الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:03 ص
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الأحد, 18-مارس-2007
المؤتمر نت - الاسلام في أمريكا جنيف عبده -
الحركات الإسلامية ومستقبل العالم العربي!
شهدت مدينة "سان بطرسبورج" مؤخراً، تجمعاً لعدد قليل من المسلمين العلمانيين القادمين من أميركا الشمالية وغيرها، فيما أسموه بـ"الحركة العالمية الجديدة لإصلاح الإسلام". والقصد من وراء هذا اللقاء، هو تخليص الإسلام مما لحق به من أخطاء فهم وشوائب. غير أن الشخصيات المسلمة على امتداد الولاية كلها، لاسيما القادة الإسلاميين في "مجلس العلاقات الإسلامية" بواشنطن -والذين وصفتهم المجموعة المذكورة بالتطرف والراديكالية- أعلنوا رفضهم لأية فكرة تنادي بإصلاح الإسلام، ووصفوا مثل هذه الدعوات بأنها امتداد لمحاولة الغرب فرض تاريخه وفلسفته ورؤاه على العالم الإسلامي. والحقيقة أن المجموعة الإسلامية العلمانية المذكورة، لا تمثل سوى شريحة ضيقة وصغيرة من المسلمين، أما الآراء الصادرة عن "مجلس العلاقات الإسلامية"، فهي الأقرب للتعبير عن وجهة نظر الأغلبية المسلمة، ليس في الولايات المتحدة الأميركية وحدها، وإنما على مستوى العالم كله. لكن على رغم ذلك، فقد سلّط الإعلام الغربي والخبراء الحكوميون و"المحافظون الجدد"، اهتماماً على تلك المجموعة العلمانية الصغيرة الداعية إلى إصلاح الإسلام.
وما هذا الاهتمام الذي لقيه لقاء "سان بطرسبرج"، سوى مثال واحد فحسب، إذ جرت تغطيته وبثه على الهواء مباشرة، من قبل شبكة "سي إن إن" الإخبارية. وبفضل وسائل الإعلام، فقد أضحى بعض منظمي ذلك اللقاء من الوجوه والشخصيات المعروفة للمشاهدين. وتشمل قائمة هؤلاء كلاً من: إرشاد مانجي (مؤلف كتاب "معضلة الإسلام")، وأيان حرسي علي (العضوة السابقة في البرلمان الهولندي ومؤلفة كتاب "الكافر")، وغيرهما من الشخصيات التي تزعم أنها عانت شخصياً من ويلات الإسلام الراديكالي. ومن جانبها أعلنت وفاء سلطان، عبر الشبكة الفضائية نفسها، أنها لا ترى أي اختلاف يذكر بين الإسلام الراديكالي والإسلام العادي الذي يمارسه عامة المسلمين!
والحقيقة أن هذه الأجندة الإسلامية العلمانية، لم تحظَ بما حظيت به من اهتمام ورواج عبر وسائل الإعلام، إلا لكونها تعكس وجهة النظر الغربية عن مستقبل الإسلام. فمنذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر، ظل الجميع من إدارة جورج بوش، من قمة هرمها القيادي، وحتى بعض الكتاب العلمانيين من أمثال سلمان رشدي، ينادون بفكرة إصلاح الإسلام هذه. وما القصد من هذه الفكرة سوى حقن الإسلام بجرعة علمانية، إلى جانب نوايا "خصخصة الدين"، من أجل تمهيد التربة لازدهار وانتشار نمط الديمقراطية الغربية، وزرع حكام وقادة في الدول الإسلامية والعربية، هم أقرب إلى العلمانية منهم إلى الإسلام. غير أن مشكلة هذه الوصفة أنها مفارقة للحقيقة والواقع الإسلاميين. والسبب أنها تقوم على افتراض أنه في حال تم حقن المسلمين بجرعة منتظمة من القيم الغربية، فإن ذلك سيساعدهم في نهاية الأمر على احتضان الحداثة والقيم العلمانية، ومجمل عناصر البضاعة الغربية!
وإذا ما قارنَّا هذه الدعاوى بما هو حادث على أرض الواقع الإسلامي، فسنلاحظ أن الإسلام قد شهد انتعاشاً وازدهاراً طوال الثلاثة عقود الماضية، على امتداد العالم كله، من منطقة الشرق الأوسط وحتى الأصقاع النائية من أفريقيا وأحراشها وأدغالها. وبفعل ذلك التأثير، أصبح من الصعب على المرء أن يلتقي امرأة غير محجبة في الشارع المصري اليوم. وفي الوقت ذاته، شهدت الحركات والتنظيمات الإسلامية نهوضاً ملحوظاً، من "حزب الله" اللبناني، وحركة "حماس" الفلسطينية، وصولاً إلى نهوض حركة "الإخوان المسلمين" في مصر. وحتى في الولايات المتحدة الأميركية نفسها، فقد تزايد عدد الشباب الأميركيين المسلمين الذين يتبنون قيم الإسلام ورمزيته، على نحو لا نجد له مثيلاً بين آبائهم المهاجرين من ذوي النزعات العلمانية.
وكنتُ قد سافرت إلى ولاية فلوريدا، بصفتي المتحدثة الرئيسية في اللقاء السنوي لمجلس العلاقات الإسلامية. وفي طريقي إلى تلك المناسبة، كنتُ قد تحدثت إلى الإمام سراج وهاج، وهو مثقف ذو جاذبية عالية، بمسجد التقوى في بروكلين، وله آلاف الأتباع والمريدين، داخل أميركا وخارجها. واستطاع بنفاذ بصيرته وحكمته البالغة، أن يوجز في بضع كلمات فحسب، وجهة نظر مسلمي العالم قاطبة: "إن ما ينبغي علينا فعله، هو أن نأخذ من الغرب ما يعجبنا فيه، وأن نترك ما لا يرضينا فيه. فتلك هي موجة المستقبل الإسلامي". وهناك من المؤشرات ما يدل على صحة رأي سراج وهاج هذا. فها هم المسلمون الذين يعيشون في المجتمعات الغربية وخارجها، وقد هموا بالبحث عن الطريق الثالثة هذه، أي ذلك المنحى الذي يمزج بين قيم العولمة والتقاليد الإسلامية. وعلى السبيل المثال، فقد ازدادت فرص التعليم أمام النساء المسلمات اليوم، أكثر من أي وقت مضى. ففي إيران، يزيد عدد الطالبات على عدد الطلاب الذكور في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي، وهي أول ظاهرة من نوعها في التاريخ الإيراني. ولكن علينا أن نضيف إلى ذلك، أنه كلما ازدادت المرأة المسلمة تعليماً، كلما ازدادت تديناً، وازدادت مشاركتها فيما أسميه بالحركة النسوية المسلمة، وهي حركة تمتد من مصر إلى تركيا، وحتى المغرب. وتجب الإشارة هنا، إلى أن هؤلاء النسوة اللائي يرتدين الحجاب، تأكيداً لهويتهن الدينية، قد عثرن على تلك المنطقة الرمادية التي تجمع ما بين التقليدية والحداثة. ولذلك فهن يكافحن من أجل الحصول على مزيد من المشاركة في الحياة السياسية لبلدانهن ومجتمعاتهن، ومن أجل مزيد من المساواة مع الرجال، في التشريعات وقوانين الأحوال الشخصية، بما في ذلك حقهن في الطلاق وتبني الأطفال. وهنَّ في كل ذلك، إنما يتعاملن مع الإسلام، باعتباره البوصلة الموجهة لحركتهن وسلوكهن اليومي.
وبالقدر ذاته، فالمرجح هو أن تشكل الحركات والأحزاب الإسلامية، تحدياً العالم العربي، مع العلم بأنه تيار لا يتوقع له القبول، لما عرف تاريخياً من سياسات وأجندة خارجية أميركية في المنطقة، بينما يرجح ميله إلى تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على مستوى السياسات المحلية الداخلية.

مؤلفة كتاب: "مكة وشارع مين: الحياة الإسلامية في أميركا بعد 11/9"وجهات نظر





أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر