بقلم / د. سيف العسلي -
بن شملان العاجز عن إدارة وزارة لن يكون قادرا على إدارة دولة!
كنا نتمنى على الأستاذ فيصل بن شملان مرشح اللقاء المشترك ان يتحدث لو باختصار عن انجازاته لتي حققها في المناصب لتي تولها و لعل أهمها وزارة النفط و ان يكون صادقا فيما يعد و ان يقدم رؤيا متكاملة لما يمكن ان يعمله في حال فوزه حتى يمكن اعتباره مرشحا ذا مصداقية.
لكنه لسوء الحظ قد خيب آمالنا هذه. ففيما يخص انجازاته في وزارة النفط فلا يذكرنا إلا بهروبه من هذه الوزارة. و على الرغم من ذلك فانه لا يخجل عن ان يتحدث عما يسميه تبذير و سرقة و إخفاء عائدات النفط بدون تقديم أي دليل مادي واحد على ذلك. و ربما نسي انه كان يوما ما وزيرا للنفط و مسئولا عن إيراداته. و لذلك فانه لا عذر له في ذلك. انه يدعي انه خبير في مجال النفط مما يعني انه كان مطلعا على كل ما كان يجري فيها. فإذا كانت ايرادات النفط كما يزعم لا تورد كلها او بعضها الى الخزينة العامة فعليه ان يقول لنا الى أين ذهبت؟ و خصوصا في تلك الفترة التي كان فيها على رأس الوزارة.
و لانه لم يقل ذلك لا في برنامجه و لا في أحاديثه و أخرها تلك التي أدلى بها في أول مهرجان انتخابي له يوم أمس فلا يسعنا إلا ان نقدم الافتراضات التالية لتفسير ذلك. فإما ان تكون هذه الإيرادات او بعضها لا تورد للخزينة العامة كما ادعى بن شملا و كان هو على علم بذلك فسكتوه على ذلك يدل على تورطه في هذا الفساد. و اما ان تكون هذه الإيرادات او بعضها لا تورد للخزينة العامة و هو لا يعلم بذلك فذلك يدل على عجز كامل له في إدارة هذه الوزارة مما لا يؤهله لان يكون رئيسا للدولة. فإذا عجز عن معرفة ما يجري في وزارته فمن باب الأولى ان يعجز عن معرفة ما يجري في الدولة. و اما ان يكون لا وجود لما يدعيه أي ان جميع ايرادات النفط تورد للخزينة العامة فان إصراره على ادعاء غير ذلك يدل على خرفه و عجزه العقلي نظرا لغسيل المخ الذي تعرض له في ظل نظام الاشتراكي الشمولي و لتقدمه في العمر.
و في كل هذه الحالات فانه لا يصلح لإدارة الدولة التي تتطلب توفر صفات عديدة لمن يتقدم لطلب انتخابه لرئاستها. و لا شك ان من أهم هذه الصفات التالي:
أولا: توفر القدرات الجسمية و العقلية. فمن الواضح ان بن شملان لا تتوفر لديه القدرة الجسمية نظرا لتقدمه في العمر. فمن المعروف ان العمر الافتراضي للمواطن اليمني هو ما بين الستين و السبعين. و ما من شك بان الأستاذ بن شملان قد تجاوز ذلك بكثير. اما قدراته العقلية فمشكوك فيها نظرا لعدم قدرته الواضح من مناقشاته و خطاباته على الربط بين القضايا و بعضها البعض كما يظهر ذلك في مقابلاته و أحاديثه. و في هذه الحالة فا المرء يستغرب اذا كان على هذا الحال لماذا ضغطت أحزاب المشترك عليه و حملته ما لا يطيق؟
ربما لأنهم يرغبون في استخدامه ككبش فداء. ففي حال عجزه عن إدارة الدولة كما هو متوقع فإنهم سيديرونها باسمه و من وراء الستار. و لكن حتى في هذه الحالة فمن سيكون الرئيس الفعلي هل هو محمد اليدومي أم عبد الوهاب الانسي أم غيرهم؟ و اذا كان الامر كذلك فلماذا لم سع هؤلاء للترشيح مباشرة؟ انه سؤل هام يحتاج الى جواب من الاخ فيصل بن شملان.
ثانيا: وجود رؤيا و توجهات واضح لدى المرشح لمنصب رئاسة الدولة حول الأولويات و المشاكل و الحلول الناجعة لها. فعلى الرغم من ان برنامج فيصل بن شملان يصور الأوضاع في اليمن على أنها مأساوية و على الرغم على عدم واقعية هذا التصوير إلا انه عجز في برنامجه وفي المقابلات التي نشرت عنه و في الأحاديث لتي أدى بها عن تقديم و لو إشارات تدل على امتلاكه تصورا واضحا و مفصلا عن السياسات و الإجراءات التي سينفذها لمعالجة ذلك. فعلى سبيل المثال فقد قال في أول مهرجان انتخابي له ان الذي جعله يخضع لضغوط اللقاء المشترك و القبول بالترشح هم المتسولون في الشوارع و في المساجد و في البيوت. لكنه لم يقل كيف سيطعم هؤلاء؟ مما يجعلونا نخمن فقط حول الكيفية التي سيحاول تحقيق ذلك من خلالها و ذلك اما عن طريق لجوئه الى التأميم او عن طريق الدعوة الى الجهاد. اما الخيارات الأخرى فقد استبعدها. ففي خطابه هذا قد شن حملة عشواء على التخطيط و الخطة الخمسية و على برمج الإصلاح الاقتصادي و على كل السياسات الاقتصادية المتعارف عليها. و لذلك لم يبق شيئا لم يهاجمه غير التأميم بهدف الحصول على أموال الناس لإنفاقها على المتسولين او الدعوة للجهاد بهدف الحصول على غنائم. و بما ان اليمن كما يقول قد عمه الجوع و الفقر فان الغنائم لا يمكن الحصول عليها إلا من خلال إعلان الجهاد على الدول المجاورة الغنية.
ثالثا: الصدق في الطرح و عدم تعمد الكذب. و لقد صعقت لتكرار الاخ فيصل بن شملان كذبه حول الإيرادات العامة على الرغم من التنبيهات الكثيرة حول عدم مصداقية هذه الادعاءات و على الرغم من توفر البيات الكافية في الموازنات العامة المقدمة الى مجلس النواب و كذلك البيانات المتوفرة في كل اعتماد إضافي قدم الى مجلس النواب حول حجم هذه الإيرادات و مجالات صرفها. فهذه البيانات توضح حجم كل الإيرادات العامة بما فيها ايرادات النفط و فوراق الأسعار و توضح بكل شفافية المجالات التي تم إنفاقها فيها و التي تتم بموافقة ممثلي الشعب وفقا للدستور و القانون.
و اذا لم يقتنع بذلك كان عليه ان يرجع الى البيانات المالية التي دققها خبراء صندوق النقد والبنك الدولي و التي توضح حجم الإيرادات العامة و مجالات صرفها و خصوصا اذا كان يعتقد بان شهادة غير المسلم اصدق من شهادة المسلم. و اذا لم يقتنع بذلك فقد كان عليه ان يتحمل عناء التجول في المناطق اليمنية ليشاهد بأم عينيه الطرق المسفلتة و المدارس المنتشرة و المطارات و الموانئ و غيره من مشاريع البنية التحتية التي تم تميلها من هذه الإيرادات و وكان عليه ان يراجع حجم موظفي الخدمة المدنية و العسكرية التي يتم صرف كل مستحقاتهم من هذه الإيرادات. إلا اذا كان يعتقد ان هؤلاء فاسدون و يجب تسريحهم لان أي إنفاق عليهم هو إهدار للمال العام و فساد يجب محاربته.
و مما أزعجني كثيرا ما قاله الاخ فيصل بن شملان في حديثه في أول مهرجان انتخابي و الذي سأحال اقتباسه حرفيا لأنني لم اصدق ما قرأت حيث قال " أيها الإخوة الكرام حتى المانحون الذين يمنحونا ويساعدونا ويقرضونا ، قالو لنا في السنة الماضية لن نعطيكم شيئا بعد اليوم حتى تقولوا لنا أين تذهب هذه النقود وهذه المنح وهذه المساعدات ، وقالوا بعد اليوم لن نصدقكم إلا بعد ان نرى المشاريع التي تتحدثون عنها
قائمة فعلا" فمتى قال المانحون ذلك؟ و أين نذهب في العديد من المساعدات التي تم و يتم التوقيع عليها معهم حتى اليوم؟ و ماذا سيكون رد فعل المانحين على هذا الكذب المتعمد؟
فإذا كانت هذه صفات مرشح اللقاء المشترك فهل يتوقع من الشعب اليمني ان يصوت له. فإذا خدعه اللقاء المشترك بذلك فعليه ان يراجع نفسه و ان رفض ذلك فلا يلمنا إلا نفسه. فالشعب اليمني لن يصوت لمن لا يتمتع بهذه الصفات وسيصوت لمن اثبت أفعاله فبل أقواله و بما لا يدع مجالا للشك بأنه قادر على إدارة الدولة. و اذا رغبت أحزاب اللقاء المشترك بالوصول الى السلطة فقد كان عليها ان تقدم مرشحا يتمتع بقدر كبير من هذه الصفات. وبما أنها قد فشلت في ذلك في هذه المرة فعليها ان تستفيد من فشلها ذلك. و اذا ما عملت ذلك فربما يكون حظها في الفوز أفضل في المرة القادمة.
نقلاً عن صحيفة (الميثاق)