بقلم / محمد حسين العيدروس -
امتياز رئاسي للمرأة اليمنية
لأول مرة يحدث أن يقوم رئيس حزب سياسي بتوجيه حزبه بدعم مرشحين من أحزاب المعارضة، مثلما فعل الأخ الرئيس علي عبدالله صالح حين وجه المؤتمر الشعبي العام بدعم النساء المرشحات لانتخابات المجالس المحلية، سواء كن من عضوات المؤتمر، أم من المنتميات لبقية الأحزاب!.
هذه البادرة الفريدة في أسلوب عمل القوى السياسية هي في حقيقتها ممارسة عفوية لسلوك قيادي من موقع مسئول، طالما ظل جزء من مكونات شخصية الرئيس علي عبدالله صالح الذي منذ توليه الحكم في 1978م وحتى اليوم وهو يتعامل مع قضايا الوطن المختلفة على أساس أنها قضايا يمنية لا مجال لتجزئتها إلى مسميات حزبية، أو عقائدية، أو مناطقية لأنه مدرك لمدى تأثير الخلل في أي عضو من الجسد اليمني على حراك بقية أجزاء الجسد.. وأن التسميات الحزبية ليست فواصل عزل للهموم والقضايا الوطنية بقدر ما هي أساليب متعددة للعمل السياسي تتنافس جميعها بنية خدمة الوطن.
بالنسبة للمرأة، وخلفيات توجيه الأخ رئيس الجمهورية للمؤتمر بدعمها باختلاف انتمائها نجد أن ذلك يترجم امتياز رئاسي تنفرد به المرأة اليمنية، كونه مستمد من نظرة إنسانية في غاية النبل والشهامة، لكونها نابعة من إحساس دقيق من قبل الأخ الرئيس بواقع معاناة المرأة اليمنية، وظروفها، ومن ثقة عالية بإمكانياتها، وقدراتها على البذل والعطاء والإبداع فيما توكل إليها من مسئوليات.
فالرئيس علي عبدالله صالح التفت إلى حقوق المرأة اليمنية منذ بداية عهده لدرجة أنه في عام 1980م أصدر أول قرار جمهوري يعطي للمرأة حق الترشيح والانتخاب بعد أن كان الدستور اليمني المعمول به آنذاك يحرمها من هذا الحق، ولهذا نجد أنه قبل (24) عاماً، وبالضبط في 24/8/1982م شهدت اليمن في شطرها الشمالي انتخاب أول ثلاث نساء مرشحات في عضوية المؤتمر الشعبي العام حال إعلان تأسيسه كمظلة لجميع القوى السياسية والوطنية اليمنية، وفي تلك الفترة ظهرت الاتحادات والجمعيات النسوية بشكل كبير ومدعوم من قبل الدولة.
الأخ الرئيس علي عبدالله صالح بادر لرعاية المرأة اليمنية بقوة، لأنه لم يكن غريباً عن واقعها ومعاناتها، وكان يتطلع لتعويضها زمن الحرمان، والتجهيل، والتخويف، والسنوات الطويلة التي عاشتها المرأة اليمنية في بؤس وفقر ومرض وخرافات، ونظرة دونية، كانت تلاحقها حتى مماتها.. وهذه المآسي كانت تستحق منه أن يولي المرأة رعايته الكاملة، ويناصرها بكل السبل لتحريرها من ذلك الواقع المؤلم، وتمكينها من أن تنعم بإنسانيتها التي وهبها إياها الخالق عز وجل، وكرمها بأن أوصى بها خيراً، وجعل (الجنة تحت أقدام الأمهات).
لاشك أن الحياة اليمنية تغيرت كثيراً خلال الأعوام الماضية من عهد الرئيس علي عبدالله صالح، وتغيرت معها أيضاً أوضاع المرأة اليمنية التي فرضت نفسها بثقة ووعي على أرض الواقع حتى أصبحت اليوم تتطلع لترشيح نفسها في الانتخابات المحلية، وخدمة وطنها وشعبها من موقع المسئولية.. وهذا الطموح الذي امتلكته المرأة اليمنية جدير بالاحترام والدعم من قبل القيادة السياسية، وكان يفترض أن يكون جدير باحترام مختلف الأحزاب والقوى الوطنية الأخرى لأنه طموح مشرف وتطلع مشروع وينم عن وعي، وعن تطور في قيم الديمقراطية في اليمن، ومن شأنه خدمة عجلة التنمية أيضاً من خلال استثمار هذه الكوادر.
لكن تنصل البعض عن دعم المرأة المرشحة، وتمكينها من المشاركة السياسية أحرج وضع المرأة اليمنية كثيراً، مثلما أحرج القوى التي خذلتها في مدى فهمها للحقوق الديمقراطية، واستيعابها للحقوق والحريات الإنسانية، وهو في حقيقة الأمر كان موقفاً محبطاً كثيراً للمرأة وللمشروع السياسي الوطني الذي تتبناه القيادة السياسية، وعلى هذا الأساس جاء توجيه الأخ الرئيس علي عبدالله صالح للمؤتمر بدعم المرشحات من مختلف الانتماءات، وفي جميع أرجاء اليمن مترجماً للنهج القيادي المسئول الذي داوم عليه الرئيس، والذي يعتبر نفسه من خلاله ليس رئيساً لحزب بعينه بقدر ما هو رئيساً لكل اليمن، ولكل اليمنيين وتقع عليه أمانة رعاية مصالح الجميع وحقوقهم باختلاف أجناسهم وانتماءاتهم وثقافاتهم ومنازلهم الاجتماعية، وتلك واجبات دستورية ظل الأخ الرئيس على الدوام حريصاً على القيام بمسئولياتها بإخلاص وأمانة.
إن حكمة الرئيس علي عبدالله صالح في مواجهة الأزمات، ومعالجة الاختلالات وموازنة الساحة الوطنية بتقديري هي أكبر أسرار نجاح هذا الرجل في إدارة الدولة على النحو المشرف الذي تحققت فيه إنجازات لا تحصى، واستقامت فيه الوحدة اليمنية وتعزز في ظله الأمن والاستقرار والاحترام الدولي لليمن وشعبها.
لاشك أن تطور المجتمع والديمقراطية اليمنية بغير تطور المرأة وتعزيز استحقاقاتها في المشاركة السياسية والعامة لا يمكن اعتباره حالة صحية سوية لأن المرأة تشغل نصف كيان هذا المجتمع، ومن الأولى للجميع أن يأخذ بيدها لتواكب مسيرة الحياة، ولتكون رهان في بناء مستقبل الأجيال القادمة، وفي تعزيز مسيرة التنمية الوطنية.