اسلام اون لاين - لبنان : الضاحية الجنوبية خلية نحل شوارع الضاحية الجنوبية تعج هذه الأيام بالمتطوعين المتلهفين لإعادة بنائها.. بعضهم يزيل الركام عن الطريق، والبعض الآخر يقوم بإنزال ما تبقى من أثاث المنازل المدمرة، في حين يتولى فريق ثالث إعداد وجبات للطعام للحضور، أو باصطحاب وسائل الإعلام والمصورين إلى أماكن معينة بالضاحية، ومنهم من بدا وكأنه في مكتب هندسي يرسم الخرائط والمربعات ويبحث عن شكل هندسي للمباني التي سيعاد ترميمها أو المباني التي ستؤسس من جديد.
وإذا كانت ضاحية بيروت الجنوبية هي بلا منازع أكثر مناطق لبنان تعرضا للدمار جراء القصف الإسرائيلي المكثف، فإنها سرعان ما تحولت بعيد وقف إطلاق النار إلى خلية نحل يعمل بها ليل نهار الآلاف من المتطوعين من أجل إزالة آثار العدوان وتمهيد الطريق أمام إعادة إعمارها.
مقر الأمانة العامة لحزب الله بالضاحية، والذي سوته بالأرض الطائرات الإسرائيلية، أقيمت بدلا منه خيمة كبيرة أصبحت بمثابة المركز الذي يدار منه العمل التطوعي ومقر لاستقبال زائري الضاحية من لبنان ومن خارجها.
حجم الدمار الهائل وغير المسبوق الذي خلفه العدوان الإسرائيلي في الأبنية والمنشآت بالضاحية، لم يخف علامات الانتصار التي كانت تبدو على ملامح مسئولي حزب الله المتواجدين بصفة مستمرة بالضاحية من أجل مباشرة عملية إعادة الإعمار، وكذلك على المتطوعين الذين بدوا وكأنهم مجموعات من خلايا النحل تعمل ليل نهار دون كلل أو ملل.
وبعد أقل من أسبوعين على وقف إطلاق النار وفقا للقرار 1701 تمكن نحو 6 آلاف متطوع من إزالة ما يقرب من نصف ركام المباني والمنشآت التي انتشرت على ضفتي الشوارع بالضاحية.
وتسابق معدات إزالة الركام الزمن لتنظيف الشوارع وفتح الطرقات التي سدت ممراتها وعطلت حركة مرور السيارات في الأيام الأولى من بدء العمل لإعادة إعمار الضاحية.
وفي حوار مع "إسلام أون لاين.نت" السبت 26-8-2006، توقع الحاج غسان درويش أحد مسئولي حزب الله عن عملية إعادة الإعمار بالضاحية أن تتراوح المدة التي ستستغرقها عملية إعادة بناء المساكن المدمرة "بين العام والعام والنصف".
وأبدى درويش تفاؤله لما تم حتى الآن من عمليات رفع الركام وفتح الطرقات وإعادة الكثير من العائدين إلى منازلهم، وأكد على أن الحزب يعمل على إيجاد سكن بديل لمن دمرت منازلهم من أهالي الضاحية، كخطوة أولى للبدء في عملية إعادة البناء.
وأضاف درويش أن "الحزب بدأ منذ اليوم الأول لوقف إطلاق النار (الإثنين 14-7-2006) في إجراء هذه العمليات؛ لأن الإجراءات البيروقراطية التي تتبعها الدولة قد تؤخر تسكين الناس، ولا نستطيع الصبر أو التفرج على معاناة كل من دعم المقاومة أو شجعها وأي فرد دمر منزله أو أجبر على النزوح القسري، لكن هذا لا يمنع من التعاون مع الدولة التي بدأت جرافاتها في العمل".
مربعات إدارية!
وأوضح أن "الحزب قام بتقسيم مناطق الضاحية إلى مربعات، ولكل مربع مسئول خاص يلجأ إليه أهل هذا المربع للبحث عن هوياتهم وما تبقى من أغراضهم وذكرياتهم، وهو يساعدهم في ذلك".
وأردف قائلا: "التأكد من هوية الذين دمرت منازلهم يكون عبر عقد التمليك، فإن لم يكن يوجد يكون عبر بطاقة الهوية، فإن لم توجد، حل محلها إيصال دفع فاتورة الكهرباء أو المياه أو التليفون، وإذا لم يوجد كل ذلك فهناك جيران يعرف بعضهم البعض الآخر، وهذا يكفي لتسكين هؤلاء الناس الذين قاوموا وأمدوا المقاومة بالطعام والشراب وصمدوا لمدة 34 يوما وبعضهم لم يترك منزله رغم القصف الجوي".
حسن فخر الدين شاب في الخامسة والعشرين من عمره، يقول إنه صانع أحذية، ولكن هذه المهنة باتت اليوم من باب الرفاهية، وأنه قد تطوع لفترة غير محدودة للمشاركة في عمليات إخلاء المنازل وجمع الركام، وأنه وزملاءه من المتطوعين يعملون لمدة تزيد عن 10 ساعات في اليوم وأنهم تمكنوا حتى الآن من إزالة 50% من ركام المباني المدمرة.
وهكذا لا صوت يعلو اليوم في الضاحية على ضجيج الأوناش وماكينات الرفع وسيارات النقل الثقيل وجرافات كلها تحولت إلى طاقة مدهشة لإزالة مخلفات الدمار.
ولم يخل هذا المشهد من ملامح الاحتفاء بالنصر؛ فأصوات المكبرات الصوتية أمام بعض المحلات القليلة التي فتحت أبوابها مرة أخرى ملأت المكان بالأغاني الوطنية والحماسية وبخطابات الأمين العام الأمين لحزب الله حسن نصر الله.
وبينما كان البعض يجمع الخردة وما تبقى من أخشاب أو حديد أو غيره، كانت محلات أخرى تبيع العلم اللبناني وعلم حزب الله، وانتشرت ملصقات و"تي شيرتات" طبعت عليها صورة نصر الله.
وبسؤالها عن انتشار هذه الصور، ذكرت إحدى الموظفات بمعرض الهادي الذي لم يصبه الدور في القصف الجوي الإسرائيلي أن إحدى الصناعات الجديدة التي عادت للازدهار ويعمل بها بعض شباب الضاحية هي ملصقات نصر الله وشرائط الكاسيت التي تحتوي على كلماته وخطبه خلال الحرب أو على أناشيد تتغنى بالمقاومة وبالنصر.
وأضافت أن مبيعات الأسطوانات المدمجة وشرائط الكاسيت وكل شيء يعبر عن انتصار المقاومة في ازدياد دائم، وإن لم تقدر حجم هذه المبيعات.
ووفقا لدرويش، فقد بلغ عدد المتطوعين في هذه المرحلة من إعادة الإعمار نحو 6 آلاف فرد بينهم مهندسون وجامعيون وعمال وأرباب مهن حرة، وأن كثيرا منهم قدم من بيروت أو من مناطق أخرى، وليسوا كلهم من سكان الضاحية الجنوبية.
حجم الدمار
وعن حجم الخسائر والأضرار، يقول درويش إنه قد تم رصد حجم الدمار مبدئيا، ووجد أن هناك 198 مبنى بالضاحية قد دمرت كليا، و192 دمرت جزئيا.
وأردف قائلا: "الضاحية كان يقطنها قبل العدوان 100 ألف نسمة تم تدمير 12 ألف وحدة سكنية جزئيا كان يقطن بها خُمس هؤلاء أي 20 ألف شخص، بينما تم تدمير 8000 وحدة سكنية كليا هذا غير ما تم تدميره لمنشآت خاصة بالحزب تقدر بنحو 100 منشأة".
|