المؤتمرنت- إيلاف - محكمة الأنفال فاقدة للشرعية ويجب توقفها هيئة الدفاع عن الرئيس العراقي السابق صدام حسين :
محكمة "الانفال" فاقدة للشرعية ويجب توقفها
طالبت هيئة الدفاع عن الرئيس العراقي السابق صدام حسين والمتهمين معه بوقف محاكمتهم في جرائم الابادة الجماعية ضد الاكراد المسماة بالانفال مؤكدة ان المحكمة فاقدة لأي شرعية و ذلك لعدم استنادها إلى القانون لا من حيث السلطة المنشئة لها ولا من حيث نظامها القانوني .
وقالت الهيئة في مطالعة مطولة ارسلت الى رئيس هيئة محكمة الجنايات الثانية ورئيس هيئة الادعاء العام في المحكمة التي بدأت جلساتها في بغداد الاثنين الماضي وتستأنف في الحادي عشر من الشهر المقبل وتسلمت "إيلاف" نسخة منها اليوم ان المحكمة الجنائية العراقية العليا لاتستند إلى القانون من حيث الجهة المصدرة للنص المنشئ لها وهي الجمعية الوطنية التي تفتقد إلى أهلية التشريع في إنشاء المحاكم لانعدام السيادة و بقاء العــراق تحت الاحتلال الفعلي و لعدم استناد المحكمة الجنائية إلى القانون من حيث نظامها القانوني وكذلك لمخالفة قانون المحكمة الجنائية العــراقية العليا لدستور 2005 حيث انها محكمة (خاصة) و (استثنائية) وولايتها محددة في قانونها الخاص بالاضافة الى مخالفة قانون المحكمة لاتفاقيات جنيف.
واشارت هيئة الدفاع الى انه لهذه الاسباب فانها تطلب من المحكمة التوقف عن النظر في القضية رقـم 1/ح ثانية/2006 لحين النظر في هذه الدفوع الشكلية. ومعروف ان المحكمة تنظر في قضية اتهام الرئيس السابق وعدد من مساعديه بارتكاب جرائم ابادة ضد الاكراد عام 1987 - 1988 ادت الى مقتل حوالى 180 الف مواطن كردي عراقي وتدمير خمسة الاف قرية عراقية . وأرجأ القاضي عبد الله العامري رئيس المحكمة الجنائية العليا المحاكمة الى الحادي عشر من الشهر المقبل موضحا أن التأجيل جاء بناء على طلب تقدمت به هيئة الدفاع.
والى جانب صدام تشمل المحاكمة ستة متهمين آخرين بينهم ابن عمه علي حسن المجيد المعروف بـ"علي كيمياوي" والرئيس السابق للاستخبارات العسكرية صابر عزيز الدوري اضافة الى وزير الدفاع السابق سلطان هاشم أحمد الطائي وطاهر العاني سكرتير لجنة الشمال. ويواجه صدام والمجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب.
وفي ما يلي نص مطالعة هيئة الدفاع التي اعدها المحامي الدكتور أحمد الصديق (تونس) والمحامي ودود فوزي (العراق) ودققها وعدلها المحامي خليل الدليمي (العراق) والمحامي زياد النجداوي (الأردن) والمحامي محمد منيب جنيدي (مصر) :
بسم الله الرحمن الرحيم
هيئة الدفاع عن الرئيس صدام حسين ورفاقه المعتقلين
السيد رئيس هيئة الجنايات الثانية المحترم
السيد رئيس هيئة الادعاء العام المحترم
الموضوع/ الدفوع الشكلية
تحية و بعد
أحيل موكلنا الرئيس صــدام حسين أمام هذه المحكمة في القضية 1/ج ثانية/2006 المسماة (قضية الأنفال) لإجراء محاكمته وفق المواد 11/أولا/أ/ج و 12/أولا/أ/ج/هـ و 13/رابعا/أ/د/ل و بدلالة المادة (15) من قانون المحكمة الجنائية العــراقية العليا
و حيث يتوجب و قبل الخوض في تفاصيل أصل القضية التعرض أولا وقبل كل شيء إلى قانونية المحكمة التي يمثل أمامها موكلنا.
إن هيئة الدفاع إذ يطعن في مطلع لائحته الدفاعية الشكلية هذه في شرعية هذه المحكمة و يعتبرها فاقدة لأي شرعية و ذلك لعدم استنادها للقانون
- لا من حيث السلطة المنشئة لها (أولا)
- ولا من حيث نظامها القانوني (ثانيا)
أولا – عدم استناد المحكمة الجنائية العــراقية العليا للقانون من حيث الجهة المصدرة للنص المنشئ لها
لقد بيّن علماء القانون و فقهاؤه على أن المحاكم لا تنشأ و لا تنظم إلا بموجب القانون.
حيث الاختصاص في إنشاء المحاكم موكول للسلطة المختصة بتشريع القوانين حسب النظام الدستوري للدولة أو بموجب اتفاق دولي تجتمع فيه إرادة دولتين أو أكثر مثلما هو معروف في القانون الدولي.
إن من المسلم به أن من أهم المبادئ العامة للقانون هو أن المحاكم لا تقوم ولا تنشأ ولا تعمل إلا بموجب القانون.
و أن كل محكمة لا يكون مصدر نشأتها و مرجعية تنظيمها القانون تكون فاقدة للشرعية.
و قد استقرت المعاهدات و الاتفاقات و المواثيق الدولية على هذا المبدأ وكرسته فلم يبق مبدأً فقهيا أو نظريا بل أضحى مكرسا تكريسا عمليا في نظم دساتير الدول حتى أصبح من المسلمات التي لا يرقى إليها شك أو يطالعها جدل.
و حيث نصت الفقرة الأولى من (المادة الرابعة) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية المؤرخ في 16 كانون الأول 1966 على أن "الناس جميعا سواء أمام القضاء. و من حق كل فرد، لدى الفصل في أي تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه و التزاماته في أي دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف و علني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون".
كما نصت الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية) المؤرخة في 4 تشرين الثاني 1950 في الفقرة (الأولى) من مادتها (السادسة) على أن "كل شخص له الحق في أن يسمع بإنصاف وعلني و في أجل معقول أمام محكمة مستقلة و محايدة منشأة بموجب القانون".
و حيث إن المبدأ نفسه كرسته (الاتفاقية الأميركية لحقوق الإنسان) المؤرخة في 22 تشرين الثاني 1960 و تحديدا في الفقرة (الأولى) من مادتها (الثانية) فقد نصت على "كل فرد له الحق في أن يقاضى مع الضمانات اللازمة و في أجل معقول من قبل محكمة مختصة مستقلة و محايدة منشأة بقانون سابق الوضع".
و قد كرست دساتير جمهورية العــراق المتلاحقة و قوانينها النافذة هذا المبدأ.
و قد ذهب شراح القانون و فقهاؤه إلى أن معنى عبارة (منشأة بموجب القانون) تعني أن يكون إرساء المحاكم إنشاءً و تنظيما من اختصاص السلطة التشريعية بحسب النظام الدستوري للدولة.
و قد ذهب فقه قضاء المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى الحد الذي اعتبرت فيه أن عبارة (منشأة بموجب القانون) تعني أن يعود اختصاص تشكيل المحاكم وإنشائها للسلطة التشريعية دون سواها و أن يتخذ النص المنشئ للمحاكم شكل القانون مقصيا بالكامل أي دور للسلطات التنفيذية أو الإدارية في إنشاء المحاكم، و قد استقر فقه قضاء المحكمة المذكورة على هذا التأويل في أكثر من حكم و قضية و من ذلك قضية زاند ضد النمسا عدد 7360/76 و قضية بيار ساك ضد بلجيكا قضية عدد 8692/79 و قضية كروسياني باليموتي و تناسي و دوفيديو ضد إيطاليا قضية عدد 8603/79.
و حيث إن تطبيق المبدأ القائل بضرورة أن تكون المحاكم منشأة بموجب القانون يجعل محكمة الحال و هي المحكمة الجنائية العــراقية العليا مخالفة بالكامل للقواعد العامة للقانون و بالأخص منه المبدأ القائل إن المحاكم لا تنشأ إلا بقانون و ذلك:
- لاستناد المحكمة المذكورة سواء عند نشأتها أول مرة (1)
- أو عند صدور ما يسمى بالقانون رقم 10 لسنة 2004 المنشور في الوقائع العــراقية في 18 تشرين الأول 2005 العدد 4008.
لنصوص لا تكتسب صفة القانون و صادرة عن جهة غير مختصة و لا مؤهلة للتشريع.
1- إنشاء المحكمة الجنائية العــراقية العليا من قبل إدارة الاحتلال:
لقد نصت المادة (38) من قانون المحكمة الجنائية العــراقية على أن:" جميع القرارات و أوامر الاجراءات التي صدرت في ظل القانون رقم 1 لسنة 2003 صحيحة و موافقة للقانون".
و قد نصت المادة (37) من القانون آنفا على "إلغاء قانون المحكمة الجنائية العــراقية الخاصة بالجرائم ضد الإنسانية رقم 1 لسنة 2003 و قواعد الاجراءات الصادرة وفقا لأحكام المادة -16- منه و ذلك من تاريخ نفاذ هذا القانون".
و قد جاءت المادتان المذكورتان في قانون المحكمة الجنائية العــراقية العليا لتربط في استمرارية مؤسساتية و إجرائية بين ما كانت تسمى بالمحكمة الجنائية العــراقية الخاصة بالجرائم ضد الإنسانية و بين المحكمة الجنائية العــراقية العليا في ربط لا انفصام فيه بل هو يؤكد وحدانية المؤسسة واستمرارية المحكمة نفسها مع تغيير التسمية بما يجعل محكمة الحال قد نشأت في شهر كانون الأول من عام 2003 بموجب ما يسمى بالقانون رقم -1- الصادر عن مجلس الحكم تنفيذا للأمر عدد 48 الصادر عما تسمى سلطة الائتلاف الموقتة برئاسة بول بريمر.
و حيث إن المحكمة الجنائية العــراقية العليا التي كانت تسمى سابقا بالمحكمة الجنائية العــراقية الخاصة بجرائم الحرب ضد الإنسانية نشأت بموجب:
(القانون) عدد (1) في 10 كانون الأول 2003 صادر عن مجلس الحكم والأمر عدد 48 في 10 كانون الأول 2003 الصادر عن المدير الإداري لما تسمى بسلطة الائتلاف الموقتة.
لذا فإن النصين المذكورين يعدان مترابطين لصدور الثاني أي القانون عدد (1) عن مجلس الحكم بتفويض ورد في النص الأول منهما و هو أمر بول بريمر المدير الإداري لما تسمى بسلطة الائتلاف.
و بالعودة للطبيعة القانونية لكل من الجهتين المصدرتين للنصين المذكورين نجد أنهما لا يملكان (اختصاص التشريع) عموما و لا اختصاصا في إنشاء المحاكم الخاصة و العامة و ذلك للأسباب الآتية :
1- أ -: من حيث عدم اختصاص المدير الاداري لما تسمى بسلطة الائتلاف الموقتة في إنشاء المحاكم
إن المدير الإداري لما تسمى بسلطة الائتلاف الموقتة يفتقد مطلقا إلى أي صلاحية لإنشاء أو تفويض إنشاء المحاكم في العــراق، و ذلك لافتقاده ذلك الاختصاص بموجب القانون الإنساني الدولي (أ-1) و لعدم امتلاكه لأي تفويض في ذلك من أي جهة مختصة بإنشاء المحاكم (أ-2).
1- أ – 1:افتقاد ما تسمى بسلطة الائتلاف الموقتة و مديرها الإداري لأي اختصاص في إنشاء المحاكم بموجب القانون الإنساني الدولي
إن ما تسمى بسلطة الائتلاف الموقتة و مديرها الإداري بول بريمر تعد (سلطة إدارة الاحتلال) الواقع على العــراق منذ 9 نيسان 2003 الأسود.
حيث أكدت الفقرة العاشرة من ديباجة نص القرار 1483 الصادر عن مجلس الأمن في 22/5/2003 على أن كلاً من الولايات المتحدة الأميركية و دولة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى و ايرلندا الشمالية تلتزم بالتصرف بوصفهم (قوى محتلة) تحت قيادة سلطة ائتلاف تحترم القانون الدولي، كما ألزم القرار نفسه و تحديدا في مادته الخامسة (قوات الاحتلال) في العــراق باحترام التزاماتها المستوجبة بالقانون الدولي و خاصة اتفاقية جنيف لسنة 1949 و نظام لاهاي لسنة 1907.
و حيث يقتضي نظام لاهاي و اتفاقيات جنيف ألا تتدخل (سلطات الاحتلال) عموما في تشكيل المحاكم كما يمنع عنها المساس بالمنظومة القانونية (للإقليم المحتل) إلا بشكل استثنائي محدود جدا كلما تعلق الأمر بالضرورات الناشئة عن التزامات القوة المحتلة في توفير الضرورات الأساسية للمدنيين الواقعين تحت الاحتلال و متطلبات حفظ النظام و الأمن العام بما فيها تأمين القوات المحتلة.
و قد أجمع شراح و فقهاء القانون الإنساني الدولي على أن سلطات الاحتلال لا يمكنها ان تمارس سلطة فعلية على الإقليم المحتل إلا في حدود إدارية وترتيبية موقتة لا يمكنها أن تطال سلطة التشريع و لا المساس بالنظام القانوني للإقليم أو وضع نصوص تؤثر في مستقبله المؤسساتي.
إن من المسلم به علاوة على ما سبق ذكره أن سلطات الاحتلال لا يحق لها ان تنشئ المحاكم و لا يجوز لها المساس بالنظام القضائي للإقليم المحتل ولا إقالة أو عزل الموظفين أو القضاة الأصليين إلا في حدود ضيقة جدا تأخذ شكل الاجراءات الموقتة و الاحترازية التي يستوجبها فقط ضمان إيفاء القوة المحتلة بالتزاماتها الدولية وخاصة موجبات القانون الإنساني الدولي أو ما يستلزمه ضبط النظام العام و توفير الأمن للأشخاص الواقعة مسؤولية حمايتهم على (الدولة المحتلة) أو ما يستلزمه ضبط النظام العام و توفير الأمن للأشخاص الواقعة مسؤولية حمايتهم على الدولة المحتلة أو ما تتطلبه الضروريات الأساسية لحماية أفراد القوة المحتلة.
إن اشتراط معيار الضرورة القصوى كسبب وحيد موجب لتدخل السلطة المحتلة في المجال التشريعي و بشكل موقت و محدود ثابت في معاهدات واتفاقيات القانون الإنساني الدولي إذ نصت المادة -43- من نظام لاهاي لقوانين و أعراف الحرب البرية المؤرخة في 18/10/1907 و السارية المفعول لحد الآن و التي ألزم القرار 1483 قوات الاحتلال في العــراق باحترامها و عدم الخروج عنها ما يأتي:
"بانتقال سلطة إصدار النصوص فعليا في يد المحتل، على هذا الأخير أن يتخذ كل الاجراءات بغرض إعادة و ضمان النظام و الحياة العامة قدر الإمكان مع ضرورة التقيد إلا في حالة الضرورة القصوى بالقوانين النافذة في الإقليم المحتل".
