الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:09 ص
ابحث ابحث عن:
ثقافة
السبت, 17-مارس-2007
المؤتمر نت - * هشام سعيد شمسان -
قراءة في تحــولات القصيدة لدى هدى أبلان
نستطيع أن نقول بأن ثمة مرحلتين أساسيتين مرّت بهما التجربة الشعرية لدى هدى أبلان؛ تتمثل الأولى من خلال ديوانها الأول: ورود شقية الملامح، والصادر عام 1989م، وتتضح المرحلة الثانية من خلال كتاباتها اللاحقة: ( نصف انحناءة، 1997م)، و(محاولة لتذكر ما حدث، 1998م)، و(اشتماسات، 2000) (1).. نتلمس هذه التمرحل الشعري عبر المسار الكتابي الذي ميّز كل مرحلة، والمتمثل ببُعدين اثنين:
• أولا هما: الكتابة من الخارج؛ وأعنى به الانفتاح على القصيدة ( القضية)، التي تُمثل انعكاساً للواقع المادي ( الخارجي) بهمومه، وانكساراته الإنسانية العامة ؛ حيث تكون الذات الجماعية هي مسبار تلك الشعرية:
" صباح الحرب
صباح الوردة المذبوحة العينين
لا عينان
فقأ الليل صباحات السلام" (2).
...........................................................................
فالشاعرة في هذه المرحلة، رأيناها توظف معظم صورها الشعرية، توظيفاً جمعياً، محتفية بكل ما هو إنساني وعام؛ كقضية فلسطين – مثلاً – أو التمييز العنصري.. الخ. - وقليلة هي النصوص التي كانت تهرب إلى الذات الفردية في المجموعة الأولى ( الضائعة).
وفي المقطع السابق سنجد ما يؤيد هذا القول؛ فمفردتا "الحرب،والسلام" – مثلاً – لاتدلان إلا على نفسيها، كما هما في الواقع الخارجي، ولا أثر للحركة النفسية فيهما ؛ ناهيك عما تولده مفردة الحرب ،من إيحاءات رُهابيّة؛ على المستوى البصري، والسمعي-معاً- حيث مشاهد المعارك، والقتلى، والدماء، والجثث المتناثرة، وأصوات الآلات الحربية المدمرة، ولربما كان أجمل ما في هذه الصورة الحسية هو المفارقة الساخرة التي تحملها الاستعارة الاسمية" صباح الحرب" والتي تجعل من "الحرب" تحية،بإحلالها محل "الخير"-التحية المعروفة- لتوحي للمتلقي بتعالي واقع الشر على واقع الخير ،في حياتنا اليومية المدركة. وتأمل كذلك في "الوردة المذبوحة" وما في هذا المشهد الحسي من صورة قاسية، على عقل المتلقي؛ حين تُستحضر فيها الإنسانية ،على هيئة وردة لتذبح على مرأى من العالم .
ويبدو بأن الشاعرة تنبهت إلى أن نحو هذه المجموعة – أعني الأولى – لا تمثل سوى البدايات، من حيث الرؤيا، والنضج، ففضلت إسقاطها من أعمالها الكاملة (2004م.
• المرحلة الثانية: الكتابة من الداخل، وفيها بدت الشاعرة، منسحبةً – بقوة – إلى أكناف الذات، وعوالمها التجريدية؛ متحولةً من الذات الجماعية، إلى الذات الفردية، التي لا تمثل الواقع الخارجي، وليست انعكاساً مباشراً له، بل تحوّل الواقع في تجربة الشاعرة إلى صورة رمزية، أو وسائط أشارية،وإيحائية لنقل هذا الواقع؛ مستفيدة من تقنيات عناصر الصورة – في قصيدة النثر الحديثة، والتي " تستقي رموزها من العقل الباطن، وذكريات فردية ترتبط بالنشأة، والوجود" (3).
ويغلب على هذه المرحلة من كتابات أبلان النزوع الرومانسي القائم على الذهنية التأملية، وهذا النزوع، أو الهروب يتمظهر من خلال بروز حالات من الاغتراب النفسي، الذي يعد لصيقاً بتجربتها الشعرية؛ حيث الذات المنهكة، المحاصرة بالدموع، والحزن، والبكاء، والحرقة، مع بروز مهيمنات الحلم،و الدم، والموت، ومفردات الذاكرة، والأغنيات، والطفولة، والليل والانكسار، وحضور الدوال الطبيعية كالريح، والبرد، والماء، والغيم، مع استلهام واضح للمعاني الدينية التي تتأتى في سياقات؛ إما أن تكون:
"احتجاجية على الراهن النفسي الذي يعصف بطمأنينة الذات" نحو قولها:
• " يقلب أوراق السماء المفتوحة
حيث الله مكتوب بوضوء الكائنات
يمسح سحابةً، ويدون أبجدية الغفرة.." ( سبورات)
أو " لبعثرة الترتيب النفسي" (4) ، نحو قولها:
• " حط الله الحطب المحموم
أخذ عود حنان
وأسرجني عند وجهه الليلي ( محاولة)
.......................................................................
حيث تبدو الذات الإلهية -هنا – مجسدةً، ولها أفعال المخلوقات ( حط – أخذ – أسرج)، وهذه بعثرة نفسية للترتيب المنطقي، العقلي ، هذا إلى جانب الدلالة المتجاوزة في "وجهه الليلي" ؛حيث تُحدث الجملة الشعرية نوعاً من تبادلية الأفعال بين الخالق والمخلوق،يهدف من خلاله المرسل إلى تصوير قلقه الوجودي،والبحث عن طمأنينة لا تخلو من تراجيديا التجلي الإلهي في نفسه.

• التيمات المؤسسة للمتخيل الشعري(*)
لارتباط المعجم الشعري، وثيقاً بفعل الكتابة الإبداعية، والتشكيل اللغوي، الذي يؤسس هوية المقروء؛ فقد قادتنا قراءة الأعمال الكاملة للشاعرة هدى أبلان، إلى التوقف إزاء المهيمنات المعجمية التي حفلت بها المجموعات الثلاث-المجموعة الكاملة- مستخلصين أهم التيمات المؤثثة للعالم الشعري الخاص بالشاعرة، ومحصين المساحات اللغوية لكلٍّ منها كالآتي:
التيــ،،،،،،ـــمـة المساحة اللغوية
الريـــح – بتحولاته 28
الجـــــــــــرح– بتحولاته 25
الموت بتحولاته الصرفية 21
البكاء – بتحولاته الصرفية 17
البرد – بتحولاته الصرفية 14
التيـــ،،،،،،ــمـة المساحة اللغوية
الحلم – بتحولاته الصرفية 53
الدمع – بتحولاته الصرفية 32
الحزن – بتحولاته الصرفية 31
المعجــم الديني 30
الدم – بتحولاته الصرفية 28







ومن التيمات – الأخرى – التي ظهرت وفق مستويات، أو مساحات لغوية متفاوتة: الحرقة، الأغنية ( الأغنيات)، القلب، الذاكرة، الطفولة، الغيم، التراب، الماء، الليل، الروح، الانكسار، المشنقة، الغياب، الألم، الوجع.. مع ملاحظة أن جميع هذه التيمات، لا ترد بهذا التجريد الصرفي المحض، وإنما بتحولاتها الاشتقاقية، والصرفية المختلفة: أسماءً، وأفعالاً.




• فضاء الحلم:
لكون "الحلم" يمثل " تيمة" كبرى في عالم أبلان الشعري؛ فإن لذلك دلالاته، النفسية والفكرية، لا سيما، إذا ما أدركنا بأن " طغيان الحلم في الخطاب الشعري العربي المعاصر، إنما يعبر عن فشل إنساني عام، مستمد- بالدرجة الأولى- من بنى المجتمع القائمة، وتراجع هذا المجتمع، وهزائمه" (5).
كما " يشكل الحلم للكثير من المبدعين مفتاحاً للرؤية الشعرية.. وبه يتخطى الشاعر " حدود الواقع الممكن إلى أفق أكثر رحابة: مكانياً، وزمانياً.." (6).
وتحتمي هدى أبلان بملاذات الحلم لتحقيق كشوفات روحية، في مواجهة النقص الجوهري للغز الحياة، إلى جانب كونه يمثل الوجه الآخر لأحلام اليقظة؛ حيث الحلم هنا " لا يمثل هروباً من الواقع بقدر ما يمثل ميولاً إلى الظل/ الحلم، الذي يلوذ به الشاعر حين يتعبه الطريق".(7):

