المؤتمرنت- محمد الجرادي -
(البابطين) احتفالنا العربي في عالمية الشعر
هذا يوم عالمي للشعر وللشعراء لكن لا أثر لمظاهر احتفاء العربي بذلك، بالقدر الذي يتوازى مع مظاهر احتفائه بأيام عالمية أخرى.
ربما لأن كل ما سيطرأ من مظاهر احتفال لا يتعدى قراءات معتادة يقرأ الشعراء لأنفسهم ولبعضهم البعض في ذات القاعات والجدران والكراسي الفارغة أيضاً!!.
واللافت أن الشاعر العربي كأنه لم يتأكد بعد من أن يوماً عالمياً قد خصص لعناية الشعر!! وأنه يترتب على ذلك احتفاء لائقاً يشاركه في صنعه: السياسي، والدبلوماسي، والمهندس، والطبيب، والإعلامي، وبائع الخضار، والنجار، والأسكافي، وساعي البريد، ورجل الأعمال وعمال النظافة. ........إلخ.. فضلاً عن أنه معنيٌّ بتصدير موقف ما بشأن قضاياه وهمومه وأحلامه، وبيان رؤيته إزاء ما يجري ، ويعتمل في الواقع من تطورات وأحداث وإيضاح موقفه وأدواره من وتجاه كل ذلك.
ولهذا سوف يمر يوم الشعر غريباً، وسيدحض على الأقل المراهنات "الكلامية" على وجود وجدوى الشعر في حياة الإنسان العربي اليوم، وهلامية "الأمة الشاعرة"، !! وهذا مؤسف جداً. فيما ينكفئ الشاعر العربي على ذاته المحاصرة بالانكسارات والاحباطات، ومعه "ألقصيدة" التي لم تدرأ عنه في معظم الوقت مغبة الفاقة والفقر، والحياة في الهامش!
على أن ذلك لا يعد إغماطاً لمراهنات "فعلية" في طريق إعادة الاعتبار للشعر في حياة الأمة الشاعرة.
هذه المراهنات على ندرتها وإمكاناتها الشخصية الصرفة تبقى هي شعاع ضوء في كل هذه المساحة لداكنة، وفيها ما يستحق الاحتفاء والاحتفال، وما هو لائق بالحضور ا لمناسب في يوم عالمي للشعر وللشعراء.
ولا مبالغة في القول بأن إمكانية هذا الحضور الشعري العرب اللائق في اليوم العالمي للشعر، لن يكون مناسباً إلا عبر تجسيد احتفائنا الفعلي بالمآثر العظيمة والكبيرة التي قدمها، وما يزال يقدمها بكل حب وشغف وبدون منٍّ أو ضجيج في سبيل الشعر، والثقافة العربية عموماً، الشاعر ورجل الأعمال عبدالعزيز سعود البابطين من خلال مؤسسة جائزته الرائدة المعنية بالإبداع الشعري العربي.
ما يعني أن البابطين وحده يمنحنا قدراً معقولاً من الاحتفاء بيوم الشعر، ويجعلنا تتنبه إلى عجز مؤسساتنا الثقافية العربية الرسمية وإلى جانبها مؤسسات وهيئات معنية بالثقافة والفنون والآداب، عن إحراز أية إنجازات مهمة ومؤثرة على صعيد المنجز الشعري العربي بوجه خاص، أو على أصعدة ثقافية وإبداعية أخرى.
وتأكيداً لذلك يكفي أن نرى - واقعياً –آثار الإنجاز الهائل الذي صنعه البابطين ومؤسسته الرائدة.. ليس فقط في منحه جائزة للإبداع الشعري -التي تعد هي الأكثر شهرة على المستوى العربي، من حيث قيمتها وفعالياتها التي تتخذ موضوعات ذات علاقة جوهرية بالشعر والثقافة العربية، ولكن فيما يتفرع من هذا العمل المؤسسي من أدوار مختلفة ومتعددة تصب في نهاية الأمر لصالح المنبع الثقافي والفكري للأمة العربية، والمصدر الأول لثقافتها وهو الشعر.
فمن عشرات الدورات المتخصصة بعروض الشعر العربي ومهارات اللغة العربية التي تنفذها مؤسسة البابطين في معظم البلدان العربية وفي رحاب جامعاتها المختلفة إلى إصدارات ذات قيمة ومعنى.. أبرزها معجم البابطين للشعر العربي الذي ما زالت تشكل أجزاؤه المتبقية .. إلى جانب تنظيمها ملتقيات وندوات وفعاليات في مستويات رفيعة تليق بهذا الهم وترتقي إلى مستوى الاهتمام والاعتناء به.
وقد كان للبابطين تتويجه العظيم للشعر، بإنجازه المكتبة الشعرية على أرض الكويت في مطلع أبريل من العام المنصرم 2006م، وهي بحق الإنجاز الأول عربياً على هذا الصعيد، بل إنجاز عالمي أيضاً للشعر بإنسانيته المطلقة.
لقد حقق البابطين بهذه المكتبة حلمه الذي راوده طويلاً -كما قال – وقدمها بمحبة واعتزاز في سبيل جمع وتوثيق وصيانة وعرض المكنوز الضخم من التراث الشعري والنقدي العربي، ومخطوطاته الهائلة؛ فضلاً عن نتاجاته الحديثة والمعاصرة.
وهي خدمة ستظل الأجيال العربية المتعاقبة تشكر للبابطين عظيم فعله هذا.
وليس ما أشرنا إليه هو كل عطاءات البابطين ومؤسسته التي تذهب لصالح الحفاظ على الهوية الثقافية و الفكرية العربية، وخدمة الواقع الثقافي والإبداعي الراهن، إنما هي النزر اليسير من خدمات جليلة لا تزال تتابع بمسئولية قومية إنسانية، وتفكير خلاق وجاد ومثمر، ومحبة للخير العام.
وإجمالاً يمكننا القول: في عالمية الشعر هذا اليوم يبقى الشاعر الكبير عبدالعزيز سعود البابطين ومؤسسته هو كل احتفالنا العربي في هذه المناسبة.. ومن حقه علينا أن نقول له: شكراً لأنك منحتنا شيئاً كثيراً من أحقية الاحتفاء بالشعر.
*
[email protected]