المؤتمر نت - جميل الجعدبي وأمين الوائلي -
المؤتمرنت يفتح ملف الآثار.. 50 قطعة في باريـس من يعيدها إلى اليمن ؟!
هذا نموذج آخر، وصارخ، لسوء الإدارة والأداء معاً.. هما المصيبة التي لاسبيل لإنكارها ويتعلق الأمر، هنا، بالروح الجمعية وإرث الوطن والتاريخ.. المصيبة أعظم ولابد.. لانبحث فقط في المسئولية، بل وأيضاً عن المسئول.. وتالياً عمن يسائله.. دعونا نتابع..
عبث إداري.. إدارة العبث
> في العنوان العام للقضية: هناك خمسون قطعة أثرية من أنفس ما اكتنزته اليمن، وأثمن ما ازدحمت به الذاكرة الوطنية المتحفية.. ذهبت إلى باريس لتعرض مفاتنها أمام الآخر المفتون بسحر سبأ وأسطورة الشرق العربي، ضمن »متحف المتاحف العربية«- المعرض الذي كان مقرراً له أن يُفتتح في أكتوبر من العام 2004م، بتنظيم من »معهد العالم العربي« بباريس، على أن تقفل نفائسنا الـ(50) عائدة إلى أرض الوطن بعد (3) ثلاث سنوات من تاريخه.. هذا جيد- حتى الآن على الأقل.
> في التفاصيل الداخلية للقضية: نفائسنا الخمسون طارت إلى باريس- بحسب الاتفاقية الموقعة بين وزارة الثقافة في اليمن ومعهد العالم العربي بباريس.. قبل طيرانها حدثت مخالفات وتجاوزات، تتضح لاحقاً، في عمليات الانتقاء والجمع من المتاحف المختصة في أكثر من محافظة بحيث كان الإجراء مركزياً- عبر الهيئة العامة للآثار والمتاحف- دون استشارة أو مشاركة المتاحف بإداراتها المسئولة، بل دون الرجوع، حتى إلى إدارة المتاحف المعنية بالأمر برمته في الهيئة العامة للآثار، بحسب ما يشكو لـ»الميثاق« بحرقة مدير عام الإدارة أحمد شجاع الدين الذي يشدد على أنه »كان من الأولى ألا تخرج أية قطعة أثرية إلاَّ بعد موافقة مجلس الوزراء«، ويستدرك »لكنهم قاموا بإخراج القطع من المتاحف مباشرة دون الرجوع إلى إدارة المتاحف بالهيئة.. طلبوني فقط عند شحن القطع«! وبتعبيره فإن ذلك يعني أن الرجل »مدير عام مُضيَّع.. طلبونا للتحليل فقط«!!!
> في التفاصيل أيضاً: يؤكد مدير عام المتحف الوطني بصنعاء عبدالعزيز الجنداري أن (28) قطعة أثرية خرجت من المتحف وأن دوره اقتصر على تجهيز القطع فقط- كما طلبوا!- ويتذمر هو الآخر من تسلط »المركزية« في أداء وإدارة الهيئة العامة »سيكون كل شيء عن طريقهم.. لست قادراً على تنفيذ مشاريع خاصة بالمتحف داخل اليمن بسبب المركزية الشديدة فكيف تطالبني بأشياء خارج الوطن؟!«!
أخطاء متراكمة.. حدث ولم يحدث في باريس
> دعونا الآن نتجاوز جملة الأخطاء والتجاوزات قبل طيران القطع الأثرية إلى باريس.. ما الذي حدث بعدها؟
هناك.. في باريس، تسلَّم معهد العالم العربي القطع الأثرية القادمة من اليمن.. من متاحف اليمن تحديداً، وفي الموعد المحدد حسب الاتفاقية.. المفاجأة غير السارة هي أن ثلاث سنوات كادت أن تنقضي كاملة والمعرض المذكور لم يُنفذ ولا فتح »متحف المتاحف العربية« أبوابه أمام الجمهور الأوروبي، ولا شاهد الآخر مفاتن سبأ وكنوز الشرق.. أين نفائسنا الخمسون إذاً؟ لماذا لم تعد؟ وما الذي تفعله في باريس طوال هذه الفترة بعيداً عن روح ونص الاتفاقية المذكورة؟
> أهم من ذلك السؤال: لماذا تخلت الهيئة والوزارة عن دورهما في إنفاذ الاتفاقية بحذافيرها والاستفادة من الامتيازات والبنود المتضمنة كما يجب؟!
وبعد ذلك، وربما قبله أيضاً: هل حقاً أن الوزارة نست، تماماً، كنوزنا الخمسين بمجرد مغادرتها مطار صنعاء؟ وأن الهيئة تناست الاتفاقية كما تناست خمسين قطعة أثرية أعارتها للأصدقاء في باريس؟
المعرض تعطل.. ورغم سفر رئيس الهيئة العامة للآثار- حينها- بمعية مسئول آخر بدرجة مدير عام في الهيئة، لحضور الافتتاح في باريس الذي كان مقرراً له أكتوبر 2004م، لكنهما عادا من هناك ولم تعد معهما الآثار رغم تعطل الفعالية التي حددها الاتفاق، ولم تفعل الهيئة ولا الوزارة بعدها شيئاً لاستعادة القطع.
