الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 11:32 م
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
السبت, 31-مارس-2007
المؤتمر نت - . نصر طه مصطفى -
التعديلات الدستورية.. مصر نموذجاً
كما هو متوقع وطبيعي كذلك فقد وافق المصريون بأغلبية كبيرة تصل إلى 75% على التعديلات الدستورية التي اقترحها الرئيس حسني مبارك وأجازها البرلمان وجرى الاستفتاء عليها يوم الإثنين الماضي في ظل إقبال شعبي متواضع على التصويت ليس لنجاح المعارضة في إقناع المواطنين بمقاطعة الاستفتاء بل لأن الأمر برمته لا يشكل أهمية كبيرة بالنسبة للمواطن العادي باعتبار أن التعديلات ركزت بشكل أساسي على الجوانب السياسية وهذا لا يعنيه كثيرا، وباعتبارها ستحصل على الأغلبية المطلوبة الأمر الذي يعتبره المواطن العادي محسوما ولا يحتاج لذهابه للتصويت.

لم يكن للوضع الدستوري أن يظل على جموده في ظل موضة الإصلاحات السياسية في المنطقة، خاصة بعد أن تبنتها لجنة السياسات في الحزب الوطني الحاكم التي يترأسها نجل الرئيس مبارك منذ تسعينات القرن الماضي، لكن التردد ظل طويلا منذ ذلك الحين في إجراء تعديلات دستورية ولعل السبب هو القلق من عدم السيطرة عليها بعد فترة الجمود الطويلة، كما أن رفضا مصريا رسميا واضحا لكل الضغوط الغربية عموما والأمريكية خصوصا التي بدأت منذ ذلك الحين على عدد من الدول العربية في مقدمتها مصر لإجراء إصلاحات سياسية، إذ كان الأمريكان في تلك الفترة متحمسين جدا لها في وقت لم يكن الرئيس مبارك يريد الدخول معهم في خلاف حول تعديلات دستورية تجري وفق الرؤية الأمريكية بغض النظر عن رؤية الحكم نفسه في مصر تجاهها... لذلك كما يبدو ظلت التعديلات مؤجلة حتى يتراجع الحماس الأمريكي وهو ما حصل بالفعل إذ أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس قبل عامين في القاهرة أن الإصلاحات السياسية يجب أن تراعي ظروف كل بلد عربي على حدة، وهي لم تعلن الأسبوع الماضي إلا عن قلق خجول على التعديلات الدستورية في مصر كنوع من أداء الواجب كما يبدو أمام المعارضة المصرية.

لم يشأ الرئيس مبارك أن ينجز التعديلات قبل انتخابات الرئاسة التي جرت في عام ،2005 بل أراد إنجازها عقب ذلك كجزء من عملية الوفاء بوعوده الانتخابية التي تضمنها برنامجه السياسي، واليوم أصبحت التعديلات حقيقة واقعة بعد الاستفتاء عليها رغم رفض المعارضة المصرية بكل أطيافها لها، فالحقيقة أن الحكم في مصر يعلم جيدا أن تأثير المعارضة التقليدية بات معدوما في الشارع المصري وأن الطرف الوحيد فيها الذي يملك قدرا معقولا من التأثير هم الإخوان المسلمون الذين يمتلكون مشروعية واقعية وليست قانونية، وهم بمقاطعتهم للاستفتاء قدموا خدمة للنظام حتى وإن لم يقصدوها. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فهم أرادوا التأكيد على رسالتهم الدائمة للحكم بأنهم لا يرغبون بالدخول معه في أي شكل من أشكال الصدام مهما توترت العلاقة بينهما، ورغم أنهم المتضرر الأساسي من النصوص الدستورية الجديدة بخصوص شروط الترشيح للرئاسة كما تؤكد ذلك أحزاب المعارضة الأخرى بشقيها اليساري والليبرالي إلا أنهم يدركون جيدا أن منافستهم على مقعد الرئاسة لا تدخل ضمن أولوياتهم في المرحلة الراهنة... أما بقية أحزاب المعارضة التي وإن كانت تملك الاعتراف القانوني المطلوب إلا إنها لا تمتلك في الواقع حظا يذكر في الفوز إن خاضت تنافسا جادا في أي انتخابات رئاسية قادمة أو حتى نيابية.

من الواضح أن التعديلات الدستورية الأخيرة أعدت بعناية لتتناسب مع الظروف التي يرى الحكم في مصر أنه لايستطيع تجاوزها أو القفز عليها في الوقت الراهن، فالتعديلات قد لاتكون أرضت مزاج شريحة واسعة من المثقفين غير المنتمين حزبيا مثلما أنها لم ترض مزاج المعارضة وبعض أطراف في المجتمع الدولي إلا أن الحكم لا يمكنه المخاطرة بتعديلات قد تسمح بتسليم السلطة يوما ما للمعارضة، والحقيقة أن احتمالات هيمنة الإخوان المسلمين على الشارع فعليا في حال التخفيف من القيود والضوابط الدستورية على الحياة السياسية هو أمر يثير قلقا لدى كل الأطراف في مصر أي الحكم والمعارضة اليسارية والليبرالية والمثقفين المستقلين والمجتمع الدولي إذ لايمكن المخاطرة بسقوط الحكم في بلد مثل مصر بيد الإخوان فهذا خط أحمر لدى كل تلك الأطراف التي تعتبر أن نار الأنظمة الحالية خير من جنة الإخوان المسلمين. والأكيد أن هذا النوع من المخاطر هو الذي جعل الولايات المتحدة تخفف من ضغوطها على الدول العربية بخصوص الإصلاحات وجعلها تتفهم حاجة هذه الأنظمة إلى إدارة عملية الإصلاحات السياسية بشيء من التأني مع استمرارها في الضغط على هذه الأنظمة باتجاه إنجاز المزيد من الإصلاحات الاقتصادية والقضائية ومحاربة الفساد وتعزيز حرية الصحافة والإعلام من منطلق أن هذا النوع من الإصلاحات يسهم بلاشك في تمديد عمر الأنظمة الحالية ويخفف من حالة الاحتقان الموجودة في الشارع العربي ويسهم في إبعاد شبح الإسلاميين عن السلطة. وقد يكون ذلك صحيحا إلى حد كبير.

*الخليج




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر