على ناجي الرعوي* -
هذا العبث .. لمصلحة من؟
بالقدر الذي يكون فيه التنوع في الرؤى والتوجهات أمرا طبيعياً في ظل الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية فإن التعامل مع هذا التنوع إذا ما تجاوز المعايير القيمية التي تحميه من الاستغلال الانتهازي يصبح معه العمل الديمقراطي نوعا من العبث ووسيلة إضرار أكثر منه مبعثا وحافزا على التنافس من أجل المزيد من العطاء وتقديم الأفضل للمجتمع والوطن.
وتدلنا هذه المعادلة على أن هناك بونا شاسعا بين من يسعى للتعبير عن آرائه وأفكاره ووجهة نظره بهدف إثراء الواقع بالاجتهادات التي تعزز من تماسك المجتمع وتلاحم وحدته الوطنية وبين من يتجه إلى استغلال المناخ الديمقراطي في تبني الفعاليات والندوات التي تطلق الأحكام الجزافية والتعميمات العشوائية التي تورث الجهل وتؤسس لطرق تفكير ارتجاعية تشر عن لظاهرة الخروج على النظام والقانون والعبث باستقرار الوطن والسلم الاجتماعي ومثل هذه الصورة تجلت بشكل صارخ في حلقة النقاش التي أقامتها يوم أمس إحدى منظمات المجتمع المدني تحت عنوان( دور منظمات المجتمع المدني في إيقاف الحرب بصعدة).
• أعرف شخصيا أنه لا يمكن أن يكون هناك بلد ديمقراطي على درجة عالية من الرقي دون أن تكون لديه مؤسسات مجتمع مدني فاعلة تسهم في تكريس مفهوم دولة النظام والقانون وتعمل على إيجاد وخلق بيئة اجتماعية مستوعبة لثقافة المشاركة الديمقراطية وأساليب التعاطي المتحضر مع القضايا الوطنية.
• ومع ذلك فإن هذه الملامح تتضاءل وتزداد غموضا ونحن نجد بعض منظمات المجتمع المدني في بلادنا تتخلى مع الأسف الشديد عن دورها ومسؤولياتها لصالح تحولها إلى ( مكاتب عامة) أو( دكاكين سياسية) لمجموعات لا تستطيع العيش بعيدا عن الأضواء وفلاشات الكاميرا خاصة وأن هؤلاء قد وجدوا ضالتهم في تلك ( التشكيلات) للوصول إلى الشهرة وتحقيق بعض المنافع الذاتية بصرف النظر عن الدور الذي يؤدونه، ومدى مواءمته مع الجائز وغير الجائز حيث اختلط الأمر لديهم حتى صاروا لا يميزون بين حدود الوظيفية التي ينبغي أن تؤديها منظمات المجتمع المدني وبين الحالات التي تتطلب التدخل القانوني للحد من أية ممارسة غير قانونية
* ويظهر هذا الاختلال في قيام مؤسسة محسوبة على المجتمع المدني في بلادنا بتبني ندوة تبحث في إيجاد المبررات لعناصر تمردت في الأصل على النظام والقانون ولجأت إلى أعمال العنف والقتل والتقطع في الطرقات وإقلاق الأمن والسكينة العامة في بعض مناطق محافظة صعدة مع أن المفترض أن تمثل منظمات المجتمع المدني القوة الدافعة لصيانة النظام والقانون من أية تجاوزات أو اختراقات وليس العكس.
- وعلى الرغم من أننا لسنا بصدد تقويم أداء منظمات المجتمع المدني في اليمن إلا أن الموضوعية تدفعنا للتأكيد على أن ليس من مصلحة هذه المنظمات الانزلاق نحو المنحدر الذي يدفع بها إلى خانة ( الشبهات) خاصة وأن هناك من لا يبرئ بعض هذه المنظمات من فتح خطوط اتصال مع مؤسسات إقليمية ودولية الأمر الذي يجعل ارتباطها بالخارج أكثر من الداخل ونتيجة لهذه الإشكالية فإن الواجب أن تبرهن هذه المنظمات أنها جسد لا ينفصل عن هذا الوطن وأن ما تقوم به لا يتعارض ومصلحته والتوجهات التي تحفظ له الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي.
- وما لم يتحقق هذا الالتزام فإن هذه المنظمات لن تستطيع أن تقنع الكثير من المواطنين بأن آليات وطبيعة عملها تسير بشكل إيجابي.
- ولعل ما جرى في بعض الأحزاب ما يفيد أو ينفع عظة لمن يعتبر.
*رئيس تحرير صحيفة الثورة