* نعيمة الحرار - مواقع تعلم الاغتصاب والعلاقات الجنسية للأطفال صعب جدا أن نوقف هذا المد الجنسي البشع الذي لايستطيع الكثير من الكبار تقبله أو مشاهدته، فما بالك الصغار الذين مازلوا لم يكتشفوا بعد تفاصيل أجسادهم الصغيرة ليجدوا أنفسهم أمام مشاهد في التلفزيون أو الأنترنيت تنقلهم من عالمهم البريء الى عوالم الدعارة، وتجار الجنس، والأسِرَّة المفتوحة للعموم وكذلك الأجساد الرخيصة...
المغرب حسب أحد الإحصاءات الحديثة احتل المرتبة الثالثة في دخول تصفح المواقع الإباحية، مرتبة لن نحتلها يوما في محاربة الرشوة، أو في التقدم الاقتصادي، أو كسب رهان محاربة الأمية... ومع ذلك فالأمر يحتاج إلى وقفة حقيقية، لتأمل الظاهرة، ومحاصرتها، لأنها غير صحية وغير أخلاقية خصوصا إذا تحولت إلى إدمان يقود للموت أو الجريمة وذلك حسب دراسات انجليزية عن نتائج إدمان ولوج المواقع الإباحية...
الأمر هنا لايتعلق ، بشريحة الكبار المدفوعة بغرائزها وأعضائها المكتملة ولكنه يتعلق بالطفل... بمستقبل العائلة والمجتمع هذه النبتة البريئة التي مازالت جذورها تبحث عن هواء صحي وتربة نظيفة لتنمو، وتتفتح... رغم مابات الواقع يفرزه من بلاوي وغزوات ميكروبية سواء على مستوى العقل أو الجسد فأغلب العائلات وجدت نفسها أمام حرب حقيقية مع الأجهزة الالكترونية التي اكتسحتها أفلام الإباحية. فالأمر لم يعد يقف عند التلفزيون، وماجره علينا اللاقط الهوائي، الذي حول بيوتنا هي الأخرى، إلى مساحات مفتوحة لعرض الأعضاء التناسلية وحفلات الجنس والشذوذ عبر القنوات الفضائية الأجنبية التي تتجدد يوما بعد يوم وتتكاثر ليصبح التلفزيون مزرعة للأعشاب الضارة هو وشبكة الأنترنيت التي أصبحت أغلب الحواسيب داخل المنازل مرتبطة بها.. لنجد أنفسنا محاصرين داخل زوايا مغلقة نشاهد بعيون جاحظة هذا الاكتساح الذي أسقط جدران بيوتنا وأسوارنا العالية التي نحاول كل يوم الزيادة في علوها، تحصينا لأسرنا وأطفالنا. من الشارع، من التأثير الخارجي، فإقبال الأطفال على أفلام الكرتون وألعاب الفيديو والأنترنيت جعل منهم، هم الاخرين زبائن تستهدفهم شركات الدعارة التي لايهمها إلا الربح السريع، وإنشاء قاعدة احتياطية للمستقبل، وذلك ببث إعلانات وفلاشات سريعة لمشاهد اباحية، تجرك الى فتح المواقع المجانية المعلن عنها. الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل تحول إلى غزو حقيقي لعالم الصغار، وذلك بتحويل أبطال الرسوم المتحركة والكرتون إلى أبطال لأفلام إباحية، وذلك بتغيير مضمون هذه الأفلام، ليجد الطفل نفسه أمام شخصيات يحبها تنقله الى عوالم أخرى، لايعرف إذ كانت من الواقع أو الخيال، فهو يصدق مايراه، وما يقوله هؤلاء الذين ألفهم أبطالا شجعانا قادرين على ركوب التحدي والانتصار.
وعن هذا الموضوع تقول إحدى الأمهات: كنت حريصة على منع أولادي من مشاهدة القنوات الفضائية الأجنبية المنقولة عبر القمر الاصطناعي (هو تبورد أو استرا) لما تزخر به من محطات إباحية فظيعة لاتستثني حتى أفلام الكرتون، وإعلانات الهاتف المحمول، أو أي شيء، فهم يعلنون عن المواقع الجنسية. كما يعلنون، عن بيع الخبز، أو الحلوى دون اهتمام بالقاصرين، أو الأطفال، ومقابل ذلك كنت أوجههم نحو بعض القنوات العربية، رغم أنها محصورة اللغة ولاتنافس البتة ما يوزع في القنوات الأجنبية الأخرى، من رسوم وبرامج تكون أحيانا هامة ومفيدة. لكنها مختلطة مع زوبعة الجنس التي تصهل في كل المحطات حتى الوطنية منها خصوصا الفرنسية.
هذا المنع لم أستطع تطبيقه عليهم في الأنترنيت فهم أكثر تفوقا مني، وأكثر فهما لهذه الشبكة المتطورة خصوصا أنهم يأتون من المدرسة يحملون عناوين جديدة، لمواقع مختلفة يدخلونها بسهولة، وذلك من خلال احتكاكهم بأصدقائهم وتواصلهم عبر MSN والشات والجلوس لساعات أمام هذا الجهاز مايجعلهم يتعرضون لمشاهد إباحية متكررة... خصوصا إذا تعلق الأمر بشصخيات كرتونية يحبونها، وهذا ما نبهتني إليه ابنتي التي لم تعجبها »ديدي« بطلة مختبر دكستر، حين تحولت إلى بطلة إغراء تعرض صدرها المكتنز العاري مع انها في المسلسل مجرد طفلة ذكية ومشاغبة شجاعة، مصر سبق أن تنبهت لهذا الموضوع وشنت حملة عبر الصحف أثارت الرأي العام المصري وقد كتبت حينها صحيفة أخبار الحوادث.
»هناك جهات هدفها الوحيد التربح من خلال تجارة رخيصة ضد الأطفال يستغلون تعلق الأطفال بالأنترنت وبدأوا يبثون لهم تلك الأفلام الإباحية الخارجة عن كل أعرافنا وتقاليدنا! والمثير في الأمر تتابع اخبار الحوادث ان هذه المواقع التي تحاول قتل أطفالنا فكريا، تعتمد على اجتذاب الطفل من خلال فلاشات في غاية الإثارة... تدعو الطفل إلى المشاهدة والتصفح على الموقع ليجد ماهو أكثر إثارة ويرى ما لم تعتد عيناه على مشاهدته..
تقوم هذه المواقع بعرض أفلام كارتونية، ورسومات متحركة لشخصيات مشهورة في عالم الكارتون والرسوم المتحركة أمثال أبطال النينجا، وكابتن ماجد والشاطر حسن... كل ذلك من أجل اجتذاب أكبر قدر ممكن من الأطفال لرؤية ومشاهدة الفيلم الذي يفاجأ بأنه فعلا للشخصية التي يحبها لكنه يؤدي دورا مختلفا عما اعتاد مشاهدته.
المثير في الأمر أن القائمين تتابع الصحيفة على هذه المواقع لم يكتفوا بوضع صور ورسومات إباحية لمشاهدتها فقط، بل وضعوا صورا ورسومات كارتونية تشرح للأطفال طرق الاغتصاب وكيفية ارتكاب هذه الجريمة فهي تعلمهم وتحفزهم على الجريمة بكل الوسائل من خلال الإجابة عن أسئلة عديدة تدور في عقل الطفل المشاهد.. منها.. كيف يتم الاغتصاب وما الوسائل التي يمكن أن يعتمد عليها الطفل لارتكاب جريمته كل حسب ظروفه المختلفة.
وتقول أسماء وهي معلمة بأحد المدارس الخصوصية بالرباط أصبحنا نعيش مع جيل جديد بكل المقاييس فالفتيات الصغيرات اللواتي لايتجاوز عمرهن 8 سنوات أو 10 أصبحن يتصرفن كالمراهقات تماما وأيضا الذكور، فالحديث لايتجاوز محيط الموسيقى ونجوم تلفزيون الواقع والماكياج والموضة، وتسريحة الشعر والأفلام وتبادل (CD) السديات وحتى على مستوى الكلام فهن أكثر ذكاء ووعيا بما يحدث حولهن، واكتسبن ثقافة مبكرة في الاهتمام بالشكل، والانفتاح على الجنس الآخر، وربط علاقات خاصة، وهذا يثير الاهتمام وفي نفس الوقت القلق إنهم يشكلون جيل الانترنيت بحق وتلفزيون الواقع وتعلقهم بنجوم »ستار أكاديمي« يرددون أغانيهم وكلامهم وأخبارهم، ولاحدود لتطلعاتهم وهذا الانفتاح يجب توجيهيه في الاتجاه الإيجابي، وتلقين الأطفال تربية جنسية صحية، ودينية بدل تركهم، لتيارات الفضائيات والمواقع الإباحية التي باتت كالمطر... والتي جرت الكثير من القاصرات إلى طرق غير سوية... مجلة العلم
|