الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:57 ص
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الجمعة, 19-يناير-2007
بقلم : علي عبدالعال -
الأمريكيون وسياسة اشعال الحرائق في العالم..إيران .. جبهة جديدة للصراع
يبدو أن محطات التوتر في منطقة الشرق الأوسط لن تنتهي حتى تأتي النار على كل شبر في هذه المنطقة المنكوبة، سياسياً واستراتيجياً وعقائدياً. فلم يكد الأمريكيون يتدبرون أمورهم في خطة تلو الخطة تخلصهم من شباك المصيدة العراقية، حتى شرعوا يدقون طبول المواجهة مع إيران ليس إلا لإسترضاءً الصهاينة وحلفائهم من "الصليبيين الجدد" في الإدارة الأمريكية.


وحقيقة فإن طهران الملالي ــ بمذابحها في العراق وممارساتها المشينة ضد عرب الأهواز، فضلاً عن مساعيها نحو إمتلاك القنبلة النووية لتحقيق حلم الإمبراطورية الشيعية الكبرى ــ لم تترك عذراً لأحد يتكأ عليه في الدفاع عنها، إلا أن ذلك لا يعني أن "الصهيوأمريكيين" صاروا ــ بين عشية وضحاها ــ أصدقاء للعرب والمسلمين في العالم.


ومن ثم، فالمنطقة العربية ــ لاشك ــ مقدمة على أخطار لا يعلم مداها إلا الله، أخطار لن يقلل من جثامتها تحالف "المعتدلين" من (العرب) مع الولايات المتحدة لتحقيق أمن إسرائيل، كما لن يقلل من جثامتها هذا القمع والقهر المنظم الذي تلقاه الأمة على أيدي حكامها. وإن الاستبصار وفهم الواقع يقتضي أن تعلم الأمة ــ حكام ومحكومين ــ أنه إن كانت إيران الملالي ذات الإيديولوجية الشيعية المتسلحة نووياً، تمثل تهديداً حالياً وفي المستقبل، فإن الكيان الصهيوني وحلفائه من الأمريكيين لن يكونوا أبداً أقل أطماعاً وعدوانية، الآن وفي المستقبل أيضاً.


وإذا كان التصعيد الأمريكي تجاه إيران، في الوقت الحالي، هو سيد الموقف في المنطقة، يرى المراقبون أن زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية، الأخيرة، جاءت في سياق دفع العرب في إتجاه الطرح الأمريكي الإسرائيلي المشترك حول إيران، والعمل على تشكيل حلف ثلاثي (جبهة المعتدلين العرب ، والإدارة الأمريكية، وإسرائيل) بهدف تقليم الأظافر الإيرانية التي لن تقدم أمريكا وإسرائيل على تقليمها بدون ضمان غطاء ودعم عربي لا حدود لهما. ورغم أن مدير السي آي إيه السابق، جون نجروبونتي، قال : إن البرنامج النووي الإيراني بحاجة إلى عشر سنوات ليفضي إلى القنبلة، فإن الحرب الاستباقية على إيران ليست مجرد وهم أو خيال ولا هي حبر على ورق، بل هناك سيناريوهات مرسومة وخطط موضوعة وتصريحات معلنة.


والدلائل على أن تلك الحرب واردة وبقوة أكثر من أن تحصى، وكذلك التصريحات الأمريكية النارية التي تسارعت ــ هذه الأيام ــ لاعداد المسرح قبل أن تنتهي ولاية جورج بوش. فها هو الرئيس الأمريكي يقول : " إن فشلنا في العراق سيقوي إيران ويهدد السلام العالمي". وها هو نائبه ديك تشيني يقول: "إن إيران باتت تزعزع الاستقرار في العراق وعلينا أن نمنع ذلك". أما مستشار الأمن القومي ستيفن هادلي فيقول : انه لا يستبعد دخول القوات الأمريكية الأراضي الإيرانية لملاحقة العناصر المناوئة ، معقباً بذلك على تهديد بوش بسحق "الشبكات" الإيرانية في العراق ، وعندما سألت كونداليزا رايس، خلال جولتها الشرق أوسطية عن احتمال شن إسرائيل هجوماً على إيران ، تهربت من السؤال بقولها : إن مجرد الحديث عن ضرب المنشآت النووية، يؤكد مخاطر الفشل في اقناع إيران بالتخلي طوعا عن تخصيب اليورانيوم.


كما وتشير المعطيات حول هذا الملف، إلى أن الاستعدادات والترتيبات بدأت تأخذ مكانها بقوة لدى أطراف هذا المنزلق الجديد، فمن جهته، جاء خطاب جورج بوش الأخير ــ حول الاستراتيجية الجديدة في العراق ــ وقد بدت إيران كعدو رئيس، وقال بوش : إن بلاده ستعمل مع دول أخرى "لمنع إيران من الحصول على السلاح النووي والسيطرة على الخليج". وأعلن أنه أمر بإرسال حاملة طائرات نووية ثانية إلى الخليج، وأعلن أيضاً عن نشره أنظمة صواريخ باتريوت المضادة للصواريخ، بهدف طمأنة حلفاء واشنطن في المنطقة، من ضربات صاروخية إيرانية محتملة. حيث يفترض أن تنضم حاملة الطائرات "يو إس إس جون ستينيس" مع القطع البحرية المرافقة لها إلى حاملة الطائرات "دوايت ايزنهاور" الموجودة حالياً في الخليج، وقال مسؤول عسكري : إن الولايات المتحدة تسعى لإبقاء حاملتي طائرات في منطقة الخليج لأشهر، في أول انتشار من نوعه منذ السنة الأولى لحرب العراق.


ومن جهته، قال وزير الدفاع الأمريكي الجديد، روبرت جيتس : إن تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في الخليج، بمثابة إشارة موجهة خصوصاً إلي إيران بأن الولايات المتحدة تعتزم البقاء لفترة طويلة في هذه المنطقة الإستراتيجية. وأضاف : "حين يتعلق الأمر بأشخاص على الأراضي العراقية يحاولون قتل أمريكيين، ويحاولون نقل أسلحة تستخدم في قتل أمريكيين (..)، تكون المسألة ضرورة عسكرية لمواجهتهم". وزادت وزارة الدفاع الامريكية الوجود العسكري في منطقة الخليج في الاسابيع الاخيرة في تحرك اعتبر على نطاق واسع تحذيرا من أي تصرفات استفزازية من قبل ايران.


وعندما جرت تغييرات في القيادة العسكرية الأمريكية المهتمة بالعراق، لوحظ تعيين الأدميرال، ويليام فالون، على رأس القيادة المركزية المسؤولة عن الشرق الأوسط، وجاء التفسير العسكري لذلك بأن تعيين طيار بحري ليشرف على العمليات العسكرية في الخليج له دلالة واحدة تشير إلى الخطوات التحضيرية لضرب المنشآت النووية الإيرانية، إذا ما دعت الضرورة. لأنه إذا ما قام السلاح الجوي بغارات مكثفة فإن المهمة الاستراتيجية ستقع على البحرية، فإيران ستفكر بالرد بالهجوم على منصات وحاملات النفط وإغلاق مضيق هرمز ومحاولة ضرب البنية التحتية لنفط دول الخليج، وهنا يبرز دور البحرية الأمريكية.


وكانت قوات الاحتلال الأمريكية في العراق، قد أقدمت ــ في غارتين منفصلتين ــ على اعتقال عناصر إيرانية، فيما كُشف عن أوامر صادرة من قبل جورج بوش نفسه، تخول لتلك القوات استهداف الإيرانيين.


وبشأن دولة الكيان الصهيوني، تشير التصريحات الصادرة عن مسؤوليها إلى أن الدولة العبرية تقوم بدور "من ينفخ في النار" أو المحرض الأساس على هذه المواجهة، وفي آخر تصريحاتها ــ قبل كتابة هذا التقرير ــ جددت وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، دعوتها "المجتمع الدولي" للسعي فوراً لوقف الطموحات النووية الإيرانية، قائلة : "إن إيران تشكل تهديداً لكل دول الشرق الأوسط ، وليس إسرائيل فقط". وقالت ليفني للصحفيين : "إيران لا تهدد إسرائيل فقط، بل يمتد تهديدها لعدد من دول المنطقة"، واستطردت : "هدفها ليس فقط إزالة إسرائيل من على خريطة العالم، بل إعادة تشكيل المنطقة" وعلى المجتمع الدولي أن يقف بكل حسم، ويرسل إشارات واضحة، للرئيس الإيراني بأن استمراره بالدعوة لإزالة إسرائيل وإنكار المحارق النازية لليهود، أمراً "غير مقبول".


وكشفت صحيفة " الصنداي تايمز " البريطانية، أن إسرائيل وضعت خططاً سرية لتدمير منشآت تخصيب اليورانيوم الإيرانية، ومن ثم فإن الاعتداء الإسرائيلي يعني أنه سيكون بعد نيل ضوء أخضر أمريكي، ذلك أن أي رد إيراني على تل أبيب سيعني أيضا تدخلاً أمريكيا لصالح الكيان الصهيوني.


وعلى صعيد الدور العربي، تشير المتابعة لهذا الدور إلى أن الحكام العرب من "حلف المعتدلين" سيتوجهون ــ لا شك في ذلك ــ تبعاً للبصلة الصهيوأمريكية، ليس من أجل تحجيم الممارسات الطائفية ضد السنة في المنطقة، والتي تتم بدعم إيراني كامل، بقدر ما هو إرضاءً للبيت الأبيض وتوجهاته مهما كانت، وحفاظاً على ديمومة الدوران في الفلك الأمريكي، حيث اتجه. ولا يعتقد المحللون أن دول الخليج والأردن ستجرؤ بأي حال على معارضة الإستراتيجية الأمريكية، وستجد في موافقة الدولة العربية الأكبر الغطاء الذي تريده. إلا أن أسوأ ما في الأمر بالنسبة لقادة الخليج هو القوة المتنامية للمد الشيعي، والتي قد تكون أهم نتيجة غير محسوبة لتوجهات الأمريكيين.


وعلى بالنسبة للقادة العرب، كان العاهل الأردني عبدالله بن الحسين، أول من حذر من قيام "هلال شيعي" يمتد من إيران مروراً بالعراق وسوريا وصولاً إلى لبنان، وما لهذا الهلال من تأثيرات طائفية وسياسية غاية في الخطورة "وهي ما تواجهه المنطقة الآن".


وفي مصر، حذر الرئيس مبارك ــ قبل لقائه السابق بكوندوليزا رايس ــ من أن إيران تسعى إلى أن تكون لها ركائز في العراق والمنطقة، مشيراً إلى أن الحروب الطائفية و العرقية لن تترك أخضر أو يابساً. وعن رؤية مصر لمستقبل المنطقة تجاه امتلاك إيران وإسرائيل للسلاح النووي، قال مبارك ــ في مقابلة مع صحيفة "الأسبوع" ــ : " لا يمكن لمصر أن تقف صامتة، تتفرج على إمتلاك بعض القوى الإقليمية للسلاح النووي، ولا يمكن للعرب أيضا أن يقبلوا العيش تحت تهديد محتمل.. لا يمكن أن أسكت على هذا الوضع، فمسؤوليتي بالأساس هي أمام شعبي، ولا يجب السماح بأن يصبح أمننا في خطر داهم.. إن مصر لن تكتفي بموقف المراقب ولن تقف مكتوفة الأيدي".


وتشير الزيارات المتكررة ــ في الفترة الأخيرة ــ من قبل المسؤولين الأمريكيين إلى المملكة العربية، إلى أن إدارة بوش أوشكت من الحصول على صك سعودي بألا يتركوا الأمريكيين في الساحة وحدهم، حيث أعلن مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية، أن وزير الدفاع، روبرت جيتس، طمأن السعوديين لدى لقائه الملك عبدالله بن عبد العزيز، بأن "العراق سيكون سداً في وجه التوسع الإيراني" في المنطقة. وقال هذا المسؤول : إن "أصدقاءنا العرب ينظرون إلى الوضع في العراق في اطار التحدي الجديد الذي تطرحه إيران، تلك هي بوضوح النظرة السعودية".


وجاء ذلك بينما يشير مراقبون إلى أن الرياض تضع قدم وترفع أخرى، تجلي ذلك بعد أن حذر الأمير، تركي الفيصل، السفير السعودي المستقيل في واشنطن ــ وهو مدير سابق للمخابرات ــ حذر واشنطن من القيام بعمل عسكري ضد إيران لكبح طموحاتها النووية، قائلاً : إن مثل هذه الخطوة ستكون لها عواقب "مأساوية".
أوضح الأمير تركي أن الرياض أمامها اثنان من السيناريوهات الكابوسية، وهي أن تطور إيران أسلحة نووية، وأن تتحرك الولايات المتحدة ضدها عسكرياً. وقال "في الحالتين.. ترى المملكة العواقب.. مأساوية على أقل تقدير". وتشارك السعودية الولايات المتحدة قلقها بشأن البرنامج النووي الإيراني، كما تشعر بالغضب بشأن النفوذ الإيراني في العراق حيث يهدد العنف الطائفي بنشوب حرب أهلية.. حيث مع الشيعة الموالين لإيران صارت طهران تحرك كل خيوط اللعبة السياسية والأمنية في العراق.


على الجانب الإيراني، اعتبر الرئيس أحمدي نجاد في حديث لصحيفة "الموندو" الإسبانية أن أيا من إسرائيل و الولايات المتحدة لن يجرؤ على مهاجمة بلاده. قائلاً : " لا أعتقد أنه ستكون لديهم الجرأة أبداً لمهاجمتنا لا هم ولا أسيادهم.. لن يرتكبوا مثل هذا التصرف الغبي". وقال نجاد ــ خلال زيارته إلى نيكاراجوا ــ "سيعرفون قوة الشعب الإيراني". وكان سيرجي إيفانوف، وزير الدفاع الروسي، قد كشف عن أن بلاده سلمت إيران أحدث المنظومات الصاروخية المتوسطة المدى من طراز "تور ـ 1 إم". مؤأكداً استعداد بلاده لتقديم أية اسلحة دفاعية أخرى إلى إيران في حال طلبها لذلك. ويؤكد مسؤولون عسكريون روس أن نظام الصواريخ هذا سيحمي إيران من هجمات جوية. كما كشفت تقارير إعلامية إن إيران حاولت أن تقتني قطع غيار من أنظمة حربية أمريكية، عبر وسطاء يقومون بشراء هذه القطع من مخازن الفائض لدى البنتاجون الأمريكي، وهو ما لم تفلح فيه طهران، على ما بدى من تقرير أمريكي.


وفي حالة نجح هذا الثلاثي من (المعتدلين والإسرائيليين والأمريكيين) في تقليم الأظافر الإيرانية، فإن ذلك حتماً لن يكون بلا مقابل، حيث ستعم الآثار المدمرة لأي عمل من هذا النوع، كل المنطقة. وقد حذر كينيث بولاك مدير الأبحاث في مركز "سابان" التابع لمؤسسة "بروكينجز" أنه "من شأن التوجه (الأمريكي ضد إيران) أن يقود إلى نتائج عكسية لأنه قد يؤدي إلى اتساع العمليات الأمريكية والانجراف إلى صراع مسلح، لاسيما وأن الإيرانيين سيحاولون أن يثبتوا أنه ليس من السهل النيل منهم".




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر