سعد علي الحفاشي -
رجـــل تحـول إلى كلب وأفترس طفلة
لم يكن أياً من والدي الطفلة (ياسمين مساعد العبدلي) والتي لم يتجاوز عمرها الشهر والنصف بعد يتخيلا في يوم من الأيام أن طفلتهم الحبيبة سيحدث لها ما حدث في ذلك اليوم المشئوم، الذي شاء القدر فيه أن ينشغلا لبعض الوقت خارج المنزل، بينما كانت (ياسمين) نائمة على فراشها الصغير بالداخل ليعودا إليها بعد أقل من نصف ساعة فيجداها جثة هامدة، وأجزاء من وجهها وشفتيها ورقبتها قد انتزعت عضاً كما لو أن ذئباً مفترساً أو كلباً مسعوراً قد أقدم على فعل كل ذلك فيها.
كان ذلك صباح يوم الثلاثاء الموافق 16/1/2007م حين هرع أهالي قرية (الحماقي) بمديرية الرجم محافظة المحويت إلى منزل المواطن (مساعد العبدلي) والد (ياسمين) على إثر سماعهم لصراخ شديد وأصوات استغاثة من والدة (ياسمين) ونسوة أخرى من جيرانها ليكتشفوا فور وصولهم إلى مكان الصراخ، حقيقة هذه الجريمة البشعة والتي ماكان أحد يتصور أن ابن عم والد (ياسمين) المختل عقلياً هو الذئب المفترس الذي أودى بحياة (ياسمين) والتهم بعضاً من لحمها إلا إنه بعد لحظات من اكتشاف الجريمة تمكن أحد سكان القرية من ضبطه أثناء محاولته الفرار من إحدى نوافذ المنزل وآثار الدم على فمه تماماً كما لو كان واحداً من تلك الاشكال الآدمية التي تصورها الأفلام السينمائية كمصاصي دماء البشر.
كان المشهد مرعباً جداً لم يحتمله والداي (ياسمين) وهما يشاهدان طفلتهم الغالية على تلك الهيئة البشعة فقد أغمي على والدتها منذ اللحظات الأولى وفشلت محاولات أهالي القرية في إفاقتها من غيبوبتها حيث كانت كلما أفاقت من غشيتها تذكرت ما حدث فعادت إلى غيبوبة أخرى.
بينما كان والد (ياسمين) - ومن هول الحادثة - قد أصيب بحالة هيجان هستيرية لايقوى أحد على تهدئته.
أجهزة الأمن بمحافظة المحويت وإدارة البحث الجنائي بالمحافظة وعلى إثر تلقيها لبلاغ هذه الجريمة هرعت مع فريقها من ضباط التحريات والمعمل الجنائي إلى المكان المذكور وقامت مع ممثلي النيابة بتصوير الجثة وضبط المتهم ونقلهم جميعاً إلى مركز المحافظة ، حيث أودعت الجثة ثلاجة المستشفى الجمهوري بالمحويت ونقل الجاني إلى حجز البحث الجنائي بينما تم نقل والدي الطفلة للمعالجة في المستشفى بسبب حالتهما الصحية السيئة.
كانت الجريمة أمام كل من شاهد آثارها أو سمع بعضاً من تفاصيلها بشعة جداً وجريمة مخيفة تعد الأولى من نوعها في محافظة المحويت وربما على مستوى الجمهورية ، فهذا (المعتوه) استطاع أن يجهز على (ياسمين) التي لم يتجاوز عمرها الشهر والنصف بعد ويأكل بعض أجزاء من وجهها وشفتيها وأذنيها وجزء من الرقبة وذلك ما جعل من الكثير من وسائل الإعلام المحلية والأجنبية تتسابق على نقل نبأ هذه الجريمة البشعة.
ومنها ملحق (الأنسان) والذي استطاع أن يحقق سبقاً صحفياً مميزاً عن كل من تناولوا هذه القضية من خلال كشف أدق التفاصيل عنها باعتبارها من القضايا الجديرة بالاهتمام والمتابعة والخليقة بدراسة حالة الجاني الصحية والنفسية لمعرفة الجوانب الاجرامية في سلوكه وفيما يلي حصيلة هذه التفاصيل:ــ
- إبراهيم أحمد العبدلي:
هذا الشخص إنسان تحول إلى حيوان مفترس يأكل بني جلدته والذي تجرم أفلام مصاصي الدماء .. إلى حقيقة بجريمته البشعة التي ارتكبها ضد ضحيته الطفلة (ياسمين مساعد العبدلي).
حيث خطط لجريمته في مطلع شمس يوم الثلاثاء 16/1/2007م وأدار سيناريو الجريمة كما يلي :
المجرم شخص أصم وأبكم بوجه مستطيل وأسنان بارزة إلى الأمام ، قام بمراقبة المنزل حتى خرجت الأم ووالد الطفلة من المنزل وبعد أن تأكد أن المنزل خال من أي شخص اقتحم الغرفة التي فيها الطفلة (ياسمين مساعد العبدلي) ودخل من نافذة الغرفة وقام بقتل الطفلة وشرع بأكلها .. وعندما شعر بقدوم أمها فر هارباً من النافذة التي دخل منها .. ليقوم بالهرب أمام الأم وهي تشاهد آثار الدماء بين أصابع يديه وأسنانه وعلى ملابسه.
فصاحت وهرعت لفتح باب الغرفة وشاعدت طفلتها عبارة عن بقايا لحم ودماء على الفراش، وهكذا أغمي على الأم وتعالت الأصوات والصياح وتجمع أهالي القرية أمام هذا المشهد مذهولين.
يفيد أهالي القرية وأقرباء الجاني أنه عاش طفولة مشردة مابين منزلهم والهيجة «الغابة» حيث لا يوجد فيها إلا الحيوانات المفترسة والأشجار التي كان يأكلها حيث لا يجد طعاماً.
العالم بالنسبة له قريته والهيجة التي يتنقل بينهما حيث لا يعرف السفر ولم يغادر منزله يوما ما.
انطوائي ومتروك من قبل أسرته .. كان يقتات طعامه من منزلهم أحياناً وأحياناً شفقة من الجيران وتارة يأكل الأشجار ومخلفات الذباحة .. ناضجة وغير ناضجة.
استفرط المجرم بضحيته التي لاحول لها ولا قوة ، أثناء غياب والديها عنها
والدة الضحية المدعوة /حياة حسين روت بعضاً من تفاصيل الجريمة قائلة: إنها اتجهت وحسب العادة بعد أن أرضعت ابنتها الرضعة الأخيرة في حياتها .. ونومتها النومة التي لم تصحو إثرها.. اتجهت حيث تقوم بواجبها إلى بقرتها التي بادرتها نفس العطف والحنان، حيث قامت بإطعامها واعداد المكان النظيف لها .. لتعود إثر ذلك ولتفاجأ بالصدمة التي لم تستوعبها حتى اللحظة.
عادت الأم بعد ما يقارب عشرين دقيقة منذ أن فارقت ابنتها لتجدها مرمية على الفراش الذي ليس هو مكانها «تصمت ثم تصرخ بأعلى صوتها الوحش أكل بنتي ودحس جلدها .. ونهش وأكل لحمها» تروي ذلك وهي تعيش حالة من الهستيريا .. حيث تقول لالا ياسمين لم تمت ..هذا كان جوابها لكل من كان يسأل عن ابنتها.
أما والدها ، فقد تقبل ذلك بقوة وجلادة ورزانة وفكر . ولسان حاله يقول ماقاله يعقوب عليه السلام «إنما أشكو بثي وحزني إلى الله» ويطالب إنزال أقصى العقوبة على المجرم كما قال : إنه لاتوجد بيني وبينه (المجرم) أي خلاف أو أثرت غضبه يوماً ما ، فلماذا عمل هذا؟.
أما شقيق الجاني واسمه / مجاهد أحمد العبدلي يعمل مدرساً فقد أوضح أن أخاه يعيش منذ صغره حالة من التشرد وعادة لا يؤذي أحداً ولكن وقته خارج المنزل ما بين تجوال وأزقة القرية أو الانفراد بنفسه في الغابة . وكنا نخاف عليه من الحيوانات المفترسة والتي تعلم منها التهام وافتراس بني جلدته ، وكان عادة يهاجم من أثار غضبه أو يكن له الغيظ ويحاول الانتقام من أي شخص يثير غضبه.
حيث وقد حصل معي أنا بأن قام بالاعتداء على زوجتي وحاول أكلها ومن الغريب أنه لايحاول الانتقام إلا بالعض على الرقبة ولكن شاءت الأقدار أن صاحت وانقذتها مجموعة من نساء المحل .
التقينا الأخ/ علي عبدالله العبدلي شاهد عيان والذي قال في حديثه: أنا رأيت ابراهيم وهو يجري خارجاً من منزل مساعد العبدلي والناس يلحقوه بالصياح على بعد عدة أمتار فاستوقفته ورأيت على فمه وبين يديه آثار دماء وفي ملابسه ، فقلت ربما أن أحداً اعتدى عليه ، فإذا بي أفاجأ وهم يقولون امسكوا آكل الطفلة ياسمين بنت مساعد العبدلي.
عندها سألته وسأله العامة بالإشارة ، ماذا عملت فكان يجيبنا بالنباح «هو ،هو، هو» والذي أضاف قائلاً : إن إبراهيم كان يمزق الملابس ويأكلها بفمه.
ضابط العمليات المساعد / متعب الجبوبي أول من تلقى البلاغ قال : عندما رفعت سماعة التلفون متلقياً البلاغ لم أصدق واعتبرته من قبيل المزاح ، وعندما بلغني مدير أمن مديرية الرجم العقيد/ عبدالله صالح دحان أن شخصاً أكل طفلة أصبت بالاستغراب والاندهاش لما سمعت من الحادثة البشعة وقلت له هل هذا صحيح فقال نعم دون بلاغك.
كما إني أعمل في العمليات منذ سنوات لم أتلق بلاغاً بهذه البشاعة أو أسمع بجريمة بهذا الشكل إلا من أفلام الخيال والرعب.
المتهم مسعور
التحريات التي جرت حول حالة المذكور والأسلوب الذي تم به تنفيذ تلك الجريمة البشعة أكدت بما لايدع مجالاً للشك أن المذكور (مسعور) وذلك بعد أن تأكد للمحققين في البحث الجنائي مايدل على ذلك من خلال الأصوات التي كان يصدرها بين الحين والآخر والتي تشبه نباح الكلب وهو ما اعتبره المختصون من أكبر الأعراض الظاهرة الدالة على أن الجاني مصاب بداء الكلب.
وذلك ما أوضحه الأخ النقيب/ خالد القبيلي، مدير العلاقات العامة والإعلام بأمن المحافظة في تصريحه لـ(الإنسان) حيث أشار إلى أنه كان واحداً ممن سارعوا إلى مكان الجريمة والتقوا المتهم وأفراد أسرته وأن المذكور ومن خلال جلسات الاشارة التي جرت معه كان يصدر أصوات نباح بين الحين والآخر وذلك مادل على إصابته بداء الكلب ، وفي ضوء ذلك تم اتخاذ الاحتياطات اللازمة من خلال عزل المذكور في زنزانة انفرادية خشية أن يتعرض للآخرين فيؤدي إلى نقل هذا الفيروس إليهم.
صفات الجاني وسلوكه :
1) وجهه مستطيل، أسنانه بارزة إلى الأمام، فكه الأعلى أطول من الأسفل، أصابع يديه وأظافره أشبه بمخالب حيوان مفترس.
2) يعيش في القرية نفسها وفي الجبال والوديان المجاورة للقرية وتقوم عمته أخت أبيه التي هي جدة الطفلة برعايته من حين إلى آخر مثل تقديم الطعام أو غسل وتبديل ملابسه.
3) والده فقد الصلة به بعد أن حاول علاجه وهو صغير من عاهة الصم والبكم .. وبسبب الظروف القاسية أهمله وتركه للعيش في المنطقة أشبه بعيش الكلاب والأغنام والقطط .. وهو ما جعله يرتكب مثل هذه الجريمة.
4) له محاولات سابقة لقتل طفل أخيه ولم يتمكن من ذلك لتدخل القدر في اكتشافه قبل اتمام جريمته ولم تبلغ أجهزة الأمن بذلك وهذا قبل حوالي سنة حسب إفادة الشهود.
الخلاصة :
إن هذه القضية جديرة بالاهتمام والمتابعة وذلك لدراسة حالة الجاني الصحية والنفسية من قبل اخصائيين في الطب النفسي وعلم الاجتماع وكذلك الطب الشرعي ووضعه في منشأة صحية تحت الملاحظة لمعرفة الجوانب الإجرامية في سلوكه مع تقصي حقائق الظروف التي عاشها الجاني والوسط الاجتماعي البيئي الذي نشأ فيه وبالتالي الاستفادة من هذه الحالة وتعميمها على الجهات ذات العلاقة للاهتمام بمثل هؤلاء المصابين بالعاهات المختلفة وعدم تركهم ليصلوا إلى ما وصل إليه هذا الجاني.
كلمة شكر وتقدير :
نسجل هذه الكلمة الخاصة للأخ النقيب/ خالد القبيلي - مدير إدارة العلاقات العامة والتوجيه المعنوي بأمن محافظة المحويت لما بذله من جهد كبير معنا في توفير الكثير من التفاصيل الهامة حول هذه الجريمة.
* المصدر صحيفة الجمهورية