الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:24 ص
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الثلاثاء, 29-أغسطس-2006
المؤتمر نت - مرشح اللقاء المشترك بن شملان بقلم / طاهر شمسان -
ملاحظات على برنامج أحزاب اللقاء المشترك للانتخابات الرئاسية
يثير البرنامج الانتخابي للأستاذ القدير فيصل بن شملان الكثير من الملاحظات الجوهرية نكتفي بالتطرق إلى بعضها فيما يلي:
1- لا يقوم هذا البرنامج على التراكم النوعي لخصائص النظام السياسي القائم وهياكله، وإنما يخرج عليه وينفصل عنه بنظام برلماني متدرج والأخذ بالقائمة النسبية التي تجعل الاختيار الفعلي للمرشحين بيد الأحزاب لا بيد الناخبين وتؤدي إلى كثرة الأحزاب وتعددها مما يصعب قيام أغلبية برلمانية منسجمة، وبالتالي يؤدي إلى عدم الاستقرار الحكومي في مجتمع انتقالي لم ينجز بعد عملية التحول من التقليدية إلى الحداثة.
فهل تحتمل اليمن الاضطرابات والسقوط الدوري للحكومات لمجرد أن نظام القائمة النسبية يفرض تبدلات دورية للبرامج والخطط ويجعل التحالفات مع الأحزاب الصغيرة عنصر عدم استقرار دائم للمنظومة السياسية؟ صحيح أن هذا النظام يتيح تمثيلاً أوسع للأحزاب الصغيرة في البرلمان، ويحفظ لها برامجها الخاصة، لكنه يشل إرادة الحكومات ويحرمها من الاستقرار طويل الأجل خاصة وأن خارطة القوى السياسية في اليمن تشير إلى أن فوز أي حزب بأغلبية مطلقة أمر مشكوك فيه، لأن نظام القائمة النسبية يحتاج إلى بنية اقتصادية متينة وهياكل سياسية ومؤسسية راسخة كألمانيا وإسرائيل، إلا إذا كان هذا الحزب يبيت النية لكبح عملية التحول من التقليد إلى الحداثة، متكئاً على ارتفاع نسبة الأمية وتدني مستوى الوعي في مجتمع لا يزال إطاره العام قبلياً في المقام الأول.
إن الأخذ بنظام القائمة النسبية في ظروف اليمن الراهنة لا يصب في مصلحة الناخب وإنما لمصلحة الأحزاب الصغيرة التي تريد أن تحقق تمثيلاً على حساب استقرار البنية السياسية الهشة التي لدينا، وعليه فإن تجربة اليمن الراهنة تحتاج إلى مراكمة شروط إنضاجها، وإلى تطوير من داخلها لا إلى تغيير.
تأسيساً على ما سبق نصل إلى أن برنامج الأستاذ فيصل بن شملان لا يخدم نسق التطور نحو الحداثة الذي بدأ يتبلور خلال الستة عشر عاماً الماضية، ولا يوفر نظاماً سياسياً مستقراً يتجه بأمان نحو المستقبل، وإنما يخلق أطراً تسمح للماضي أن يعيد إنتاج نفسه.
2- غابت عن برنامج الأستاذ فيصل بن شملان الرؤى الحديثة وطغت فيه النزعة الأيديولوجية للحزب القائد للمعارضة، وهذا يلاحظ فيما يلي:
- تجاهل الإشارة إلى أن اليمن يواجه أعقد مشكلة اجتماعية تستنزف طاقته البشرية وسلمه الاجتماعي، وتتمثل في ظاهرة الثأر.. هذه القضية مسكوت عنها في البرنامج رغم أن التجمع اليمني للإصلاح بنى تواجده في العديد من المناطق الحدودية سابقاً والمناطق القبلية بين القوى المتمايزة والمتناحرة على أسس ثأرية.
- سكت البرنامج عن ظاهرة حيازة وحمل السلاح والاتجار به، مع أن هذه واحدة من القضايا الجوهرية التي تميز سعي أي حزب لبناء دولة مدنية.. فهل يعني هذا السكوت أن الحزب الذي يقود أحزاب المعارضة يهادن سلاحه؟ وهل تقبل الأحزاب المؤتلفة مع حزب الإصلاح في اللقاء المشترك أن يقال عنها إنها تغض الطرف عن تبني نهج التسلح خارج القانون؟ ومهما يكن من أمر فإن السكوت عن هذه الظاهرة لا يندرج ضمن إستراتيجية الدولة وإنما إلى إضعافها.
- سكت البرنامج عن ظاهرة الإرهاب، مع أن العالم يشهد حرباً شعواء وضعت العالم العربي والإسلامي في خانة الاتهام وعرضت بعض دوله لإجراءات اقتصادية وأمنية وسياسية أثرت على استقرارها، والملفت للانتباه أن البرنامج الذي تجاهل الإشارة إلى الإرهاب تبنى في مجال التعليم نزعة أيديولوجية تقتبس من القاموس الأصولي مفردة تحصين الطلاب مما يسميه الاختراقات.
- فيما يتعلق بالموقف من المرأة بدا البرنامج منسقاً مع موقف التجمع اليمني للإصلاح منها في الواقع (الانتخابات المحلية كمثال). وهذا يشير إلى أن الرئيس القادم من صفوف المعارضة لن يقدم شيئاً رغم اقتباسه ومجاراته الشكلية للخطاب الذي ينتجه الحزب الحاكم بشأن المرأة.
- أشار البرنامج أكثر من مرة إلى قضية الحريات لكنها بدت ملتبسة وغامضة، فلم تذكر المواثيق الدولية لحقوق الإنسان إلا مرة واحدة حين تعهد الأستاذ بن شملان بالسعي لجعلها إلزامية للدول التي تستضيف المهاجرين اليمنيين، لكنه لا يعترف بضرورتها ولا يلتزم بها وطنياً. فهل يعني هذا أنه سيعطل التزام اليمن بتنفيذها؟.. وعلى عكس برنامج الأستاذ بن شملان، نرى أن برنامج الرئيس صالح في هذه الجزئية واضح الالتزام؛ حيث ذهب إلى حد إدماج مبادئ حقوق الإنسان في التعليم. . ومن هنا تبدو فكرة القبول بقيم العصر عنصر تميز واضح لصالح برنامج الرئيس صالح.
- لم يشر برنامج بن شملان إلى مؤسسات المجتمع المدني إلا كضحايا، لكنه لا يبني معها شراكة كما فعل برنامج الرئيس صالح.
- لم يشر برنامج الأستاذ بن شملان إلى تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية (موقف أيديولوجي).
- تجاهل البرنامج تماماً السياحة والآثار (موقف أيديولوجي).
3- في السياسة الخارجية ركز البرنامج على علاقة اليمن بالمحيط العربي والإسلامي وأغفل المحيط الدولي، وكأنه بدولة منكفئة على نفسها، وللتذكير: كابول عزلت نفسها عن العالم، لكن العالم جاء إليها وفك عزلتها قسراً.
4- مثلما يفتقر البرنامج إلى الشمول يفتقر إلى الوضوح أيضاً، فهو يجاهر بالدعوة إلى التغيير، لكنه يقع في المراوحة والثبات من خلال الرغبة في تغيير المغير، ويمكن الاستدلال على ذلك من الأمثلة التالية:
- وعد أنه سيزيل آثار حرب 1994م.. لكنه لم يبين كيف سيزيلها.. هل سيفتح ملف الحرب؟ هل سيدين الحرب؟ هل سيصحح مسار الوحدة؟ هل سيعيد النظر بالوحدة؟. البرنامج كتب للعامة لكنه يحتفظ بتفسيرات الجمل الاستفهامية السابقة في مداها ونطاقها.
- قال إنه سيعيد الاعتبار لضحايا أحداث (لم يقل انقلاب) 1978م.. كيف سيتعامل مع هذه القضية؟ هل سيعيد الاعتبار للأشخاص الذين نفذوا الانقلاب أم للثقافة الإنقلابية؟ هل ينوي أن يضع الرئيس صالح في قفص الاتهام؟ هل يقول للناخبين أنه سيصبح رئيساً ليثأر من علي عبدالله صالح الذي أحبط الانقلاب؟ ألم يقل الأستاذ بن شملان: (وبهذا نكون أول جيل في تاريخ اليمن المعاصر تتهيأ له الظروف لممارسة حق اختيار من يرتضيه رئيساً للبلاد؟ من وفر له هذا الحق؟ أليس هو الرئيس الذي جرى الانقلاب عليه بعد بضعة أشهر من تسلمه للسلطة؟ إذا كنا أول جيل في تاريخ اليمن المعاصر تتاح لنا فرصة ممارسة حق اختيار الرئيس، فلماذا يصف النظام الذي هيأ لنا ذلك بالاستبداد والاستماتة في التمسك بالسلطة؟
- إذا البرنامج لا يتجه إلى المستقبل، بل إلى الماضي إنه يعيد إنتاج الصراعات وسوف يعيد تفصيل الوحدة الوطنية على مقاس أطراف اللقاء المشترك (إن لم يكن على مقاس طرف واحد فيه)، بعد أن أصبحت ملكاً لكل اليمنيين الذين صار بمقدورهم الآن أن ينظموا أنفسهم سلمياً من أجل قضاياهم المستقبلية وينتصروا فيها.
وإجمالاً يتجه برنامج الأستاذ بن شملان لخدمة أحزاب المعارضة في أحسن الأحوال، أما الوعود التي وزعها على الناخبين فهي عبارة عن رشى مقابل قبولهم ببرنامج سيغير علاقتهم بالوطن وبالحداثة وبالعالم.

* ورقة مقدمة إلى ندوة (الانتخابات الرئاسية الثانية ومستقبل التطور السياسي والديمقراطي في اليمن)





أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر