محمد صادق دياب* -
أكاذيب أمريكا وحقائق الدغيدي!
هل الذي أعدم صدام أم شبيهه؟!.. بمثل هذا السؤال الساذج يهتم بعض الكتاب الذين يتسمون بدرجة كبيرة من الذكاء الاستثماري، ومن هؤلاء أنيس الدغيدي مؤلف كتاب «صدام لم يعدم وعدي وقصي لم يقتلا.. أكاذيب أميركا ولعبة الشبيه»، فهذا الكتاب الذي صدر أخيرا بهذا العنوان الطويل العريض عن مكتبة مدبولي بالقاهرة، هو من نوع الكتب التي لا تعنى بالحقيقة بقدر ما تعنى بالمبيعات، ويسهل ترويجها في مجتمع عربي يؤمن بنظرية المؤامرة، وتستهويه الغرائبيات..
فالدغيدي يسير على خطى مؤلف كتاب «الخدعة الرهيبة» تييري ميسان الذي اتهم فيه الحكومة الأميركية بتنفيذ أحداث سبتمبر 2001 وليس القاعدة، وإن تخلف الدغيدي في إتقان اللعبة مقارنة بميسان، فالدغيدي يرى أن الذي التف حول عنقه حبل المشنقة، ورقص موفق الربيعي وربعه حول جثته هو شبيه صدام وليس صدام ذاته، وكذلك عدي وقصي لم يقتلا، ولربما برزان والبندر أيضا، وهذا يعني أن من الاحتمالات الواردة أن نستيقظ ذات صباح على ظهور صدام يمتطي فرسه، وشاهرا سيفه في شارع الرشيد، وقد أطلق صيحة مدوية تسلب الألباب: هل من مبارز أو مناجز؟ فأنا صدام، الفارس الهمام.. الخ.
وعلى الرغم من لا معقولية الكتاب وترويجه لمثل هذه الهرطقة السخيفة، فإنه سوف يجد من يتلقفه، وسيطبع مدبولي منه عدة طبعات الواحدة تلو الأخرى، وستجد من يشغلك بالحديث عن المقارنات بين الشامة التي في وجه صدام وعن تعاريج أذنه وكثافة شاربه وتسريحة شعره التي تختلف كليا عن شامة شبيهه وأذنه وشاربه والشامبو المستخدم في غسل شعره، فالذين أنستهم مسرحية التشفي التي صاحبت إعدام صدام سلسلة جرائمه النكراء، سيجدون في هذا الكتاب فرجا لمشاعرهم، وسيتعلقون بسطور الدغيدي كطوق نجاة من أحزانهم.
وفي سياقات السذاجة أجد نفسي شخصيا معجبا بذلك الشبيه الشجاع الذي افتدى القائد «الملهم» بروحه من دون أن يتراجع وحبل المشنقة يلف حول عنقه ليقول للربيعي وزمرته قبل أن يرقصوا على جثته أن يتأملوا براءة الأطفال في عينيه ليعرفوا أنه ليس صداما، وأن رقصتهم بالتالي ستكون مزورة، وفرحتهم سدى..
فمبروك عليك يا هذا الدغيدي كتابك الذكي، ولو كنت مكانك لأخرجت 10% من المكاسب كمعونة شتاء للسذج وضحايا الكتب «المضروبة».. وحسبنا وحسبهم الله.
*عن الشرق الاوسط
[email protected]
صدام لم يُعدم وعدي وقصي لم يقتلا.!