الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:34 ص
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الثلاثاء, 14-أكتوبر-2003
بقلم : نزار خضير العبادي -
الحَمائِـم لايُضيرها تَذَكُّـر الأقفـاص

ربما ماكنا لندرك الحقيقة لولا أماط لثامها " أكتوبر " ، أو أننا أخطأنا الظن بحجم إرادة الغير ، ولون قيمه التي يحملها ، وهامش خبرته من تجارب الماضي فاستحوذ علينا هاجس الارتياب لزمن ليس بالقصير من ابجديات الغد الوطني اليمني القريب ، حتى صار البعض منا يتوسد إرهاصات قلقه في خطاب هذا .. وتصريح ذاك ..أو إدعاءات ذلك المحموم بهوس التقويل والتأويل .
وتساءلنا في ساعات غفلتنا من أنّى للزمان بأساً أو لطفاً ليتخطى بيمننا الحبيب منزلقات الارث السياسي القديم ، وتراكمات الأثر الخطابي المشحون بانفعالات النفس الأمّارة بتقديرات خاطئة للمواقف .
إلاّ أننا – على مايبدو – فاتنا ان نتذكر في زحمة الاحداث أن للحكمة على أرض السعيدة موطن فسيح متأصل منذ القدم ، وأن للأمل فيها أجل مديد ، وللمودة والتراحم بين أهلها لون فريد ، لم يشهد له التاريخ مثيل – وربما كان يجدر بالبعض تصفح أوراقه ليستلهم فحوى أن تكون " عدن " خندق الزبيري والنعمان وثوار لاحصر لهم من مدن الشمال للإطاحة بعروش الملكية المؤكسدة بطغيانها وظلمها ..أو أن تكون " صنعاء " حضن الفصائل الثورية لأبناء الجنوب لإيقاد جذوة الكفاح المسلح ضد جيش الاحتلال البريطاني ، ولتكون مدن الأطراف المتآخمة مع مناطق نفوذ الانجليز مستودعات لإمدادات الذخيرة والمواد التموينية لثوار الرابع عشر من أكتوبر 1963م .
كان حقاً على الجميع أن يتعض من قيم تجربة المصالحة الوطنية بين الملكيين والجمهوريين بعد أن ابتلعت فتن الإقتتال مئات الارواح من أبناء الشعب اليمني الواحد ..وربما سيتطلب الأمر وقفة تأمل أطول لطبيعة المثُل الأخلاقية والمباديء الفكرية التي عبرت بأبناء الشطرين سنوات الإحتراب الدموي والتصفيات الجسدية ، وجبهات حروب شرسة مقيتة الذكرى دامت حتى العام 1982م ، ليس الى أمن اليمن وسلام شعبها فحسب ، بل وإلى مسار وحدوي قويم أعاد للذات اليمنية إعتبارها التاريخي ، وسمتها الإنسانية النبيلة ، مُلقياً خلف الظهور كل أرث الماضي البالي .
يقينا أن الحمائـم لايضيرها تذَكُّر الأقفاص ، ولا يُهيبها زمن التوجع واعتصار المقلات في لحظات غفلة من الماضي ..وأنها كانت أقوى على معاودة التحليق سرباً واحداً يصف الأجنحة ليسمو ويقترب من نور الشمس .. سرباً تهتابه الصقور الطامعة في إلتهام كل من تخلف عن السرب وقد غرق في ظنون الماضي وهواجسه المخيفة ، وتاه على أسطر دفاتره العتيقة .
ورغم أن رُحى الحرب دارت مجدداً في عام 1994م ، إلاّ أن أبناء الشعب اليمني ظلوا الأقوى على الدوام في دمل جراحاتهم بأنفسهم ، وتطبيب نفوس بعضهم البعض ، وإهمال كل ما جاشت به النفوس في مزابل الماضي البائد .
لاشك أن ذلك اللون من الإعجاز اليمني يؤكد الثقة بقوة الإرادة اليمنية ، وسعة الأفق الإدراكي لإنسانها ، وعمق الفلسفة الفكرية التي يتحلى بمفرداتها قائد اليمن الحكيم علي عبد الله صالح الذي يأبى غمس المستقبل في ماضٍ مشحون بالمخاوف والحسابات الثأرية ، وحساسيات ماترافقه من أقوال أو أفعال قد يكون الإنشداد اليها والإنجذاب إلى مناخاتها المشحونة والمتوترة ليس إلاّ ضرب من التقهقر بالخط الوطني الثوري ، وآمال الجماهير إلى ظرف راكد وآسن ليس لطرف فيه أي قدر مقبول من ترجّي الخير والسلامة ..
وحتماً كان نجاح أبناء شعبنا في عبور أنفاق الماضي بمثابة اعتراف صريح بحكمة قيادته السياسية ، وشفافية النهج الديمقراطي الذي ارتسمت أبعاده بأنامل فخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح ، وبقراراته الجريئة المتسامحة .
ان مايحمله الرابع عشر من أكتوبر في يومنا هذا من مدلول لهو أكبر من أن تسعه صدور الحاملين على اليمن وشعبه ..لأن ذكراه " الأربعين " كانت تغزل أبجديات الوعي السياسي الوطني للقوى الجماهيرية الثورية في ربوع ثغر اليمن " عدن " خاصة وأن في أحياء المناسبة هذا العام نكهة عذبة يضفيها حضور العديد من القيادات السياسية للحزب الاشتراكي اليمني – ممن أمضوا سنوات من أعمارهم بعيداً عن تربة الوطن الغالية .
ربما هو الدرس الذي ينبغي تذكّره كلما مرَّ الحديث باليمن .. وكلما سُئلنا كيف غلب اليمنيون تحديات الأمس ، وساعاته الصاخبة بضجيج السياسة ، ليعاودوا الإلتحام في صفوف التوحد الوطني ؟ لنُجيب : إنه سحر الحكمة اليمانية ، وأن الأحرار كما الحمائم لايضيرها تذكُّر الأقفـــاص ، مادامت تحلِّق بعيدا عن ظُلمتها نحو أفق سماءٍ أرحـب …






أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر