المؤتمرنت - الشرق الاوسط - شركات الإنتاج الفني مهددة بالإفلاس حرب شاملة وطويلة الأمد تعد العدة لها شركات الإنتاج الفني في مواجهة «قراصنة الانترنت»، وهي التسمية التي باتت تستخدم في الأوساط الفنية لوصف مواقع الإنترنت التي تتيح لزوارها سماع أحدث الأغنيات وتنزيلها مجاناً من دون مراعاة حقوق النشر والإنتاج.
هذه الحرب التي أعلن عنها أساطين سوق الغناء العربي، ستستخدم فيها كافة الوسائل، بدءاً بتخفيض الأسعار واللجوء إلى تكنولوجيا متقدمة لحماية المحتوى قد تتضمن مهاجمة مواقع القرصنة مباشرة، وتوعية الجمهور بخطأ تنزيل الأغنيات والاستماع إليها عبر مواقع القرصنة، وكسب تعاطفهم من خلال مخاطبة فنانيهم ونجومهم المفضلين، إلى جانب السبل التقليدية المتمثلة في اللجوء إلى القانون ورفع شكاوى قضائية ضد قراصنة الأغنيات والموسيقى الرقميين وهي حلول استراتيجية قررت شركات الإنتاج الفني العربية اللجوء إليها أو إلى بعضها للحد من مشكلة قرصنة المحتوى.
عبد العزيز المرزوقي، مدير موقع دبي مون للخدمات الالكترونية، أكد بأن تحميل آخر الإصدارات الفنية والأغنيات الطربية من خلال مواقع الانترنت هو تجارة رابحة جداً، وهو يجتذب نسبة كبيرة من الزوار والمتصفحين، الأمر الذي يجعل أسعار الدعايات في هذه المواقع مجزية جداً، ويستشهد بإحصائية أوروبية نشرت اخيراً وذكرت بأن عدد متصفحي الإنترنت يفوق عدد مشاهدي التلفاز.
لكنه اعترض في الوقت نفسه على هذا العمل بوصفه غير أخلاقي، لأن هذه المواقع تمنح المتصفح سلعة لا تملكها، وما يشجعها إضافة إلى الربح الوفير الذي تحققه لها الإعلانات، هو عدم وجود عقوبات صارمة بحقها، وإن كان هناك توجه لدى شركات الإنتاج الكبرى في دبي لرفع قضايا ضدها.
وأشار المرزوقي إلى أن الموقع الذي يديره يكتفي بإتاحة أغنيات الحفلات الخاصة التي ليس لها حقوق أو شركات إنتاج، وهو ما تفعله مواقع أخرى يعيش مشرفوها في دبي بسبب تفعيل حقوق النشر والملكية الفكرية في الإمارات، خاصة دبي، حيث يطبق القانون تحت مسمى «جرائم الحاسوب والإنترنت».
وقدر المرزوقي بأن 90 في المائة من زيارات المتصفحين لهذه المواقع تكون بقصد الاستماع، و75 في المائة تكون بهدف تنزيل الأغنيات الجديدة، وهو ما يدلل على رواجها وعلى حجم تأثيرها على سوق الغناء.
وإذا كان مدير الموقع السابق أبدى تجاوبه، إلا أن مواقع أخرى بعضها شهير للغاية لم تبد التجاوب نفسه ولم ترد على «الشرق الأوسط»، وفي المقابل فإن أصحاب المشكلة «شركات الإنتاج» رحبوا كثيراً بطرح قضية تؤرقهم وتهدد أرزاقهم إلى حد إغلاق أعمالهم بشكل نهائي، كما أوضح علي سعد، مسؤول شركة الأوتار الذهبية للإنتاج الفني، الذي شكك في إمكانية استمرار شركات الإنتاج أو أي شاعر سعودي أو مبدع في حال استمرت هذه المواقع بنشر الأغنيات وإتاحتها للراغبين بتحميلها من دون مقابل.
ويفصح بمرارة عن حجم الخسارة التي تكبدها بقوله «نحن مستفيدون فقط بنسبة 15 بالمائة من إنتاجنا، وبصراحة أصبحنا مثل من يطبخ ليأكل الآخرون، فنحن نكتب ونلحن ونسجل وشركات القرصنة تكسب، وأخشى أنه بعد 6 أشهر من الآن ستعلن الكثير من شركات الإنتاج واستديوهات التسجيل إفلاسها نظراً لحجم هذه المشكلة، كما ان السعودية ستخسر سوق مبيعات تقدر بعشرات الملايين».
ويؤكد سعد بأن الملاحقة القضائية خاصة في (السعودية)، لا تحقق الأمان بالنسبة للمنتجين والفنانيين، وقال «حاولنا اللجوء إلى القانون فاتجهنا إلى مدينة الملك عبد العزيز للتقنية، وحولتنا بدورها إلى وزارة الإعلام، التي حولتنا إلى هيئة الاتصالات، ومن ثم أعادت قضيتنا إلى وزارة الإعلام، وكما هو واضح، فإنه لم يتحقق شيء، ونحن نخسر والمواقع مستمرة بعملها».
الفنان راشد الماجد، صاحب شركة فنون الجزيرة للإنتاج الفني، عانى هو الآخر من مواقع الإنترنت مرتين، مرة لكونه منتجاً يخسر مادياً بشكل هائل، ومرة لكونه فناناً يخسر حقوقه الأدبية، يقول «آخر إنتاجنا كان شريط عبد الكريم عبد القادر «أشتاق لك»، الذي صدر قبل أسبوعين، واستطيع القول بأنه تم تحميل كافة أغنيات الشريط على مواقع الإنترنت بسرعة خرافية، ومبيعاتنا متأثرة جداً، كما تراجعت بسبب الإنترنت بنسبة 25 بالمائة في كافة إصداراتنا».
وعن الحلول التي فكر الماجد بها لمواجهة قرصنة المواقع على أغنياته، سواء بصوته، أو تلك التي تنتجها شركته الفنية، قال «فكرت بعدة حلول من بينها إثارة الموضوع إعلامياً، كما قمنا بخفض ثمن الأسطوانات التي ننتجها من 35 إلى 15 ريالا للمستهلك، لمكافحة النسخ والتزوير وحتى يستطيع المستهلك الحصول على نسخة أصلية مقابل سعر معقول، وهذا بالتأكيد تسبب بخسارة كبيرة لنا، لكنه أحد الحلول المتاحة».
يوسف مغربل، مدير عام الإعلام الرقمي بشركة روتانا للإنتاج الفني، أكد بأن المشكلة لا تتهدد شركات الإنتاج الصغيرة فقط، لكنها أيضاً مشكلة مقلقة ومؤرقة بالنسبة للشركات الكبرى، كما انها مشكلة ذات بعد عالمي، وقدر حجم الخسارة في سوق الغناء والموسيقى بسبب قرصنة المحتوى الفني بالملايين، إن لم يكن بالبلايين، على حد قوله.
وشكى مغربل من أن الملكية الفكرية وحقوق النشر ليست مفعلة في الوطن العربي كما هي في أوروبا وأميركا، رغم أن هناك بعض القوانين لحمايتها، لكنه أكد في الوقت نفسه على ملاحقة شركته لهذه المواقع قضائياً، وقال بأن عدة قضايا مرفوعة في عدد من الدول، كما أشار إلى حملة كبرى ذات طابع عالمي لمحاربة قرصنة سوق الغناء على الإنترنت ستنفذها روتانا في الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة.
الخسارة المادية قضية كبرى، لكن هناك أيضاً الخسارة المعنوية، فالمطرب وكاتب الكلمات والملحن يخسر حقوقه الإبداعية والفكرية وهذا يؤثر سلباً في الإبداع وعلى الثقافة الفنية في الوطن العربي، وقال «من جانبنا سنحاول اللجوء إلى التكنولوجيا لحماية المحتوى بطرق تكنولوجية متقدمة، كما سنبدأ قريباً بعرض فقرات خاصة بالتوعية ضد القرصنة على شاشات قنوات روتانا، وسنستعين بعدد من الفنانين المرتبطين بعقود حصرية مع الشركة».
وعن حجم الخسائر التي تتكبدها روتانا بسبب القرصنة، قال مغربل «شركات الإنتاج عادة تلتزم السرية في ما يتعلق بحجم المبيعات والخسائر، ويعلن عنها وفق ظروف وشروط خاصة، لكن يمكنني القول بأن هناك تأثيرا، ويكفي معرفة أن أحد المواقع الشهيرة «لا أرغب بتسميته»، يشهد في اليوم الواحد حوالي مليونين ونصف المليون تنزيل لمحتوى ليس له، وهو لروتانا أو لشركات إنتاج أخرى».
|