المؤتمرنت -
فوكوياما:العراق اكبر كارثة فى السياسة الاميركية
اكد المفكر الاميركى فرانسيس فوكوياما ان العراق هو أكبر كارثة فى السياسة الخارجية الاميركية دون شك بعد فيتنام مضيفا ان الاضرار التى الحقها الرئيس الاميركى جورج بوش بالولايات المتحدة تحتاج الى جيل بكامله لازالتها .
وقال فوكوياما فى حديث لصحيفة لوموند الفرنسية نشرته أمس ان انفراد دولة كبرى مثل الولايات المتحدة الاميركية بالعالم مع فرض نفسها على الاخرين دون ان يكون لهم حق الاعتراض او الاستقلال هو شىء لا يمكن تحمله ولابد من الاعتراف ان بوش هو المسؤول عن هذا الانحراف .
واعتبر فوكوياما ان الخطأ كان فى الحرب ذاتها وادارة هذه الحرب كانت فى منتهى السوء كما ان مفهوم الحرب كان خطأ جسيما وقال ان أكثر ما يثير الحفيظة الان هو اننا نعالج اشكالاتنا فى لبنان وايران بنفس العقلية فالمحافظين الجدد يفكرون جديا بقصف المنشات النووية الايرانية وهذا هو الجنون بكل بساطة .
وعن استراتيجية بوش الاخيرة حول العراق قال فوكوياما هذه الاستراتيجية ليست سوى استراتيجيته القديمة ولكن مطبقة على ظروف جديدة ولهذا لن تنجح وما هو جوهرى فى هذه الاستراتيجية هو الزعم بدعم الديمقراطية فى العراق ودعم الحكومة العراقية عسكريا وهو منظور خاطىء .
واضاف فوكوياما ان الادارة الاميركية تعيش فى غير هذا العالم والحدث الاكثر دلالة على ذلك هو ما قاله بوش لوزير دفاعه السابق دونالد رامسفيلد فى البنتاغون الاميركى ان غزو العراق يمثل زلزالا فى تاريخ الحرية الانسانية مشيرا ايضا الى نوع من التحجر الايديولوجى لدى ادارة بوش وقال ان هذا المنطق يتجلى فى قول بوش ان هناك قوى ديمقراطية تنتظر منا مساعدتها .
وحول نتائج ضياع مصداقية وشرعية القوة الاميركية بسبب غزو العراق قال فوكوياما ان النموذج الاميركى فى العالم الثالث القائم على الاقتصاد الحر والديمقراطية لم يعد مغريا كما ان هناك نفورا من النموذج الليبرالى من العولمة ويمثل هذا الاتجاه الرئيس الفنزويلى اوغو شافيز وسياسة بوش عمقته وزادت من انتشاره و اول ما ينبغى على الولايات المتحدة ان تفعله هو اعادة صياغة القوة الناعمة التى تقوم بالاساس على صورة ومبادىء وقيم وهذه كلها طعنت فى الصميم .
وحول ما يجرى فى لبنان والاراضى الفلسطينية وتأثير ذلك على الوضع فى العراق وبالتالى التقدم فى عملية السلام فى الشرق الاوسط قال فوكوياما ..لاأعتقد ان يكون لذلك تأثير فعال على العراق ولكن الفكرة تبقى مطروحة وجيدة بالنسبة للولايات المتحدة وعليها ان تقتنصها حتى ولو كان حظها فى تغيير الاوضاع ضئيلا .
وازاء تأثير تقرير لجنة بيكر هاملتون حول تقييم العراق على الادارة الاميركية قال فوكوياما ان ذلك لا ينطبق على هذه الادارة ولكن مما لا شك فيه ان الواقعيين عادوا الى واشنطن وقد تسنح الفرصة للتأثير اذا ما رحل الرئيس بوش سواء فى صفوف الحزب الديمقراطى أو الحزب الجمهورى.
وحول حل الملف النووى الايرانى قال فوكوياما انه لو كانت الولايات المتحدة الاميركية على استعداد للاعتراف بدور ايران كقوة اقليمية واقامة علاقات دبلوماسية معها لكان من الممكن التوصل الى تسوية شاملة ولكن هذا الامر أقل احتمالا الان ومهما يكن فان ايران ستمضى فى مشروعها النووى رغما عنا .
وحول المحافظين الجدد فى الادارة الاميركية الذين يعتبرونه منظرهم فيما يتعلق بالسياسة الخارجية للادارة الاميركية قال فوكوياما ..ان مرحلة المحافظين الجدد ستنتهى بعد العام 2008 اى بعد الانتخابات الرئاسية الجديدة ولكنهم موجودون دوما ولهم انصار فى الادارة الامريكية وسيبقى لهم نفوذ على نحو ما .
وقال فوكوياما ان خطر سياسة الانعزال للولايات المتحدة الاميركية أمر مطروح فهناك الكثير من الشخصيات التى ترى انه ان الاوان للتخلى عن فكرة الديمقراطية ونحن نرى ان طاقم بوش الذى يحيط به قد تخلى ومنذ الان عن فكرة نشر الديمقراطية فى الشرق الاوسط .
ولفت فوكوياما الى ان اكبر خطأ وقعت فيه الولايات المتحدة عشية احداث الحادى عشر من ايلول هو المبالغة فى تصوير التهديد الذى تتعرض له الولايات المتحدة وكانت نتيجة الادارة الاميركية الحالية السيئة للموقف هى نبوءة تتحقق من تلقاء ذاتها .
واضاف فوكوياما ان مقارنة الرئيس بوش للحرب على الارهاب والاصولية بما كان يجرى ابان الحرب الباردة مشكوك فيها لان الاصولية موضوع أكثر تعقيدا وهى واقع حضارى معقد أكثر من أن تكون تهديدا ايديولوجيا ومثل هذا المنطق هو أسلوب لتعبئة الرأى العام حول الرئيس بوش والذى يخرب ويشوه كل فهم حقيقى للاشكال المطروح .
وحول تدارك الاضرار الناجمة عن السياسة الاميركية قال فوكوياما ان ذلك يتطلب زوال جيل وقدوم جيل اخر وقد يكون اغلاق معتقل غوانتانامو الامريكى فى كوبا هو المنطلق لدفن هذه الاضرار وبزوغ مرحلة جديدة .