و قد نصت المادة -64- من اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 و المتعلقة بحماية المدنيين على ما يأتي:
"يظل التشريع الجزائي للإقليم المحتل نافذا إلا في حالة ما إذا وقع تعديله أو تعليقه من قبل القوة المحتلة إذا ما كان ذلك التشريع يسبب تهديدا لأمن تلك القوة أو عائقا حيال تنفيذ هذه الاتفاقية، و مع الأخذ في الاعتبار للسبب المذكور و لضرورة ضمان إدارة فعلية للقضاء تواصل محاكم الإقليم المحتل القيام بمهامها بخصوص كل المخالفات و الجرائم المنصوص عليها بذلك التشريع".
لقد تأكد من كل ما سبق عرضه أن أي سلطة للاحتلال لا يجوز لها أن تتدخل في مجال التشريع إلا في حدود مضبوطة بضرورات قصوى يستوجبها ضمان سير الحياة العامة في متطلباتها الأساسية و توفير الأمن وضمان تطبيق القانون الإنساني الدولي. و يتأكد عدا الحالات المذكورة أن سلطات الاحتلال لا تملك و بأي شكل من الأشكال ممارسة سلطة التشريع عموما و لا سلطة إنشاء المحاكم و المساس بالتشريع الجزائي للإقليم المحتل.
1- أ -2: افتقاد ما تسمى بسلطة الائتلاف الموقتة و مديرها الإداري لأي اختصاص في إنشاء المحاكم لعدم تفويضه بذلك من قبل جهة مؤهلة
بالعودة إلى نص الأمر عدد 48 المؤرخ في 10/12/2003 الصادر من المدير الإداري لسلطة الائتلاف الموقتة و المتعلق بتفويض مجلس الحكم بإنشاء المحكمة الجنائية العــراقية الخاصة بجرائم الحرب ضد الإنسانية نجده ينص في مطلع الديباجة على ما يأتي:
"بناء على السلطات المخولة لي بصفتي المدير الإداري لسلطة الائتلاف الموقتة وبموجب القوانين و الأعراف المتبعة في حالة الحرب و تمشيا مع قرارات المجلس الدولي ذات الصلة بما فيها القرار رقم 1483 لسنة 2003 و القرار رقم 1500 والقرار 1511".
و بهذا يكون المدير الإداري لسلطة الائتلاف الموقتة قد (أسند) إلى نفسه اختصاصا في تفويض مجلس الحكم التابع له بإنشاء محكمة جنائية خاصة بجرائم الحرب ضد الإنسانية اعتمادا على مجموعة من القرارات الصادرة من مجلس الأمن و اعتبارا لذلك فقد (أعتد) المدير الإداري لسلطة الائتلاف الموقتة (بتفويض مفترض) من مجلس الأمن (يخوله) إنشاء محكمة الحال.
و حيث إن إسناد الأمر 48 المذكور لمجموعة من القرارات الصادرة من مجلس الأمن لا يمكن (اعتباره إلا واهيا) و بلا أساس ذلك أن إنشاء المحاكم الخاصة بجرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية لا (تسند) أبدا من قبل هيئة دولية لسلطة احتلال كما أن العودة لقرارات مجلس الأمن المذكورة كفيلة بتبيان (انعدام أي تفويض أو تخويل) أو إشارة صريحة أو ضمنية تسمح لسلطة الائتلاف الموقتة المصنفة في هذه القرارات (كسلطة احتلال) بإنشاء المحاكم.
و حيث إن إنشاء المحاكم المختصة بجرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية لا تكون إلا ضمن تمشٍ منهجي يتعهد فيه مجلس الأمن التحقيق عبر لجان و مبعوثين يعينهم بقرار صادر عنه ثم تعرض عليه تقاريرهم فيدرسها ويتولى معاينة وقوع تلك الجرائم ثم يأذن بتشكيل المحاكم ويضبط هيكلتها واختصاصها و تعيين قضاتها وموظفيها و يضبط إجراءاتها و قد سبق لمجلس الأمن إنشاء أكثر من محكمة كمحكمة جرائم الحرب ليوغسلافيا السابقة و محكمة جرائم الحرب في رواندا.
و حيث إن ما استند إليه المدير الإداري لما تسمى بسلطة الائتلاف الموقتة في مطلع ديباجة الأمر عدد 48 المفوض لمجلس الحكم إنشاء المحكمة الجنائية العــراقية العليا ليس إلا من قبيل (الإنشاء) المفتقد لأي أساس قانوني كحال بقية الأوامر الصادرة عنه أو معظمها على الأقل التي شتتت مؤسسات جمهورية العــراق أو التي هجنت نظامه القانوني و التي طالت كل مناحي الحياة العامة لعموم العــراقيين بما أنتج حالة الفوضى والاضطراب و انعدام الأمن و هاوية الحرب الطائفية التي يعيشها العــراق اليوم.
إن المحاكم المختصة في الجرائم ضد الإنسانية لم يسبق أن شكلتها قوة محتلة لتحاكم بها خصومها الواقعين تحت الاحتلال خاصة إذا كان الاحتلال ناجما عن عمل عدواني بامتياز تمثل في هجوم عسكري واسع النطاق استعملت فيه أعلى درجات العنف المسلح دونما مسوغ قانوني أو شرعي.
في العودة لقرار مجلس الأمن 1483 و 1511 نجد أن الفكرة الأساسية فيهما هو تأكيدهما على سلطة الائتلاف الموقتة كمثل (إدارة احتلال) مع ما يعنيه ذلك التصنيف و التوصيف من واجبات محمولة على تلك السلطة ومن حدود مرسومة لها في كل ما تمارسه من سلطات و أهمها أنه لا يمكن أن تحل محل الشعب العــراقي في ممارسة السيادة و سّن التشريعات و خاصة التشريعات المتصلة بنظامه القضائي و مدونته القانونية.
لقد ذهب شراح القانون الإنساني الدولي و منهم أوسكار م. اوهلر و معه هنري لورسيي في مدونتهم الشهيرة "تعليق على اتفاقية جنيف لحماية المدنيين زمن الحرب" المنشورة في جنيف عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر سنة 1956 إلى أن اتفاقيات جنيف عموما بوصفها استمرار وتكملة
لنظام لاهاي:" لم تحم فقط سكان الإقليم المحتل أو الأفراد المتمتعين بالحماية بل إن الفصل 43 من نظام لاهاي يحمي الدولة في كيانها ومؤسساتها و قوانينها و يحرم القانون الدولي الإنساني المساس بها لأن تدخل القوة المحتلة و ممارسة الصلاحيات من قبلها تفوق ما تستوجبه الضرورة و تتجاوز الطابع الموقت لا يمكن إلا أن يغير و يؤثر و بشكل عميق في تنظيم مستقبل مؤسسات البلد المحتل و هو ما يعد تجاوزا على حق شعب الإقليم في ممارسة سيادته و اختيار نظامه بكل حرية" الصفحة 294 تعليق على الفصل 47 من اتفاقية جنيف الرابعة 1949.
إن ما أقدم عليه المدير الإداري لما تسمى بسلطة الائتلاف الموقتة بول بريمر بإصداره للأمر عدد 48 لا يمكن وصفه إلا خرقا جسيما لأحكام المواد 47 و 64 و 65 و 67 من اتفاقية جنيف الرابعة و المادة 43 من نظام لاهاي لقوانين و أعراف الحرب البرية لسنة 1907.
لقد ألزم قرار مجلس الأمن الذي استند إليه بول بريمر عند إصداره للأمر المذكور باحترام موجبات القانون الإنساني الدولي و خاصة اتفاقيات جنيف و نظام لاهاي المذكورين آنفا مما يجعل ادعاء المدير الإداري كونه سّن ذلك الأمر تمشيا مع قوانين و أعراف الحرب مخالفا بالكامل للواقع وخارقا بشكل فاضح للقانون.
و حيث إن المحكمة الجنائية العــراقية العليا المنشأة امتدادا للمحكمة الجنائية العــراقية الخاصة المنشأة بموجب الأمر العدد 48 ليس لها طابع (المحكمة الدولية) لا من حيث الجهة المنشئة و لا من حيث تركيبة قضاتها و لا من حيث قوانين إجراءاتها و لا مكان انعقادها بما ينزع عنها أي علاقة بقرار دولي صادر عن مجلس الأمن عكس ما أراد أن يوحي المدير الإداري المذكور عند إصداره الأمر رقم 48.
إن تدخل مجلس الأمن في تشكيل المحاكم الجنائية الدولية تراكمت فيه ممارسة وتقاليد استقرت على منهج من دون توفر عناصر ثلاثة فيه و هي:
- سبق التعهد من مجلس الأمن بالتحقيق في الجرائم عبر قرارات واضحة وصريحة.
- تشكيل محاكم تضبط تركيبتها و عضوية القضاة فيها و مجال اختصاصها.
- وضع قواعد إجرائية و توفير المستلزمات اللوجستية و المالية و الإدارية لإدارة المحكمة.
بينما نجد أن المحكمة الجنائية العــراقية العليا علاوة على افتقاد أي عنصر من هذه العناصر المشار إليها آنفا، لم يتعهد مجلس الأمن و في أي مرحلة من المراحل رغم كثرة القرارات الصادرة عنه بخصوص العــراق منذ سنة 1990 بأي واقعة من الوقائع أو جريمة من الجرائم المنسوبة إلى موكلنا والموضوعة في مجال نظر محكمة الحال لا تحقيقا و لا تتبعا كما أن مجلس الأمن لم يأذن أو يقترح أو ينوه بتشكيل هذه المحكمة حتى في القرارات الصادرة بعد احتلاله.
و حيث إن المنظمة الدولية رفضت باستمرار التعاون مع المحكمة الجنائية العــراقية العليا رغم أنها طلبت ذلك منها و قد صرحت أجهزة الأمانة العامة للأمم المتحدة في أكثر من مناسبة رفضها و تحفظها عن مساعدة المحكمة و خاصة في تدريب قضاتها بسبب العيب الذي يطال شرعيتها.
و لذا تكون محكمة الحال مجردة من حيث النص و من حيث الجهة المنشئة لها من أي شرعية ممكنة بصدور ذلك النص و القانون اللاحق المستند إليه في مخالفة واضحة و صريحة لأحكام القانون الإنساني الدولي عن سلطة محتلة لا تملك و في أي صورة من الصور و لا بأي وجه من الوجوه في تشكيل مثل هذه المحكمة.
و بذلك تكون المحكمة الجنائية العــراقية العليا قد شكلت و أنشأت بصفة غير قانونية و لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبارها منشأة بموجب القانون فلا النص المنشئ لها يملك حق سّن القوانين. و بهذا تكون مبنية على الباطل و ما يبنى على الباطل فهو باطل.
1 – ب من حيث عدم اختصاص مجلس الحكم بتشكيل المحاكم
إن مجلس الحكم المصدر لما يسمى بالقانون رقم -1- لسنة 2003 المنشئ للمحكمة الجنائية العــراقية الخاصة بالجرائم ضد الإنسانية و من ثم القانون رقم 10 لسنة 2005 الذي يعتبر امتدادا للقانون رقم (1) لسنة 2003. هذا المجلس لا يمتلك صلاحية إنشاء المحكمة لكونه جهازا إداريا موقتا (1/ب/1) و لكونه جهازا تابعا لإدارة الاحتلال (1/ب/2).
1- ب -1: افتقاد مجلس الحكم لسلطة إنشاء المحاكم لكونه جهازا إداريا موقتا
انشئ مجلس الحكم بموجب اللائحة التنظيمية رقم -6- لما تسمى بسلطة الائتلاف الموقتة حيث نص القسم الأول من اللائحة المذكورة بأن سلطة الائتلاف الموقتة تعترف بمجلس الحكم بوصفه الهيئة الرئيسة للإدارة العــراقية الموقتة إلى أن يشكل شعب العــراق حكومة تنقذه.
و لقد نصت المادة (9) من قرار مجلس الأمن عدد 1483 في 22/5/2003 "أن مجلس الأمن يدعم تشكيل الشعب العــراقي بمساعدة سلطة الائتلاف وبتعاون مع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إدارة موقتة عــراقية تقوم بمهام الإدارة الموقتة للعــراقيين إلى حدود تشكيل حكومة ممثلة".
فيتبين مما سبق ذكره أن مجلس الحكم لا يمكنه أن يمثل إلا سلطة إدارية موقتة تابعة فعليا وقانونيا لسلطة الائتلاف الموقتة التي تمثل الاحتلال و لا تكون قرارات هذا المجلس نافذة إلا بمصادقة المدير الإداري لسلطة الائتلاف الموقتة عليها.
و أن أي سلطة إدارية موقتة و بغض النظر عن طريقة تعيين أعضائها والملابسات التي نشأت فيها لا يمكن أن تكتسب صلاحية التشريع و ذلك لطبيعتها الإدارية و لصفتها الموقتة.
إن هذه الطبيعة الإدارية و هذه الصفة الموقتة لمجلس الحكم تجعله فاقدا لأي صلاحية أو سلطة تتجاوز ما هو إداري كاختصاص و ما هو موقت من الزمن.
إن سلطة إنشاء المحاكم التي تستوجب المبادئ العامة للقانون و أحكام المعاهدات الدولية المتصلة بأعراف و قوانين الحرب و بالنظام القانوني للأقاليم المحتلة لا يمكنها أن تمنح لسلطات الاحتلال و لا للأجهزة الإدارية المحلية و الموقتة التابعة لها أو العاملة معها.
و حيث إن المحكمة الجنائية العــراقية الخاصة بالجرائم ضد الإنسانية والمحكمة الجنائية العــراقية العليا الممتدة لها و المبنية عليها حسب قانونها والمادتين (37 و 38) منه لا يمكن بسبب ما يستوجبه القانون و بسبب طبيعة مجلس الحكم بوصفه إدارة موقتة أن تدخل ضمن سلطاته و لا أن تكون من مشمولاته.
و حيث إن النص المسمى بالقانون رقم -1- في 10/12/2003 لا يمكنه أن يرتقي إلى مستوى القانون لافتقاد مصدره لصفة المشرع بحكم طبيعته ولمحدودية اختصاصه المنحصر ضرورة في مجال إصدار الترتيبات الإدارية و ليس في مجال سّن القوانين.
1 – ب – 2 افتقاد مجلس الحكم العــراقي لسلطة إنشاء المحاكم لكونه جهازا إداريا تابعا للاحتلال
نص الجزء الأول من الأمر عدد -7- الصادر عما تسمى بسلطة الائتلاف الموقتة على أن القضاة و رجال الشرطة و المدعين العامين يؤدون واجباتهم وفقا لنصوص اللائحة التنظيمية رقم -1- الصادرة عن السلطة الائتلافية الموقتة بتاريخ 23/5/2003 و وفقا لأي لوائح تنظيمية أو أوامر أو مذكرات أو تعليمات أخرى تصدرها سلطة الائتلاف الموقتة.
و يتبين من نص الأمر رقم -7- أن مجلس الحكم منزوع من أي صلاحية من تشريع أو تنظيم أو إدارة العــراق عموما و القضية خاصة بل هو مقيد بالخضوع لما تقتضيه النصوص الصادرة عن سلطة الائتلاف الموقتة بما جعله جهازا تابعا لها خاضعا لمشيئتها غير مكتسب لأي استقلالية أو إدارة منفصلة عن سلطة الاحتلال.
كما أن هذا المجلس أنشئ بموجب اللائحة التنظيمية لسلطة الائتلاف الموقتة في 13/7/2006 بالمذكرة رقم -6- الصادرة في التاريخ نفسه و تم حله بموجب اللائحة التنظيمية رقم -9- الصادرة من السلطة ذاتها في 9/6/2006 مما يجعله هيئة مشكلة نشأة و تعيينا وإنتهاءً تبعا لإدارة سلطة الاحتلال و بموجب نصوص صادرة منها و بذلك يكون هذا المجلس فاقدا لأي إدارة مستقلة أو سلطة أو صلاحية منفصلة أو معزولة عن سلطة الاحتلال.
و حيث إنه من المسلم به قانونا أن الجهاز الإداري التابع لجهة أعلى منه لا يمكن أن يتمتع بسلطة أو صلاحية تفوق صلاحية المتبوع و هو ما يجعل مجلس الحكم مجردا من أي سلطة تشريعية أو شبه تشريعية تخول له إنشاء المحاكم.
و حيث إن تأسيس المحكمة الجنائية العــراقية الخاصة من قبل مجلس الحكم بموجب النص المسمى بالقانون عدد -1- في 10/12/2003 يجعل تلك المحكمة قد نشأت بنص لا يكتسب صفة القانون صادر عن جهة لا تملك مطلقا سلطة التشريع و بذلك تكون المحكمة الجنائية المختصة قد افتقدت منذ نشأتها الشرط الأول لشرعيتها و هو شرط أن تكون مشكلة بموجب القانون و بذلك تكون كل إجراءاتها باطلة بطلانا مطلقا و بالتالي تكون كل إجراءات المحكمة الجنائية العــراقية العليا التي أضفت الصفة الشرعية على إجراءات تلك المحكمة في المادة (38) تكون باطلة بطلانا مطلقا أيضا.
و حيث إن المحكمة الجنائية العــراقية الخاصة و التي أصبحت حاليا و بعد صدور ما يسمى بالقوانين عدد -10- في 9/10/2005 بالمحكمة الجنائية العــراقية العليا لم تنشأ بموجب القانون مثلما تقتضيه المواثيق و المعاهدات الدولية و القوانين العــراقية النافذة لاستنادها عند إنشائها إلى نصوص تفتقد صفة القانون و صادرة عن جهات لا تمتلك صلاحية تشريع المحاكم فالأمر عدد -48- صادر عن بول بريمر بوصفه المدير الإداري لسلطة الائتلاف الموقتة لا يكتسب صفة القانون لأنه صادر عن (سلطة محتلة) قيدها القانون الإنساني الدولي و منعها من تغيير النظام القضائي والقانوني للإقليم المحتل و لا ما يسمى بالقانون عدد -1- لسنة 2003 الصادر عن مجلس الحكم في 10/12/2003 يكتسب هو أيضا صفة القانون لأنه صادر عن جهاز إداري محلي موقت تابع بالكامل أحداثا و صلاحية و حلاً لسلطة الاحتلال.
إن المحكمة الجنائية العــراقية العليا التي كانت عند نشأتها تسمى بالمحكمة العــراقية الخاصة لم تنشأ و لم تشكل بموجب القانون فإنها تظل منزوعة فاقدة لأي شرعية وتطلب هيئة الدفاع على هذا الأساس و اعتمادا على ما سبق عرضه امتناع المحكمة عن النظر في الدعوى المثارة أمامها لعدم شرعيتها.
إن افتقاد المحكمة لأي أساس شرعي يجعلها مخالفة بالكامل للمبدأ القانوني العام الذي يقتضي بأن المحاكم لا تنشأ إلا بقانون ظل ملازما لمحكمة الحال عند صدور ما يسمى بالقانون رقم -10- لسنة 2005 في 9/10/2005.
2 – افتقاد الجمعية الوطنية المصدرة لما يسمى بالقانون رقم -10- لسنة 2005 لأهلية التشريع في إنشاء المحاكم لانعدام السيادة و بقاء العــراق تحت الاحتلال الفعلي
صدر القانون رقم -10- لسنة 2005 عن الجمعية الوطنية الانتقالية طبقا للمادة -33- الفقرتين (أ و ب ) و المادة -37 – من قانون إدارة الدولة العــراقية للمرحلة الانتقالية.
إن قانون إدارة الدولة العــراقية للمرحلة الانتقالية ليس إلا نتاجا و إفرازا من إفرازات سلطة الائتلاف الموقتة باعتبار أن سّن هذا القانون تم من قبل إدارة سلطة الائتلاف الموقتة و إشرافها.
إن قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية لا يمكنه أن يكون سندا شرعيا لإكساب أي جهة أو مؤسسة حق سّن القوانين بما فيها تشريع إنشاء الهيئات القضائية و ذلك للأسباب الآتية:
أ – الارتباط العضوي لقانون إدارة الدولة العــراقية للمرحلة الانتقالية بأوامر سلطة الائتلاف الموقتة.
ب – لوقوع إقليم العــراق تحت سلطة احتلال و انعدام السيادة في جانب الجمعية الوطنية المصدرة للقانون رقم -10- لسنة 2005 وفقا للفصل -42- من نظام لاهاي لقوانين و أعراف الحرب البرية لسنة 1907.
2 – أ – الارتباط العضوي لقانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية بأوامر سلطة الائتلاف الموقتة
استندت الجمعية الوطنية و معها مجلس الرئاسة إلى أحكام قانون إدارة الدولة العــراقية عند إصدارها للقانون رقم -10- لسنة 2005 المتعلق بأحداث المحكمة الجنائية العــراقية العليا.
و بالعودة إلى نص قانون إدارة الدولة العــراقية للمرحلة الانتقالية الصادر في 1/6/2004 عن مجلس الحكم، نجد أنه جاء في ارتباط كلي مع جملة التشريعات التي سنها بول بريمر المدير الإداري لسلطة الائتلاف الموقتة.وحيث يتبين أن القانون المذكور صدر عن جهة إدارية موقتة و هي مجلس الحكم الذي تم تأسيسه وتعيين أعضائه و حلّه فيما بعد من قبل سلطة الاحتلال.
و حيث لم يكن مجلس الحكم بموجب الأوامر و المذكرات الصادرة عن المدير الإداري لسلطة الائتلاف الموقتة (سيد قراره) بل مرتبط بالكامل بسلطة الائتلاف الموقتة و قراراته لا تنفذ إلا بعد مصادقة المدير الإداري لسلطة الائتلاف الموقتة عليها مثلما ينص عليه القسم -2- من الأمر عدد -6- الصادر عن سلطة الائتلاف الموقتة في 13/7/2003 و الضابط للعلاقة بين مجلس الحكم و هذه السلطة الذي نص حرفيا على "يتشاور مجلس الحكم مع سلطة الائتلاف الموقتة وينسق معها بشأن جميع المسائل بالحكم الموقت للعــراق، بما في ذلك صلاحيات مجلس الحكم".
و لأن تركيبة مجلس الحكم ارتهنت و تم تعيين أعضائه من قبل المدير الإداري لسلطة الائتلاف الموقتة مما يجعله مجلسا تابعا بالكامل لسلطة الاحتلال.
و لأن صدور قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية عن جهاز تم إنشاؤه وتعيين أعضائه من قبل سلطة الاحتلال يجعله فاقدا بالكامل لأي مشروعية أو تمثيلية لصاحب السيادة الحقيقية و هو الشعب العـــراقي.
و بالتالي يصنف قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية بكونه نصا صادرا عن جهة تابعة لسلطة الاحتلال مما يفقده أي مشروعية قانونية.
أجمع فقهاء القانون عامة إن ما ينتج من الأعمال الباطلة لا يمكن أن يكتسب الصحة و السلامة القانونية بل يظل موسوما بالبطلان لفساد أصله ولانعدام الشرعية في منبته و هو ما ينطبق على كل المنظومة القانونية التي أوجدتها سلطة الائتلاف الموقتة في العــراق و التي أنبتت و تأسست على ما تم سنّه من نصوص و أعمال تتجاوز ما ضبطته نصوص القانون الإنساني الدولي التي حصرت مجال تدخل سلطة الاحتلال تشريعيا بحالات الضرورة القصوى التي يستوجبها حسن تطبيق اتفاقية جنيف و ضمان أمن و سلامة السكان المحميين دون أن تتيح للسلطة المحتلة المساس بالنظام القانوني للدولة المحتلة أو إنشاء المحاكم و سّن التشريعات الجزائية فيها، فما بالك بوضع نصوص دستورية تؤثر في المستقبل السياسي و الدستوري لكيان الدولة المحتلة.
لقد استقر الفقهاء و شراح القانون الدولي عموما و القانون الإنساني الدولي خصوصا على أنه لا يجوز لسلطة الاحتلال أن تتدخل في النظام القانوني للدولة المحتلة بشكل يؤثر في مستقبلها المؤسساتي لأنه يعد مجالا يدخل ضمن حقوق شعب الإقليم المحتل الذي يحتفظ بحقه في ممارسة السيادة حال زوال الاحتلال.
و لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينتصب الاحتلال بوصفه سلطة فعلية مفروضة بالأمر الواقع محل صاحب السيادة الفعلية و لا يجوز لسلطة الاحتلال ممارسة أي شكل من أشكال السيادة إلا في ما يتعلق بالضبط الأمني و الإدارة الموقتة لتسيير الشؤون العامة للسكان.
و بالعودة إلى أهم الشروح المعتمدة لاتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين المنشورة من قبل لجنة الصليب الأحمر الدولية في جنيف سنة 1956 و التي صاغتها ثلة من كبار شراح و فقهاء القانون الإنساني الدولي تحت إدارة الدكتور جان س. بيكتات و بمساهمة كل من الدكتور أوسكار م. اوهلر و الدكتور هنري كورسيي، و نجد في مجال التعليق على الفصل 47 من اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية الحقوق توصيفا للحالات التي عمد فيها الاحتلال إلى تغيير النظام القانوني و الدستوري للإقليم المحتل بل ذكرٌ للفرضية التي طبقتها قوات الاحتلال في العــراق و المتمثلة في تنصيب هيئة سياسية تابعة لها و تأتمر بأوامرها لإصباغ قرارات الاحتلال ورغباته صبغة شكلية شرعية فقد جاء في الصفحة -294- من الشرح المذكور آنفا ما نصه مترجما من اللغة الفرنسية:
" إن تدخلات عديدة لقوات محتلة اتخذت خلال الحرب العالمية الثانية أشكالا ودرجات مختلفة بحسب الهدف السياسي المراد تحقيقه و أساسا تغيير المؤسسات الدستورية و أشكال الحكومات و استحداث أجهزة عسكرية و سياسية و حل كيانات الدول و تشكيل هويات سياسية جديدة. والقانون الدولي يمنع مثل هذه الأعمال لأنها تستند فقط إلى القوة العسكرية للقوات المحتلة و ليس إلى قرار سيادي للدولة الواقعة تحت الاحتلال. ومن دون شك بجهد المحتل نفسه عموما لإعطاء مظاهر الشرعية والاستقلالية للأجهزة المستحدثة و التي تكون في معظمها مشكلة من أفراد ينتمون إلى الشعب المحتل و لكن تأكد دوما و بدون عناء أن تلك الأجهزة تظل خاضعة لإرادة القوة المحتلة.
إن تلك الممارسات تعد مخالفة بالكامل للمفهوم الكلاسيكي للاحتلال العسكري كما عبرت عنه أحكام المادة -34- لنظام لاهاي لسنة 1907 والتي أكدت بشكل واضح أن قوة سلطة الاحتلال يجب أن تعتبر باستمرار مجرد مدير فعلي بموجب الأمر الواقع و ليس أكثر".
و لأن صدور قانون إدارة الدولة الموقت و الذي أثبت في الواقع و دون الخوض في تفاصيل ذلك الواقع فشله في إنتاج موقف دستوري سليم ينتهي بالعــراقيين لبلورة و إقامة مؤسسات حكم شرعية لم يكن ليكتسب و بغض النظر عن النتائج التي آل إليها في الواقع أي شرعية قانونية لأنه و بكل بساطة جاء خارقا و بشكل فاضح لأحكام المادتين -43- من نظام لاهاي لسنة 1907 و -47- لاتفاقية جنيف الرابعة بما يجعل المؤسسات التي أوجدها و المنظومة التي أرساها و النصوص الصادرة مجردة من أي شرعية قانونية يمكن أن تسند ما يسمى بالقانون رقم -10- لسنة 2005 الذي رمى و استهدف شرعنة أحكام القانون رقم -1- الصادر في 10/12/2003 الصادر بموجب تفويض الأمر رقم -48- الصادر بالتاريخ نفسه عن سلطة الائتلاف الموقتة.
إن الارتباط العضوي بين القانون رقم -10- لسنة 2005 و بين ما أنتجته سلطة الائتلاف الموقتة من مؤسسات و تشريعات اتخذت شكل مخالفة كاملة لأحكام القانون الإنساني الدولي تجعل ذلك القانون فاقدا لأي شرعية مما ينزع بالتالي أي شرعية عن المحكمة الجنائية العــراقية العليا التي تظل حتى بعد صدور ذلك القانون مفتقدة للأساس الشرعي المستوجب "تنشأ المحاكم بموجب القانون" في المادة -14- من العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية و المستوجب أيضا في معظم الاتفاقات والمعاهدات الدولية والمسلم بها في المبادئ العامة للقانون و التي جعلتها محكمة الحال مصدرا من مصادر القانون المعتمد أمامها.
و للأسباب سالفة الذكر تطعن هيئة الدفاع بشرعية المحكمة الجنائية العــراقية العليا لاستنادها إلى نص القانون عدد -10- لسنة 2005 المفتقد بالكامل لصفة القانون وضرورة أنه مرتبط من حيث الجهة المصدرة له والأساس الدستوري المستند إليه بسلطة الائتلاف الموقتة المصنفة بموجب النص المنشئ لها و اللائحة التنظيمية رقم -1- في 16/5/2003 وبموجب قرار مجلس الأمن 1483 لسنة 2003 كقوة احتلال.
2- ب – وقوع العــراق تحت الاحتلال الفعلي و انعدام السيادة في جانب الجمعية الوطنية المصدرة للقانون عدد -10- لسنة 2005 وفقا للمادة -42- من نظام لاهاي لقوانين و أعراف الحرب البرية لسنة 1907
لقد صدر القانون عدد -10- لسنة 2005 في 9/10/2005 عن الجمعية الوطنية وتم تصديقه وإصداره من قبل مجلس الرئاسة و المنشور في الوقائع العــراقية العدد 4008 في 18/10/2005.
و لأن القانون المذكور قد صدر و العــراق لا يزال فعليا تحت سيطرة ما تسمى بقوات التحالف التي ليست إلا قوة احتلال تدل كل المعطيات المادية و الواقعية و الفعلية والتصريحات السياسية لحكومات الدول التي تتشكل منها تلك القوات، على أنها فعلا المتحكمة في كل الشؤون العامة لدولة العــراق. لا سيما أن ما يسمى بنقل السلطة والسيادة للحكومة العــراقية الموقتة في حزيران من عام 2004 لا يتجاوز الجانب الشكلي الذي لا يجد له ترجمة فعلية في الواقع.
و حيث إن الفصل في تحديد طبيعة المركز القانوني لدولة العــراق حيال ما تسمى بقوات التحالف هو ما نص عليه بصريح العبارة الفصل -43- من نظام لاهاي لقوانين الحرب البرية لسنة 1907 الذي عرف (الإقليم المحتل) عندما نص على ما يأتي:" يعد الإقليم محتلا عندما يوجد فعليا تحت سلطة جيش أجنبي"
و حيث إن وضع العــراق حاليا و عند صدور القانون عدد -10- لسنة 2005 لا يمكن أن يعتبر إلا واقعا تحت الاحتلال و منزوع السيادة و هو ما يجرد كل مؤسساته الشكلية التي أنتجها الاحتلال و لا يزال يسندها إلى الآن من أي سيادة و التي تعجز ليومنا هذا عن فرض سيطرتها و ممارسة ما تدعيه من صلاحيات بمعزل عن إرادة و الدعم و التعويل على ما تسمى بقوات التحالف.
و حيث إن بقاء العــراق في وضع الإقليم المحتل زمن صدور القانون عدد -10- لسنة 2005 يجعل ما تدعيه الجمعية الوطنية من دور سيادي يخول لها التشريع وإنشاء المحاكم مجردا من أي شرعية لكونها مؤسسة تابعة للاحتلال.
و حيث ينطبق على ما تصدره الجمعية الوطنية النظام القانوني نفسه المنطبق على قوات الاحتلال أي أحكام القانون الإنساني الدولي التي تمنع المحتل و الأجهزة التابعة له من ممارسة سلطة التشريع عموما و تجعل المحاكم المنشأة بموجب نصوص صادرة عنه، فاقدة لأي شرعية.
لكل ما تقدم فإن هيئة الدفاع تطعن في شرعية المحكمة لكونها لا تستند للقانون لصدور النصوص المنشئة و المنظمة لها سواء تعلق الأمر بسلطة الائتلاف الموقتة ومعها مجلس الحكم في كل من الأمر عدد -48- و القانون رقم -1- الصادرين في 10/11/2003 أو تعلق الأمر بالجمعية الوطنية أو بمجلس الرئاسة المشكلين على أساس قانون إدارة الدولة العــراقية و إصدارهما للقانون عدد -10- في 8/10/2005 فلا تتمتع الجهات المصدرة لتلك النصوص بأهلية التشريع لارتباطها الكلي و بشكل مباشر بسلطة الاحتلال و لافتقاد تلك النصوص لصفة القانون بما يجعل المحكمة الجنائية العــراقية العليا مجردة من أي سند قانوني سليم مثلما يقتضيه المبدأ القانوني العام بكون المحاكم تنشأ بقانون و المكرس في صلب كل الاتفاقيات والعهود و المواثيق الدولية و أساسا المادة -14- من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966.
عليه تطلب هيئة الدفاع أن تتوقف المحكمة عن النظر في القضية المعروضة أمامها لافتقادها لأساس شرعي.
ثانيا – عدم استناد المحكمة الجنائية العــراقية العليا للقانون من حيث نظامها القانوني
إن المبدأ القائل بكون المحاكم تنشأ بموجب القانون لا يتوقف تأويله على اشتراط اكتساب الجهة المشرعة للنص المنشئ للمحكمة الشرعية اللازمة التي تخول لها إصدار القوانين و لا فقط اشتراط اكتساب النص المنظم والمنشئ للمحكمة صفة القانون بل إن شراح القانون أعطوا تأويلا يعتمد المعيار الموضوعي الذي يقتضي بأن تكون النصوص المنشئة و المنظمة للمحاكم متطابقة من حيث محتواها مع المبادئ العامة للقانون. لأن المبادئ العامة للقانون الواجب احترامها في إنشاء المحاكم تستوجب ألا يكون السبب أو الغاية أو الإجراء أو الهيئة المختصة بالإنشاء خارجة أو متعارضة مع المبادئ العامة للقانون و مع ما تقتضيه قواعد القانون في كل فروعه و أبعاده الوطنية و الدولية.
لقد جاء في فقه قضاء المحكمة الجنائية الدولية لجرائم الحرب بيوغسلافيا السابقة وتحديدا في القضية الاستئنافية طعنا في الحكم الابتدائي الصادر عن الهيئة الثانية لمحكمة البداية في 10/8/1995 (ديسكوتاديتش ضد المدعي العام) و في معرض تعرض المحكمة للمبدأ القانوني العام الذي يقتضي أن المحاكم تنشأ بقانون، إن ذلك المبدأ له تأويل بثلاثة أبعاد:
أوله – إن الجهة المصدرة للقانون المنشئ للمحكمة يجب أن تكون مخولة بممارسة صلاحية التشريع و أن النص المنشئ للمحكمة يجب أن يكون متصفا بصفة القانون ثم تعرضت للبعد الآخر في تأويل القاعدة القائلة إن المحاكم تنشأ بموجب القانون قائلة في الفقرة -45- من نص القرار الاستئنافي المذكور ما نصه مترجما عن الفرنسية:
" التأويل الثالث الممكن لمبدأ نشأة المحاكم بموجب القانون، هو أن يكون إنشاؤها متطابقا مع قواعد القانون" و يبدو هذا التأويل منطقيا و لتكون المحكمة منشأة في تطابق مع قواعد القانون يجب أن تكون متطابقة مع المعايير الدولية، أي أن تضمن الإنصاف و العدالة و الحياد في تطابق تام مع الوسائل المعترف بها دوليا و المتصلة بحقوق الإنسان.
إن هذا التأويل الذي يقتضي ضمان أن تكون المحكمة مشكلة بموجب القانون مصادق عليه بتحليل ما تضمنه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية و أساسا المادة -14- من هذا العهد.
و حيث إن الملابسات و الظروف التي نشأت فيها المحكمة الجنائية العــراقية العليا والتي ألقت بظلالها و أثرت بشكل مباشر على محتوى النصوص المنظمة للمحكمة، تدل جميعها رغم المظاهر الشكلية بأن شروط المحاكمة العادلـــة و موجبات المــادة -14- من العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية غير متوفرة بالمرة.
و هذا ما ظهر جليا في جلسات المحاكمة عن قضية الدجيل أمام هيئة الجنايات الأولى.
ثالثا – مخالفة قانون المحكمة الجنائية العــراقية العليا لدستور 2005
تنص الفقرة –ثانيا- من المادة -1- من قانون المحكمة على ما يأتي:
"ثانيا – تسري ولاية المحكمة على كل شخص طبيعي سواء كان عــراقيا أم غير عــراقي مقيم في العــراق و متهم بارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المواد (11) (12) (13) (14) من هذا القانون والمرتكبة من تاريخ 17/7/1968 و لغاية 1/5/2003 في جمهورية العــراق أو أي مكان آخر...الخ".
و هذا يعني أن المحكمة (خاصة) و (استثنائية) و ولايتها محددة في قانونها الخاص.
و قد نصت المادة -95- من دستور العــراق الصادر في عام 2005 المنشور في الوقائع العــراقية العدد -4012- في 28/12/2005 على ما يأتي: "يحظر إنشاء محاكم خاصة أو استثنائية".
كما نصت المادة -134- من الدستور على استمرار المحكمة الجنائية العــراقية العليا بأعمالها و لمجلس النواب إلغاؤها بقانون بعد إكمال أعمالها.
و استنادا إلى أحكام الفقرة -2- من المادة -2- من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 و تعديلاته التي تنص على:
"2- على أنه إذا صدر قانون أو أكثر بعد ارتكاب الجريمة و قبل أن يصبح الحكم الصادر فيها نهائيا فيطبق القانون الأصلح للمتهم".
و حيث إن المادة -95- من الدستور هي الأصلح وفقا لما ورد أعلاه، لذا فإن المحكمة الجنائية العــراقية العليا تفقد شرعيتها الدستورية و عليها التوقف عن النظر في أي قضية توضع أمامه.
رابعا – مخالفة قانون المحكمة الجنائية العــراقية العليا للقانون العــراقي و الدولي
إن قانون المحكمة الجنائية العــراقية العليا يخالف القانون العــراقي في الحالات التالية:
1- يخالف نص المادة -1- من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 وتعديلاته التي تنص:
" 1- لا عقاب على فعل أو امتناع إلا بناء على قانون ينص على تجريمه وقت اقترافه، و لا يجوز توقيع عقوبات أو تدابير احترازية لم ينص عليها القانون".
2- يخالف نص المادة -2-1- من قانون العقوبات آنفا التي تنص على ما يأتي:
المادة -2-
" 1- يسري على الجرائم القانون النافذ وقت ارتكابها و يرجع في تحديد وقت ارتكاب الجريمة إلى الوقت الذي تمت فيه أفعال تنفيذها دون النظر إلى وقت تحقيق نتيجتها".
3- يخالف نص المادة -11- من قانون العقوبات التي تنص على ما يأتي:
" لا يسري هذا القانون على الجرائم التي تقع في العــراق من الأشخاص المتمتعين بحصانة مقررة بمقتضى الاتفاقيات الدولية أو القانون الدولي أو القانون الداخلي".
4- يخالف نص المادة - الأربعين – من دستور عام 1970 التي تنص على ما يأتي:
" يتمتع رئيس مجلس قيادة الثورة و نائبه و الأعضاء بحصانة تامة و لا يجوز اتخاذ أي إجراء بحق أي منهم إلا بإذن مسبق من المجلس"
5- يخالف الفقرة -2- من المادة –الحادية عشرة- من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
6- يخالف الفقرة (1) من المادة (15) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
7- يخالف المادة -11- من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ومنه أخذ قانون المحكمة الجنائية العــراقية العليا. هذه المادة تنص على ما يأتي: "ليس للمحكمة اختصاص إلا في ما يتعلق بالجرائم التي ترتكب بعد بدء نفاذ هذا النظام الأساسي".
8- يخالف مقاصد نظام روما الأساسي و اختصاصات المحكمة الجنائية الدولية المنصوص عليها في المادة -13- من النظام و آلية ممارسة هذا الاختصاص.
9- يخالف نص الفقرة (1) من المادة (22) من نظام روما الأساسي. (لا عقوبة إلا بنص).
10- يخالف نص الفقرتين (1) و (2) من المادة (24) من نظام روما الأساسي "عدم رجعية الأثر".
خامسا – مخالفة قانون المحكمة لاتفاقيات جنيف
إن موكلنا الرئيس صــدام حسين هو القائد العام للقوات المسلحة العــراقية أثناء الحرب العدوانية التي شنتها الولايات المتحدة على العــراق خارج نطاق الشرعية الدولية المتمثلة بالأمم المتحدة ومجلس الأمن و لهذا فهو يعتبر (أسير حرب) و إن من حقه أن يتمتع بكل الحقوق التي يتمتع بها (أسير الحرب) طبقا لمعاهدة جنيف الثالثة لسنة 1949 و البروتوكول الإضافي الأول و كافة الأعراف واجبة التطبيق وفقا للقانون الدولي الإنساني ذات العلاقة باحتجاز أسرى الحرب و إن أي إجراء يخالف ذلك يكون انتهاكا للمادة (22) من اتفاقية جنيف الثالثة. و لأن مقاومة الاحتلال حق من الحقوق الواردة في ميثاق الأمم المتحدة و بعد إعلان الولايات المتحدة انتهاء العمليات الحربية في العــراق، أسس السيد الرئيس حركة المقاومة العــراقية للاحتلال و أصدر العديد من البيانات قبل وقوعه في الأسر و بذلك يكون مشمولا بمنطوق المادة (4) فقرة (أ/2) من اتفاقية جنيف الثالثة و يعتبر أسيرا للحرب. و لأن الولايات المتحدة و في ظل نصوص اتفاقيات جنيف وباعتبارها قوة احتلال لا يحق لها محاكمة الرئيس إلا عن أعمال تشكل انتهاكا للقانون الدولي الإنساني في سياق الصراع المسلح و لكن المثير للدهشة و التساؤل أن يحاكم عن انتهاكات مزعومة وقعت خارج سياق الصراع المسلح. و لأن الولايات المتحدة لا تستطيع محاكمة الرئيس أمام المحاكم التي تحاكم قواتها أمامها و لم تقم إحالته إلى (دولة حامية) طبقا للمادة (120) من اتفاقية جنيف الثالثة و إنما جعلت أميركا من نفسها (الدولة الحامية) و أنشأت هذه المحكمة بموجب أمر المدير الإداري لسلطة الائتلاف بول بريمر بالأمر المرقم (1) لسنة 2003 و من ثم القانون رقم (10) لسنة 2005 و ابتدعت نظرية غير مألوفة في القوانين الدولية و الداخلية ونظرية ازدواج السلطة على الأسير بحيث يكون جسديا تحت سيطرة العدو (الدولة المحتلة) وقانونيا تحت سيطرة السلطة المعينة من (الدولة المحتلة) و هذا مخالف لقواعد القانون الدولي واتفاقيات جنيف و خاصة المواد 25-27 منها و التي تتيح الوصول الكامل للجنة للصليب الأحمر الدولي أو أي منظمة مختصة أخرى و بالشكل الذي يمكن معه تقويم ظروف الاحتجاز و تحديد الجهة التي يمكن لها أن تحاكم الرئيس وعن أي أفعال يمكن لمثل هذه الجهة أن تحاكمه. و بهذا تكون هذه المحكمة إضافة لما أوردناه سابقا غير مختصة في محاكمة الرئيس.
سادسا – عقوبة الإعدام
تنص الفقرة -2- من المادة -6- من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على ما يأتي:
"لا يجوز في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام أن يحكم بهذه العقوبة إلا جزاء على أشد الجرائم خطورة وفقا للتشريع النافذ وقت ارتكاب الجريمة، و غير مخالف لأحكام هذا العهد و لاتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقب عليها و لا يجوز تطبيق هذه العقوبة إلا بمقتضى حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة".
كما تنص الفقرة -4- منها على ما يأتي:
" 4- لأي شخص حكم عليه بالإعدام حق التماس العفو الخاص أو إبدال العقوبة، و يجوز منح العفو العام أو الخاص أو إبدال عقوبة الإعدام في جميع الحالات".
بينما تنص الفقرة (ثانيا) من المادة -27- من قانون المحكمة على ما يأتي:
ثانيا – لا يجوز لأي جهة كانت، بما في ذلك رئيس الجمهورية، إعفاء أو تخفيف العقوبات الصادرة من هذه المحكمة و تكون العقوبة واجبة التنفيذ بمرور (30) ثلاثين يوما من تاريخ اكتساب الحكم أو القرار درجة الثبات".
و في هذا انتهاك واضح للقانون الدولي و غرض سياسي مسبق مقصود وبهذا تفقد المحكمة الحياد و العدالة و تنتهك شروط المحاكمة العادلة.
لكل ما تقدم، تطلب هيئة الدفاع من المحكمة التوقف عن النظر في القضية رقـم 1/ح ثانية/2006 لحين النظر في هذه الدفوع الشكلية.
مــع التقديـر
هيئة الدفاع عن الرئيس صــدام حسين و رفاقه المعتقلين
|