المحرر السياسي - الصفوة.. وإدمان التآمر على الوطن!! من سخريات القدر ان ينبري ماتبقى من فلول الإمامة الكهنوتية المتخلفة اليوم ليصفوا الشعب اليمني العظيم، بل ويتهمونه بالقبيلة التي يعتبرونها جهلاً وتخلفاً، ويصفون كل قبيلي بأنه غبي وجاهل، غير مدركين ان القبائل هي المكون الأساسي للشعب اليمني بسياسييه ومفكريه ومثقفيه وادبائه ومناضليه الذين فجروا الثورة ضد النظام الاستبدادي الظالم وفتحوا ابواب الحرية والكرامة أمام الأجيال.
ان مشكلة هؤلاء الحقيقية هي انهم مايزالون يرون بأنهم الصفوة نتيجة لتلك الثقافة التي كرسها النظام الامامي عبر الف عام في اليمن وجعلتهم يعتقدون- مخطئين- ان مفهوم المدنية ينحصر فقط في بعض جلاوزة ذلك النظام المباد.
ولانعتقد ان شعبنا يمكن ان ينسى بأن هؤلاء هم من اطلقوا المقولة سيئة الذكر عنه عندما قالوا :«القبيلي قبيلي لو يدخل العلم من .....» ولعله ليس بخاف على احد بأن العناصر الاستجبارية للنظام الإمامي ومهما لبسوا من أقنعة أو بلغوا من علم سيظلون محل احتقار شعبنا وسخريته عندما يدعون اليوم - وبعد اربعين سنة ونيف من الثورة- الى مواصلة النضال ضد النظام الجمهوري الذي ناضل شعبنا الأبي من أجل اقامته بالقضاء على أعتى نظام كهنوتي مستبد وقدم في سبيل ذلك سيلاً من التضحيات وقوافل الشهداء الأبرار أمثال الزبيري والثلايا والمطري والغولي والصعر والأحمر وابن راجح والدعيس وعنتر ومصلح ومدرم والشعبي وغيرهم كثيرين.
وهذه العناصر التي تمتلئ قلوبها حقداً على الشعب اليمني ونظامه الجمهوري لم تكتف بممارسة الدجل والتضليل والخداع وممارسة شتى أنواع الخرافات باسم الدين، والدين منهم براء، فهي ماتزال تنفث سمومها الحاقدة عبر اشعال الفتن والحرائق في الوطن في محاولة يائسة لتمزيق أوصال هذا الشعب ووحدته الوطنية.
ومن هنا نقول بأنه ليس غريباً ان يكون للتآمر فلسفة وان تصبح إثارة الفتن والنعرات مشروعاً لأولئك الذين اضمروا ويضمرون الشر للوطن من بقايا النظام الامامي الكهنوتي العنصري البائد ومخلفات التشطير والانفصال ليجتمعوا على أوهام ضلالات طموحاتهم السلطوية التسلطية على رقاب ابناء شعبنا..حالمين بامكانية العودة بالوطن إلى عهود التخلف والطغيان والقهر الإمامي الذي جثم على صدور ابنائه ردحاً طويلاً من الزمن وجرعهم مرارات حكمه جوراً وجهلاً فرقة وتمزقاً.. وهم على ما يبدو لم يتعلموا دروس التاريخ ولم يستوعبوا عِبره.. يعاودون الكرة تلو الأخرى، سادرون في غيِّ ووهم خرافة الصفوة والحق الإلهي معتمدين على اساطير وتضليل ودجل ما أنزل الله بها من سلطان.. متناسين ان شعبنا قدم خيرة ابنائه قرباناً للخلاص من النظام الامامي الكهنوتي المتخلف، وبالتضحيات الجسيمة وبالدماء الزكية لقوافل الشهداء، تجاوزنا ذلك الماضي البغيض والكئيب والى الابد بانتصار الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية، وإن العودة به الى تلك الازمنة محال..
ورغم هذا كله بقيت فلول الامامة وعناصرها الاستجبارية متشبثة بتلاليب الماضي المهترئة مهما حاولت التكيف مع المتغيرات بخصائص حربائية متقمصين كل ألوان الايديولوجيات.. والمؤامرة ديدنهم لبلوغ غايتهم المستحيلة.. ولا يهم الوجهات التي يتخذونها ولا الشعارات التي يرفعونها سواء كانت باستخدام وسيلة التآمر الداخلي عبر إشعال حرائق الفتن او الاستعانة بالخارج ودعمه المالي المدنس.. مستفيدين من الديمقراطية وما توفره من مناخات الحريات واجواء التعددية السياسية والحزبية، متعاطين معها من منطلقات مغايرة ليس باعتبارها خياراً وطنياً ونهج تقدم ونماء لبناء اليمن الجديد، بل لكونها فرصة تتيح لتفكيرهم السياسي الانتهازي التآمري مساحة أوسع للمناورة، توفر شروطاً افضل من وجهة نظرهم لمشاريعهم التآمرية التي فشلت فشلاً ذريعاً مخيباً الله مساعيهم ومحبطاً أعمالهم السوداء.. لذا ننصحهم بان يثوبوا الى رشدهم ويتجهوا الى الله سبحانه وتعالى، يرجون منه التوبة والغفران عما اقترفته عقولهم ونفوسهم الشريرة بحق اليمن، ويسألونه أن يطهر قلوبهم من رجس الاحقاد الدفينة على شعب الحكمة والايمان، ويطلبون عفوه عما اقترفوه وما سببوه من الاضرار التي ألحقوها باقتصاد الوطن، وعن دماء ابنائه التي تسببوا في سفكها ، ومن اثارتهم للفتن والنعرات والعصبيات واشعال الحرائق واذكاء نار الحروب وإلحاق الخسائر بحاضر اليمن ومستقبل ابنائه.. عسى رب البرية أن يغفر لهم بعد ان يكفوا أذاهم عن هذا الشعب المؤمن الطيب..حينها يمكن للقيادة السياسية ان تطبق عليهم (من دخل دار ابي سفيان فهو آمن) وعندها فقط سوف يفتح لهم نهج التسامح والعفو الذي اتسم ويتسم به نظامنا السياسي الديمقراطي ذراعيه.
أما اذا استمروا في تآمرهم الذي جبلوا عليه.. واصروا في جعل انفسهم الصفوة وذوي الدماء الزرقاء او بأنهم شعب الله المختار وان عامة الشعب هم دونهم وقبائل متخلفة وجاهله، فعليهم ان يعوا ويعقلوا ان ذلك وهم وخرافة ونزعة مريضة حاقدة زرعها النظام الامامي لخلق الفرقة والانقسام بين أبناء الوطن الواحد لتأييد حكمه الظالم.. لقد حاول ترسيخ هذا الاستعلاء في وعي بعض الأطفال الذين جلبهم من شهارة والمدان معطياً اياهم حق الامتياز في التعليم ، جاعلاً بعض هؤلاء يعتقدون أنهم فُضلوا على العالمين بصك إلهي وينظرون إلى بقية ابناء الشعب أنهم ليسوا الا قطيعاً من القبائل الغبية.. فهؤلاء الذين قدموا من شهارة والمدان يعتبرون ان المدينة او المجتمع المدني لايتمثل الا فيهم وفي عدد من أصحاب المهن والحرف ولايعترفون لأحد غيرهم بأي مستوى علمي او اجتماعي، فهم العلماء وهم الساسة وما عداهم من ابناء الشعب قبائل اغبياء ..
مضفين على نظريتهم العنصرية باسم الدين تأويلاً كهنوتياً ، ووصل بهم الامر الى تحريض وتعبئة ابنائهم للسخرية من أي قبيلي يفد الى المدينة من أية منطقة خارج صنعاء محاولين بذلك تنشئة اطفالهم على تصديق خرافة الاستعلاء والشعور بالتميز تعميقاً لثقافة العرق النقي التي لا تعكس في نهاية المطاف الا غروراً يعبر عن دونية «السادة»الذين يرون في القبيلي -وان كان يفوقهم علماً ومعرفة وذكاءً- محاولين بذلك ترسيخ مفاهيم ابتدعوها وافتروا فيها كذباً وزوراً على الله بأنهم العرق الذي خلقه الله ليسوس عباده..
وان القبيلي لا يمكن ان يكون شيئاً مصدقين اكاذيبهم ، وظلوا الى اليوم في غيهم يعمهون.. ورغم المتغيرات والتحولات التي شهدها الوطن خلال سنوات ثورته الخالدة ووحدته المباركة، فإن امثال هؤلاء ما زالوا ينظرون بازدراء ودونية الى كل قبيلي حتى ولو كان عند الله والناس أعز وافضل منهم.. والغريب العجيب ان البعض منهم لم ينفع فيه علم الاستاذ النعمان والجامعات وحتى الشهادات العليا التي حصلوا عليها ، و«الدال» الذي يسبق الاسم، لأن الطبع غلب التطبع ، ومن شب على شيء شاب عليه.. وهذا إن بقي عند هذه الحدود يمكن استيعابه وتفهمه باعتبار ان هؤلاء تربوا على أن لا يرون الا انفسهم.. والزمان كفيل بتغييبهم واستبدالهم بقوم غادروا دهاليز ثقافة كهوف العزلة والانغلاق وحلقوا في فضاءات العصر حتى بدون الشهادات العليا، ولكن ما لا يمكن غض الطرف عنه والتسامح معه هو استمرار هؤلاء في التآمر على الوطن وامنه واستقراره وسفك دماء ابنائه بدون وجه حق.. وهم في هذا مع العناصر الماركسية وجهان لعملة واحدة والفارق ان اولئك يقوم شعورهم الاستعلائي على الاصطفاء الإلهي..
ونخبوية هؤلاء تعتمد على تنظير وضعي، لكنهم يلتقون في اعتبار عامة الناس من اليمنيين اقل شأنا منهم باعتبار انهم قبائل وبدو ، فما بالك ان يقارنوا بالصفوة الإمامية والنخبة اليسارية.. متناسين ان كل ابناء اليمن، هم من القبائل، لقد حان ان يفهم هؤلاء ان القبائل هم صناع امجاد التاريخ الحضاري العريق لليمن، وعندما اتيحت لهم امكانية الافلات من الجهل الذي فرضته الامامة على شعبنا، كانوا هم طليعته النضالية وكان في صدارتهم أولئك الذين تحرروا من اوهام الصفوة وهم اليوم أعلاماً بابداعاتهم وعطاءاتهم الانسانية، امثال علي قاسم المؤيد ويحيى محمد المتوكل والدكتور المقالح والبردوني ومنصور ونصر والرويشان والضالعي والديلمي ومطيع والشماحي والعلفي واللقية وفيصل عبداللطيف الشعبي وعبداللطيف ضيف الله وعلي عبدالمغني وعوض الحامد والبيحاني وعبدالكريم المنصور والثلايا والرحومي وبيدر.. والقائمة تطول، ومعظم هؤلاء عصاميون تعلموا وصنعوا انفسهم ليصبحوا نجوماً في سماء الوطن ومصدر فخر لكل ابنائه على مرِّ الاجيال.
وعلى ذلك فإن مايجب أن تدركه هذه العناصر الخبيثة من اصحاب الوجوه القبيحة والروائح الكريهة التي تزكم الأنوف هو أن عصر الدجل قد ولى، وان عهد التضليل قد انتهى الى غير رجعة بعد ان اصبح الشعب اليمني كبيراً بمنجزات ثورته ووحدته ولن يسمح بأي حال من الأحوال لأي احد مهما كان ان يتطاول عليه او يحاول العودة به الى الوراء.
نقلاً عن صحيفة 26 سبتمبر
|