• "حط في شباكنا حلم أخير
نقر زجاج البائسين
عربد في زوايا حزنهم
وأحالهم فرحاً، وأغنية، وماء
حدثهم عن زمن سيأتي
حاملاً لذة الميلاد
لا ميلاد..
قد حط في شباكنا وجع أخير.." (*) ( الموال).
............................................................
فالحلم هنا، ليس سوى استراحة تتحرر من خلاله الشاعرة من سلطة الإكراهات،والموات اليومي لتحتمي بلذة السفر إلى عوالم تجريدية، تتشابك فيها دلالات: الحزن، الفرح، الموت، الميلاد، لتحقيق معادل التشظي الروحي، في مواجهة الواقع الخارجي بماديته.
والمقطع -برمته- صورة مركبة، متوسعة، يلعب فيها التجريد الذهني دوراً لافتاً لتشكيل المعاني الحسية، المبنية من العلاقات الاستعارية: (حط، نقر، عربد، أحال، حدّث ) ؛ حيث يتجلى الحلم مرّةً مجسداً بعصفور(حط في شباكنا) ومرّة مشخصاً بهيئة لها أفعال البشر :( نقر زجاج البائسين)، ومرة يأتي محجماً على هيئة طائف خفي له فعل القدرة:
(عربد في زوايا حزنهم/ وأحالهم فرحاً، وأغنية، وماء).
ثمّ هو-في الأخير- ليس سوى ذاك الوجع الناتج عن حالة الفقدان،والارتماض:(حط في شباكنا وجع أخير) ، وهو ما يجعل من الحلم شيئاً له خاصية التحول ،والصيرورة، والتماهي في الحالة الشعورية المتشظية.
• وتأتي دوال معجمية –أخرى- من نحو: الدمع، والحزن، والبكاء، والجرح – بجميع تحولاتها الصرفية، والاشتقاقية – لتضاعف من سطوع دلالة الحلم – التيمة الكبرى – لارتباط نحو هذا الدوال وثيقاً بالصورة الحُلمية التي تشكل العنصر الرمزي للتجربة الشعورية،والروحية بوجه عام، ومنها يتغذى الحلم، ويكبر لينهض بالحالة الشعرية، وصوفيتها(8).
كما تأتي بُنى الطبيعة من نحو: الريح – البرد – الغيم – الماء – التراب – الليل- في جوهرها اللغوي- لتتحول شعرياً إلى رموز، وإشارات تضيء رحلة الشاعرة الحلمية:

" كلما قلبت ذاكرة التراب
وجدتك سنبلةً مشتعلة بالبكاء
تنهشك أصابع الليل
تمضي وحيداً إلى الريح / تقذف لها ما تبقاك
كلما تصفحت دفتر الخطوات
وجدتك مختبئاً بين سطور الحكايات
مرتعشاً من فارس الحلم
أحط عليك محبتي
أدثرك من زمهرير المسافة
وأشعل حزنك حتى الصباح" ( وجع).
...........................................................
لنتأمل كيف اجتمعت دوال من نحو ( الريح – البرد ( قارس الحلم ) – الحزن – التراب – البكاء – الليل – في مقطع واحد لتؤلف للقارئ، أو المتلقي صورة من مشاهد الذاكرة الاسترجاعية، حيث تتماهى الحياة، والموت، ويتقاطعان في الذاكرة، لينتجا معاً حالةً من الرثاء الروحي، قائمة على المزاوجة بين حاضر -مشارإليه بضمير السارد المتكلم-وماضٍ تشكله امتياحات الذاكرة،في حوار بين المدرك، واللاّ مدرك، من بُنى الطبيعة، والمجردات، التي تتحول-شعرياًّ- إلى رموز وإشارات نفسية؛ تجمع ما بين الانزياح، والإيحاء. فالتراب – مثلاً – يحيلنا إلى القبر ذاته. ، وفي الليل إحالة إلى الرعب الذي تولده الوحدة ، و يشير إليه ملفوظ ( ينهش) ،المستعار من صفة حيوان غير مدرك الهيئة إلاّبالتأويل.. وتشير مفردة الريح-وهي التي تكررت معجمياًّ (28)مرةً، إلى الفناء، والعدم (9).
أما الحزن،في (أشعل حزنك) فليس سوى ظل للموت في بعديه :الواقعي والنفسي.. والصور كلها- بانزياحاتها، ورمزيتها-تعدُّ ظلاً آخر للحلم الأكبر، والذي عبّرت عنه الشاعرة بـ(بوابة الأمل)،نهاية نفس القصيدة.

• الدم ،الموت:
قد يرتبط ملفوظ "الدم" يرتبط –أحياناً-بدلالة "الموت"، إلى جانب مشهديته البصرية القاسية، إلاأن هذه المشهدية الحسية تكاد تنتفي في كتابات الشاعرة، وقليلاً ما كانا يجتمعان – أي الدم والموت – في نص واحدٍ، أو نصوص متباعدة، للإيحاء بمشهد الرؤية البصرية للدماء، أو إبراز معطى الموت كقيمة لغوية، مجردة من الصور المبتكرة،كما في التالي:
"سوف نموت وتحيا المقصلة" (خطوات)
ومن غصنها المدمى على الإسفلت"
صعدت رائحة الموت" ( استدراة)
"ففي إشارة يتقاطع عندها،الموت، والموت
لها أن تنام... ( نهايات متقاطعة).
......................................................................
فالمعطى الدلالي من الموت، والدم، كما نرى في المجتزآت السالفة إما أن يكون متورطاً في المباشرة نحو ( سوف نموت،وتحيا المقصلة)، و( يتقاطع الموت، والموت)، أو أن الصورة الشعرية، ليس فيها من الحركة، والدينامية ما يؤهلها لإحداث التأثير النفسي المطلوب، نحو
( صعدت رائحة الموت)؛ إذ أن المتخيل من وراء الموت،بصرياً، هو " جثة هامدة" ، ناهيك عن الإيحاء المنفّر الذي ترسله دلالة الرائحة.. ولربما يكون التصوير في "غصنها المدمى" أكثر أريحية، بالرغم من قلة مائه التصويري، البسيط..
لكننا نعود لنقول: إن نحو هذه الخروجات الفنية، لا تمثل في ديوان الشاعرة أكثر من (3%) من مجموع المكتوب الشعري، بما في ذلك إيحاءات الدم، والموت، واللتان لا تشيران، إلا إلى أبعاد روحية محضة، لا سيما الموت (10) الذي يتمظهر – غالباً – في هيئات وجدانية، متعالقة بالموت الصوفي – الذي يتعالى على الواقعيات – وهو موت فكري محض يتخلى عن مفهوم الفنائية الجسدية:
• " أريد قليلاً من الحب كي انطفئ
أريد كثيراً من الموت كي أشتعل"
أريد انتهائي..أصغر..أصغر
وبعض الذي تولد من خفقة ثم طار (انتماء).....
..........................................................................
ففي هذه اللقطة نرى كيف أن الشاعرة تلجأ إلى الصور المقلوبة، والمتضادة، لتحقيق المعادلات الموضوعية للفضاء الروحي للموت .إذِ الحب، يقابله انطفاء، والموت يقابله اشتعال، والقليل، يقابله الكثير.
وتتجلى فاعلية الصورة الكلية في العلاقات التبادلية،ما بين مكونات أجزاء الصورة العامة، في كلا الشطرين، والمتمثلة بـ( قليلاً – الحب – انطفئ) ، و( كثيراً – الموت – اشتعل) إذا أن كلاً من هذه العناصر تأخذ مكان الآخر ( المضاد لها)؛ لتؤلف من هذه التبادلية، صورةً رائقة تأخذ من الحلول الصوفي لذته التجاوزية للأشياء، ولا يمكن له أن يتأتى إذا ما تم إعادة إنتاج الصورة بهذا التشكيل الجديد مثلاً:
" أريد كثيراً من الحب كي أشتعل
أريد قليلاً من الموت كي أنطفئ"
حيث الصورة – هنا – تفقد فاعليتها، ومناخها الإيحائي المكثف، بسبب من تقارب القرائن في ذهن المتلقي، عكس ذلك ،في المقطع الأصل ،حين تم توزيع الأدوار اللغوية، ليأخذ كل منها مكان الآخر.وتأمل- معي- هذه الجزئية:
• "للمرة الخامسة والعشرين
ثرترت المرآة بملامح امرأة كانت
غيباً ممتد الإيقاع
حلماً متسع الحدقات
دفئاً مشتعلاً بلحاف الموت" (مرآة).
...............................................................................
إن الموت هنا ليس "سوى انتصار على الموت العضوي" (11) وهو موت يحتمي بنداء الرغبات النفسية المحاصرة ،التي توقظ الصور النائمة في الذهن ،لتمنحها مظهرا مادياًّ،يبلور حالة من التوتر الفكري ،القائم على أنقاض العمر(الضال)،و المنسرب من بين اليدين (12) وفي النص الكامل نجد تآزرا عجيباً مابين ثلاث تيمات: الحلم (4مرات) ،والموت(4 مرات)،والريح (5مرات) لتشكل – جميعها- أفقاً شعرياً لايحد بمكان، أو زمان، لانفتاح دلالالتها على كشرفات "الميتا لغوي" والذاكرة ، وما وراء الوعي..


.......................................................................................

الهوامش:
1 ) أسقطت الشاعرة ديوانها الأول من الأعمال الكاملة؛ بادعاء: عدم نضج التجربة الشعرية.
2) ديوان ملامح شقية 1989م.
3) عبدا لقادر القط، رؤية للشعر العربي المعاصر، مجلة الشعر العربي، يوليو 97م.
4) وليد مشوح، المؤثرات التراثية في شعر الجندي، مجلة الكويت، ع (198).
* التيمة: هي الفكرة الأساسية والمحورية التي يدور- وفقها- أي عمل إبداعي . وقد تكون هذه التيمة كلمةً،أو كلمات،يتكون منها الفضاء الشعري ، نحو الحلم، الخيانة،.. كما قد تكون مشهداً شعرياً أو سردياً يعبر عن الحالة العامة للمكتوب.
5) محمد عبدا لرحمن يونس، الأسطورة في الشعر،و الفكر، الحوار المتمدن، يناير 2007م.
6 ) المصدر السابق.
7) شعرية الحلم في كتاب الظل لجمال الموسوي، محمد حجي، مجلة دروب، يناير 2007م.
(*) يلاحظ أن الشاعرة تلجأ أحياناً إلى التقفية في بعض المقاطع ،للإيحاء بنوع من الإيقاع الخارجي الذي يصاحب تلك المقاطع،وهذا عائد إلى رواسب نفسية تتعلق بالمرحلة الأولى للشاعرة ،والتي كان يصاحبها بعض الموسيقي الخارجية (تفعيلة وقافية) ،كنوع من تدعيم الموقف الشعوري العام.
8) يجب أن نفرق –هنا- بين صوفية يكون الدين فيها هوا لمدار،والفكرة- كما في بعض قصائد المقالح في أبجدية الروح- مثلاً- وبين صوفية شعرية،قد تستعين بالمعجم الصوفي ،إلا أنها تتجرد من البعد الديني بمعناه الخالص ،باعتبارها_أي التجربة الشعرية-كتابة روحية ،تتغذى من عوالم النفس ،وخفاياها،كما يتغذى الصوفي من عوالم المعقولات، والما ورائيات.
9)يلاحظ بأن مفردة (الريح) ، ترد في معظمها دالة على الفنائية ،وتتجاذب أحياناً مع رمزية الموت، وإبدالا ته:
قابلني الموت/الريح
......................
قابلني الريح/الموت
10) تأتي قيمة الدم في كثير من نصوص أبلا ن بالمعنى المباشر، أو بمعنى يشير إلى كلية الجسد والإحساس، عكس الموت الذي تأتي تيمته في كثير منها ذات مناخ نفسي منفتح الدلالات.
11) الموت في الشعر العربي السوري المعاصر، وليد مشوح، منشورات اتحاد الأدباء والكتاب العرب، دمشق 1999م.
(12) يرتبط العمر هنا-والمكنى به من خلال" الركضة الخامسة والعشرون"،وللمرة الخامسة والعشرين- بموقف نفسي تجاه الآخر(الرجل) الذي بدا وكأنه المعادل الموضوعي للحالة الروحية المتوترة جراء ركض العمر،وتأخر
الفارس..مع التأكيد على أن الشاعرة لاتلجأإلى تعرية مشاعرها الجنسية تجاه الآخر/ الرجل ،إلافيماندر، (انظر مثلا:(نهايات دلق/متواليات/حالات امرأة/أسقط سهواً) لتجد نحواً من تلك الصور،المغلفة بالمجازات ،نحو قولها:
"أفتش فيها عن عصاه التي فكَّ بها البحر دوني".
ومعلوم دلالة (العصا) هنا،المرتبطة بالذكورة، وإبدالية (فض) بـ(فك).

...................................................................................................




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر