المؤتمرنت- د.مها النجار -
عصر اللقطاء..د.مها النجار
حينما اجتمع المال مع الجهل قدم لنا ابناْ لقيطاْ قبيحاْ اسمه التخلف.....هو الآن يجرى في كل البلدان العربية بلا استثناء والسبب يرجع إلى أن معظم أثرياء هذا العصر جمعوا أموالهم من صفقات مشبوهة وأقلهم أخطاءا جمعها من عمليات النصب والتهريب وسرقة أموال الشعوب....وأكثرهم خطايا جمعها تجار المخدرات وسماسرة السلاح
وتحول المال في أيدي الجهلاء إلى أسوأ مؤامرة شهدها الوجدان العربي في هذا العصر لتخريب كل ما هو نقى وجميل
وحينما اجتمع المال والجهل سادت هذه النماذج القبيحة التي تملأ حياتنا...وبدلاْ من أن يشارك هذا المال في توفير المناخ الراقي لظهور الفنون الجميلة شارك هذا المال في إفساد أذواق الناس وتخريب مشاعرهم .. ولهذا أنطلق المال الجاهل وراء أسواق الفن الهابط يدفع فيها بمئات الملاين
( كلمات هابطة وأصوات قبيحة...وموسيقى مريضة ..وتجارة هابطة...ولو كان الضحية هو ذوق أمة .. ووجدان شعب )
إذا إجتمع المال مع الجهل...يسقط الضمير...ويغيب العقل...وتظهر سطوة المال وهذه المعادلة أسوء ما يعرض المجتمعات الراقية للفساد فالمال في المجتمعات الراقية وسيلة لبناء إنسان أفضل
إننا ما زلنا نذكر الأغنياء الذين حافظوا على قدسية
الفن عبر العصور المختلفة في التاريخ الحديث والقديم
كان أثرياء الماضي على علم وثقافة وتربية وأخلاق
أما معظم أثرياء هذا الزمان فلا علم ولا أخلاق ولا تربية
مع عصر اللقطاء أختفي الرجل الفارس النبيل والفن الأصيل
كنا نشاهد في الأفلام القديمة سلوكيات الرجل وترفعه الذي يصل إلى مرحلة القداسة في مظهرة وكلامه ومواقفه وحتى في قسوته كان الرجل نبيلاْ في قسوته
حتى في الأفلام أفسدوها علينا...ففي السينما أرى الرجل أما
مهرباْ أو شماماْ أو انتهازياْ أو تاجر مخدرات
لم يكن غريبا وسط كل هذه المتناقضات أن يجلس نجوم الفن الراقي في بيوتهم يعانون الوحدة والحزن والألم وقد كانوا يوما سادة الفن الراقي والكلمة الرفيعة والمواقف الكريمة
بينما يتصدر لا فتات المسرحيات والأفلام الراقصون والمهرجون والأدعياء وجرعات مكثفة فى الفضائيات العربية من الرقص والتهريج والعرى والصخب المجنون
ولهذا لم يكن غريبا أمام هذه المتناقضات أن تصبح الطبقة الوسطي من المثقفين أو المهنيين في قاع المجتمع ...بينما تظفر على السطح طبقة جديدة بلا أصول ولا ثوابت ...وتفرض نفسها على المجتمع فرضا في سلوكها وفنونها واحتياجاتها
وتدفع المجتمع كله إلى أتجاه ترغب فيه
لم يكن غريباْ في هذه المتناقضات الحادة التي يشهدها عالمنا العربي اليوم أن تفقد القيم الحقيقية دورها وقيمتها
والمتناقضات تعنى أن هناك نوعاْ من الخلل أصاب الثوابت فى حياة الناس من قيم..وأخلاق..وسلوك وفكر...وبهذا الخلل تحولت الرموز العظيمة إلى مجموعة من الهياكل الأثرية التي لا تتجاوز في تأثيرها حدود الذكرى وإذا كان من الممكن على الإنسان الفرد أن يعيش على الذكرى فهي لا يمكن أن تكون زاداْ لمسيرة مجتمع أو حركة أمة