موقع اذاعة هولندا - إدمان ألعاب الكمبيوتر والفيديو يمكنني الاستمرار في اللعب ما بين 48 ساعة إلى 72 ساعة متواصلة تقريبا، وأحيانا لأسابيع. عندما أقوم بذلك أكف عن العمل، وعن الحياة الاجتماعية، ولا أتناول طعامي بشكل صحيح، ولا أمارس أي نوع من الرياضة. ويتساءل الكل عما أفعله".
ألعاب الفيديو على الإنترنت واحدة من أكبر القطاعات التي تنمو بمعدلات عالية في مجال الترفيه. ولكن هل هي مجرد عالم غير واقعي ولا يسبب ضررا، أم أنه إدمان خطير؟
توفر ألعاب الفيديو ترفيها وتبديدا للتوتر لملايين الناس حول العالم. وبمرور الوقت تزداد شبها للسينما، بخيوط الأحداث التي تنسجها والمشاهد الأقرب للواقع.
ولكن كلما ينمو عالم الألعاب على الإنترنت، ينمو الجدل حول الأثر الاجتماعي لهذا العالم ـ هل تتسبب هذه الألعاب في استثارة أنماط السلوك العدواني، أم أنها قابلة للإدمان عليها مثل القمار والمخدرات؟
بالنسبة لبعض اللاعبين يبدو أن متعة اللعب تتحوّل إلى معاناة عندما يصبحون مدمنين على الألعاب التي يمارسونها.
إنهم يخاطرون بفقدان علاقاتهم، وصحتهم، وتعليمهم، ومهنهم؛ بانجرارهم إلى أرض خيالية لا يستطيعون بعد ذلك الخروج منها.
في العام الماضي توفي كوري جنوبي بعد أن لعب لـ50 ساعة على الإنترنت. وفي الصين طعن أحد الصينيين منافسا له حتى الموت بسبب أن المنافس باع سيفه الكمبيوتري "غير الواقعي" داخل اللعبة.
بالطبع هذه نماذج لحالات متطرفة؛ ولكن هل هي حالات معزولة؟ هل اللعب على الإنترنت يغذي الإدمان ويشجع العنف؟ أحد الأشخاص الذين يعتقدون، إلى درجة اليقين، أن هذه الألعاب يمكن أن تصبح موضوعا للإدمان، هو أحد ضيوف المنبر هذا الأسبوع، "كيث باكر". إنه مدير لمستشفى اسميث آند جونز الاستشاري لعلاج الإدمان بأمستردام، وهو الأول في أوروبا الذي يقدم خدمات علاجية لمدمني الألعاب.
يقول السيد باكر: ربما تبدو ألعاب الإنترنت بريئة؛ لكنها من الممكن أن تكون إدمانية مثلها مثل القمار والمخدرات.
"تكمن المشكلة، مع أغلب الذين يجيئون إلى عيادتنا، في التصاعد.. لا توجد نهاية للعبة؛ لذلك فإن هناك شعورا وهميا بالفرح المستمر".
"يلجأ مدمنو المخدرات إليها للهروب من الواقع، ويشرب مدمنو الخمر لأنهم يريدون الهروب من الواقع المؤلم. وما نراه مع مدمني الألعاب أنهم يلعبون للهروب من الواقع، ومن الممكن أن يكون السبب للعب هو أنه بالإمكان إيجاد عالم جميل في حياة أخرى".
كذلك يشاركنا في المنبر هذا الأسبوع "دانيلل هيوبنر" مدير شئون المجتمع من أجل حياة أخرى "سكند لايف" في معمل ليندن بسان فرانسيسكو.
سكند لايف واحد من ألعاب الإنترنت العديدة التي تسمح للناس بالإقامة في عوالم افتراضية. يقول السيد دانييل: إن ما يقدمونه مختلف عن ألعاب الإنترنت الأخرى: "إن سكند لايف تجربة جديدة من نوعها على الإنترنت.. إنه عالم افتراضي كامل يتم إيجاده بأكمله بواسطة من يستخدمه. لا يضع معمل ليندن أي نوع من التجارب، أو حبكة رواية أو أي تسلسل لأحداث قصة ما. نحن نقوم بوضع عالم افتراضي لا شيء فيه على فضاء الكمبيوتر، ويدخل الناس إلى هذا الفضاء لبناء أحلامهم".
"كل الناس في سكند لايف حقيقيون تماما، وكذلك عواطفهم ودوافعهم، وبتلك الطريقة يكون الأمر مثل الدخول في علاقة اجتماعية في العالم الحقيقي أكثر من الدخول في لعبة من عالم حرب مصطنعة، عالم خيالي بأكمله يتم إنشاؤه بشكل جيّد وله تسلسل أحداث محددة. في سكند لايف تتعامل مع أناس حقيقيين وعواطف حقيقية".
يتضمن البرنامج أيضا تعليقات من مدمن ألعاب سابق، "هايك فان دير هييدن".
مزيد من المقتطفات الرئيسية من العرض:
"دانييل هيوبنر" ـ حول نوعيات الناس الذين يصبحون "مقيمين" في عالم سكند لايف:"لديهم جميع الأهداف والتطلعات التي للناس كما في الحياة الحقيقية. بعضهم يريد أن يكون ناجحا.. يجمعون مالاً.. بعضهم يريد الحصول على الوجاهة الاجتماعية.. الحصول على الاعتراف.
"هناك القليل من الناس الذين يريدون أن يكونوا مبدعين. مثل الكثير من الأشياء التي تجتذب الناس في العالم الواقعي.. تجتذبهم في سكند لايف؛ ولكن سكند لايف طريقة سهلة بالنسبة لهم لتحقيق هذه الأهداف في بعض الأحيان. لا يتطلب الأمر أن تكون معماريا مدربا لكي تبني ناطحة سحاب، ولا يتطلب أن تكون لديك رخصة طيار لكي تقود طائرة".
"دانييل هيوبنر" ـ حول السبب في أن ألعاب الإنترنت ذات سطوة على الناس إلى ذلك الحد:
"ألعاب الترفيه الكبيرة تُصمم بهدف أن تكون ذات سطوة، مثل الرواية التي لا تستطيع أن تضعها أو الفيلم الذي تنتظر نهايته. الشيء المختلف في ألعاب الإنترنت هو أنها تجربة مفتوحة لا نهاية لها، وإن هناك أناسا آخرين يشاركونك التجربة. في ألعاب الفيديو، سابقاً ـ تقوم بوضعها على البلي ستيشن وتقوم باللعب لعدة ساعات ثم تنتهي. وفي ألعاب الإنترنت مثل عالم الحروب المصطنعة، تنتظر المكافأة التالية، المادة الجديدة التالية، التجربة الجديدة التي في متناول اليد؛ لذلك فإنها تجربة طاغية جدا. لقد صُممت لكي تكون كذلك".
"عندما تلعب على الإنترنت تكون على علم بأن لديك مشاهدين. لديك أصدقاء تقاتل معهم أو ضدهم؛ لذلك هناك عنصر المشاهدين، عندما تحقق ذلك المجد من النصر الذي يشاهدك الآخرون وأنت تنجزه. لذلك فإن ذلك المستوى من الهيبة يتم تكبيره في تلك الألعاب.. وفجأة تجد حولك الملايين من اللاعبين الآخرين الذين يرون كم جيّد أنت".
كيث باكر ـ حول نوعية الناس الذين يصبحون مدمنين:
"يكمن الخطر في أن هناك أناسا لا يستطيعون التعامل معها (الحياة). كل ما أفعله في العيادة هو أن أدعو الناس لمواجهة الواقع.. وما تفعله ألعاب الفيديو والمجتمعات الافتراضية هو دعوة الناس لعدم مواجهة الواقع...".
"ومثلما هو الأمر مع كل أنواع الإدمان تكون المهمة هي تغيير (الناس). تخيّل طفلاً في الرابعة عشرة من عمره في حلبة اللعب، وقد تلقى هزيمة، يضحك الناس عليه.. إنه طفل سمين، وربما لديه قليل من البثور. البنات لا يستلطفنه. يذهب إلى المنزل ويدخل العالم الافتراضي حيث يجد نفسه شخصا آخر. وهذا ما يمكن أن يكون خطرا".
هل تقود كل ألعاب الفيديو إلى الإدمان؟
"ألعاب الفيديو في ذاتها ليست خطرة. أعتقد أن هناك أناسا محددين لديهم القابلية للانجذاب إلى أنواع معينة من الألعاب؛ لذلك يبدو أن هناك شيئا في شخصياتهم هو الذي يدفعهم للانجذاب إلى لعبة عنيفة جدا ـ على سبيل المثال". تقول رواية "الرجال المتدثرون بجاكتيات بيضاء": إن عشرين في المائة من السكان لديهم استعداد مسبق للإدمان. إذا كان ذلك صحيحا؛ فسوف يكون لدينا في هولندا وحدها، في نهاية الأمر، مليون طفل من المصابين باختلالات هوسية تجاه الألعاب".
كيث باكر حول كيفية تحديد حالة الإدمان: "ما هو خطر على مدمن الألعاب فقدان ساعات من وقتهم. في أغلب الأحيان يكون ذلك خصما على ساعات الدراسة في الجامعة أو النشاطات الأخرى.
هنالك أسئلة يمكنك أن تطرحها على نفسك. هل تعاني من نتائج سلبية جراء انجذابك للعب؟ هل يمكنك أن تضمن لي أن تتوقف من الاستمرار في لعب أية لعبة، بالضبط في الوقت الذي تحدد أن تتوقف فيه؟
"شاهدنا أطفالاً، وكذلك أناسا كبارا يفتقرون إلى المهارات الشخصية للاتصال مع الآخرين بخلاف الاتصال عبر الإنترنت. يحتاج الأمر منا إلى وقت طويل لجعلهم منفتحين، وذلك يتطلب إدخالهم في بيئة جماعية ـ إنهم يجهلون كيف يعبّرون عن مشاعرهم بطريقة عادية".
دانييل هيوبنر:
أرى العكس تماما. في كثير من الأحيان أرى أن سكند لايف هي المكان الذي يطوّر فيه الناس ذوو المهارات الاجتماعية المتدنية في العالم الواقعي هذه المهارات. يتعلمون كيفية التداخل مع الناس ويشعرون بذلك الاحترام والاعتبار، ويمتلكون الثقة بالنفس. في الواقع هناك جزيرة كاملة في سكند لايف يؤمها الناس الذين يعانون من متلازمة أسبيرجر، وهي شكل من أشكال مرض التوحد.
وجزء من الأسباب التي تأتي بهم إلى سكند لايف هي إمكانية الاستكشاف والعثور على المفاتيح التي تجعلهم منفتحين اجتماعيا، وتعلم الكيفية التي تجعل استجاباتهم ملائمة عندما يتداخلون مع الآخرين".
كيف كانت الحياة بالنسبة لمدمن الألعاب السابق هايك فان دير هاييدن خلال أوج إدمانه:
"اليوم النمطي بالنسبة لي كان أن أستيقظ الساعة الثالثة أو الرابعة مساءً على الكنبة. وأنا جالس هناك أطلب الطعام الساعة السادسة؛ لذلك أتمكن من تناول بيتزا كما في الفطور. ثم أجلس هناك إلى الساعة الثانية عشرة منتصف الليل؛ حيث أطلب مزيدا من الطعام وإلا فإن خدمة التوصيل إلى المنزل سوف تغلق ـ من الأشياء المضحكة أنني كنت أعيش فوق بقالة؛ ولكنني لم أحاول أن أنفق أي وقت في الذهاب إليها وشراء طعام من هناك. وبعد ذلك أستمر في اللعب حتى السادسة أو السابعة صباحا، أو بعد ذلك بقليل. ومن ثم أرتمي على الكنبة لأستيقظ مرة أخرى عليها في الساعة الثالثة أو الرابعة بعد الظهر".
"يمكنني أن ألعب لفترات تمتد من 48 إلى 72 ساعة متواصلة، وأحيانا لمدة أسبوع. في تلك الحالات لا أذهب إلى العمل، وليس لدي حياة اجتماعية. كنت نحيفا جدا، لا آكل جيّدا، ولا أمارس أي نوع من الرياضة، لذلك كانت صحتي غير جيّدة. لا أحد يراني، والكل يتساءل عما أفعل".
مختارات من رسائلكم الإلكترونية:
أندرو، هولندا:
"لماذا كل هذه الضجة؟ ظلت ألعاب الكمبيوتر متاحة بشكل واسع منذ الثمانينيات، وما كان ينقصها من تطور وتعقيد أكملته بأكثر مما هو مطلوب من الإدمان. وعلى حسب علمي لم تستول الأنواع الهوسية على العالم. من المؤكد أنه، بتحسن التكنولوجيا، تحسنت الألعاب وأصبحت قريبة من الواقع؛ ولكن القول بأنها تشكل خطرا أو تشجع المستخدمين على استبدال الواقع بوجود افتراضي، فإن ذلك يبدو بعيدا عن الحقيقة. بالنسبة لأغلب المستخدمين لا يعدو شعور "الاستغراق" في اللعبة أن يكون مثل مشاهدة فيلم سينمائي؛ أي أنه وبمجرد انتهاء الفيلم فإن المشاهد يكون قادرا تماما على التمييز بين الافتراضي والواقعي.
روبرتو سي الفاريس ـ غالوسو، ميامي فلوريدا: "ألعاب الكمبيوتر تقود إلى إدمانها ومن الممكن أن تشوه المخ".
بوب، بلجيكا:"يعتمد الأمر على الكيفية التي تعرف بها الـ"سيء". بالطبع لا أريد أن يأخذ الشباب فكرة خاطئة عن العالم غير الافتراضي، عندما ينغمسون في حبكات القصة ذات البعد الواحد، والحرب المستمرة. ولكنني أتساءل عما إذا كانت هذه الألعاب تتسبب في تغيير نظرتهم للحياة، دعك من سلوكهم. يعلم معظم الأطفال أن ما يظهر على شاشاتهم مختلف تماما عن العالم الواقعي".
إليوت، كندا:"مثل كل الأشياء الأخرى، فإن ألعاب الإنترنت تؤدي إلى الإدمان. لا يجب منع الألعاب، ولكن يجب تشغيلها بطريقة أخلاقية. على العموم الناس مسئولون عن أفعالهم؛ ولكن جزءا من مسئولية الوقاية من الإدمان يتحمله الناس الذين يشغلون الألعاب. يجب منع التشجيع على الإدمان بشكل قاطع، وكذلك قضاء الناس ساعات في اللعب.
جورج، إسبانيا: "يبدو أنه بالإمكان الإدمان على أي شيء. يجب أن يكون هناك شيء ما داخلنا يدفعنا نحو الإدمان. لدي أصدقاء يبدو أنهم يدمنون لعب الغولف وآخرون التسوّق. هل علينا أن نقوم بتدريس ما يساعد أولادنا على تجنب الإدمان لهم؟".
وينستون، بريطانيا: "نحتاج لضوابط في هذا المجال؛ مثلما نفعل في كل المجالات الأخرى؛ وإلا فسوف ينتهي بنا الأمر بالحصول على سكان لا يغادرون منازلهم إلا بالكاد.. سوف يصبحون غير اجتماعيين.. معاقين اجتماعيا.. غير قادرين على الاتصال ولا على الحياة العادية. إذن الحياة الحديثة ظلت تدفع الناس في هذا الاتجاه من قبل، وكثير من الناس يعانون الآن من العواقب".
ياسمين، آمريتسار، الهند: "لا، إن خطر اللعب ليس مبالغاً فيه. المفارقة هي: يُعتبر الإدمان عادة سيئة؛ ولكنه دائما هو ما يمنح المتعة للشخص. يصبح اللعب خطرا عندما يعطيه الشخص كل وقته. وأعتقد أن العلاج لا يبدأ إلا عندما يبدأ اللاعب الاعتراف بإدمانه وبعواقبه".
جودي كيرخام، فانكوفر، كندا: "كما أفهم الإدمان، مهما كانت مظاهره، فهو عرض لمشاكل أخرى؛ لذلك سواء كان الموضوع هو القمار أو ألعاب الفيديو أو المخدرات؛ فهي جميعها، في النهاية، محاولات للتعويض عن شيء حيوي يفتقده الإنسان في حياته. أعتقد أن لديّ القابلية للإدمان على ألعاب الفيديو (على سبيل المثال زميلي الموثوق في اللعب دي إس لا يدع أصابعي تغادر لوحة المفاتيح في الوقت الذي أقوم فيه بالاستماع إلى إذاعة هولندا) ولكن، ولحسن الحظ، لديّ اهتمامات أخرى مثل القراءة توجد توازنا بين الأشياء. يبدو لي أن سكند لايف مثل الطفل المنكفئ على نفسه والمحب للاستعراض، ولكن مادام الناس باستطاعتهم أن يلهوا، فإن ذلك من شأنه دعم قدراتهم. أما أولئك الذين لا يحصلون على هذا اللهو، فأعتقد أن السيد باكر يوفر لهم خدمة هامة". |