رئيس هيئة الآثار- حالياً- د. عبدالله باوزير عزا أسباب عدم إقامة المعرض لأزمات مالية يشهدها معهد باريس منذ 3 سنوات- تحديداً منذ خروج نفائسنا الخمسين!- وهو نفسه- باوزير- فجر الحديث عن إمكانية مقاضاة معهد العالم العربي بشأن استعادة القطع الأثرية، ومن ثم عاد عن ذلك واستنكر المبالغات الصحفية في إثارة هذه النقطة وأن »المسألة بسيطة.. ومافيش حاجة« وأن التعاون والتواصل مستمر مع المعهد لاستعادة الآثار المؤمَّن عليها!!!
وهو مازكته د. مديحة رشاد، أستاذة الآثار بجامعة ذمار، وورد اسمها في مذكرة السماح بخروج القطع من مطار صنعاء، وتقول: »لايوجد قلق، نحن سنكبر القضية وهي بسيطة« ولكنها ترى أن حديث رئيس الهيئة عن المقاضاة »كبرها«! وتحمل المسئولية في عدم عودة القطع الأثرية ما أسمته »عدم التواصل الصحيح مع الجهة المعنية«! بمعنى أن هنا إدانة واضحة للجهات المختصة في الوزارة والهيئة.أكثر من ذلك تكشف د. مديحة أنها تقدمت قبل عام ونصف تقريباً لرئيس الهيئة بطلب تذكرة سفر إلى باريس لمتابعة الموضوع ولكن طلبها قوبل بالرفض.
مدير عام إدارة المتاحف أحمد شجاع الدين- بدوره- يؤكد أن خروج القطع لمعرض لم يُقم أصلاً وبقاءها طوال هذه المدة »فضيحة وجريمة كبرى ويتشدد أنه »كان على رئىس الهيئة والدكتورة مديحة- سافرا لحضور افتتاح المعرض وعادا بدون القطع- أن يطلبا عودة القطع طالما المعرض لم يقم ويكتبا تقريراً مفصلاً عما حصل«.
ويفترض شجاع الدين أن القطع ربما »خرجت تتفسَّح« أو »تتمشَّى«!!
أما عبدالعزيز الجنداري مدير متحف صنعاء فيصرخ »أطالب من شهر أكتوبر برجوع القطع.. هذه ليست من مسئولياتي« وهو، الآخر، يعيد نفس التأكيد »خرجت القطع الأثرية بهدف محدد لم يتحقق.. فهناك تقصير«.
> من المسئول إذاً؟!
الهيئة والوزارة.. هما الطرف المسئول أولاً وأخيراً.. وثمة أشياء أخرى..
جهات معنية.. غير معنية بالمرة!
> الاتفاقية الموقعة تعطي الهيئة لا الوزارة، حق الاستفادة من تعهد المعهد بأن »يأخذ على عاتقه النفقات الناتجة عن تعيين مهندس متخصص في علم العرض بالمتاحف مهمته هي تحقيق دراسة لإعداد وتنسيق متحف الآثار بصنعاء« وهو مالم يتحقق أو تطالب به الهيئة حتى الآن!
زد على ذلك أن الاتفاقية في مادة (10) ألزمت المعهد أن يتولى »دفع تكاليف تدريب اثنين من أخصائي الهيئة العامة للآثار والمتاحف في باريس لدورات قصيرة تتراوح بين الشهر والشهرين سنوياً لكل متدرب«.. هذا أيضاً زهدت فيه الهيئة، بكرم حاتمي محبط.. فلم تحرص على الاستفادة منه، ولا هي التي حرصت على استعادة الآثار المهاجرة.. هناك، في باريس البعيدة.
بعد هذا كله!!
لدينا (50) قطعة أثرية غادرت ولم تعد، ولايبدو أن الهيئة أو الوزارة كانتا مهتمتين كثيراً بمسألة العودة هذه!
ولدينا جهات معنية مقصرة وغير معنية تماماً بمهامها ومسئولياتها..
ولدينا مسئولون ومؤسسات رسمية يزهدون في مسئولياتهم ويهملون الاتفاقيات والاستفادة من بنودها وامتيازاتها، لا بل ولا يذكرون شيئاً مما كان بالأمس، فقط يتذكرون أنهم سافروا.. لماذا؟ لا أحد يعلم.
من منهم يفيدنا- اليوم- لماذا لم تعد الآثار بعد سنوات ثلاث لم تُعرض خلالها على الجمهور؟!
ومن المسئول عن ذلك؟
والأهم هو: هل ستعود؟!
للإطلاع على تفاصيل القطع الأثرية كاملة يرجى الإطلاع على الملفات التالية:
مخطوطات يمنية قديمة
قطع المتحف الوطني
قطع متحف أبين
قطع متحف بينون
قطع متحف عتق - شبوة