القدس العربي -
قتل صدام وتوريط مقتدي >> وهذا رد العراقيين المنتظر! !!
قتلوا صدام حسين، من قتله بتلك الطريقة المشهدية المصممة باحكام؟ الامريكيون طبعا، المنفذون المتواطئون، هم اولا خليل زادة، ثم المتعاون المعروف، موفق الربيعي، وعبد العزيز الحكيم. خليل زادة، ثبت التهمة علي نفسه، لانه حرص بشدة علي التبرؤ منها، وادعي ادعاء لا يصدق، فقال: ما حصل هو قرار العراقيين ، اي نتيجة وحشية هؤلاء وحقدهم الثأري الاعمي، موفق، لانه جهز كل العدة، وامن الاختراق اللازم، وصور وأوحي باطلاق الهتافات، وسرب الحادثة ، واشاع بان شخصا بعينه، هو مقتدي الصدر، كان موجودا، وانه حتي قد وضع الحبل فوق رقبة صدام حسين بيديه. عبد العزيز الحكيم، لانه تواري عن المشهد، ابتعد عن المسرح، مثل خليل زاده، ليس ليرمي التهمة علي العراقيين ، فذلك لا يصح منه، بل لكي يقحم مقتدي بمفرده، في ما بدا وكأنه جريمة حقد تنضح صَغارا، وتشف اعمي لا يليق الا بعبد العزيز بالذات، دون سواه، وينم بقوة عنه هو دون غيره، كمخطط، لم تبتدع عقليته غير احط اشكال السيناريوهات، واكثرها سوقية وغدرا.
المالكي كان موجودا، لكنه استخدم بينما ظل يتصرف بـ فطاريه حولته الي خلف بن امين ، صرح اكثر من مرة باعتباره قتال السبع الميت ليوحي، والناس، ومن يحيطون به يضحكون منه ويتغامزون، بانه صاحب القرار الاول ، هذا المصير لم يرض به حزبه، وسرعان ما انتفض ضده وتظاهر، لان منتسبيه وكوادره، لم يقبلوا ان يكونوا اشبه بمن تملطخ بدم المقاتيل ـ مثل عراقي ـ، خلف المالكي، كان عبد العزيز الحكيم والربيعي يضحكان بعبهما، لقد القيا به في الحفرة واستغلا لأبعد حد، وببراعة، سذاجته واستمراءه الفارغ لدور الحاكم ، من اجل الاجهاز عليه، والتمهيد للاطاحة به قريبا، فالعراق تجري تهيئته لطور جديد من احتلال ، القوات الامريكية الاضافية، تتهيأ للوصول، والتحالفات المعول عليها داخل العراق، تحضر لتضم: الحكيم، وحكام المنطقة الكرديه، جلال ومسعود، وربما، وهو المرجح، ان لم يكن المؤكد، الحزب الاسلامي، ممثلا بالهاشمي.
