بقلم : عباس الضالعي -
الحوثية واليهود .. من يتمترس خلف الآخر ؟!!
في شهر سبتمبر من العام الماضي أعلن فخامة الأخ رئيس الجمهورية العفو عن جماعة التمرد الذي يقودها الحوثي في إحدى مديريات محافظة صعده متجاوزا كل الإجراءات القانونية التي يمكن أن يلاقيها الحوثي وأتباعه ، ولكن البعد الأخلاقي والإنساني للأخ رئيس الجمهورية وسماحته المعهودة ورغبته الإعتماد على خلق أجواء أكثر طمأنينة وكراهيته لإراقة الدماء و يعتمد على حل العفو العام وعفا الله عن ما سلف في كثير من الأحداث المشابهة والأكثر منها وهذه صفة أخلاقية كريمة يتوجب على الخارجين أن يدينوا لهذا الزعيم بالولاء المطلق ، ونحن نرى ما يلاقيه الخارجون على القوانين والتي تصل إلى ما وصلت إليه الأحداث في صعده الأولى والثانية واليوم نحن نتكلم على الثالثة .
وربما أن البعض من هؤلاء يفهمون العفو الرئاسي الكريم فهما قاصرا يجعلهم يكررون الإعتداء على الدولة ومرافقها وإقلاق الأمن والسكينة العامة للمواطنين ، وبدلا من أن يستفيدوا من العفو العام وما ترتب عليه من جزئيات تنعكس على مستوى حياتهم اليومية وسلوكهم الفكري والسياسي من خلال دعوة الأخ الرئيس لأفراد المتمرد الحوثي (الصغير ) الذي دعاهم إلى الدخول في العملية السياسية وأن يعملوا من خلال حزب له برنامجه وآلياته وهذه تعتبر اليوم مكرمة أسوة بما تعانيه كثير من المجموعات في بلدان كثيرة عربية وإسلامية وغيرها ، كما أن الأخ الرئيس قام ووجه بتنفيذ مشاريع خدمية في تلك المناطق بشكل كبير ووجه بصرف التعويضات للمتضررين من نتيجة تلك الأحداث ومن ضمنهم أسرة الحوثي الأب والإبن حسين والحوثي الحالي ، وكان من المفترض أن تقابل هذه الأفعال بنوع من المنطقية والإحترام لكن حين تقابل بتكرار الخروج على القانون والدستور فإن الدولة معنية بتنفيذ واجبها الدستوري والحفاظ على أمن البلد والمواطن .
والحوثية 4 جاءت دون مبرر – مثل التي سبقت - وبوقت لا يوجد فيه أي توتر بين الحوثيين وأفراد القوات المسلحة والأمن ، إنما جاءت بعد أن قام أتباع المتمرد الحوثي عبد الملك بتوجيه رسائل كتابية للأسر اليهودية اليمنية التي تسكن في منطقة صعدة منذ مئات السنين وتهديدهم بالنفي وما إلى غيره والتي قامت الدولة بواجبها الدستوري في طمأنة الأسر اليهودية وتكفلها بحمايتهم من أي تهديد ومن أي طرف وإنطلاقا من عدم إختصاص الحوثي وأتباعه بتوجيه رسائل نفي وتهديد لأن هذا شأن تختص به السلطات المحلية أو المركزية فقط كما أن اليهود هم مواطنين يمنيين لهم كافة الحقوق وللتذكير أن من تبقى من اليهود في اليمن يعتبرون مواطنين صالحين لم يصدر منهم أي إساءة ولم يتسببوا بأي ضرر لا للدولة ولا للمواطنين ولم يثيروا أي قضية من القضايا ولم تمارس ضدهم أي إجراءات تمس من حقوقهم وحرياتهم ولم يشتكوا يوما أن مورست ضدهم ممارسات مخلة ، لكن ربما أن الحوثي الجديد يسعى إلى كسب موقف كتب له الفشل قبل أن يرى النور وبطريقة أخطأ السير فيها تماما مكا سبق لشقيقة الصريع ووالده .
و الذي جاء بعد تهديد الأسر اليهودية قام مسلحون من أتباع المتمرد الحوثي الإبن بمهاجمة بعض مواقع القوات المسلحة التي ترابط هناك لحماية الوطن من أي نزعات شيطانية قد تصدر عن هذا الحوثي أو من أي من العصابات التي تعمل معه وتنشط في المحرمات ، وجاء هذا والعالم يقترب من يوم عاشوراء الذي يلقى من الشيعة في إيران والعراق ولبنان ودول أخرى إقامة إحتفالات ورقصات وأهازيج الحسين الشهيد رحمه الله بريء منها ومنهم وهذا مما يدل على صبغ القضية بصبغة مذهبية لمحاولة الزج باليمن كطرف من أطراف الصراع المذهبي في المنطقة وهذا بحسب التوقيت الذي ظهرت خلاله القضية من جديد .
المتمرد الحوثي بعد أن أفلس سياسيا وقبليا وتراجع الأغلبية من أنصاره وإعلانهم التوبة وبعد أن تبين الأمر للجميع أن التمرد الحوثي منذ بدايته لم يحمل قضية ولم يكون له أي من جوانب ردة الفعل على غياب خدمات عامة للدولة أو قضية يمكن أن يقايض بها وإلاّ أنهم قاموا بتحديد مطالبهم أو أي من هذا ولكن ربما أنه يهدف من خلال الرجوع مرة أخرى إلى زعزعة الأمن العام وإفتعال مواجهة الدولة والخروج على القانون إلى الوصول باليمن وإدخالها في مخطط مشابه تمر به بعض البلدان العربية وكانت البداية للحوثية من خلال الأحداث التي مرت بها .
المهتمون بالأمر والشأن اليمني يدركون أن الحوثي الأب شخص يهوى النزعة التسلطية ويحب الشهرة كغريزة كامنة فيه منذ عقود طويلة كما أنه يحب التعالي والتفاخر وجاء من بعده أبناؤه يسلكون نفس المنهج نتيجة لتلك التربية المغلقة في ضرورة أن يكون لهم شأنا وصيتا بين الشعب التي كانت بدايتها الحوثية 1 وزعيمها حسين الحوثي الذي ورطته نزعته الشخصية وجنون العظمة إلى الخروج على الدولة وإعلان التمرد المسلح دون أن يمتلك أي مقومات مادية ومعنوية لمجابهة الدولة وخمدت ناره في وقت قصير وهرب إلى الجبال العالية شريدا مطاردا حتى تم القضاء عليه بالصورة التي أختارها لنفسه ولم يستفيد من أي دعوة لعدوله عن ما يقوم به وهذه نتيجة طبيعية لمثل هذا التصرف .
أعلنت الهدنة وقام الأخ رئيس الجمهورية بتوجيه الأجهزة المعنية المحلية والمركزية بترميم الأوضاع وما ترتب على ذلك حتى وصل الأمر أن قام فخامته بتكفل الكهل بدر الدين الحوثي ومعاملته على أنه عالم دين ورجل مسن فتم توفير المنزل والإعاشة اللازمة لبدر وأولاده وأولاد الصريع حسين وظن الجميع أن الأمر أنتهى لأن الدولة تعتبره كذلك وأعتبر الكثيرون أنها كانت نزوة شيطانية تم تفريغها وعلى الدولة تحمل نتائجها ، إلى أن فاجئ بدر الحوثي الجميع بهروبه من صنعاء إلى جبال مران تحت مبررات واهية ، وهذا ما يفهم خطأ بالعفو العام والأصل والإجراء السليم هو القبض عليهم ومحاكمتهم محاكمة على تهمة الخيانة العظمى ، وتم القضاء على هذا الكهل وأستسلم مئات المغرر بهم وتم محاورتهم على أساس فقهي وكانت النتيجة أنهم اشخاص جاهلين أغلبيتهم لا يستطيع أن يقرأ ويكتب وهذا ما وفر للحوثي أن يحسن من إستغلالهم ، وأعلن الغالبية من قياداتهم توبتهم إلاّ أنهم خالفوا ذلك ونقضوا العهود .
حاولت بعض الأطراف هنا وهناك بصور فردية أن يتم تدويل القضية وإخراجها من مستواها المحلي وطبيعتها وصورت بعض وسائل الإعلام المذهبية في بعض الأقطار أن الصراع مذهبي لكن لم يفلحوا بذلك لأن الأمر المزيف لا يكتب له النجاح ، لأن اليمن بتركيبتها العشائرية والدينية والمذهبية مبنية على أساس سليم ولم يشهد التاريخ أن سجل لنا أحداثا على أساس طائفي أو مذهبي وغنما كان التعايش هو السمة البارزة ، ويشهد على هذا تاريخنا القديم والحديث وهذا ليس بين المسلمين فقط فيما بينهم مذهبيا بل كان معمولا به بين المسلمين وأتباع الديانة اليهودية التي كانت تتواجد في كل مدينة وقرية في اليمن ولم يسجل أي إنتهاك من الطرفين كل ضد الآخر وضربنا مثلا رائعا في المواطنة والحفاظ على العيش المشترك ، وما تبقى من اليهود في اليمن شاهدين على حسن سلوكيات المواطنة والرعاية من الدولة والقبيلة وهم يمارسون حرياتهم وأعمالهم وشعائرهم بكل حرية ، وهذا ما أثبت عدم صحة أن الصراع مع الحوثي صراع مذهبي .
الحوثية 4 واليهودة القادمة :
من خلال التوقيت والمعطيات الواردة تباعا للحوثية 4 يجعلنا نستدرك أن هناك إستهدافا معينا للأمن في اليمن وتأسيس بذرة للتدخل الهدف منها تسويق بعض البرامج الإقليمية نتيجة الصراعات الحزبية في المنطقة ، فالحوثية واليهود وما ظهر على مستوى الواقع نجد أن هناك ربطا ما يراد منه خلق بلبلة هنا وهناك لتخفيف الضغط الذي تلاقيه بعض التيارات المذهبية نتيجة ما تقوم به من أعمال تصل بعضها إلى اللا إنسانية .
وكذلك تنفيذ بعض المحاولات التي تؤدي نتائجها إلى دخول اليمن في خط مباشر مع دولة الكيان الصهيوني من خلال شعرة معاوية ( حماية يهود اليمن ) قد تؤدي إلى مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة سعيا من إسرائيل كسر الحاجز الذي تقيمه اليمن أمامها وهذا ما يعتقد تولي الحوثي الجديد تنفيذ هذه المهمة تحقق له من كسب ود أطراف دولية أهمها إسرائيل لتمنحه حصانة الشغب وإقلاق الأمن .
بعد آخر هو ما تفكر به بعض الأطراف الإقليمية من ضرورة وجود ثغرة يتسلل منها هؤلاء وتمثل ورقة ضغط تستخدم من وقت لآخر، الحوثي المتمرد حلقة الوصل فيها وهذا هو الأرجح لأن الحوثية 4 جاءت دون ما يبررها وما يبررها فقط هو إستهداف بعض الأسر اليمنية في صعدة وقد توالت بعدها من تصريحات وردود أفعال يهودية في إسرائيل والجالية اليهودية في خارج إسرائيل
يمنية اليهود والحوثيين :
ويجب على من يسعون للتمترس خلف الحوثي الجديد يجب أن يدرك أن هذا شأنا يمنيا فالحوثي وأتباعه واليهود في اليمن يمنيين والدولة وحدها معنية بحماية الطرفين وأن هذا شأن يمني داخلي يتم التعامل معه على أساس وطني وفق القانون ، ويخطئ الحوثي ومن يقف ورائه أنه يمكن أن يلاقي مكسبا من هذه المساعي ويخطئ ساسة إسرائيل أنهم سيحققون نصرا سياسيا من وراء حجاب الحوثي !! فاليمن دائما تعمل بشفافية ووضوح تام بما يخص العلاقة مع إسرائيل وموقفها واضح وغير منفرد ، فلا داعي ولا نتائج من هذا التمترس بالحوثي الذي لا توجد له قضية ولا يوجد له توجه ، وربما أن الحوثي الجديد يريد أن يقدم للعدو خدمة على حساب وطنه ودينه التي لا نرى وجود روابط أو أهميه لهما عنده
وعلى الدولة القيام بواجبها من خلال المؤسسة العسكرية والأمنية في ردع هذا السلوك الغريب والدخيل وأن لا تخجل أو تتوقف عن إستئصال هذه الشرذمة الضالة لتخرس الأبواق التي تصرخ هنا وهناك ، وليعلم الكل أن اليهود والحوثي سواء في المعاملة كونهم مواطنين يمنيين وأن القانون سيطال كل من تجرا على خرقة ليلحق اذى بالوطن.
[email protected]