الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 11:50 م
ابحث ابحث عن:
علوم وتقنية
الخميس, 15-مارس-2007
د. أكمل عبد الحكيم -
الوظائف المكتبية وخطر الجلطات الدموية
في دراسة جديدة مقرر لها أن تنشر نهاية هذا الأسبوع، اكتشف علماء معهد الأبحاث الطبية (The Medial Research Institute) في نيوزيلندا، أن من يقضون ساعات طويلة خلف مكاتبهم، يعرضون حياتهم للخطر، بسبب زيادة احتمالات إصابتهم بالجلطات الدموية العميقة. فمن خلال تحليل ظروف الحياة اليومية لمجموعة من المرضى، تم حجزهم في أحد المستشفيات بسبب إصابتهم بجلطات في الأوردة العميقة للساقين، اكتشف العلماء أن ثلثهم يعملون في وظائف مكتبية تتطلب منهم قضاء ساعات طويلة وهم جالسون، وخصوصاً أمام شاشات الكمبيوتر.

وجلطة الأوردة العميقة (Deep Vein Thrombosis) كما يدل اسمها، هي حالة يتجلط فيها الدم الموجود في الأوردة العميقة، وخصوصاً أوردة الساقين والفخذين. وتتعدد الأسباب التي تقلل من سرعة تدفق الدم في هذه الأوردة، ومن ثم تؤدي إلى تجلطه، مثل الأمراض القلبية ودوالي الساقين، والحالات التي تتوقف فيها حركة الساقين لفترة طويلة كما في مرحلة ما بعد الكسور، والراحة الطويلة في الفراش كما في فترة ما بعد الحمل والولادة. وينظر الأطباء لجلطة الأوردة العميقة على أنها حالة طبية شديدة الخطورة، حيث يمكن لهذه الجلطة أن تؤدي إلى الوفاة المفاجئة، إذا ما انتقلت إلى شرايين الرئة مسببة انسدادها، أو إلى شرايين القلب مسببة أزمة قلبية حادة، أو إلى شرايين المخ مسببة سكتة دماغية. ويمكن أيضاً لهذه الجلطات أن تنتقل إلى شرايين الرحم، مسببة انقطاع الدم عن المشيمة والجنين. وعلى رغم أن جلطة الأوردة العميقة يمكن أن تصيب أي شخص، الصغير والكبير والصحيح والمريض، إلا أن احتمالات الإصابة بها تزيد لدى بعض الأشخاص وفي بعض الحالات، مثل كبار السن والمدخنين والحوامل والبدينين، أو في حالات جفاف الجسم نتيجة ارتفاع الحرارة، أو الإفراط في تناول الكحوليات والمنبهات كالشاي والقهوة.

ومن الأسـباب التي أصبحت تضاف إلى قائمة مسببات جلطة الأوردة العميقة، ما أصبح يطلق عليه منظومة الدرجة السياحية (Economy Class syndrome). وفي هذه الحالة يصاب الراكب بجلطة في أوردة الساق العميقة، نتيجة لجلوسه فترة طويلة على متن الطائرة، وفي مكان ضيق لا يمكّنه من تحريك ساقيه، كما هو الحال في الدرجة السياحية. ولكن هذا لا يعني أن هذه الحالة لا تصيب أيضاً ركاب الدرجة الأولى، أو درجة رجال الأعمال، ولكنها أكثر انتشاراً بين ركاب الدرجة السياحية، بسبب ضيق المساحة المخصصة لهم. وهو ما يتطابق أيضاً مع الظروف التي يقضي فيها البعض معظم يومهم، من خلال العمل في وظائف مكتبية تتطلب منهم الجلوس لساعات بدون حراك. ولكن بما أن الوظائف المكتبية ليست جديدة على الجنس البشري، حيث أصبحت جزءاً ثابتاً من الحياة المهنية منذ قرن أو اثنين من الزمان، فلماذا هذه الزيادة الملحوظة مؤخراً في جلطات الأوردة لمن يمتهنون مثل تلك المهن؟

إجابة هذا السؤال في رأي البعض، تكمن في الزيادة الملحوظة والتدريجية في عدد الساعات التي أصبح أفراد الجنس البشري يقضونها خلف المكاتب، والتي تصل أحياناً إلى أكثر من 12 ساعة يومياً. هذا بالإضافة إلى أن الساعات الباقية من اليوم، يقضيها هؤلاء بدون نشاط بدني يذكر، حيث تتميز حياتهم في الغالب بالكسل والاعتماد على وسائل المواصلات الحديثة. بينما يرى آخرون أن تغير ظروف العمل، وجمود ثقافة الشركات، هما المتهمان الرئيسيان في التصاق الموظفين بمكاتبهم، ومن ثم الإصابة لاحقاً بجلطات الأوردة العميقة. فبيئة العمل الحديثة أصبحت تعتمد على التكنولوجيا بشكل كبير، بحيث أصبح في إمكان الموظف الاتصال بزملائه في جميع الأقسام من خلال أجهزة التليفون أو الكمبيوتر، مع سهولة تبادل الرسائل الصوتية والمرئية والإلكترونية. وحتى تبادل الوثائق، وعقد الاجتماعات والمناقشات، أصبح من الممكن القيام بها دون الحاجة لترك الكرسي. هذه الظروف والوسائل التكنولوجية، قللت بدرجة كبيرة من حجم ومجال حركة الموظف أثناء ساعات عمله، وحرمته من النشاط البدني البسيط الذي كان يبذله، حينما كانت الوثائق تتبادل باليد، والاجتماعات تعقد وجهاً لوجه. وفي ظل ثقافة زيادة الإنتاجية وتحقيق أعلى قدر من الربحية، أصبحت الشركات تنظر للدقائق التي يقضيها الموظف بعيداً عن مكتبه لسبب أو لآخر، كنوع من إهدار للوقت ومضيعة للإنتاجية. كل هذه الظروف اجتمعت على موظف القرن الحادي والعشرين، ليصبح فعلياً كما لو كان مقيداً بالسلاسل إلى مكتبه طوال ساعات العمل، وليتها حتى سلاسل تسمح بقدر محدود من الحركة. ولكن هذا لا يعني أنه يجب على الموظف الخنوع لتلك الظروف، ومن ثم دفع ثمنها من صحته وحياته لاحقاً. فمن خلال إجراءات بسيطة، يمكن تجنب المخاطر التي تنتج من الالتصاق اليومي الطويل بالكرسي، ودون إزعاج صاحب العمل أو إضاعة الوقت. من هذه الإجراءات نذكر: 1) أخذ فترات من الراحة لبضع دقائق عدة مرات في اليوم الواحد، يقوم فيها الفرد بالتمشي، أو القيام ببعض الحركات البدنية البسيطة لفرد مفاصله وأطرافه. 2) تجنب تناول الغذاء على المكتب، حيث يفضل قطع الرحلة للمطعم أو الكافتيريا ذهاباً وإياباً. 3) من الضروري تناول سوائل بكميات كافية، والامتناع عن الإفراط في تناول الشاي والقهوة، والامتناع عن التدخين أو الإقلال منه قدر الإمكان. 4) في خارج ساعات العمل، ينصح المرء بالقيام بأكبر قدر ممكن من النشاط البدني، مثل المشي لنصف ساعة على الأقل، واستخدام السلالم بدلاً من المصاعد كلما أمكن، مع اختيار هواية تتطلب مجهوداً بدنياً بسيطاً أو نشاطاً رياضياً خفيفاً. وكالات




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر