الخليج -
عيد سعيد
اليوم عيد وكل عام وأنتم وأحبابكم بخير، وكل عام وأنتم وهم أكثر سعادة وسرورا.
وأنت تستقبل هذا اليوم، حاول أن تزرع بهجته ومعانيه السامية في كل مكان توجد فيه، لكي يتحول الوطن بأسره إلى حديقة كبيرة من البهجة والخير. ابدأ في منزلك، مع زوجتك وأولادك، احتضن كل واحد منهم، وابتسم، وقل له بقلب مخلص: “كل عام وأنت بخير”. وعندما تخرج من منزلك، ارسم على شفتيك ابتسامة صادقة، وتمنى لكل من تقابله عيدا سعيدا، فالابتسامة الصادقة هي المفتاح الحقيقي لإدخال السرور إلى نفوس الآخرين، بشرط ان تكون صادقة، ونابعة من القلب.
ويقول الدكتور ديزموند موريس، العالم في السلوك الإنساني، إن الناس يملكون رادارات شديدة الحساسية في دواخلهم، يستطيعون بواسطتها التمييز بين الابتسامة الحقيقية والابتسامة الزائفة، ولذلك فإنك لن تستطيع خداعهم. وقد حاول جان بول سارتر الخداع، وطالبنا أن نقيس ابتساماتنا بالسنتيمتر: نخرج من المنزل، ونقابل الناس، ويبتسم لنا أحدهم، فنتأمل في وجهه، ونقيس ابتسامته، فإذا كان طول الابتسامة ثلاثة سنتيمترات، نبتسم له ابتسامة بنفس الطول، وإذا ابتسم أحد لنا ابتسامة طولها سنتيمتران فإننا نرد عليه بسنتيمترين ابتساماً لا أكثر ولا أقل، وكانت النتيجة ان الابتسامة تحولت على يد سارتر وأتباعه من الوجوديين إلى معادلة حسابية، ولذلك فإن هذا الفيلسوف لم يبتسم، طوال حياته، وكان يحس دائما ان هنالك ثأرا بينه وبين الناس، فقال كلمته المشهورة: “الآخرون هم الجحيم”، حتى صديقته سيمون دي بوفوار تبين انها لم تكن تحبه، وانها كانت تعتبره مضجرا.
وهارولد ماكميلان، الزعيم البريطاني الراحل، لم يكن يتردد في القفز في الهواء لكي يصنع ابتسامة صافية، نابعة من القلب، لكي يصبح أكثر قربا من قلوب الناس. فعندما جرى انتخابه رئيسا للوزراء، التقط له مصور الوزارة مجموعة من الصور لاختيار صورة رسمية من بينها، وتأمل ماكميلان الصور فوجدها جميعا باهتة، لأن الابتسامات فيها مصطنعة، ومزيفة، توحي بشخصية هشة أكثر مما توحي بشخصية متماسكة، فقال للمصور: اسمع، سأقفز في الهواء، وعندما أهبط إلى أسفل، التقط الصورة، لأن الابتسامة التي تظهر على وجهي في ذلك الحين ستكون ابتسامة حقيقية.
ويقول علماء السلوك: إن الناس يكرهون الابتسامة التي تظهر بشكل مفاجئ، وتغيب بشكل مفاجئ، لأنها ابتسامة تمثيلية، ابتسامة للكاميرا، أما الابتسامة الحقيقية، فإنها تضيء الوجه بالتدريج، وتختفي بالتدريج أيضا.
والابتسامة الحقيقية لا تصنعها الشفتان، وانما يشارك في صنعها كل جزء وكل زاوية من أجزاء وزوايا الوجه، فالعينان تشعان ببريق غريب، وملامح الوجه بأكمله تبدو أكثر إشراقا، وعندما تكون الابتسامة نابعة من القلب يشارك فيها الأنف والوجنتان، وحتى الشعر، ويكون دور الشفاه هو الأقل في ذلك.
وبعض الناس يعطون ألوانا للابتسامة، وأبعد هذه الألوان عن القلب هي الابتسامة الصفراء، والابتسامة الصفراء هي الابتسامة الزائفة، غير الحقيقية، أما الابتسامة الحقيقية فإنها لا يمكن ان تكون صفراء، وليس لها إلا لون واحد هو: لون السعادة.
وعندما ابتسمت الموناليزا، وجلست أمام ليوناردو دافنشي، لم تصنع ابتسامتها الشفتان، فقد ظلت الشفتان مغلقتين، وكانت الابتسامة هي تلك المسحة السحرية التي تغطي الوجه بأكمله، وتجعل صاحبتها قريبة إلى قلب كل من شاهدها، وحتى الآن ما زال الناس حائرين بتلك الابتسامة التي نقلها دافنشي بصدق.
وفي الماضي كانوا يقولون: ابتسم تبتسم لك الدنيا.