الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:31 ص
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الإثنين, 13-أكتوبر-2003
تحليل -ياسر البابلي -
(التطرف والتكفير .. بقلم محترفهما الشهير)(الحلقة التاسعة)

في الحلقة السابقة توقفنا عند عبارة (الفساد في الإعلام) التي وردت في إفادة (ميمون مجاهد الحداد)- المعتقل على ذمة قضية اغتيال جار الله عمر- وهو يتحدث عن الأفكار التي كان يحملها علي جار الله (القاتل) ويِّروج لمشاريعه الإجرامية على أساسها.
وكما ذكرنا في الحلقة الثامنة أن ناصر أحمد يحيى – مؤلف كتاب (التطرف والتكفير في اليمن)- يلتقي مع علي جار الله بنفس النظرة التكفيرية للإعلاميين والمفكرين، وبنفس الأسلوب ومنهج العمل.. بل إننا نرى أن ناصر أحمد هو الأكثر غلواً وتشدداً في ذلك. وبطبيعة الحال إن لرأينا قاعدة أدلة ينطلق منها بقوة، من غير أن يترك هامشاً للدحض والتشكيك.
لكن من أجل بلوغ تلك الحقيقة، نسترجع أولاً لأذهاننا بعض ما ورد في ملفات التحقيق:
-ذكر (هشام أحمد الصانع)، وهو معتقل على ذمة القضية، في محضر استجوابه المؤرخ بيوم الاثنين 14/1/2003م ما يلي:
*(كان يطلب مني على جار الله أن أذهب لشراء بعض الصحف له حوالي مرتين، وهي صحف المعارضة كلها مثل "الثوري"، "الأيام"، "الثقافية"،"البلاغ"، وصحف أخرى لا أذكرها. وقد أخبرني أن الذين يكتبون في هذه الصحف يسيئون إلى الدين، ويعلنون الردة، وخاصة صحيفة "الثقافية" التي نشر فيها سبُُّ للذات الإلهية…)
- ومما هو واضح أمامنا أن هناك جزء من شخصية القاتل علي جار الله كان معبئاً بثقافة التكفير، ونزعة الانتقام من الإعلاميين والمثقفين، وبالتالي فإن مثل هذه الحالة يمكن عدها ضمن العناصر الاستراتيجية المؤلفة لمناهج عمل شبكات التطرف والإرهاب (الديني) في بلادنا، والتي انطلقت من قواعدها الأنشطة الإرهابية التي طالت العديد من المفكرين والمثقفين في مراحل زمنية مختلفة. لكن السؤال المهم هو: ما مدى توافق هذه الرؤى مع ما هو ماثل بين أيدينا بين طيات كتاب (التطرف والتكفير في اليمن)؟ وهل في ذلك ما يعطي الشيخ ناصر وصفاً بكونه رائد حركة تجديد ثقافة التطرف والتكفير المعاصرة؟
لاشك أن الإجابة تقتضي الاستدلال ببعض النصوص، أو العبارات التي أوردها المؤلف في كتابه، وهو ما نستعرضه فيما يأتي:
*في وصفه لصحف المؤتمر، يذكر:(هاكم نماذج من مدرسة التكفير الجديدة) ص130.
*(آن كل كتبة المؤتمر وحلفائه- وهذا من الموافقات السياسية العجيبة- يصلون الجمعة عند خطباء مكفراتية) ص145.
*(صحيح أن الصحفيين المؤتمريين والتابعين لهم بتهريج، لن يجدوا بعد ذلك مادة مستمرة للحديث عن المساجد وخطب الجمعة التي أفقدتهم الروحانية، وجعلتهم يقاطعون المساجد، ويؤدون الصلاة تحت البطانية).
*( لم تهدأ حملات المؤتمر الشعبي العام على خطباء المساجد رغم أن الوضع تغير كثيراً) ص141.
*( يشنون حملات ظاهرها الحديث عن التطرف والإرهاب وباطنها تشويه صورة الإسلاميين) ص142.
*( كان الإعلام الرسمي والمؤتمر يشن حملات مبرمجة ملخصها أن اليمن يعيش حالة من التطرف والتكفير مصدرها المساجد والخطباء، وبالطبع كان التركيز فقط على الخطباء المنتمين للإصلاح) ص144.
*( انفجرت فقاعة الحديث الرسمي الهستيري عن التطرف والعنف والإرهاب.. ونالت المساجد حظها من الحملة حتى يكاد من يتابعها يظن أن مساجد اليمن عبارة عن معسكرات مسلحة مدججة بالإرهابين تنشر التكفير والعنف والتطرف) ص144-145.
*(صحفيون معروف عنهم مواقف فكرية متطرفة ضد الدين أصلاً.. فضلاً عن المساجد) ص146.
*(هؤلاء الذين يحرضون على مكتبات المساجد، وكذلك محلات بيع الأشرطة الإسلامية والمكتبات، يفتحون باباً للإرهاب الفكري) ص148.
*(أن مكتبات عديدة في بلادنا تبيع كتباً متطرفة تشتم وتلعن الصحابة وخاصة الصديق والفاروق)ص149.
*(هل هذا هو التنوير والحداثة التي يبشرونا بها؟ أن يحرضوا الدولة على المكتبات، وأشرطة الأناشيد؟ هل هذه هي الحرية الفكرية والتسامح التي يتظاهرون بها؟) ص150.
*(في سياق الحملة على المساجد يصرخ أدعياء الغيرة على الدين، ويشتكون من الحديث عن عذاب القبر، وأهوال القيامة، ومواعظ التخويف من النار..) ص150.
*(هؤلاء الذين يقيمون الدنيا والصحافة ضد ذلك يدللون لنا على أنهم لا يفهمون شيئاً، ويكتبون مقالاتهم من وحي الجهالة التي يعيشون فيها بأبسط بديهيات الدين!) ص151.
*(إن أعلى الأصوات حديثاً عن وجود مخطط للاستيلاء على المساجد هي تلك الأصوات التي تخطط للاستيلاء على المساجد لمنع ظهور أي نقد ضد الحكومة) ص153.
*(إن تأميم المساجد وخطب الجمعة هي في الأصل ظاهرة مرتبطة بالأنظمة الشيوعية والعلمانية المستبدة) ص153.
*(فهل من المعقول الآن ونحن في عصر التعددية، والحرية أن تؤمم المساجد؟ نفهم أن يمنع استخدام المساجد للدعاية السياسية لأي حزب، لكن أن يتحول الأمر إلى خطة للقضاء على روح التدين في المساجد فهذا أمر لا يحدث حتى في البلاد النصرانية) ص153.
*( إن استهداف المساجد ليس من مصلحة السلطة، ولا الشعب! وهو ليس إلاّ وسيلة للفتنة والشقاق) ص154.
*(أليس التعلل برفض التكفير يبدو، وكأنه نكتة بايخة عندما يأتي من أجهزة إعلام ومن مثقفين، وصحفيين يخوضون منذ سنوات قاربت العشرين معركة شرسة ضد كل إسلامي)ص177.
*(شهدت بلادنا منذ الساعات الأولى للجريمة هيجاناً إعلامياً طافحاً بالشر والتحريض على الإصلاح) ص9.
* * *
لا أظن سيكون بمقدور أحد رصد كل العبارات التي نقصدها إلاّ إذا أعاد نسخ الكتاب كاملاً، فما من صفحة فيه تخلو من الآثار الدامية التي خلفتها المخالب الفكرية المتطرفة للمؤلف، الذي سبق له إنماء تجاربه الثقافية التكفيرية، وصقل مهاراته فيها بعناية من خلال الثقة التي حظي بها من قبل قيادة الإصلاح التي عهدت له رئاسة تحرير "الصحوة" الناطقة باسم حزب التجمع اليمني للإصلاح.
بلاشك أن مراجعة النصوص التي اقتبسناها من كتاب (التطرف والتكفير في اليمن) ومقارنتها بما أوردناه في مقدمة هذا المبحث من اعترافات الجناة بخصوص النظرة التكفيرية المتطرفة لوسائل الإعلام، والإعلاميين، والمثقفين، والمفكرين، نجد أن هناك تطابقاً تاماً في الرأي والموقف بين الطرفين.
فإذا كان على جار الله يعتقد (إن الذين يكتبون في هذه الصحف يسيئون إلى الدين، ويعلنون الردة..) كما هو ثابت في ملفات التحقيق- فإن ناصر أحمد يحيى لم يكتف بالصفحات التي أوردها في الربع الأول من كتابه بهذا الخصوص، بل عمد إلى إفراد ثلاثة فصول مستقلة لتصويب قلمه إلى صدر الإعلام. الأول بعنوان (التفسيق والتكفير في الصحافة اليمنية)، والثاني (التكفير في صحافة المؤتمر الشعبي العام)، والأخير (المساجد في دائرة الاستهداف) فضلاً عن فصل آخر بعنوان (الاحتساب- الإساءة للذات الإلهية في العالم العربي) خصصه للهجوم على المفكرين والمثقفين العرب.
ومما هو واضح من ضراوة الحرب التي شنها الشيخ ناصر على الإعلام، وسعة جبهتها، أن الغاية الأولى المرجوة منها هو حشد تعبئة واسعة جداً بين صفوف فتية وشباب التجمع اليمني أولاً والقواعد الجماهيرية ثانياً، وشحنها بالحقد والعداء والكراهية للمثقفين والمفكرين العاملين في القطاع الإعلامي، على أمل العمل على مراكمة هذه الشحنات بجرعات أخرى تسهم- في آخر الأمر- في بلورة موقف متطرف في مستويات عالية ما تلبث أن تستغله القيادات الإصلاحية في توجيه ضربات موجعة للمناوئين للمناهج السياسية المختلفة الرافضة للمشاريع التحديثية للدولة- أي التي تتقاطع مع مصالح واتجاهات حزب الإصلاح.
فالنصوص التي مررنا بها قبل قليل تكشف النقاب عن حقيقة أن أغلبها موجه لدغدغة عواطف الجماعات الدينية المتطرفة، وأولئك الشباب المندفعين بتهور صوب شعارات الحزب العقائدية، ومحاولة كسر جمودها التنظيمي إلى حالة حركية ناشطة من خلال ترسيخ الاعتقاد في أذهانها بأن هناك مؤامرة تحاك خيوطها في دوائر إعلام المؤتمر الشعبي العام، والإعلام الرسمي، وتستهدف( تصفية الوجود الإسلامي)- على حد تعبير ناصر أحمد- وبالتالي فإن المبالغة في هاجس الخوف، والقلق سيدفع البعض( المتحمس، أو الأكثر تهوراً) للمبادرة إلى الفعل الإرهابي الانتقامي- الذي يعتقد مرتكبوه أنه ليس إلاّ دفاعاً عن الدين، كما هو الحال مع علي جار الله – في حين يعده الآخرون عملاً إجرامياً مستخلصاً من تعبئة ثقافية خاطئة.
في الحقيقة، إن اللغة التكفيرية، والعرض الفكري المتطرف لمادة الكتاب كانتا بمثابة الطقس الكهنوتي الذي حرص الكاتب على تسويق إيحاءاته من خلاله إلى قواعد الإصلاح، بنية رفع درجة الاستشعار بالمؤامرة (المختلقة)، وتحفيز النشطاء لتصعيد الموقف السياسي المناهض، والذي لا يستبعد بعض المحللين عّدة ضمن جملة من الإجراءات التي تبنتها قيادة الإصلاح خلال الأشهر القليلة الماضية، ويُخشى أن تكون في إطار تهيئة مبكرة للمسرح السياسي لاحتضان مشهد دراما سياسية جديدة يجري تأهيل أفكارها بتأنٍ خلف كواليس الأحداث العامة الدائرة في اليمن. ولا غرابة إن وجدنا أن الحملة على إعلام المؤتمر والحكومة(الرسمي) ليس شأناً مختصاً بناصر أحمد وحده، بل إن الأخ عبدالوهاب الآنسي -الأمين العام المساعد لحزب الإصلاح- سبقه إلى ذلك، وكان يمهد الطريق لغيره بطريقته الوقورة التي يقول فيها (القضية الإعلامية تفقد الشفافية، والحكومة تتصرف بها كشأن خاص) – أنظر التفاصيل في "أخبار العرب" عدد يوم 30/6/2003م.
ومهما يكن الأمر عليه من رأي، فإن دقة تطابق الخطاب الإعلامي للتجمع اليمني للإصلاح مع مفرادات الخلفية الثقافية لقاتل جار الله عمر وبقية رفاقه لهو دليل على واحدية مناهج الاستراتيجية عملياً باتجاه أفق التحاور أو التجاذب الحقيقي مع القوى السياسية ا لوطنية الأخرى، طالما وأن تلك الاستراتيجية العنيفة فاعلة، وتُكسب الحزب خطا ساخناً ومتأهباً للمناورة وقتما اقتضت اللعبة السياسية ذلك.. وهو الأمر الذي يفسر رفض قيادة الإصلاح للدعوات التي تناشدها بالتراجع عن فتاوى التكفير السابقة والغائها.
وعلى كل حال، فإن تشبث ناصر أحمد يحيى بالدوران حول فضاءات الشأن الديني والتوغل في ثنايا هواجس ما أسماه بالمؤامرة المؤتمرية أو الحكومية ضد الخطباء والمساجد والحركة الإسلامية، ومن خلال وسائل الإعلام من الممكن الأخذ به كمؤشر على ما يلي:
أولاً – أن الخطاب الإعلامي- الرسمي والخطاب السياسي للمؤتمر الشعبي العام أمسيا ذا تأثير حقيقي كبير في واقع الحياة اليومية للجماهير التي أخذت تستسيغ منطقه على نحو أفضل، وبات يحضى بثقة نسبة عالية من القواعد الشعبية، مما يترجم إلى قلق ومخاوف حقيقيين في حسابات التجمع اليمني للإصلاح. وعليه لم يعد بين يدي القيادات الإصلاحية ما توازن به ثقل الخطاب المؤتمري غير إلحاق الشبهات به،وتكفير أقلامه الفكرية، وربطه بسلسلة طويلة من المواجهات الإعلامية الاستنزافية، والمهاترات، والأزمات التي من شأنها إعاقة أنشطته وتعطيل برامجه المعدة للمراحل القادمة.
ثانياً- أن التجمع اليمني للإصلاح يعاني من أزمة داخلية، يجد نفسه من خلالها غير راضٍ على المؤشرات البيانية التي يستدل بها على حجم نفوذه في الساحة الجماهيرية، ومستوى أداء أجهزته المختلفة. فالحقيقة الثابتة لدينا هو أن الخطاب الإعلامي للإصلاح لم يعد يحظى بنفس معدلات القبول التي كان عليها في الأعوام السابقة. وإن هناك حاجة ملحة لتطوير خطابه السياسي نوعياً ووفقاً للأطر التي تواكب ثقافة العصر واتجاهات الوعي الإنساني، إلاّ أن هذا المشروع –بالذات- كان يصطدم دائماً بمعارضة أو تحفظ القيادات العقائدية المتشددة التي تخشى على كياناتها التنظيمية من الانصهار في أيديولوجيات وفلسفات القوى الوطنية الأخرى، إذا ما قبلت الأخذ بالخيارات الانفتاحية للحزب التي يدعو إلى ضروراتها الحتمية ثلة من المجددين المحدثين.
ولكن يبدو أن الأجنحة المتشددة القابضة على مراكز القوة- في حزب التجمع اليمني للإصلاح- سواء بفعل مراكزها الدينية أو الجاهوية أو المالية- هي من يمسك بزمام القرار السياسي ويحدد اتجاهه؛ وهو الأمر الذي يتقاطع مع مقتضيات الوضع السياسي القائم مما دفع بالنتائج نحو التعقيد السلبي وتغليب الخيارات التقليدية المتطرفة والمتسمة بالمنحى السلوكي العدواني (بقية إرث إخوان المسلمين)، والذي لا يعول أربابه على الممارسة الديمقراطية بالشيء الكثير- وإن كانوا يتحدثون بها.
وبحسب ما تمليه متغيرات الأفق السياسي الوطني- والتي لم تستوعبها قيادة حزب الإصلاح بعد- ذهب زعماء النهج التقليدي المتطرف إلى الاعتقاد بأن جر المؤتمر الشعبي العام إلى موجات متعاقبة من الأزمات السياسية والاقتصادية المفتعلة، وإقحامه في معترك المكايدات الإعلامية الساخنة، قد يقود ذلك كله إلى خلق بيئة غير مستقرة، وانفلات في بعض الحلقات الأمنية وإلى إمكانية اختراق السكون السياسي ببعض أعمال عنف متعمدة وموجهة بدقة ضد رموز وطنية مؤثرة في ساحة العمل الوطني. وبالتالي فإن رهان تلك القوى سيكون مرتكزاً على إثارة السخط الشعبي العام و خلق فرص التصعيد السلبي للغضب.
وبالعودة إلى موضوعنا الرئيسي نجد أن ناصر أحمد يحيى مؤلف كتاب (التطرف والتكفير) كان يقصد النوايا السابقة للجماعات الإصلاحية المتطرفة، وإن حجم الحملة الإعلامية التكفرية التي قادها ضد المؤتمر الشعبي العام ومؤسساته الإعلامية والحكومية تستهدف حشد قاعدة عريضة من الحجج والادعاءات المبررة لإباحة العنف في مقاومة النفوذ المؤتمري.. وهو أسلوب يقترب جداً مما كان معمولاً به إبان إعادة تحقيق الوحدة اليمنية والسنوات الأخيرة السابقة لها عندما كان تيار إخوان المسلمين الذي شكل لاحقاً أحد أكبر الحلقات التكوينية للإصلاح- يحشد المنابر الدينية لترسيخ الاعتقاد بالفتاوى التكفيرية للاشتراكيين، وشحذ همم (المسلمين) لمحاربة من كانوا يطلقون عليهم (دعاة الإلحاد) وكذلك (العلمانيين) وغيرها من النعوت.. كما رأينا ذلك من قَبْل، في حديثنا عن (المعركة الدستورية) والمسيرة التي قادها الشيخ عبدالمجيد الزنداني إلى دار الرئاسة، وهم يرددون الهتافات التي أوردنا منها نصاً يقول:
( ربّ نسألك يا إلهي مسألة .... .... إهد الشيوعي وإلاّ إهلكهْ
زيّد الفوضى بأرض اليمن .... .... يا ربّي بأرض اليمن ياللهْ
شعبنا رافض ..... لا للدستور لا..لا للخمور
قل لمن دستورهم علمانيةْ .... .... يسقط الإلحاد وحزب الشوعيةْ
شعبنا رافض .... لا للدستور لا.. لا للخمورْ)
وكما نرى فإن التكفير كان هو الطريق الأقصر للمتطرفين الإسلاميين لغرس العداء والحقد على خصومهم.
وإن تمني إشاعة الفوضى واللا استقرار هو المناخ الأمثل لتصفية وجودهم والاقتصاص من رموزهم الوطنية، وإن التفسيق والادعاء عليهم بالمعاداة للإسلام والخروج عن قيمه هو وسيلة لإلهاب حماس الجماهير للأقدام على فعل مناهض للوجود الاشتراكي.
وإذا ما تأملنا فيما كتبه ناصر أحمد يحيى بحق المؤتمريين، والكيفية التي يجند بها قلمه لتصدير أوهام (المؤامرة المؤتمرية) على الإسلام والحركات التي تتبنى النهج الديني، إضافة على ما وصفه بـ (الحرب على المساجد والخطباء) من قبل وسائل إعلام الحكومة والمؤتمر. فإننا سرعان ما يتوارد لأذهاننا الاعتقاد بأننا سبق أن قرأنا أو سمعنا الكلام الذي تقوّل به ناصر أحمد يحيى بكل تفاصيله. وبقليل من التذكر ستسترجع رؤوسنا مفردات سنوات التعبئة الإصلاحية التكفيرية ضد الحزب الاشتراكي اليمني. والتي نجح بها فعلاً في تأسيس قاعدة عنف سياسي إرهابي أطاحت برؤوس العديد من المناضلين والمفكرين الاشتراكيين الذي كان آخرهم الشهيد جار الله عمر (رحمه الله).
إن كل ما هو متاح بين أيدينا من تجارب وشواهد تاريخية وإفادات متهمين تؤكد أن فتاوى التكفير السابقة، وثقافة الكراهية والحقد التي غرسها دعاة التيار الإسلامي الإصلاحي في بلادنا في زمن الرفض للآخر، وعدم القبول بخيارات الحوار الديمقراطي أو الأخذ بأدوات التعايش السلمي. كلها أسست لظاهرة التطرف والإرهاب في بلادنا، وشكلت قاعدة انطلاق القتلة والمجرمين لإثارة الفتن وممارسة الخطاب الدموي بلغة المسدسات الكاتمة للصوت.
وإذا كان البعض يصف الظرف بأنه إفرازات (تعبئة خاطئة) –كما فعل الأخ الرئيس علي عبدالله صالح وآخرون-فإن الظن عندنا يرجح بأنها لم تكن تعبئة خاطئة بالمعنى البريء للعبارة، وإنما هو أقرب إلى أن يكون جزءً من استراتيجية عمل سياسي لحزب الإصلاح تعمل به بعض أجنحته المتطرفة منذ شروعها بالعمل السياسي، والدليل على هذا هو أن ما تم وصفه بالتعبئة الخاطئة يعاود الظهور ثانية بقوة على المنابر الإصلاحية، ووسائل الإعلام التابعة للحزب، ويقدمه اليوم ناصر أحمد يحيى في كتابه كما لو أنه خيار مرحلي ينبغي العمل بابجدياته إذا ما أراد التجمع اليمني للإصلاح الحفاظ على كينونةٍ سياسية نشطة لا تغيب عن حسابات المؤتمر الشعبي العام عند التفكير بأي رؤى مستقبلية لتوزيع القوى الوطنية على الساحة السياسية اليمنية.
وبهذا نكون قد خلصنا إلى القول بأن الشيخ ناصر أحمد يحيى مؤلف كتاب ( التطرف والتكفير في اليمن) هو حقاً رائد حركة تجديد ثقافة التطرف والتكفير المعاصرة.





أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر