بقلم: حسن أحمد اللوزي - وزير الإعلام - قطر ورعاية مشروع عملاق للاستثمار في الثقافة حقيقة كانت مفاجأة هامة برزت خلال الزيارة القصيرة ذات الثمار الكبيرة التي قام بها سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر لبلادنا تلبية لدعوة من أخيه فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وهي الإعلان عن تبني قطر ورعايتها لمشروع البحث والتنقيب عن الآثار في بلادنا وتهيئة مناطقها للعديد من مشاريع الاستثمار السياحية والثقافية وذلك احياء للتراث وحفاظا عليه وتحقيقا لتنمية اقتصادية واجتماعية متناغمة في كافة المناطق التي تحتضنه وحولها فيما يعتبر بمجمله وتفصيلاته توجها حضاريا صميما نحو التراث لجعله منتجا جديدا لقوة الحياة الانمائية الاقتصادية والاجتماعية من كافة الجوانب.
ولا شك أن هناك العديد من التصورات المتعلقة بتطلعات الاستثمار في المجالات الثقافة ولكنها ظلت حبيسة الاذهان والقلوب والامنيات والملفات.. وبرغم أنها قد وضعت علي محك البحث العملي والنقاش الجدي لعدد من المؤسسات ومنها مجلس الشوري في بلادنا والذي اصدر بشأنها توصيات مهمة الا انها ظلت تبحث عن عمل ريادي وشامل مثل هذا العمل الذي بدا انه مدروس بعناية من كافة الجوانب غير ان الاهم في هذا المسعي العظيم هو توفر الرعاية القيادية العليا له من فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وسمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر وما اعطياه من اهتمام جدي وحاسم لمثل هذه التطلعات الكبيرة والتي لاشك ستحتاج الي ترسانة كبيرة من الخبرات العلمية ومن الجهود الدؤوبة والتنسيق بين كافة الاعمال القائمة اليوم في خطط وبرامج البحث والتنقيب عن الآثار في بلادنا لتكون في بوتقة جديدة مترابطة كما حددها شعار هذه الخطوة الاستثمارية الثقافية الريادية اكتشاف.. وحفاظ .. وتنمية..
ولاشك ان تشييد المنشآت السياحية التي تتقارب مع اماكن الاكتشاف الأثرية كما هو مخطط له تعني احياء الافكار القديمة التي ترسخت في تاريخنا القديم والمتجدد بإذن الله كما اشار الي ذلك سمو الأمير حمد في كلمته عندما تحدث بثقة واطمئنان عن صورة اليمن السعيد بحضارته وبحياة الانسان المتقدمة معيشيا وانتاجيا واقتصاديا وحكما شوريا.
وان الجدوي الواضحة لمثل هذه الخطوة العملاقة المباركة تتأكد من حقيقة المكانة التاريخية التي تحتلها الآثار والتراث التاريخي في بلادنا والتي جاء علي ذكرها القرآن الكريم والتوراة والكتب التاريخية التي أرخت لمسيرة التطور البشري بداية من العصور القديمة التي استطاع فيها الانسان ان يكتشف مهنة الزراعة وان يتوجه
نحو تطويرها وتربية الحيوانات واستئناسها وابتكار الصناعات المتصلة بالزراعة وهندسة الري وشتي أشكال المعمار في المدنيات القديمة والتي تدل كثير من الحفريات علي أن الوطن اليمني يمثل بحد ذاته مظنة كبيرة لاحتضانها والاحتفاظ بكنوز الآثار في مختلف المحافظات والمناطق.
وبكل المقاييس التاريخية والثقافية والاقتصادية فإن هذا المشروع الاستثماري الكبير الذي تتبني رعايته وتمويله دولة قطر بزعامة أميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني يعتبر من أهم المشاريع في عام انطلاقة الاستثمار في بلادنا بمفاهيم عصرية جديدة ومن أكثرها فرادةً وتميزاً لتوجهه نحو الأصالة التاريخية لتكون سبيلاً للإثمار الاقتصادي والاجتماعي في الحياة المعاصرة وكما يمكن وصفها فإنها تأتي لتنسيق الجهد الدولي والخبرات العلمية والاجتماعية والتاريخية في كل مجالات التنقيب عن الآثار في بلادنا ودراسة كل خطوةٍ من الخطوات التي يتم انجازاها ليزاملها ويرافقها مشروع جديد يترابط بعملية تهيئة المكان ومحيطه الاجتماعي والإسكاني لتوطين المنشآت السياحية المتعددة وتكون بذلك منطقة لتجدد الحياة المعيشية فيها.. بكل ما تعنيه المدن والقري السياحية الحديثة.
فهذه الحملة القطرية الدولية للبحث والتنقيب عن الآثار في مضان المناطق التي تتوفر فيها لا يستهدف مجرد الكشف عن الكنوز الثمينة في باطن الأرض وتبني الحملات الإعلامية التعريفية بها وبتاريخ اليمن العريق وانما تستهدف أيضاً الحفاظ عليها وابرازها كذخيرة معرفية انسانية لكي تكون تحت انظار العالم وبين يدي رغبة التعلم ومتعة السياحة ومقاصد السياح.. حيث يتوقع ان يأتوا الي هذه المناطق بصورة دورية ويجدوا أمامهم منشآت سياحية توفر لهم كافة الخدمات التي يحتاجون اليها.
فالاغراءات والترويج من أجل تشجيع السياحة وتوفير شروط الجذب السياحي واقامة المشاريع الاستثمارية السياحية والتنموية.. هذه كلها بوتقة واحدة لثورة انمائية استثمارية يعد بها هذا المشروع العملاق ولا يقف عند حدود التعاون والشراكة وتعزيز العلاقات الحميمة التي تربط بين الشعبين اليمني والقطري وبالرعاية الحميمة والكريمة للقيادتين وباهتمام كافة الجهات الحكومية في البلدين وانما تستهدف أيضاً تقديم نموذج إنساني فريد من نوعه لكينونة عصرية تجعل منطقتنا قابلة للتفاعل وللاحتكاك ولتبادل المعارف وللدراسة المعمقة في التراث الحضاري البشري.. وبالتالي فإن هذا المشروع بوجهته هذه في عمليات التنقيب عن الآثار وابرازها وجعلها قابلةً للزيارة ومعروضة للتعرف ومغرية بتحمل التكاليف والسفر اليها من أصقاع الدنيا من خلال الترويج والدعاية اللازمتين وبابراز ما تعنيه الآثار بالنسبة لامتنا العربية ومكانتها في التاريخ ليكون لها أيضاً مكانتها في الحاضر الانساني وفي المستقبل.
وبالتالي فإن هذه العملية ستحقق في المستقبل القريب انجاز خارطة واضحة للمكونات الأثرية بكافة مآثرها ومعالمها في بلادنا وإذا كان هذا المشروع الفريد من نوعه سوف يركز في البداية علي المحافظات التي نشأت فيها الحضارة السبئية القديمة فإن المخطط له أيضاً هو أن يتواصل أيضاً ليترابط بكافة المكونات الحضارية التي شهدتها الدويلات الحضارية السابقة المعينية والحميرية وحضرموت وشبوه وأوسان وقتبان بما في ذلك أيضاً تجديد الحياة لدروب القوافل التجارية القديمة التي كانت تجوب الجزيرة العربية من شمالها الي جنوبها ومن شرقها الي غربها في رحلة الشتاء والصيف.
ان هذه الخطوة ظلت في الاحلام حتي جاء سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ليوقظها ويجعل منها امكانية قائمة أو حقيقة ممكنة للتطبيق ويرعاها وينميها مع أخيه فخامة الاخ الرئيس علي عبدالله صالح.. ومع توفر الارادة الحازمة والوعي الصادق والرؤية الواضحة فإن مثل هذا المشروع الحيوي الهام سوف يحقق كافة الاهداف المبتغاة من اقامته بل ويمكن ان يترابط بالمشاريع العربية القائمة علي امتداد الجزيرة العربية بما في ذلك ربط هذه المنطقة بشمال الجزيرة العربية في اقصاها المشهور بالهلال الخصيب لتكوين واقع جغرافي وحضاري متناظر مع فكرة الهلال السعيد في جنوبها وترابط كل ذلك بحقيقة العربية السعيدة كما جسدها شعبنا في تاريخه التليد ويناضل اليوم مع قائده الحكيم ليبدع شواهدها الحية في ظل اليمن الجديد.. والتقدم نحو المستقبل الأفضل
*المصدر: الراية القطرية
|