د/عبدالسلام مُحمَّد الجوفي * -
القائد ... والوحدة
ونحنُ نعيش هذه الأجواء الاحتفالية البهيجة، التي تزدان بها عاصمة اليمن السياحية إب، وقد توشَّحت بلباس الوحدة وَعَلَم الجمهورية اليمنية، وارتدت حُلّتها الجميلة، واستعدَّت لاستقبال ضيوفها وزُوَّارها من مُختلف المُحافظات للاحتفال بمُرور سبعة عشر ربيعاً من عُمر الوحدة المُباركة، التي أرسى دعائمها ورسَّخ أركانها باني مجد ونهضة اليمن الحديث فخامة الأخ علي عبداللَّه صالح، رئيس الجمهورية.
وقد تتنوَّع مظاهر الاحتفال وتتعدَّد أساليبه وطُرقه في كُلِّ مُحافظة، فَمِنْ عدن كانت البداية، فحضرموت والحُديدة، واليوم في موطن السياحة التي انفردت عن غيرها بخُصوصيةٍ من حيث جمال طبيعتها وصفاء هوائها وخُضرتها الدائمة التي تُشعر الزائر بعبق الماضي وسحر الحاضر، كما أنَّ احتضان مُحافظة إب لاحتفالات الوحدة، يُجسِّد، بجلاءٍ ووضوح، حرص القائد على التفاعل والتقارب مع أبنائه المُواطنين، وبصُورةٍ تُؤكِّد رغبته في تعزيز الوحدة الوطنية بين أبناء الوطن الواحد، وفي المُقابل فإنَّ مُحافظة إب، إنساناً ومكاناً، وهي تُقدِّر اهتمام القيادة السياسية بها، تستحضر، في ذات الوقت، مواقف أبنائها البطولية والوطنية في الدفاع عن الثورة والوحدة وتعزيز وترسيخ مبادئ الديمقراطية التي انتهجها شعبنا خياراً وحقَّاً دستورياً مشروعاً.
ويكتسب احتفال مُحافظة إب هذا العام، أهمِّيَّة خاصَّةً وقد تحقَّق الكثير من المكاسب الوحدودية على مُختلف الأصعدة، لعلَّ أبرزها ترسيخ دعائم الديمقراطية، قولاً وعملاً، عبر الانتخابات المحلِّيَّة والرئاسية، التي جسَّدت الوعي لدى أبناء الوطن الواحد بعملية المُشاركة في صُنع القرار السياسي واختيار مُمثِّليهم في المجالس المحلِّيَّة ورئاسة الجمهورية، وما أفرزته من تهيئة المناخات المُلائمة لترسيخ أركان الديمقراطية والمُنافسة الشريفة، التي جسَّدها برنامج فخامة الأخ الرئيس، الذي نال بمُوجبه تجديد ثقة أبناء اليمن كافَّةً.
وقد بدأ البرنامج الانتخابي لمُرشَّح المُؤتمر يُؤتي ثماره في مجالاتٍ شتَّى، أهمُّها الجانب المعيشي، الذي يُلامس حياة المُواطن اليومية، فكان لتوجُّهات القيادة السياسية حضور مُشرِّف على صعيد النموِّ الاقتصادي وتعزيز مجالات التنمية وتوسيع البُنى التحتية المُلائمة لعملية الاستثمار، وكان مُؤتمر المانحين ومُؤتمر استكشاف الفُرص الاستثمارية، الخُطوة الأُولى في الاتّجاه الصحيح المُرتكز على أُسسٍ علميةٍ واقتصاديةٍ لاستقطاب رؤوس الأموال، العربية والأجنبية، وتأهيل الاقتصاد اليمني ليُواكب نُظراءه في الدول العربية - والخليجية منها على وجه التحديد - والإسهام في تحقيق التنمية الاقتصادية، والحدّ من البطالة، وخلق فُرص العمل، والقضاء على الفقر والأُمِّيَّة، كونهما رديفَيْن مُتلازمَيْن، وقد حرصت الحكومة على إيلاء التعليم أهمِّيَّةً خاصَّةً ضمن برامجها التي تستهدف القضاء على الأُمِّيَّة، باعتبارها تُمثِّل عائقاً رئيسياً أمام التنمية بكافَّة أشكالها وصُورها من خلال تبنِّي استراتيجية محو الأُمِّيَّة التي تهدف إلى تقليص نسبة الأُمِّيَّة إلى (52%) عام 5102م.
ولإيماننا العميق بأنَّ تطوير التعليم هو أداة بناء الفرد المُنتج والمُبدع - حيثُ أنَّه لا يُمكن إطلاقاً الحديث عن نهضةٍ تنمويةٍ دُون الحديث عن التعليم النوعي - فقد تبنَّت الوزارة العديد من البرامج الهادفة إلى تحسين نوعية التعليم وتجويد مُخرجاته، وتوَّجت ذلك بإعلان الاستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم الأساسي، التي تمّ البدء في تنفيذها مُنذُ عدَّة سنوات، بهدف تعميم ونشر التعليم الأساسي وزيادة فُرص الالتحاق بالتعليم، خاصَّةً في صفوف الإناث، عبر زيادة مُخصَّصات التغذية المدرسية وضمان مجَّانية التعليم وتوفير البُنى التحتية المُلائمة، إلى جانب تطوير مناهج التعليم لمُواكبة كُلّ ما يُستجدّ من علومٍ ومعارف حديثة، وتأهيل وتدريب المُعلِّمين لمُسايرة هذا التطوّر والتحديث، بالإضافة إلى تطوير مهارات العاملين في الحقل التربوي لاستخدام التقنيات الحديثة، التي أضحت جُزءاً مُهمَّاً في واقعنا التعليمي المُعاصر.
وفي مُحافظة إب، التي هي محور حديثنا، بلغ عدد المشاريع التربوية (172) مشروعاً، بتكلفةٍ بلغت (6) مليارات ريال، وسيتمّ افتتاح ووضع حجر الأساس لها خلال احتفالات العيد الوطني السابع عشر للوحدة المُباركة، وتتضمَّن هذه المشاريع بناء مُجمَّعاتٍ ومدارس جديدةٍ وترميمٍ وإعادة تأهيلٍ للمدارس في مُختلف مُديريات المُحافظة، بهدف توفير بُنيةٍ تحتيةٍ للتعليم وإيجاد بُيئةٍ مُلائمةٍ تخدم أهداف العملية التعليمية والتربوية، وتُشجِّع على زيادة مُعدَّلات الالتحاق بالتعليم العام.
وأخيراً، نقول إنَّ مُحافظة إب، وهي تحتضن هذا الحدث التاريخي، تُدرك يقيناً مقدار ما تحتلّه من مساحة حُبٍّ ووفاءٍ في قلب القائد، حين اهتمّ فخامته، من خلال مُعطياتٍ عديدة، بصياغة الإنسان بما يتواكب ورسالته الحقيقية في الحياة، ليُصبح عضواً فاعلاً ومُؤثِّراً في مُحيطه ومُجتمعه ووطنه وأُمَّته، مُنسجماً مع إنسانيته بطموحٍ يستشرف آفاق المُستقبل الواعد برُوحٍ وثَّابةٍ وإشراقٍ حضاريّ.
هذه المُحافظة، التي تعتزّ دوماً بمشاعر الحُبِّ والانتماء، تُؤكِّد استمرارها والتفافها مع قيادتها الحكيمة، ليظلّ الوطن مُتألِّقاً بأبنائه، شامخاً بعزَّته وكبريائه.
*وزير التربية والتعليم - نقلاً عن الثورة