منير عبده أنعم: - اليمنيون بين ثنائية الوفاء والتحدي لعلنا نتفق أن الحركة الديمقراطية في اليمن قد بلغت شأواً عظيماً في العهد اليمني الجديد، بعد أن اكتسبت فاعليتها من الحيّز الواسع الذي أُتيح لها في عهد فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، بعد أن تبنى فخامته رؤية منهجية سياسية فاعلة في هذا الشأن، لم تك بمعزل عن باقي المستويات التي تشكل البنية الكلية لنظام الحكم ولعلاقة الحاكم بالمحكوم.
ويمكن لمتتبع المشهد الديمقراطي اليوم أن يلحظ جلياً ذلك التمدد الحيوي لديمقراطية اليمن الوليدة، والذي يتنامى يوماً بعد يوم، ويشهده اليمن كعلامة فارقة ومميزة له عن باقي البلاد العربية.
وليس ذلك بغريب على شعبنا هذا الإنجاز العظيم ، فرصيده التاريخي من قديم الأجيال، ومنذ عهد سبأ، وحمير، وحتى يومنا هذا.
وعبر تلك العصور صُبغت الطبيعة اليمنية بطابع طغت عليه الحركة والوثوب على السكون والجمود، والصمود والتحدي على الخضوع والخنوع. كما تجسدت فاعلية هذه الطبيعة في أهم تشكلاتها عن اليمنيين بما وصفه إيّاهم الرسول عليه الصلاة والسلام بأن أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة، وأن الإيمان يمان، والحكمة يمانية، فكانت هذه السمات المكون الأول الذي أعطى هذا الشعب الريادة في العديد من مجالات السلوك الحضاري والاجتماعي، والاتصاف بتقبل الجديد، وهضمه وتمثله، ثم تشكيله وإخراجه بلباس يحمل صبغة يمنية متميزة، كما أن تقبل الآخر يُعد صفة بارزة في حقيقة هذا الشعب الكريم سواء على المستوى الداخلي بمختلف أطيافه، أو المستويات الخارجية بشتى ألوانها – كل ذلك في ظل ثوابته ومبادئه التي يناضل من أجلها ويدافع عنها ويتمسك بها.
ومن جهة ثانية صار العنصر اليمني بهذه السجايا عنصراً متقبلاً ومقبولاً في كثير من بلاد العالم، بل وناجحاً أيضاً، فقد ظل الإنسان اليمني مطبوعاً بالوفاء، والتحلّم بالحكمة، والتعقل في أغلب تعاملاته وتصرفاته.
ولقد كان من وفاء هذا الشعب العظيم أن جدد ثقته بقائده وزعيمه فخامة الرئيس علي عبدالله صالح، وباستحقاقه قيادة دفة البلاد في الأوضاع الراهنة، وليظل تفاؤله الكبير ببرنامج الرئيس القائد في حملته الانتخابية، ومعلقاً آماله وطموحاته المستقبلية في بناء اليمن الجديد بزعيمه وقائده، ووفائه بتحقيق تلك التطلعات وليس ذلك ببعيد على فخامته، ولا عسير على قدرته الفذة في تجاوز الصعاب كما هو معهود عنه ومشهود له.
ولا شك أن هذه الطموحات والآمال لا بد أن تصبح ملموسة على أرض الواقع، حتى تتوثق عرى المحبة والوفاء بين ثنائية الشعب وقائده، وهي من أهم الأولويات التي ينبغي على حكومتنا الرشيدة السعي من أجلها والوفاء بها حتى نتجاوز الفترة الراهنة بكل قوة ونجاح.
وأهم تلك الأولويات أولاً: استغلال المورد البشري الذي تتمتع به اليمن، كما فعلت دول كثيرة قامت باستغلال مواردها البشرية المتمثلة في "الإنسان" وحققت نجاحات كبيرة على جميع المستويات العالمية، كما هو الحال في الصين وماليزيا واليابان من قبل.. ولا يتم النجاح في استغلال الموارد البشرية أو الأيادي العاملة إلا بفتح أبواب الاستثمار داخلياً، وخارجياً في جميع المجالات الصناعية، والزراعية، والتجارية، والثروات البحرية، وأهم من ذلك كله تهيئة الأجواء والظروف الصالحة للاستثمار وتأمين المستثمرين.
وبذلك نكون قد أسسنا بشكل فعلي لأهم عوامل البناء والنهوض والتطور، ومن دون ذلك لا فائدة من رفع الرواتب على أساس هلامي وحينئذ سيكون حل المعادلة صعباً ، حيث أن:
الأساس الضعيف + رفع الرواتب = يؤدي إلى تضخم مالي + هبوط العملة المحلية أمام الخارجية + ركود اقتصادي.
وتكون المعادلة صحيحة على النحو التالي:
أساس قوي ومتين + ثبات الرواتب = يؤدي إلى فائض مالي + قوة العملة المحلية أمام الخارجية + تنمية اقتصادية واسعة.
ولعل هذا الأمر يفهمه أهل التدبير الاقتصادي أكثر منا.
أما الأساس الثاني الذي تقوم عليه سياسة البناء النهوض فهو عامل سلوكي أكد عليه فخامة الأخ الرئيس في حملته الانتخابية وسيعمل في المضي جاهداً بمشيئة الله على تحقيقه والوفاء به وهو "مكافحة الفساد والمفسدين والمتنفذين" فالبناء الصحيح والسليم يتطلب سلوكاً صحيحاً وهما عاملان متلازمان.
وأما العامل الثالث من أسس البناء والتنمية فهو عامل التربية والتعليم إلى جانب العامل الرابع المتمثل في الاهتمام بصحة هذا الجيل والحفاظ على سلامة جسمه من الأمراض، وهما عاملان مقترنان، فبناء جيل مسلح بالعلم والمعرفة الحقيقية يحتاج إلى سلامة الجسم، فـ"العقل السليم في الجسم السليم" كما قيل في الحكمة المشهورة " كما أن هذين العاملين مترابطان أيضاً مع العاملين الأول والثاني، حيث أن العنصر البشري الذي فتحت أمامه فرص العمل والبناء لا ينجح في عمله وبنائه ولا يصير فاعلاً إلا بعقله السليم وجسمه السليم، وسلوكه الحسن وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.
|