من كان يصدق، ان مصير صدام حسين، سيعلق اليوم علي استكمال مصير آخر حلقة في سلسلة ضحاياه الصدريين، الممتدة من المفكر الكبير محمد باقر الصدر، الي محمد صادق الصدر، لتصل الي مقتدي، فلا يموت صدام الا لكي يقتل مقتدي به وبسببه، ويوم يموت الحاكم، رجل الدولة المستحيلة، ومنهي وجودها الي الابد، المطاح به علي يد الغزو الامريكي، وسجين الاحتلال، لا يتقدم خطوة نحو حتفه، قبل ان يصطحب بمعيته، من كان يحلم ويصر علي اخذ الثأر منه، تلك تعرجات التاريخ، ومبتكرات تاريخ العراق الفريده بالذات، وتلك واحدة من صفات الثأر علي مر التاريخ، وها هو مقتدي قد قتل فعلا، فلقد ردد متظاهرون خارج الحدود، ما اراد لهم الامريكيون ان يرددوه، تعالت حناجر في شوارع عمان تهتف يا مقتدي صبرك صبرك ... قرب ينحفر قبرك فالتبس الامر: هل هذه مظاهرة احتجاج علي مقتل صدام حسين، ام نشيد طليعة القوات الامريكية المستقدمة حديثا الي العراق؟ هنا ايضا تتداخل المصائر، ومن يحملون صورة صدام الشهيد ، يتحولون الي صداحين بصوت الربيعي وعبد العزيز الحكيم وخليل زاده، ولن يكون هنالك فكاك من هذا التزوير الواعي واللاواعي والمحسوب والمجهول ، الا اذا ذهب المتظاهرون في بعض العواصم العربية فورا، ولمرة واحدة في تاريخهم كله، نحو قصور حكامهم وملوكهم، وسحبوهم منها ليأخذوهم نحو المشانق ، والا اذا سيرت فتح مظاهرات لا تؤجج باسم مقتل صدام، الحرب الاهلية الفلسطينيه، التي يقف وراءها شخص لا يشنق، مثل دحلان، او حتي مثل محمود عباس، الذي يتلقي العون والاسلحه علنا من الاسرائيليين، ضد حماس المنتخبة، ومحازبوه الفاسدون يسيرون مظاهرات، ترفع صور صدام حسين، ضد هنية العائد من طهران، لا ضد الربيعي وعبد العزيز الحكيم وخليل زاده.
اذا كان العالم العربي يعاني الي هذا الحد من الهشاشة والطواعية للتلاعب من قبل عراقيين صغار ، يعملون في خدمة الامريكيين، ولا يكادون يغادرون المنطقة الخضراء، اذن فلنكن مطمئنين، لان موضع التلاعب، ومسرح تصدير الموت في عالم العرب والمسلمين، (العراق)، ليس من طباعه خذلان من يراهنون عليه، وهاكم ما حدث، توالت علي وقع ما حصل اول يوم من ايام عيد الاضحي الاخير مواقف سنية ، منها موقف وبيان هيئة علماء المسلمين الهادئ المتحفظ، المستنكر بلا ضجيج، الحريص علي الوحدة والموصي بضرورة التمسك بها، مثني حارث الضاري اطل بعد غياب ليس بالقصير، وكان همه الوحدة الوطنية في لحظة خطرة، بعثي مخضرم، وتكريتي من زملاء ورفاق صدام القدماء، هو صلاح عمر العلي، قال بصريح العبارة: ما حدث في غرفة اعدام صدام هو اندساس وتزوير معد مسبقا وبرأ مقتدي الصدر، جبهة التوافق قالت الشيء ذاته، ورفضت المغالاة، حزب البعث العراقي نفسه كان هادئا، رغم سعيه للحفاظ علي الشكليات، وتوخي بوضوح، الحرص علي الوحدة الوطنية، وعزة الدوري، اوصي في بيانات منسوبة له، بتوسيع جبهة المقاومه ، تيار المطلك ، لم يشذ عن الآخرين، لا بل تقدم خطوة حتي كاد يوافق علي ادانة صدام حسين، اخت لصدام في الخارج برأت الشيعة، واشادت بمحمد صادق الصدر، واتهمت الامريكيين بقتل اخيها، وهذه كلها ليست مجرد مواقف ، بل تحضيرات مقابلة، لمعركة علي الابواب، تبدأ خطواتها الاولي، عبر مقتل صدام حسين بالطريقة التي تم قتله بها، العراقيون يعلمون بالحس، وقوة الاختبار مع التاريخ وتقلباته الطويلة العنيفة، ما يخطط لهم، ويحتاطون.
