الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:18 ص
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الخميس, 25-يناير-2007
المؤتمر نت - . د. إلهام مانع -
دينُك كديني!........د. إلهام مانع
هل قرأتم الخبر التالي؟

يقول الخبر الذي نُشر يوم 15 يناير الجاري "حذرت رابطة العالم الإسلامي من النشاط الواسع الذي تقوم به جهات تنصيرية في اليمن، مشيرة إلى أن المنظمات التبشيرية نجحت في الأشهر القليلة الماضية في تنصير 120 يمنياً ينتمون إلى محافظة حضرموت، إضافة إلى أعداد أخرى من اللاجئين الصوماليين والإريتريين في المعسكرات المقامة بجنوب اليمن".

ثم يشير الخبر في مواضع متعددة منه إلى القيام "بتوقيف، ومحاكمة" عدد من الأشخاص ممن تحولوا إلى الديانة المسيحية، وأن بعضهم تم إخراجهم من البلاد بعد حصولهم على تأشيرة لجوء إنساني في بلدان أوروبية قبل النطق بالحكم عليهم.

هل رفعتم حواجبكم استغرابا؟
هل شهقتم انفعالا؟
هل تشعرون بالغضب؟

وإذا كنتم كذلك، أسألكم مما غضبتم؟
فأنا غاضبة أيضاً، لكني لا أظن أن غضبي من غضبكم!
هل غضبتم من النشاط الواسع للجهات التنصيرية؟ أم من التحذير نفسه؟
عن نفسي شعرت بالغضب لثلاثة أسباب.

الأول، يتعلق برابطة العالم الإسلامي نفسها. تلك التي تنتقد ما تفعله هي.
تلك المروجة للفكر الوهابي، وتدفع الملايين الملايين كي ينتشر في أرجاء العالم.
وإذا كنت نسيتم أذكركم بأن الفكر الوهابي فكر رافض للتعايش مع أتباع الديانات السماوية الأخرى، وكاره لمحبة الغير ما لم يتحول ذلك الغير إلى القراءة الوهابية للدين الإسلامي الحنيف.

ومادام الحديث عن الرابطة، فربما تحسن الإشارة إلى أن رابطة العالم الإسلامي التي تأسست عام 1962، ومقرها مكة، يقول بيانها التأسيسي بالحرف الواحد:

"نحن أعضاء رابطة العالم الإسلامي الممثلين له تمثيل عقيدة وإيمان نعاهد الله تعالى على أن نؤدي فريضة الله علينا بتبليغ رسالته ونشرها في جميع أنحاء العالم وأن نؤكد من جديد إيماننا بأنه لا سلام للعالم إلا بتطبيق القواعد التي أرساها الإسلام".

وهي تقول ذلك علانية، ويمكنكم الإطلاع على نص هذا البيان الكامل على موقعها على الإنترنت، وستلاحظون أن هذه الفقرة وردت بالعربية فقط،، لن تجد مثل هذا النص بالإنجليزية، وهو أمر مفهوم بالطبع، خاصة مع من أعتاد أن يتحدث بلسانين ووجهين.
لسان ووجه مبتسم للخارج، وأخر متجهم متربص لا يظهر إلا لمن يأمنه في الداخل.

إذن.

رابطة العالم الإسلامي تعطي لنفسها، وبقدر كبير من الصفاقة لو أردتم رأيي، الحق فيما ترفضه من غيرها.
هي أيضا تقوم بنشاطات تبشيرية، ولا تقيم الدنيا ولا تقعدها عندما يتحول المسيحيون إلى الدين الحنيف.
فالمسألة في رأيها منطقية!
ورابطة العالم الإسلامي تزيد على ذلك بأن تردد علانية على موقعها على الإنترنت قناعتها أن السلام لن يكون ممكنا في العالم ما لم ترفع راية الإسلام فيه.
ماذا تركتْ لأسامة بن لادن إذن؟
هو إناء ينضح بماء من نبع واحد!

هذه واحدة.

الثانية، أعني السبب الثاني لغضبي، تتعلق بالاستنكار الذي أبداه المقال من اعتناق مسلمين للديانة المسيحية الكريمة.

كأن المقال يتحدث عن ديانة "منكره"، ديانة "لا يجب احترامها"، ديانة "ليست كديننا"، أليس هذا لسان حالنا؟

وهذه القناعة التي تتبدى جلية في المقال، تظهر أيضا جلياً في أحاديثنا وفي لا وعينا، نتعامل مع أصحاب الديانات الأخرى على أنهم "مساكين"، "الله سيهديهم".

لكن ما أدرانا؟

لعلنا نحن الأحوج بهداية الله؟
لسان حالنا هذا يؤشر على ما نقوله لأنفسنا سراً، ويقوله شيوخنا علانية: "ديننا أفضل من دينهم"!

كل دين يبشر بنفسه على أنه الأفضل بين الأديان.

هي ضرورة منطقية لبقائه، أياً كان ذلك الدين.

لكن البشر اليوم وصلوا إلى مرحلة من التحضر أصبحوا معها قادرين على الإيمان بدينهم، واحترام دين غيرهم.

وأظنه أنه آن الآوان أن نفعل نحن ذلك أيضاً.

أن نحترم الأديان الأخرى.

احترامها بالقول،

واحترامها بالفعل.

لا ن ما نفعله في الواقع هو احترامها بالكلمات،

كلمات تخرج من شفاهنا،

ثم تسقط بلا معنى على أنفاسنا.

هي خصلة،

النفاق،

ما فتئت تسيطر على نفوسنا!

ونظن أن العالم لا يلاحظ.

الثالثة، أعني السبب الثالث لغضبي، تتصل بالأسلوب الذي تمت به معاملة المسلمين الذين تحولوا إلى الدين المسيحي الكريم.

كأنهم خارجون على القانون،

ارتكبوا جريمة شنعاء،

قتلة، خونة، أقدموا على شر نكير.

أقول كأنهم، لأنهم في الواقع لم يمارسوا سوى حقهم الطبيعي في اختيار الدين الذي يريدوه.
حقهم!
وأكره أن أكرر نفسي، لكنها ضرورة ما دمنا نصر على النسيان:

من حق الإنسان أن يختار الدين الذي يريده.

حق كفله ميثاق العالمي لحقوق الإنسان.

وُلد الإنسان حراً.
حراً.
وأكرمه الله بالعقل والإرادة الحرة.

حرة هي.

وإذا اختار هذا الإنسان أن يكون مسلماً، أو أن يكون يهودياً، أو أن يكون مسيحياً، أو أن يكون بوذياً، أو أن يكون ملحداً.. فهذا حقه.

هذا حقه..

شأنه الخاص.

شأن بينه وبين نفسه.

شأن بينه وبين ربه.

لا دخل للدولة بهذا الشأن.

لا وصاية عليه.

وفي الواقع لا وصاية لنا نحن كمجتمع عليه.

إذن هل قرأتم ذلك الخبر؟

إقراء وه،

وأكملوا صفحاته الثلاث،

وتابعوا الشتائم التي وردت فيه،

ثم قولوا لي: مم غضبتم؟

[email protected]




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر