سمير رشاد اليوسفي -
حتى لاتكون فتنة !!
سلفاً .. يمكنني الجزم، أن فخامة الرئيس / علي عبدالله صالح .. سينتصر لإرادة شعبه في صعدة وعموم اليمن، باستئصال فتنة التمرد التى تولّى كبرها حفنة من العنصريين الحالمين بإحياء عصور الظلام، والقرون الوسطى، التي شهدتها اليمن وحاول فيها من أطلقوا على أنفسهم لقب «الأئمة» استعباد اليمنيين ، ليس لأن أبناء اليمن كانوا «ضعفاء» أو «جبناء»، فهم أولو قوة وذي بأس شديد.. ولكن لأنهم وقعوا ضحية الأئمة الذين استغلوا جهل ومنازعات القبائل، وحبهم للدين، فقدموا أنفسهم على أنّهم من سلالة النبي الكريم، والعترة المطهرة.. وبدلاً من أن يكون هذا النسب (الشريف) دافعاً لهم للتواضع، واللين، والرأفة بالمؤمنين، استجهلوا به الناس واستغله (أولئك) الانتهازيون، الذين يبرأ منهم رسولنا الكريم ، لامتطاء رقاب العباد ، وتسخيرهم لخدمتهم.. بعد أن كرسوا النزاعات بينهم وأقنعوهم بأنهم خلفاء الله في أرضه .. إلى يوم الدين !!
وسلفاً.. يمكنني التقدير أنّ فخامة الرئيس، سيمد يده بيضاء بالعفو والسلام لكل من تلوثوا بفتنة «الحوثي» بعد القضاء عليها.. ولن يتردد في ذلك.. حتى وإن سبق أن توعدهم بالويل والثبور.. وعظائم الأمور.. لأنه يعرف أكثر من غيره أن حقباً من التجهيل المنظم، مارستها وجذَّرتها (الإمامة) في صفوف اليمنيين لتضمن بقاءها إلى الأبد.. وأن هناك مناطق، لم يصلها بعد نور العلم والمعرفة الذي قامت الثورة السبتمبرية من أجل جعله مشاعاً للجميع.. ومن ذلك مناطق الفتنة التي تربى فيها الحوثي وأبناؤه.. وأوحى لهم جهلهم المجلل بالكبر والغطرسة أنهم قادرون على إعادة عرش شيطان الإمامة ليحكم اليمن من جديد!!
والرئيس يمزج التهديد والوعيد بالنصح والتحذير، لأنه لا يرى في اليمنيين إلاَّ أهله وعشيرته.. وهو لهم مثل الأخ أو الولد.. أو الوالد .. فالأب الحكيم ، أو الأخ الكبير ، يهمه مصلحة أبنائه وأشقائه ، وإن كان فيهم العاق ، أو الجاهل ، أو الغافل .. فيرى واجباً عليه إعادته إلى جادة الرشد بكل الوسائل التربوية الكفيلة بحسن تربيته وتأديبه !!.. أو الصبر عليه إن بلغ به الكبر وكان بلا خطر أو محدود الأثر!!.
ذلكم ، هو علي عبدالله صالح.. لو كان بينه وبين الناس شعرة ما انقطعت، يتجاوز عن العثرات ، ويعفو عن الاساءات.. ويتحول إلى مقاتل جسور، يضع روحه بين كفيه ،في الملمات.. لايهاب الموت ، ولا تغريه مطامع الحياة .. إذا ما شعر أن بلده وشعبه في خطر..ومن أجل تراب اليمن .. ووحدة الأرض والإنسان .. لاقيمة في نظره للمال أو الأهل والولد.
في تمرد (الحوثيين) يعلم علي عبدالله صالح أن القضاء على هذه الفتنة ، ليس مستحيلاً ، وأن المسألة ، هي مسألة «وقت» .. لأن الفتنة ارتكزت على جهل الناس ، بحقائق الدين الحنيف ، وترعرعت في غفلة من القائمين على التربية والتثقيف عن نشر نور الثورة بين من لايزالون يقدسون بعض الأشخاص .. ممن يروجون كذباً أنهم سلالة اصطفاها الخالق لاستعباد البشر!.
ينبغي أن نعترف بذلك .. وهذا الاعتراف يفترض أن يفضي بكل أجهزة التثقيف والتنوير للاضطلاع بدورها في اخراج العديد من مناطق اليمن من الظلمات إلى النور .. مالم فسنظل على مواجهة مستمرة مع أشباه «الحوثي» هنا.. أو هناك، كلما قضينا على أفعى أطلت أخرى بذنبها!!.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر.. فلنتذكر أن حرب مواجهة فتنة التمرد والانفصال انتهت في بضعة وسبعين يوماً ، وإلى الأبد .. لأن الانفصاليين كانوا يلعبون في الملعب الخطأ .. والزمن الخطأ .. فاليمنيون من مختلف انتماءاتهم السياسية والمناطقية، ليسوا على استعداد للتفريط بوحدة وطنهم.. مهما واجهوا من تضحيات .. أو حتى اغراءات .. فالوحدة «عندهم» لا تقدر بثمن.. والفضل في ذلك، يعود أولاً وأخيراً ، إلى التربية والتثقيف.. وإلى جهود الأحرار والوحدويين التي جعلت من إعادة تحقيق الوحدة قضية اليمنيين في كل بيت، يوالون من والاها، ويعادون من عاداها.. وهذا ما نحتاج إليه في مواجهة فتنة التمرد المرتكزة على إضفاء القدسية على من لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً.
على المثقفين ورجالات الفكر.. ومعهم منظمات المجتمع المدني، والأحزاب السياسية الوقوف جنباً إلى جنب مع مؤسسة الدولة في مواجهة هذه الفتنة التي تحتاج إلى تعريف الناس بحقوقهم التي كفلها الإسلام، وقامت من أجلها الثورة السبتمبرية، وتحققت وترسخت بفضلها وحدتنا المباركة.
المعركة ليست «عسكرية» فقط، كما أنها ليست معركة الدولة «وحدها» ومن المخزي أن لا تدرك الأحزاب السياسية ذات التوجه المعارض ذلك.. فتربط اختلافها مع الحزب الحاكم، بالاختلاف مع وحدة اليمنيين أرضاًَ وإنساناً.. وإذا كان الحزب الاشتراكي اليمني ـ على سبيل المثال ـ لا يزال على وهمه في أن قياداته لم تجرجره للانفصال، في مثل هذا اليوم، قبل ثلاثة عشر عاماً ،عندما أعلن أمينهم العام السابق الانفصال، وأبكى كثيراً من رجالات اليمن.. ويكابرون في الاعتراف بذلك.. محاولين تغطية كل الحقائق الناصعة بركام من الزيف والادعاءات.. فإنهم اليوم معنيون بإثبات براءتهم من ذلك.. بإعلان موقف حازم وحاسم من فتنة التمرد في صعدة.. مالم فسوف يزداد حجمهم تضاؤلاً وانحساراً في صفوف الشعب.. وسينتهي بهم الأمر في غيهب النسيان.
وهنا يحق لعلي عبدالله صالح أن يشمخ برأسه بعد أن ترسخت بفضله وحدة اليمن.. ولأنه لا يزال ثابتاً على عهده لم يتغير.. ولم يتبدل.. أو يتنكر.. لن ينسى له التاريخ ذلك.. ولن ينسى له شعبه هذا الفضل.. بعدما خيبت معظم الأحزاب والقيادات التي كانت ترفع شعار التوحد، آمال الناس.. وحاولت ـ عبثاً ـ المتاجرة بوحدتنا في أسواق النخاسة.
يعلم علي عبدالله صالح أنه معجون بتراب اليمن الطاهر، وأنه يحيا في سبيل وحدة شعبه، ويموت من أجلها، وأن اليمنيين الشرفاء الذين يتغنون بفضله بعدما حققها لهم.. لن يسامحوه إذا مافرط فيها.. كما أنه لن يسامح نفسه... وكلاهما الشعب والقائد.. يدركان أن لا كرامة لليمن بدونها.