الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 06:10 م
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الإثنين, 18-ديسمبر-2006
المؤتمر نت - بوش والمرت د.أحمد البرصان -
إسرائيل.. مخاوف من تحولات في السياسة الأميركية
تثير التطورات الإقليمية والدولية قلقا لدى النخبة السياسية الحاكمة في إسرائيل وخاصة ما يحدث داخل الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، فتصريحات الرئيس الأمريكي أثارت حنق وغضب الإسرائيليين، كما أن تصريحات وزير الدفاع الأمريكي الجديد أقلقت إسرائيل، في وقت كانت إسرائيل في قمة نشوتها في الفترة الرئاسية الأولى لجورج بوش الإبن. إن ما تخشاه إسرائيل التحول في الرأي العام الأمريكي والأوروبي ضدها، فتخسر الدعم السياسي والاقتصادي وحتى العسكري.

القنبلة النووية
رغم أن إسرائيل تملك السلاح النووي منذ أكثر من ثلاثة عقود إلا أنها تتبنى استراتيجية الردع من خلال سياسة الغموض في امتلاك هذا السلاح حتى لا يترتب على إعلانها تبعات سياسية، فقد يدفع الإعلام الولايات المتحدة لعدم تقديم مساعدات عسكرية لأن واشنطن تفرض حظرا على دول تعلن امتلاكها أسلحة نووية، فترى إسرائيل أن سياسة (الغموض الاستراتيجي) خطوة مهمة للردع. والمشكلة بالنسبة لإسرائيل، أن روبرت جيت، وزير الدفاع الأمريكي الجديد، وفي مناقشة له أمام لجنة مجلس الشيوخ قام بتبرير محاولة امتلاك إيران للسلاح النووي بقوله (إنها محاطة بقوى تمتلك أسلحة نووية ..باكستان في شرقها والروس في شمالها والإسرائيليون غربا ونحن في الخليج الفارسي؟)، وحسب التصريحات الإسرائيلية فإن جيت انتهك سياسة الولايات المتحدة الطويلة الأمد (لا تسأل ..ولا تقل).
وتعتبر بعض الأوساط الإسرائيلية أن إفادة الوزير الجديد (غير مسبوقة على الإطلاق). ولعل الأهم ما صرح به غيتس نفسه عن عدم نية الولايات المتحدة مهاجمة إيران بسبب مفاعلها النووي، وحسب ما كتبه أريك بخر في صحيفة معاريف معلقا على تصريح جيت كانت لغة جيت في هذا الأسبوع حادة كالسكين : إذا كنتم تعتقدون أنتم الإسرائيليون أنكم في خطر وجودي (فافعلوا ما تحتاجون إليه. لأننا لا شهوة عندنا لمغامرة عسكريةأخرى في حيكم)؟؟.
وكانت إسرائيل منذ سنوات وحتى الآن وهي تتبنى حملة الخطر النووي الإيراني وتحث واشنطن على شن غارة عسكرية على المفاعل الإيراني . بل ذهبت بعض الأوساط الأمريكية بأن غزو العراق واحتلاله لمصلحة تل أبيب قبل المصلحة الأمريكية . ويذهب غاي بخور في صحيفة يديعوت أحرونوت إلى التحذير من التحول الأمريكي بقوله (هل يوجد سبب يدعو إسرائيل إلى القلق من تغير السياسة الأمريكية حيال طهران؟ كل سياسة أمريكية تقل عن مهاجمة طهران توصف عندنا بأن لا بقاء لها، وأنها مقلقة، ولهذا فإنها مضادة لإسرائيل أيضا) ؟ . إن إسرائيل تخشى من توازن القوى واختلاله من امتلاك السلاح النووي، قلقة من تحول في السياسة الأمريكية في وجود أشخاص في الإدارة الأمريكية يعتبر أن أمريكا أولا وليس إسرائيل؟.

الرأي العام وكارتر
إن التحول لم يكن في تصريحات وزير الدفاع الجديد، بل تصريحات الرئيس كارتر لانتقاده إسرائيل، وكتابه الموسوم (فلسطين : السلام وليس الفصل العنصري)، أثار حفيظة مؤيدي إسرائيل في الولايات المتحدة، إن كارتر مهندس اتفاقية كامب ديفيد، أكبر هدية استراتيجية لإسرائيل بإخراج مصر من المعادلة العسكرية في الصراع العربي الإسرائيلي، وفقا لمقولة كسينجر لا حرب بدون مصر ولا سلام بدون سوريا؟ لم يتردد دنيس روس منسق عملية السلام في الشرق الأوسط في عهد الديمقراطيين وبيل كلنتون من اتهام كارتر بأنه نسخ خرائط في كتابه لم تكن ملكه، وقد رد كارتر على الحملة الصهيونية ضده واتهامه بالعداء للسامية وهي الأسطوانة التي ترددها إسرائيل والصهيونية بأن نشر مقالا في صحيفة لوس أنجلس الواسعة الانتسار (لنتكلم بصراحة عن إسرائيل وفلسطين) ؟ وحسب مقالة كارتر فإنه يريد فتح باب النقاش حول إسرائيل وسياستها ومعاملة الفلسطينيين لأنه لا يوجد نقاش فعلي حسب رأيه في الولايات المتحدة، والمعروف أن اللوبي الإسرائيلي يريد تضليل الرأي العام الأمريكي والكونغرس حتى تنفذ إسرائيل مخططاتها وتحصل على المساعدات الأمريكية وتسيء لواشنطن في العالم العربي والاسلامي.

عام الصحوة الأمريكية
إن عام 2006 يمكن وصفه بعام الصحوة الأمريكية في السياسة الأمريكية اتجاه إسرائيل، فلعل أخطر دراسة صدرت في مارس الماضي هي التي صدرت عن جامعة هارفارد والتي تنصلت منها فيما بعد عندما أثارت الأوساط الصهيونية الاتهام للدراسة التي كان عنوانها (اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية) Israel Lobby and U.S.Foreign Policy ولقد قام بالدراسة اثنان من أشهر أساتذة العلاقات الدولية في الولايات المتحدة الأمريكية هما ستيفن والتوجون ميرشايمر، ولعل ما أقلق اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة أن ميرشايمر جاء ترتيبه في استطلاع لآراء أساتذة العلاقات الدولية في الجامعات الأمريكية حول أكثر العلماء في السياسة نفوذا بالمرتبة الخامسة وجاء والتس في المرتبة الثانية والعشرين، فالذي كتب التقرير من أشهر الاساتذة نفوذا ويدعو التقرير لمراجعة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، بل ذهب التقرير في أن المصلحة في العلاقات الدولية هي الأساس, إن مصلحة الولايات المتحدة ليست مصلحتها هي مصلحة إسرائيل، ولقد نشر التقرير أيضا في مجلة لندن لمراجعات الكتب London Review of Books وأثار ضجة أكاديمية وصحفية تريد مراجعة السياسة الأمريكية في ظل التأييد الأعمى لإسرائيل على حساب المصالح الأمريكية وتشويه السمعة الأمريكية بسبب إسرائيل.

فشل الحل العسكري
إن القناعة التي توصلت لها الإدارة الأمريكية والمفكرون السياسيون والاستراتيجيون استحالة الحل العسكري في الشرق الأوسط، وإن سياسة إسرائيل القمعية والعسكرية خلال نصف قرن لم تحقق السلام أو التسوية، وقد أكد إدوارد دجرجيان السفير الأمريكي السابق في كل من سوريا وإسرائيل (أعتقد أن غالبية الإسرائليين تدرك الآن أن لا حل عسكريا للصراع مع العرب)، ويذهب المفكر الإسرائيلي، إيتان غلبورغ، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بار أيلان بقوله تعليقا على تقرير بيكر (على الجميع أن يشعر بالقلق .. إذا طبق فإنه سيدعم التيار الإسلامي المتطرف! إلى العالم أجمع، وستترك إسرائيل وحدها في مكافحة الإرهاب من دون الولايات المتحدة)!!

بلير والسلام
إن تحرك رئيس الوزراء البريطاني ومقابلة الرئيس بوش يعكس القلق من تطورات الأحداث على المصالح الأوروبية والأمريكية، عن زيارة بلير مؤخراً وجولته المتوقعة وهي الثانية خلال عدة أشهر تسعى لتحريك عملية السلام والمفاوضات في الشرق الأوسط علما بأن بلير من أكثر رؤساء وزراء بريطانيا تأييداًً لإسرائيل، ولكن تتابع الأحداث تفرض تحركاً سياسياً وهو ما يردده خافيير سولانا!!

خافيير سولانا تحرك للسلام
لعل أكثر الساسة الأوروبيين حركة في المنطقة خافيير سولانا الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن المشترك في الاتحاد الأوروبي الذي زار المنطقة عدة مرات خلال الأشهر الأخيرة، والذي يعتقد بأهمية وخطورة تدهور الأوضاع في الشرق الأوسط وخاصة الموضوع الفلسطيني وحسب قوله (إن رأيي إزاء الصراع القائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين ليس بجديد، إذ طالما اعتبرت أن هذا الصراع موجود، بصورة أو أخرى في صميم الصراعات الأخرى)، إن هذه القناعة بأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بأنه جوهر الصراع لا شك يدفع نحو تحريك عملية السلام والدعوة لمؤتمر دولي كما قامت إيطاليا وإسبانيا وفرنسا بتحرك أوروبي لدفع عملية السلام !
لماذا التحرك الأوروبي إن الولايات المتحدة في ورطة عراقية أفغانية، وإن سيطرة الديمقراطيين على الكونجرس بشقيه والانتخابات الرئاسية القادمة وفي ظل النقاش الأمريكي حول الفشل الإسرائيلي في لبنان والنقاش حول مدى الاستمرار في تأييد إسرائيل يفتح المجال أمام أوروبا للتحرك في المنطقة وإن كانت تطالب بحكومة وحدة وطنية فلسطينية !

أيزنهاور في الذاكرة الإسرائيلية
لا شك أن النخبة السياسية في إسرائيل وعلى رأسهم شمعون بيريز يتذكر جيدا موقف الرئيس أيزنهاور من العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 عندما أمر إسرائيل بالانسحاب من سيناء، وقد كان رئيس وزراء إسرائيل آنذاك ديفيد بن غوريون، والذي تعلم درس السويس أن لا تقوم إسرائيل بأي تحرك عسكري في المنطقة إلا بعد أخذ الضوء الأخضر من واشنطن وهو ما فعلته إسرائيل في 1967 و1982 و2006 حتى تضمن التأييد الأمريكي لها، ولكن الظروف تغيرت والأطراف الدولية الفعالة أيضا تغيرت، ولم يبق سوى التعامل الإسرائيلي مع الواقع العسكري والسياسي الجديد من عدم قدرة الحل العسكري على تحقيق المصالح الأمريكية والإسرائيلية!! ولا شك بأن هناك تحولاً في سياسة واشنطن التي ترى تحولا على المستوى الشعبي العربي والاسلامي دفع واشنطن لاستحداث منصب مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية للدبلوماسية العامة لتحسين صورة واشنطن التي كان لإسرائيل دور مهم في هذا التشويه، وقد نبه لهذا الخطر قبل أربعة عقود بول فندلي في كتابه (من يجرؤ على الكلام)، والذي أثار ضجة خفتت في حينه، ولكن تطورا ت المنطقة حاليا جعلت واشنطن تعيد الحسابات ضد استمرار تأييد واشنطن كان آخر رموز هذا التأييد بعد استقالة رامسفيلد هو استقالة جون بولتون المحافظ الجديد المتطرف الذي ترك منصب مندوب الولايات المتحدة، في الأمم المتحدة وبذلك أخذت إسرائيل تفقد رموز المحافظين الجدد في إدارة جورج بوش واحدا تلو الآخر.

عودة البرجماتية الأمريكية
إن ما يقلق إسرائيل وخشيتها من مؤتمر دولي شامل في المنطقة بنظرة شاملة للصراع في الشرق الأوسط من العراق إلى فلسطين، لقد استغلت إسرائيل الغطاء الأيديولوجي لسياسة جورج بوش أسوأ استغلال في التطرف المسيحي الصهيوني للمحافظين الجدد واستغلال أحداث 11 سبتمبر 2001 في ما يسمى بالحرب على الإرهاب وتدمير البنية التحتية الفلسطينية والقتل والتدمير، ولكن رغم ذلك جرت سياسة بوش والمحافظين وبالا على واشنطن دفع بالتحول لتحرك التيار البرجماتي في واشنطن لإنقاذ بوش وإدارته تمثل في عودة رموز التيار البرجماتي للواجهة من أمثال جيمس بيكر الذي هاجم اللوبي الصهيوني في آخر عهد بوش الأب واتهامهم بإسقاطه رغم ما فعله لإسرائيل بعقد مؤتمر مدريد 1991.
إن بيكر يكن ولاء للولايات المتحدة أكثر مما يمثله التيار الذي سيطر على إدارة بوش من أمثال وزير الدفاع السابق رامسفيلد ونائبه الأسبق بول وولفيتز ودوجلاس فيث وكلهم تركوا وزارة الدفاع بعد التورط في أفغانستان والعراق والتأييد المطلق لإسرائيل، وأخيرا استفاقت أمريكا بعد طول سبات عميق بتحرك كارتر وروبرت غيت وجيمس بيكر بأن هناك مصالح لواشنطن تختلف عن إسرائيل، وأن مصالح واشنطن أولا، والأشد والأعظم خطورة تحرك الجامعات والأساتذة لمناقشة العقول الأمريكية بأن أمريكا أولا وليست إسرائيل، وهو ما كانت إسرائيل تخشى خطورته عندما أنشأ اللوبي الصهيوني لجنة مراقبة الحرم الجامعي حتى يبقى مسيطرا على الجامعات التي تخرج الأجيال القادمة، ولكن صوت الحقيقة يخترق كل الحواجز وهو ما حدث من دراسة اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية وتقرير لجنة بيكر هاملتون !

* مجلة المجلة




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر