كتب : عباس الضالعي -
شغل الجندي المشترك ففاز المؤتمر.. قراءة في مشكلات المعارضة
الأخ والزميل نبيل الصوفي صحفي موهوب وينتزع احترامه من الجميع دون ترهيب أو ترغيب قادته الأيام إلى أن يكون مستقل مهنيا (حسب الظاهر) ولكنه يظل قريبا بصورة مباشرة أو غير مباشرة من دوائر عدة أو شخصيات داخل الإصلاح الذي قضى وقتا من عمره، وخلال فترة وجوده في الحزب كان نبيلا في رأيه وعمله وأدائه وعلى الأخص عمله في صحيفة الصحوة التي كان رئيسا لتحريرها، وللحق والأمانة أنه الشخص والصحفي الوحيد الذي كان يمثل نقطة الإجماع الذي تلتقي عنده معاني الرجل الإعلامي بالنسبة للإصلاح، وللتذكير فإنه حوًل صحيفة الصحوة من صحيفة حائطية كادت أن تغرق في الترويج للمقويات الجنسية التي وصلت عدد الإعلانات في أحد أعدادها إلى أكثر من سبعة وعشرين إعلان جميعها تدور حول أسرار خلطة الحريو وليلة خميس! ومعجزات خلطة ليلة عرس وعشرات المسميات التي نسيتها والتي كانت لا تمتع القراء لكن للأمانة أنها عملت على نشر الوعي الثقافي عند المصابين بالبرود الجنسي وأستفاد منها أصحاب مصانع الأدوية في عملية قياس قدرة وحجم السوق للمقويات الجنسية الذي عملوا على إحلال منتجاتهم الموجودة في السوق، فهذا عمل يجب أن لا ننكره لصحيفة الصحوة (...........).
ورغم من كل ما حققته صحيفة الصحوة التي تناولها عدد من المثقفين والمتثقفين من خارج حزب الإصلاح، مما جعلها صحيفة تواكب حجم الحزب فإن هذا لم يرق للنافذين من أصحاب (الدقة القديمة) التي لا تؤمن بالتطور والتي لا تملك رؤى وأبعاد سياسية، وربما أن الأخ نبيل قد نال منهم عدد من الأوصاف والنعوت والمسميات أدناها عميل لأمريكا وأعلاها مارق! ! وهذا ليس غريبا ولا مستبعدا من تلك الشخصيات!!
وليس نبيل هو الأول ولا الأخير الذي ناله هذا، فقد سبقه عدد من الإعلاميين داخل الإصلاح وقبل أن يوجد الإصلاح على سبيل الذكر الصحفي عبد الله هاشم السياني والصحفي محمد المقالح والصحفي والكاتب الدكتور فارس السقاف والصحفي والمحلل المعروف الأستاذ نصر طه مصطفى، الذين تربوا وقدموا خدمات إذا حسبت خارج المفهوم الإصلاحي فإنها تساوي عمل نصف دوائر تجمع الإصلاح. خاصة الجهود والتحليلات والرؤى التي كان يقدمها الأستاذ نصر، فجميعهم خرجوا وتخلوا عن الإصلاح وعن العمل الإعلامي الحزبي، وهذه خسارة كبيرة للإصلاح خاصة إذا أراد أن نصنفه حزب سياسي، وخسارة مثل هذه الثروة!! إنهم بالفعل ثروة لمن يعي معنى القدرات البشرية.
(....) لأنهم نماذج وعقول كبيرة (....) والإصلاح اليوم إذا تناولناه كحزب سياسي وبحجمه الذي هو عليه اليوم فإنه جمهور كبير من المصفقين ومعلقي اليافطات والأوراق الجداريه تقوده شخصيات من خلال دوائر ضيقة ومغلقة وتسيطر عليه الطاعة للأمير، والثقة المطلقة لنفر قليل!!!
ما سبق وهو عبارة عن تقديم نموذج بسيط للعلاقة الداخلية للإصلاح والتي هي واحدة من أركان موضوعنا..
والآن ندخل في صلب الموضوع وهو إضافات لتحليل الزميل نبيل الصوفي عن انتصار المؤتمر وفوز المشترك.. لماذا؟والذي كان –من وجهة نظري– من أفضل التحليلات المحايدة أو على الأقل من كتاب لهم رجل في المعارضة ورجل خارجها! والأخ نبيل واحدا من هؤلاء وقد كان ظاهرا في مقاله بعض العواطف والمشاعر التي منبتها إصلاحي وخاصة حين وصف فوز المؤتمر بأنه –المؤتمر– يريد أن يحصل على نسبة تأييد أعلى من نسبة من يعبدون الله من خلقه، وهذه بحسب معرفتي بالأخ نبيل أنه رأي لا ينم عن قناعة، وفي الأخير له عذر في هذا فهو وليد عهد بهم وقريب من شخصيات منهم، لكنه في المقابل شخص بعض جوانب الخلل والهفوات والثغرات التي لحقت بأحزاب المشترك في الانتخابات الرئاسية والمحلية التي أجريت في العشرين من سبتمبر الماضي، وأنا هنا سأتناول بعض الإضافات التي قد تكمل الصورة والتي ربما الأخ نبيل غضً الطرف عنها عنوة أو حرج أو رحمة بحالهم. وفي الأخير ما هي الاً وجهة نظر لا نريد من خلالها جرح أحد أو المزايدة على أحد، وسنسرد هنا بعض أسباب النصر للمؤتمر ونركز أكثر على أسباب هزيمة المشترك، وإذا تحدثنا هنا على المشترك فإن التركيز سيكون على حزب الإصلاح الذي كان مسيطرا على تنظيم وتنفيذ سياسة المشترك خلال فترة الحملة الانتخابية.
المؤتمر أحترم مشاعر المواطن فبادله الاحترام
ليس بوسعنا هنا أن نسرد أو نبيًن صفات المؤتمر الشعبي العام ونتناول مكانته وخبرته ومدى ارتباطه بالوطن وقضاياه، ويكفي أن نذكًر فقط أن المؤتمر الشعبي العام حزب يمني النشأة والهوية والمنهج وأنه الحزب الذي أتاح لأي مواطن يمني!! مهما كانت تصنيفاته الاجتماعية والسياسية والثقافية أن يلتحق به وأنه الحزب الذي يمثل مظلًة لأي يمني، إضافة إلى مرونة منهجيته ووضوح رؤيته وهو كذلك الحزب الذي يتعايش داخله عدد من التباينات والآراء، من أعضائه والجميع يعلم أن بعض الأعضاء وخاصة من القيادات تهاجم المؤتمر وسياساته حتى تصل درجة هجومهم أكثر من أفصح خطيب داخل الإصلاح وخارجه، كما أنه –المؤتمر– لا توجد بداخله دوائر مخفية للمحاسبة وإصدار العقوبات، فهو حزب قائم على الشفافية والوضوح وخالي تماما من العُقد التنظيمية.
وعلى هذه الصفات التي ينفرد بها المؤتمر الشعبي العام جاءت سياسته الإعلامية وخطابه للشعب، فخطابه كان منطقيا وواقعيا ومستندا إلى تاريخ ومنجزات ومواقف ملموسة عايشها الناس أولا بأول، وقدًم نموذجا رائعا لممارسة الدعاية الانتخابية، وهذا ليس مستغربا من المؤتمر لأنه الحزب الذي ينزل عند أخطائه وهو الحزب الذي يستفيد من كل صغيرة وكبيرة سلبا أو إيجابا وهذا دليل على مدى المرونة التي يتمتع بها كحزب وكهيئات حزبية وكأعضاء وهذا ما تفتقد إليه جميع الأحزاب اليمنية بمختلف أيدلوجيتها وتصنيفاتها، فالمؤتمر خاطب الناخبين كشعب وليس أعضاء في المؤتمر وقدم نفسه من خلال زعيمه ومرشحه فخامة الأخ رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح على شكل حزب للشعب وليس حزب لفئة أو نخبة معينة، قدم نفسه من خلال منجزاته فقال لهم على لسان مرشحه هذه هي المنجزات، هذه هي التنمية، هذا هو الطريق، هذا هو المستشفى، هذه هي المدرسة، هذه هي السدود، هذه هي الجامعات، هذه هي حرية الصحافة والرأي، هذه هي حرية الممارسة من خلال مؤسسات المجتمع المدني وحرية إنشائها، هذا هو الأمن والاستقرار، هذا هو الاقتصاد، هذه هي الرؤية للالتحاق بالعالم، هذا هو الفارق بين خمسة عشر سنة واليوم.
وعلى العكس من خطاب المشترك الذي هي سياسة إصلاحية نطق بها المغرر به فيصل بن شملان الذي فضل لنفسه لبس نظارة سوداء معتمة عممه بها الإصلاح وقادته عصى حميد الأحمر، وكان جليا وواضحا الفرق الشاسع بين الترتيب والتنسيق الذي ظهرت به حملة المؤتمر الشعبي العام الذي كانت موضوعة على قدر عالي من الذكاء، والإرباك الواضح لحملة أحزاب المشترك من السباق على من يقوم بهذا ومن يتولى هذا وخاصة التسابق غير المدروس لقيادات الإصلاح في المحافظات والتي كان تعدها بقية أحزاب المشترك تجاوزات محسوبة على الإصلاح.
خطأ التوليفة:
من الأخطاء التي لم تكون مدروسة التي تجاهلها المشتركون وهي أن اجتماعهم واتفاقهم على أن يخوضوا الانتخابات تحت مسمى واحد، وهذا الخلط الذي كان بمثابة خليط!! بكل معانيه لم يترك للقواعد والأنصار لتلك الأحزاب أن تبدي رأيها، الخطأ الأكبر من هذا أنهم اعتمدوا على تقارير صاغها الأشخاص الذين قاموا بعمل التوليفة وأقنعوا أنفسهم بها وبصوابيتها، وخططوا نموذج حملتهم وخطابهم السياسي والإعلامي الذي كان يدور كله حول شخص الرئيس صالح ونكران منجزاته جملة وتفصيلا.
سوء الاختيار والهروب سلفا
كان لاختيار شخصية بن شملان كمرشح يريد أن يكون الرجل الأول في البلد لها دورها في تطوير عامل الثقة من عدمه، فالتنافس هو تنافس على مقعد رئاسة الجمهورية وليس على نقابة المعلمين، فالمواصفات التي تتوفر في شخص يريد أن يعتلي كرسي الرئاسة لا تكفينا أنه يوصف بالنزاهة، فهذه لا تكفي لأنه سيتسلم أمور دولة وليس مقصف في مدرسة، أم أن الإصلاح وبقية أحزاب المشترك كانوا فعلا يريدون شخصا (..) يقوموا بكل شيء من ورائه ويستحوذوا على الوطن وثرواته وهذا هو المفهوم الذي كان واضحا للأغلبية من الشعب، فالرجل عجز عن إصلاح أي خلل في وزارة النفط حين تولاها فكيف له أن يصلح مسار شعب غارق في الفساد والجميع فيه فاسدون على حد قوله.
إنها الخديعة التي كان ينتظرها الشعب –لا سمح الله- أم أن بن شملان يريد من رئيس الجمهورية أن يعين وزيرا أو مسئولا وعليه –الرئيس– أن يحظر بجانبه يعلمه ماذا يعمل، هذه هي مفهومه للمنصب الوزاري، الوظيفة العليا هي وظيفة سيادية والذي لا يستطيع أن يحدث فيها شيئا لا يستطيع أن يفعل شيئا في أكبر منها، فهل يفهم أحبار وخبراء المشترك وبن شملان فالاختيار كان غير موفق وكانت نتائجه عليهم عكسية وعلى الشعب في غاية الدقة والتوفيق.
الحرية الداخلية للأحزاب: فاقد الشيء لا يعطيه
من أخطاء التوليفة القاصرة أن مفكروا أحزاب المشترك استبعدوا المشاعر المحتقنة لدى قواعدهم والكبت التنظيمي الذي يسيطر على مفاصل أحزاب المشترك وعدم وجود قابلية للآراء ووجهات النظر والتباينات من خارج الأطر القيادية التي يمسك بها شخصيات قليلة من القيادات، وهذا على العكس في المؤتمر الشعبي العام الذي عمل حسابه على استيعاب كل الآراء ووجهات النظر وكانت واحدة من النقاط التي قدمته للشعب كحزب قوي ومتماسك، فكان يقضي قيادته معظم وقتهم للتخطيط والتنفيذ وليس اجتماعات للمحاسبة وحل الخلافات الداخلية بين قياديي أحزاب المشترك في المحافظات وبينهم وبين بن شملان الذي كان مرفوضا من قيادات كبيرة إصلاحية وقيادات كبيرة من الاشتراكي.
مطلوب سياسيين لا خطباء
المؤتمر تعامل مع العملية الانتخابية بكل مصداقية وبكل جدارة وبكل ثقة فكانت جميع قياداته في الميدان بينما قيادات المشترك مهتمة بلبس بن شملان وإزالة تجاعيد وجهه ولون شعره، وما هي الكيفية التي سيظهر بها على التلفزيون، وما هو الجزء الذي يحذف، وما هو الجزء الذي يذاع، وشكلت طريقة ظهور بن شملان على الشاشة مساحة كبيرة استهلكت وقتا كبيرا للقيادات ، في حين أن القانون وتوجيهات فخامة رئيس الجمهورية قد كفلت لهم المساواة ببث مهرجانات بن شملان ، لكنهم فضلوا أن يستمروا في تقديم أنفسهم كخطباء مفوهين غارقين في اللفظيات وبعيدين عن فنون وأساليب السياسة .
قذف الشعب بالفساد: حينما تأكل القطة صغارها
لا أدري من الذي أوعز للمخططين للخطاب الإعلامي للمرشح المشترك بن شملان، يبادر لي ولغيري أن صاحب الفكرة يجب أن يصنف داخل المشترك إما لئيم وإما قاصر وبالمعنى الإصلاحي متآمر ومدسوس، فكيف لهم أن اتخذوا قرارا جماعيا أن توصف الحياة العامة بالفساد وشملت كل شيء حتى الهواء الذي نستنشقه فالمؤسسات فاسدة ورجالها فاسدون وموظفيها فاسدون وتشريعاتها فاسدة ومخرجاتها فاسدة وأن كل شيء في اليمن فاسد، حتى أظهروا البلد بمظهر لا يليق بقطيع من الحيوانات وتجاوزوا وتمادوا، ونسوا أن من يحظرون مهرجانات بن شملان ومن يقفون على يمينه وشماله هم منتمين وعاملين وقيادات في كثير من وحدات الجهاز الإداري للدولة.
لقد جرح فخطابهم بالدرجة الأولى قواعدهم ومناصريهم وأساء لجماهير الشعب على مختلف فئاته، فكان خطابهم ينطلق من منطلقات حزبية يخاطب أعضاء المشترك فقط، وتجاهلوا بل عجزوا على تقديم مرشحهم كمرشح لليمن، بل قدموه كمرشح إصلاحي بإختيار حميد الأحمر في أغلب المناطق ومرشح فئوي في مناطق أخرى، وهنا تنبهت الجماهير وأنصارهم إلى عدم وجود رؤية واضحة للمسك بزمام أمور البلد إذا فاز بن شملان – لا سمح الله - وصدق تنبؤ فخامة الأخ رئيس الجمهورية مرشح المؤتمر الشعبي العام الذي قال إنهم يريدون السيطرة على الوزارات الإستراتيجية وأنهم يسعون لتقاسم مفاصل الدولة وأن بن شملان تقف وراءه إحدى عشر شخصية ناقمة وحاقدة على الوطن ، فعلا لقد قدموا أنفسهم للشعب على هذه الصورة ،
في حين أنهم لم يدركوا الخطاب الذي قدمه المؤتمر على لسان مرشحة باعترافه بالفساد وبأنه آفة يجب القضاء عليها ونسوا أنه من الطبيعي أن يوجد فساد وفاسدون وفي المقابل يوجد شرفاء وأشخاص نظيفين ومشهود لهم وهؤلاء هم الأغلبية ، وزاد المشترك من خروج مؤيديه وإنتقالهم إلى الطرف الآخر ، لأنهم أعلنوا النتيجة مسبقا التي سينالها الشعب وأبنائه العاملين في جهاز الدولة ووحداتها وخيل لهم أنه سيتم تسليم أمور وحدات الدولة إلى مجموعة حميد الأحمر وتكون ضمن حصته وتعويضا لخسارته المالية التي لحقت به نتيجة تحمله وتكفله بميزانية بن شملان الدعائية،
سيطرة الإصلاح : كل يتربص بالآخر:
كان واضحا التسابق والحشد الجماهيري أن الشمس كانت مسيطرة وأن الإصلاح يستحوذ على نصيب الأسد وهو – الإصلاح – أخترق الإتفاقات وخرج عن الخطط وتجاوز عن أدبيات الاتفاق وأظهر لباقي مشاركيه في اللقاء أنه هو الوحيد فحدثت مشادات وتوترات وإستقالات جماعية ، وهذه هي الحقيقة التي غابت عنهم جميعا أن قلوبهم شتى وكان عنوانهم ( قلبي مع علي وسيفي مع معاوية ) فكان الحضور للمرشح بن شملان والصوت لمرشح الإجماع ،
نماذج للتخلف في موطن التميز:
قدم المشترك نفسه على أنه يقوم بحملة تخدم أشخاصا فقط لا تربطها بالوطن أي صلة وأن الحشد الجماهيري الذي تم في تعز لمرشح المشترك، صحيح كان كبيرا لكن معظمهم من أنصار وأعضاء المؤتمر، وبما أنهم في تعز ويخاطبون أبنا تعز، أرتكب المشترك خطيئة كبيرة في حقه وفي مشروعة وبرهن عكس ما يقول فتعز لها خصوصيتها الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية، فنصيب تعز من الوظيفة العامة الأكبر ونصيبها من نسبة المتعلمين والمثقفين هي الأكبر ونصيبها من الحركة الاقتصادية من خلال التجارة والاغتراب هي الأكبر، فكيف بهم يقدمون لها شخصا يخاطبهم وهم يعتبرونه أنه رمزا من رموز النفوذ وصاحب ثروة نافسهم في مصالحهم وأرزاقهم إنه حميد الأحمر الشيخ ورجل الأعمال والنافذ بلا حدود، وغلطة أخرى أن يوعز إلى الصحفية المتمردة رشيدة بحرق واحد من أغطية رأسها وهذا ما لم تتعود عليه تعز وأبنائها وهم الذين يفضلون آليات حضارية وقوانين وأنظمة، فخاطبوا تعز على عكس ما هي عليه فأعطتهم الدرس عمليا.
وندرك الحس والذكاء عند مخططي حملة المؤتمر فقدم مرشح المؤتمر نفسه كرجل عصري وخاطبهم بالمفهوم الذي يحترم مشاعرهم ويعطيهم حقهم، فكان وفيا معهم ومؤدبا.
خطاب فوقي نخبوي غافل عن الهموم:
لم يدرك المشتركون وخطابهم الإعلامي والجماهيري أن المواطن البسيط لا يهمه أن يكون على رأس هذه الدولة فلان من الناس بمواصفات معينة ولا يهمه محاسبة فلان أو علان ، يهمه ان يلقى من يستجيب لهمومه وحاجياته وخدماته فهو ينظر لهؤلاء من خلال المدرسة والمستشفى والطريق والكهرباء والماء والرعاية الإجتماعية وغيرها من الأشياء الملموسة والقريبة منه، وهذا ما كان غائبا عن المشترك فخطابهم كان كله ضد كل شيء وكان موجها بانتقائية شديدة لأعضاء مخصوصين من المشترك وليس جميعهم.
وعلى الجهة الأخرى كان المؤتمر وخطابه مع البسطاء ومشاكلهم ويتفقد أحوالهم وخاصة حين كان مرشحهم يحاول أن يكون واحدا من الجماهير ومن العامة بينما شملان أظهر لنا أنه مادة !! أتت أو جيء بها من كوكب آخر كان متعالي جدا ويحب الظهور مثل واحد من الحاخامات التي لها الطاعة المطلقة،
مغالطات ومبررات واهية
أعتمد خطاب بن شملان وإعلام المشترك على المغالطات ونكران كل شيء وتجاهل أي معاني سامية وأي إيجابية لهذا البلد وحولونا إلى علوج !! وإمعات !! وكأن الشعب ما هو إلا خلية من خلاياهم الحزبية ، وأظهروا لنا شخصيات سياسية أسموها علماء الأمة وهم من الأمة بعيدين ، مدحوا في بن شملان وجعلوا من مكارمه ومعجزاته.
صلابة المؤتمر أمام الشعب وصلابتهم أمام الجندي :
المؤتمر الشعبي العام كان مسخر كل أفعاله وتحركاته لكسب ثقة الناخب والمشترك وقياداته مشغولة بالأستاذ عبده الجندي عضو اللجنة العليا للانتخابات الذي دوخ المشترك وجعلهم في دوامة، وكأن الانتخابات متوقفة عند مايفعله الجندي فله كل التحية على سعة صدره وصلابته أمام هجومهم الذي وصل في بعض وسائل إعلامهم إلى الحدود الغير أخلاقية.
سوء التصرف
وحين وصلوا بخطابهم أعلى درجات التشنج أثمر الخطاب محاولات لتفجيرات المنشآت النفطية في مأرب وحضرموت. وكان توقيتا حساسا وخطيرا، لأن الجهالة في خطابهم وتركيزهم على النفط لفت الأنظار الى الجهات التي تريد أن تفعل شيئا، وقد أظهروا أنفسهم من خلال اهتمامهم بالنفط كمورد هام أعطوا إشارات للاستيلاء عليه، وأن الأفراط في النقد والتجريح زاد عن حدود العقل والمنطق.
هل يستفيدوا من الدرس
والآن وبعد أن هدأت النفوس من ضجيج وحمى المنافسة وتلبية للدعوة التي وجهها فخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح لأحزاب المشترك والمعارضة أن يفتحوا صفحة جديدة مع الوطن ، وعلينا أن نقول لهم أن يفتحوا صفحات مع أنفسهم ويراجعوا خطابهم وأن يعلنوا حسن النوايا مع قواعدهم وأن يعملوا على تعبئتهم تعبئة راشدة بعيدة عن التعالي والغطرسة ومغالطة النفس ، وأن يستلهموا الدرس من المرحلة التي مضت ، وأن يعيدوا حسابات التحالف الذي يظهر عليه الآن أنه أشبه بزواج المتعة بين قيادات المشترك أما القواعد فهي على طلاق بائن لا رجعة فيه منذ سنين طويلة ونتيجة للتعبئات المتراكمة .
وما نلمسه اليوم أنهم لا زالوا نائمين ولم يعلنوا أي بوادر للمصالحة والمراجعة وطلب المسامحة من عموم الشعب الذي حولوا حياته إلى فساد كامل ، وقد كان سباقا – كما هي عادته – فخامة الأخ الرئيس أن أعلن من طرفة السماح وفتح صفحة جديدة على الرغم من الخطاب الإنقلابي والخطوات والأدوار الشيبة بأدوار أحمد الشلبي في العراق.
وأخيرا : تحية لكل وطني وكل صادق
ما من شك في أن خوض التجربة بالطريقة التي تمت أنها كانت جزءا من الحرية للممارسة الكاملة للديمقراطية التي تنكر لها خطاب المشترك والتي تفتقد إليها في أعمالها الداخلية وأسلوب إدارتها لأحزابها .
ولكن في الأخير ندرك أن العملية كلما تكررت بهذا الطابع السلمي يجب أن يضاف إليها الطابع الأخلاقي الذي كان مفقودا وغائبا خلال الحملة الإنتخابية الأخيرة ، الذي يأمل الجميع أن تتحسن الأدوات والآليات والخطابات ومعه تتحسن الوجوه التي سنشيب وهي باقية أمامنا خاصة في أحزاب المشترك وعلى الأخص في حزب الإصلاح .
فتحية للأخ الزميل نبيل الصوفي ومن خلال موقعه المتميز.
تحية لكل وطني عمل عملا خالصا وصادقا من أجل الوطن ومن أجل اليمن ومن أجل المستقبل ، ولا أنسى هنا لأذكر الأخ نبيل أن ما جرى عليه ومن سبقه من ممارسات حزبية ظالمة ما هي الاً نماذج مصغرة لمفهوم إدارة الدولة التي يطمحون إليها، فإذا كانت هذه ممارساتهم على المستوى الحزبي كيف برعاياهم الذين سيختلفون معهم ويخرجون ضدهم في مظاهرات ومسيرات تنديد، كيف سيتم التعامل معهم وهم يسيطرون على أجهزة الأمن والمخابرات والدفاع، لا سمح الله إنها ستكون هناك محاسبات كبيرة عملية وسيتحول الحساب من إرهاب فكري إلى إرهاب عملي!!!
[email protected]
نقلاً عن (نيوز يمن)