والامر اصلا ليس بسر، منذ فترة، والتقارير تتوالي، مؤكدة علي اتخاذ الادارة الامريكية قرارا بشطب مقتدي الصدر وتياره من المعادلة العراقية، الـ تايم اهم المجلات الامريكية الاسبوعيه ومن ارصنها، وضعت مقتدي الصدر علي غلافها، واعتبرته اخطر رجل في العراق ، والغريب ان هذا التطور كان يسير بالتوازي مع مواقف اتخذها مقتدي او حسبت عليه، تصب كلها في خانة تركه لخندق التصلب، او العداء القديم للامريكيين، دخل الرجل العملية السياسية، وقوات المهدي التابعة له، تحولت الي رأس حربة في الاحتراب، والتهجير والقتل الطائفي، في بغداد خصوصا.
ما فعلته التايم مع مقتدي، حدث لصدام حسين بعد عام 1988 وقضية الجاسوس الايراني بازوفت ـ هل تتذكرونه؟ ـ وبدء الحملة علي العراق، وضع صدام وقتها ايضا علي غلاف التايم ، يدخن سيجار الهافانا الكوبي الفاخر، واشير اليه والي خطره علي العالم ، اليوم يهيأ مصير مقتدي، بنفس الطريقه، انما باستعجال، يتناسب وضيق وقت الاحتلال، واغراضه، ومأزقه، والقضية بدأت حتي قبل ان يكثر الحديث عن توصيات لجنة (بيكر /هاملتون)، بحوالي الشهرين، ومن الصعب الاحاطة بكل التقاطعات، التي اشتمل عليها مسار التطورات، التي افضت الي التحول الامريكي نحو ما اصبح يسمي الآن بـ التغيير ، فتلك مروحة هائلة من الاحداث والمعطيات والتطورات الامريكية العراقية والاقليمية والعالمية، دارت دورتها الفلكية لتستقر اليوم عند مسالتين: زيادة القوات الامريكية بنسبة الثلث، حسبما اعلنت الـ سي ان ان ، وتحالف بين عبد العزيز الحكيم والحكام الاكراد وتيار اسلامي سني. وهذا التطور موكول الي شرط، هو نفسه سبب استحالته، وانعدام فرص نجاحه، فهيمنة عبد العزيز الحكيم، وتفرده شيعيا يعني حكما، انهاء منافسه القوي مقتدي وتياره، ومثل هذا الاتجاه يعني عمليا، تبدلا حاسما في الاستقطابات، يمكن ان ينهي او يقلص الي اقصي مدي، مسببات الصراع الطائفي المتحكمة بالاوضاع منذ فترة، ومعركة الحكيم المتوقعه قريبا، مدعوما بالقوات الامريكية المستقدمة حاليا الي العراق، ستفضي بلا جدال، الي انشطار وطني في القوي العراقية، ما بين شيعة وسنة مقاومين، و شيعة وسنة واكراد متعاونين، ما سيعيد الامور الي اجواء انتفاضة نيسان (ابريل) المشتركة عام 2004، ايام خيضت معركة النجف والفلوجة الاولي تحت راية واحده، هذا مع كل ما تراكم من عبر ودروس الفترة السوداء، التي اعقبتها لدي طرفي المقاومة في الجنوب وغرب العراق، وقبلا في بغداد، حيث ينوي الامريكيون توجيه ضربتهم القاصمة للتيار الصدري، علي امل ان يتمكنوا من فصل جسد التيار عن راسه، قبل محاولة الحاق المنتمين اليه لمعسكر الحكيم، اي لمعسكرهم.
يجادل الكثيرون بقوة، بخصوص المسألة الايرانيه، وحجمها، وموقعها في الحملة الراهنة، هل الذي يزمع الامريكيون اعتماده يا تري، هو تسليم العراق نهائيا للايرانيين، اذا كان الامر كذلك، فما السبب في استهدافهم للتيار الصدري، غير البعيد حسب المجادلين انفسهم، عن الدائرة الايرانيه، واذا كان التيار الصدري موجودا ضمن العملية السياسيه، ومستعدا لخوض معارك طائفية ، كالتي خاضها علي مدي الشهور المنصرمة، منذ حادثة سامراء، فما الذي يبرر الاصرار علي تصفيته، بدل محاولة زيادة درجة احتوائه؟ المصدر الاهم في ترويج هذا الاعتقاد، هو ما سرب، وجري التركيز عليه من تقرير بيكر /هاملتون حول ضرورة التحادث مع سورية وايران بخصوص العراق، وهو ما يمكن ان يكون اكثر الجوانب كذبا في التقرير، او اكثرها استبعادا من قبل الرئيس الامريكي، مع انها قد ادت غرضا مهما في الترويج لفكرة معينه، يعلم الرئيس الامريكي انها لن تنفذ، وان عكسها هو المرجح.
لا يوجد من الناحيه المنطقية اي تبرير، يجعل مسألة تصفية التيار الصدري اولوية اليوم، مع نية اعتماد عبد العزيز الحكيم كوكيل اوحد، لا علي مستوي الشيعة وبينهم وحسب، بل في العراق ككل، غير توجه امريكي، يركز علي وهم خيار شيعي عراقي، بديل للخيار الايراني، ولعبة النجف، مقابل، او ضد ايران، وحدها تجعل مثل هذا الاصرار علي انهاء وجود التيار الصدري، ملحة جدا، كما هي الآن، فمشروع كهذا، يستحيل تنفيذه بظل ثنائية الصدر /الحكيم، كما من الصعب جدا ضمان تنفيذه، اذا كان هنالك اي افق للقاء سني ـ صدري اليوم، او في المستقبل المنظور، ولا شيء كما تصور المحتلون، يمكن ان يقيم حاجزا نهائيا، غير قابل للعبور بين الطرفين، مثل ذلك الذي حدث يوم الاول من عيد الاضحي، فمقتل صدام بالطريقة التي تم بها القتل، حول مشنقة سجين المحتلين، الي سكين فوق رقبة مقتدي، وفي وضع تتعتق فيه الهزيمة والانحدار، لدرجة تتحول معها الشعارات التي يطلقها الهاتفون من غضب، في الشوارع، خارج العراق، ضد مطلقيها، لا شيء يحول بين الامريكيين وبعض صنائعهم، وبين ان يأملوا باحكام الجريمه ضد القاتل والمقتول معا.
يوم الاربعاء اعلن الرئيس الامريكي خطته الجديدة حول العراق، وهو ما سيدخل في التاريخ باعتباره، الاحتلال الامريكي الثاني للعراق، وما سيعرف ايضا، ببدء حصول متغيرات فاصلة علي جبهة المقاومة العراقية، فالانتقال من عهد المقاومة الجزئية الي المقاومة الشاملة ، سيكون من اهم الحقائق التي ستواجه الاحتلال وتعرفها المنطقة والعالم، اي ان العراقيين، سيضعون الاحتراب الطائفي خلف ظهورهم، ومن هنا سيتعلم الكثيرون، اشياء وحقائق جديدة عن المجري المعقد للمواجهة الكونية الجارية فوق ارض العراق، حيث لا تبتذل العروبه التي هي هم، علي يد العراقيين، ولا تتلبس ثوب السعارالقاتل اولا لمن يطلقون الهتافات، وسط شوارع فارغه، لا يتلبث علي ارصفتها غير ثقل بقايا والتباسات عروبة هزائم لا تنتهي ..... دعهم يتصايحون ويتعلمون ..
فامامنا عمل كثير علينا ان نتهيأ له، هنالك مهمات لا تحصي، يلقيها التاريخ اليوم، كما كان الامر دائما، علي العقل الوطن ـ كوني العراقي، منها، اعادة الاضاءة علي طريق العروبة الحقة، المتوثبة، الصاعدة ابدا نحو الافق والسماء ... بالتاكيد سيهزم الامريكيون مع الجولة القادمة، ويقوم عراق آخر وتكتمل عروبات ناقصة تنتظر تخليص اهلها من قصور افق كياناتها الصغيرة .. متي ...؟
قريبا ...وهل مر حين من الدهر لم يكن العراق هاديا؟
ہ كاتب من العراق يقيم في باريس