بقلم : ناحوم برنياع - واحد يربح والثاني يبكي من تسنى له أن يدخل الى ديوان رئيس الوزراء في هذا الاسبوع وجد هناك وجوها متجهمة وقلقة. هل القنبلة الايرانية هي السبب؟ لا. أم يعود ذلك الى تعاظم قوة حماس في غزة؟ ولا هذا ايضا. هل دخول ليبرمان الى الحكومة هو السبب أم الصراع حول الرئاسة؟ لا، لا. رئيس الوزراء ومستشاريه كانوا سيكونون مسرورين لو كرسوا ساعاتهم الثمينة لامور مريحة من هذا القبيل.
ولكن لشدة أسفهم هم ملزمون باعداد الاجابات على اسئلة من نوع آخر: ماذا كانت العلاقة بين اولمرت والمليونير النمساوي فرانك لوي، وممن حصل على قلم حبر نابع، وأين عملت زوجته وأي راتب تلقت؟.
لكل رئيس وزراء قائمة طويلة من الأعداء الذين يتمنون انهاء وجوده في هذا المنصب. ولسوء حظ اولمرت يتواجد أكبر عدوين له في داخل الجهاز الحكومي. الاول هو مراقب الدولة ميخا لندنشتراوس والثاني هو يارون زليخة، المحاسب العام. كومة ملفات التحقيق لا تنتهي، كما أن الملفات التي أغلقت ما زالت تحتل عناوين الصحف. الشقق التي اشتراها اولمرت، القلم الذي تلقاه وراتب عليزا زوجته ودوره في بيع البنك والمساعدة التي قدمها للمستثمر.
وحتى اذا انتهت كل عمليات التحقيق وتمخضت عن لا شيء، فهي ستسبب في ارهاق اولمرت وأعوانه. التحقيقات ألقت بظلالها على فترة وجود براك في رئاسة الوزراء وكانت أحد الاسباب، إن لم تكن الحاسمة بينها، التي دفعت شارون الى عملية فك الارتباط. في هاتين الحالتين كانت التحقيقات ممركزة نسبيا. أما اولمرت فغارق حتى أذنيه. في ظل هذه الوتيرة لن ينقذه من الغرق إلا أعجوبة من الأعاجيب.
الحكومة قررت في هذا الاسبوع بأغلبية الاصوات تقديم مشاريع قانون متناقضة لتحسين نظام الحكم: الاول رئاسي وهو مقدم من ليبرمان، والثاني غير رئاسي بايحاء من تسيبي لفني. القاسم المشترك للاقتراحين كان السعي الى تعزيز مكانة رئيس الوزراء.
رئيس الوزراء في اسرائيل قوي جدا، وربما قوي بدرجة مفرطة. الاقتراحين المقدمين تجاهلا السبب الحقيقي للشلل الذي يصيبه: انحلال الثقافة السياسية ودوامة التحقيقات.
هل يكمن الحل في عدم التحقيق؟ لا سمح الله. ولكن الأصح هو أن يتم ذلك قبل وصول الشخص الى المنصب الرفيع. كل الادعاءات ضد اولمرت تعود الى الفترات السابقة في سيرته المهنية، ومن الخسارة انها لم تظهر إلا الآن بعد انتخابه رئيسا للوزراء. ومن الأجدر توخي حرص أكبر في اختيار مراقب الدولة. قدر لروبي ريفلين أن يكون رئيسا للكنيست عندما أنهى مراقب الدولة السابق، غولدبرغ، مهام منصبه. ريفلين ساعد في اختيار خلفه لندنشتراوس. كان هناك من حذروه من أن مرشحه من أكبر الشغوفين بالعناوين الصحفية في حيفا والشمال. من الناحية الاخرى كانت أمامه رسالة توصية من رئيس محكمة العدل العليا، اهارون براك. لماذا قدم براك توصيته تلك؟ من الممكن التخمين فقط تماما مثلما حدث مع معانقته الحارة لموشيه قصاب (لا أحد يعرف السبب من وراء ذلك).
عمير بيرتس يعطي شراكته مع اهود اولمرت سنة واحدة. اولمرت يعطيها سبعة اشهر. بيرتس يقدر أن جلسات الحكومة ستجري من الآن فصاعدا في أجواء من الخصام الدائم: ليبرمان يشدها يمينا والعمل يسارا، والجميع يوبخ الجميع. هو ينوي تحويل اخلاء البؤر الاستيطانية الى حرب عالمية بين قطبي الحكومة. الوسيلة التي سيلجأ اليها لاعادة ترميم صورته وصورة حزبه هي تحويل جلسات الحكومة الى ساحة معركة ايديولوجية.
اولمرت يركز على الكنيست. دخول ليبرمان سيتيح له حسب اعتقاده تمرير الميزانية من دون تنازلات مؤلمة. في أيار القادم عندما سيقوم حزب العمل بازاحة بيرتس وانتخاب رئيس جديد، سيحاول اعادة الاستقرار للحكومة مع ليبرمان أو من دونه. وسيكون من الممكن ايضا الشروع في تحرك سياسي (هو لا يستطيع أن يكون واثقا من ان الانتخابات الداخلية في حزب العمل ستجري في أيار أو في أي موعد آخر، والاحتمالات كلها تشير الى أن حزب العمل سيعذب نفسه حتى الموت في المحاكم. وحتى اذا جرت الانتخابات فهو ليس واثقا من أن بيرتس سيخسر فيها، واذا خسر فلا توجد ضمانة لأن يكون خلفه أكثر ملاءمة منه).
الحكاية بالنسبة لاولمرت ليست ليبرمان وانما بيرتس. اولمرت قرر بأن بيرتس هو الخطر الأكبر لاستمرارية حكمه. هو أضعف من أن يسيطر على حزبه، وليس ملائما لأن يكون شريكا رئيسيا في الحكومة. اولمرت لا يريده كوزير للدفاع، وهو أقل رغبة في إدخاله لوزارة المالية. يتضح أن اولمرت ايضا خائب الأمل من بيرتس بدرجة لا تقل عن الخائبة آمالهم في حزب العمل.
هناك امور قليلة يمكن التفاخر فيها في رحلة البقاء التي خاضاها معا.
اولمرت يتنقل بين بالونات الاختبار: بعد اسبوع من توضيحه للحكومة بأن من الواجب تخفيض مستوى البروز في الموضوع الايراني. ومع ذلك رفع هذا الموضوع الى عنان السماء مع تعيين ليبرمان. وفي نفس الوقت الذي عبر فيه عن دعمه الحماسي لاقتراح قانون يحول انتخاب الرئيس من سري الى علني مستخفا بذلك بقانون أساسي في الدولة - من اجل مصلحة شخصية لمرشح في حزبه - وقام بذلك لأغراض المماحكة والمناورات الخداعة. التقدير السائد في ديوان اولمرت هو أن القانون لن ينجح في المرور، وأن شمعون بيرس سيضطر الى إزالة ترشيحه. اولمرت يفضل الخسارة في التصويت على اقتراح القانون الذي قدمه عضوي كنيست مجهولين من أن يخسر في التصويت على انتخاب الرئيس.
كان من الممكن أن يبتلع بيرتس إدخال ليبرمان، أو أن يدفع حزب العمل الى الخارج، إلا أنه تصرف بدلا من ذلك كرئيس للنقابة: أنا أعطيك ليبرمان وأنت تعطيني سنيه. سكرتير الحكومة يسرائيل ميمون الذي تفاوض مع بيرتس توسل اليه أن يؤجل تعيين سنيه لعدة ساعات لأن تعيينه الآن سيؤذي الجميع - اولمرت وبيرتس وسنيه. بيرتس أصر على موقفه.لا جدل في أن سنيه هو مرشح جدير. واول من يتحدثون عن ذلك هم من خابت آمالهم من بيرتس إذ يقولون: اذا كان لدينا وزير دفاع غير ناجح، فليكن له نائب ناجح على الأقل. ولكن السرعة التي انتقل فيها بيرتس من المسألة الكفاحية التي اعتبرت مبدئية واخلاقية وايديولوجية وحولها الى مسألة شخصية تسببت في شعورهم بالقلق من هذا التحول.
بيرتس يرد عليهم بصورة مبسطة: لنفترض أن سنيه كان سيعين بعد اسبوعين، أولم تكن الصحف لتكتب حينئذ أن هذه كانت صفقة مؤجلة التنفيذ؟ ما هذا النفاق؟ (كان بامكان بيرتس أن يدخل سنيه الى الوزارة قبل نصف سنة في اطار المفاوضات الائتلافية. ولكنه فضل ترقية ايتان كابل كوزير بلا وزارة).الحكومات الواسعة صمدت فقط عندما كانت لرئيس الوزراء صلاحيات ومرجعية شخصية لجسر الهوة بين المواقف وردع الوزراء المحرضين على الخصومات.
اولمرت لم ينجح حتى اليوم في بناء هذه الصلاحيات لنفسه. وهذه ايضا مشكلة بيرتس في حزبه: ليس هناك احترام.
بيرتس يأمل الآن أن يؤدي دخول ليبرمان الى توحيد صفوف وزراء حزبه من ورائه. هو على قناعة أن توسيع الحكومة لم يكن إلا مناورة سياسية من افيغدور يتسحاقي من كديما. رئيس الائتلاف يتسحاقي يدعي أن بيرتس قد ضخم التصويت الاحتجاجي الذي صدر عن بارفرمان وشيلي يحيموفيتش ويورام مرتسيانو في لجنة المالية، وأوصله الى مستوى الازمة القومية. يتسحاقي لا يعرف كيف يعمل. وبدلا من أن يشرك الاعضاء يقوم بالتخاصم معهم.
التصويت الاحتجاجي الذي صدر عنهم حدث في كل الائتلافات على الدوام.عندما كانت هناك حاجة حقيقية الى التصويت، عرف حزب العمل كيف يبدل ممثليه في اللجنة. العصيان في حزب العمل لم يكن السبب وراء إدخال ليبرمان، وانما الذريعة.بيرتس تحادث مع اولمرت حول صلاحيات ليبرمان، وقال له انه لا يقبل بأن يكون لليبرمان موطىء قدم عنده. بامكانه أن ينسى التعاون مع جهاز الدفاع، أما ما تريد أن تمنحه له من صلاحياتك أنت فعلى الرحب والسعة، المهم أن لا يكون ذلك على حسابي.
اولمرت لم يجادله. رئيس الموساد، مئير دغان، هو المسؤول عن الموضوع الايراني، وهو خاضع لرئيس الوزراء وحده. ليبرمان سيدعى الى المداولات وسيقرأ المواد الاستخبارية وسيلتقي مع قادة اجانب مثلما يفعل موفاز وبيرتس وفؤاد، ولكنه لن يكون قادرا على الدخول بين رئيس الوزراء ورئيس الموساد. الميزة الوحيدة التي ستكون لديه بالمقارنة مع الآخرين في المجلس الوزاري المصغر هي قدرته على طلب الدراسات وأوراق العمل من مجلس الأمن القومي.
التقدير السائد في معسكر اولمرت وفي معسكر بيرتس على حد سواء هو أن ما سيفجر الحكومة من الداخل هو قضية البؤر الاستيطانية وليس المسألة الايرانية. اولمرت ليس بحاجة الى هذه المسألة الخلافية الآن. بيرتس يشعر أن دافعيته لاخلائها قد تضاعفت بعد دخول ليبرمان. هو التقى مع قائد المستوطنين زئيف (زمبيش) حبار وقال له أنه يريد قائمة للبؤر التي يوافق مجلس المستوطنين على اخلائها وقائمة اخرى للبؤر التي يوافق على اخلائها تحت ظروف معينة، واخرى يعارض اخلاءها. حبار قال له أن هناك بؤر توجد لدى المجلس موافقة على اخلائها شريطة أن يتم نقل من يقطنونها الى بؤر اخرى يتم إضفاء صبغة قانونية عليها. رفاق حبار غاضبون منه لانهم لا يريدون الدخول في المفاوضات قبل أن يجري نقاش داخلي فيما بينهم.
بيرتس يقدر أن حبار قد تذرع بذلك فقط الى أن يدخل ليبرمان الى الحكومة. المستوطنون لا يرون جدوى من التفاوض مع وزير دفاع يوشك على الخروج من الحكومة، أما الآن، وبعد أن تيقنوا أنه باق في الحكومة، فسيستأنفون المفاوضات معه. إلا أن بيرتس ليس معنيا بالاتفاق ولا بالمستوطنين. بيرتس يريد أن يحرج اولمرت في الحكومة، وحزبه يقف من خلفه في قضية البؤر الاستيطانية، والقانون ايضا يقف في صفه، وتقرير تاليا ساسون والامريكيين. بيرتس أمر رئيس هيئة الاركان باعداد قوائم للبؤر غير القانونية التي سيتم اخلاؤها. اذا رغب اولمرت في ايقاف عملية الاخلاء فسيضطر الى التوجه للحكومة ومطالبتها بالغاء قرارات سابقة.
واذا فعل ذلك فسيهدده بيرتس بالاستقالة.
هناك نيران كثيرة الآن بين اولمرت وبيرتس حتى من دون ليبرمان، ومن الممكن إشعال النادي من دونه.
*يديعوت احرنوت |