من الحزب الاشتراكي.. وهو يعد بتطبيق التداول السلمي للسلطة وفي نفس الوقت يعد باعادة الاعتبار لمن قام بالانقلابات العسكرية وهو يعد بالمحافظة على النظام الجمهوري وفي نفس الوقت يعمل على تشجيع الاتجاهات الامامية.. وهو ينوي تقوية القطاع العام وفي نفس الوقت يوهم القطاع الخاص بأنه سيدعمه.. وهو يتبنى الافكار الماركسية وفي نفس الوقت يعمل على تشجيع توجهات الحركات الاسلامية.. وهو يحب الاصلاح لكنه يدعم الاشتراكي ويتجاهل بقية أحزاب اللقاء المشترك.. وهو يعلن انه سيطبق الدستور في حين انه يسعى الى الغائه وهو يتظاهر بالعمل على تقوية البناء المؤسسي للدولة ولكنه يتهمها بالفساد.. وهو يرى ان توزيع المشاريع على مختلف المناطق شراء للولاء السياسي بينما يعتبر حرمانها من ذلك تكافؤ للفرص.. وهو يرى ان الحسم ديكتاتورية بينما يعتبر الفوضى في نظره ممارسة للديمقراطية.. وهو يرى ان التسامح تعطيل لمبدأ المساءلة بينما التشدد هو اعمال لذلك وهو يرى ان تشجيع القطاع الخاص مشاركة في الفساد لكن الحفاظ على مؤسسات القطاع العام الفاشل تقليص له، وهو يدعي الحفاظ على قيم المجتمع ولكنه ينوي ايضاً محاربة القبيلة وقيمها بغض النظر عن كونها مفيدة او غير مفيدة وبغض النظر عن النتائج التي ستترتب على ذلك وهو يعلن ان الشعب هو صاحب السلطة ومصدرها لكنه لا يرى ان الدستور الذي وافق عليه الشعب غير شرعي ان السلطة التي اختارها الشعب شرعية.. وهو يرى ان تحقيق التوازن بين مختلف مكونات وفئات المجتمع اليمني في الوظائف العامة تسييس لها لكن حصرها في فئات معينة او في مناطق محددة اعمال لمبدأ الكفاءة.. وهو يعد بأنه سينظف الوظيفة العامة مما لحق بها من فساد من خلال تسريحهم في حين انه ينوي ارجاع من تم ابعادهم لأسباب سياسية وهو يعتقد بأن اطلاق المبادرات الفردية فساد وفوضى بينما يعتبر زيادة تدخل الدولة محاربة للفساد.. وهو يرى انه سيعمل على اتباع سياسة مالية ونقدية توسعية مع ترشيد الانفاق والسيطرة على التضخم.. وهو ينوي زيادة الرقابة الحكومية على الاسعار والتجارة الداخلية والخارجية ولكنه يوعد بتوفير كافة التسهيلات وازالة معوقات الانتاج والتصدير الداخلي والخارجي.. وهو يعلن سعيه لاقامة قضاء عادل ومستقل ولكنه لايثق به.. وهو يحث على الصدق ويمارس غيره فيدعي ان مايتم انفاقه على الطرقات والمدارس والمستشفيات فساد واهدار للمال العام.
ولذلك فإن التصويت لهذا المرشح سيترتب عليه اضرار كبيرة ومباشرة للناخبين وللوطن اما التصويت بنعم لعلي عبدالله صالح ليس فقط سيمكن اليمن من تجنب هذه الاضراربل سيمكنها من تحقيق العديد من الانجازات ويمكن توضيح ذلك على النحو التالي :
أولاًِ :في حالة التصويت بنعم لعلي عبدالله صالح فإننا سنضمن استمرار التجربة الديمقراطية اليمنية.
من الواضح بأن التجربة الديمقراطية اليمنية لازالت حديثة وبالتالي فإنها لا زالت تحتاج الى رعاية ممن يؤمن بها ومستعد للتضحية بوقته وجهده في سبيل تطويرها.. ولا يمكن معرفة ذلك من خلال ما يكتب في البرامج الانتخابية فقدرتنا على تقييم برامج المرشحين لم تصل بعد الى المستوى المطلوب.. ولذلك فإنه من الضروري عدم المغامرة في هذا الأمر.. ولذلك فإنه لاينبغي السماح بدغدغة مشاعرنا من خلال المبالغة في الوعود غير القابلة للتنفيذ.. هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فإننا قد لانستطيع ان ندرك التناقض بين هذه الوعود إلاّ بعد فوات الأوان.. فإذا صدقنا وعود فيصل بن شملان فإننا نكون قد ضحينا بالتجربة الديمقراطية.
ثانياً : في حال التصويت بنعم لــعلي عبدالله صالح فإننا نكون قد ضمنا حماية وتوسيع ممارسات الحريات العامة.
ان الاستمرار في رعاية الحريات العامة أمر ضروري لتقوية المسار الديمقراطي.. فما قام به الاخ الرئيس من اجراءات لتقليص القمع واطلاق الحريات العامة سيكون له تأثير كبير على الاجيال القادمة التي ستعمل مع الموضوع السياسي بسهولة اكبر مما نتعامل به نحن معها فهؤلاء سيكونون متحررين من الخوف الذي زرع فينا مما يعني بأن برامجهم الانتخابية وشعاراتهم ومناقشتهم ستكون اكثر مصداقية وموضوعية لكن ذلك مرتبط باستمرار النهج الذي خطه الاخ الرئيس علي عبدالله صالح.
ولذلك فإن ممارسات الحريات العامة تحتاج الى رعاية خاصة مثل هذه الرعاية التي وفرها لها الاخ الرئيس، الاخ المرشح فيصل بن شملان في اعتقادي لا يستطيع ان يوفر مثل هذه الرعاية فقد نشأ وترعرع في ظل النظام الشمولي في الشطر الجنوبي ولم يعهد عنه انه حاول انتقاد او الاعتراض على الممارسات القمعية لهذا النظام ضد الحريات العامة مما يوحي انه كان يؤيد هذه الممارسات او على الاقل انه مستعد للتعايش معها.. واذا كان الامر كذلك فإنه لايمكن الركون الى أي وعود يمكن ان يطلقها في هذا المجال.. ومما يزيد مخاوفنا ان برنامجه الانتخابي لم يحتو على ضمانات صارمة ضد الممارسات القمعية بل على العكس فإن هناك ايحاءات متعددة تشير الى الجنوح الى هذه الممارسات فدولة النظام والقانون التي يتعهد بإقامتها هي دولة شمولية وسوف تكون بكل تأكيد على حساب الحريات العامة.
ثالثاً : ان التصويت بنعم لــعلي عبدالله صالح نكون قد منعنا هدم مؤسسة الدولة وضمنا تطويرها في المستقبل.
البناء المؤسسي للدولة الحديثة يحتاج الى صبر وحكمة.. لا أحد يجادل بأن الاخ الرئيس علي عبدالله صالح اظهر قدراً كبيراً من هذه الخصال عند تعامله مع بناء مؤسسات الدولة الحديثة انه حارب الطائفية والمناطقية بصرامة لكنه تعامل معت القبيلة بليونة.. ومع ذلك فإنه يعمل على توفير كل الظروف الموضوعية لتجفيف منابع العادات القبلية السيئة مع الابقاء على العادات القبلية الايجابية، فما ايصال التعليم الاساسي الى كل قرية إلاّ مظهر من مظاهر هذا التوجه.. وما توسيع شبكة الطرق إلاّ مظهر آخر من هذا التوجه وما الحرص على تواجد كل فئات المجتمع ومناطقه في المؤسسات الوطنية مثل المؤسسة العسكرية والمؤسسة الامنية والخدمية المدنية إلاّ مظهر آخر من مظاهر هذا التوجه.
هزيمة الفاقة والعبودية
ويتلخص توجه فخامة الاخ الرئيس في بناء مؤسسات الدولة اليمنية الحديثة في تبني ودعم السلطة المحلية فعلى الرغم من المعارضة الشديدة للحكم المحلي من قبل احزاب اللقاء المشترك فقد اصر الاخ الرئيس على البدء في تجربة الحكم المحلي.. ها نحن نلمس النتائج الايجابية لهذه التجربة.. وفي المستقبل القريب سنلمس مزيداً من هذه النتائج اذا ما استمر النهج الذي اختطه فخامة الاخ الرئيس.
وعلى الرغم من ادعاء مرشح اللقاء المشترك باهتمامه ببناء الدولة الحديثة فإن الواقع لا يؤيد هذا الادعاء فمفهوم الدولة الحديثة عند هذا المرشح والاحزاب التي تدعمه غير واضح.. فالدولة الحديثة عند هؤلاء تعني الدولة الشمولية فقط، ولذلك فإن تصورهم لإقامة الدولة الحديثة يعني فقط هدم مؤسسات الدولة القائمة بغض النظر عن شكل المؤسسات التي ستحل محلها، ولذلك فإنهم يطالبون باقامة نظام برلماني بدلاً من النظام الرئاسي القائم بهدف هدم مؤسسات الدولة.. واذا ما نجحوا في ذلك فإن ذلك سيعني اهدار كل الجهود التي بذلت خلال الفترة الماضية ونجحت في نقل اليمن من الوضع البدائي الذي كانت عليه الى وضع متطور تتفاخر به ولا شك ان هدم البناء المؤسسي القائم يعني ضرورة بذل جهود مضاعفة لملء الفراغ الذي سيترتب على ذلك ولاشك ان ذلك يمثل قمة العبثية ويضع اليمن ولا سمح الله مشابه لوضع تلك المرأة التي كانت تغزل طوال اليوم وتعمل في المساء على نكث ما غزلت مما جعل عملها هذا هباءاً منثورا لأنها لم تستطع طوال عمرها ان تغزل ثوباً واحداً.
لذلك كله فإنه يجب علينا ان نصوت بنعم لــعلي عبدالله صالح لأن ذلك يعني استمرار حماية الديمقراطية وتعميقها وبهدف الاستمرار في تحقيق انجازات كبيرة في التنمية الاقتصادية وتحسين مستوى المعيشة وبهدف الاستمرار في بناء مؤسسات الدولة اليمنية الحديثة وبهدف تطوير السلطة المحلية وبهدف الحفاظ على الأمن الاجتماعي.
فإذا لم نصوت لــعلي عبدالله صالح فعلينا ان نتوقع تراجع الديمقراطية وظهور الدولة الشمولية او حدوث اضطرابات داخلية وعلينا ان نتوقع كارثة اقتصادية نتيجة لحلول الدولة محل القطاع الخاص وعزلة الاقتصاد اليمني عن الاقتصاد العالمي وتراجع في السلطة المحلية او فوضى في عمل مؤسسات الدولة مما سيؤدي الى افتعال صراعات مع مكونات المجتمع اليمني بحجة التحديث وعزله عن العالم الخارجي والاقليمي نتيجة لتبني توجهات لا تتلاءم مع التوجهات في هذه الدول وكذلك عزله عن المجتمع الدولي.
اننا في غنى عن ذلك كله وكل ما نحتاجه لتجنب ذلك هو ان نصوت لـعلي عبدالله صالح الذي قاد اليمن الى بر الامان في الماضي والقادر على فعل ذلك في المستقبل وإنا لفاعلون.. وسننتصر تجاه الرفاهية والحرية وسينهزم اتجاه الفاقة والعبودية.
نقلاً عن صحيفة الميثاق