افتتاحية صحيفة 26 سبتمبر -
حرية التعبير
الديمقراطية وسيادة النظام واحترام القانون لايمكن فهمها إلاَّ في سياق اعتبارها منظومة متكاملة تترابط مضامينها وتتداخل دلالاتها.. فالحديث عن الديمقراطية يحمل تلقائياً تداعيات في الذهن لمعنى النظام والقانون وهما كل لايتجزأ ولايمكن الفصل بينهما..و أي فهم من هذا القبيل هو قصور يؤدي إما الى سيادة الفوضى أو العودة إلى تسييد هيمنة ديكتاتورية الانظمة الشمولية.
في هذا السياق فان الديمقراطية في مفهوم معانيها السياسية وتعبيراتها التطبيقية المتمثلة في حرية الرأي والتعبير والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة -عبر انتخابات تنافسية حرة ومباشرة تعكس حكم الشعب لنفسه عبر صناديق الاقتراع- واحترام حقوق الإنسان وكل هذا يشترط أن يكون في إطار الدستور والقانون.
وهنا لامجال للفهم المبتسر أو القاصر الذي يعطي الديمقراطية محتوى خارج سياقاتها كماهو حال البعض ممن يمارسون الديمقراطية تبعاً للأمزجة حتى تكون على أهوائهم ومنسجمة مع مصالحهم الحزبية الضيقة وأكثر مايتجلى ذلك في تعاطيهم مع حرية الرأي والتعبير في وسائل الإعلام والتي يريدون أن يمارسوها من دون أية نواظم قانونية وعلى نحو يتجردون فيه من أية مسؤولية وطنية او أخلاقية مبطنين توجهاً عدائياً سافراً للديمقراطية ويسعون من خلال ذلك في معظم الأحيان- ان لم يكن دائماً- إلى إفراغ الديمقراطية من محتواها الحقيقي الايجابي الذي يصب في مصلحة الوطن واستقراره ونمائه وتقدمه.
وهنا يحق لنا التساؤل حول الكيفية التي بها يفهمون الديمقراطية وماهيتها التي يريدها هؤلاء.. لتكون الإجابة الواضحة فيما ينضج به خطابهم الإعلامي وصحافتهم من عدم احترام للرأي الآخر وتزوير الحقائق وإلباس الحق ثوب الباطل غير عابئين بماتمليه عليهم مسؤولية الشراكة الوطنية في الساحة السياسية متعمدين الإساءة والتشهير وإلحاق الضرر باليمن ومصالحه العليا وصولاً الى تشويه كل المعاني النبيلة والجميلة للديمقراطية والوطنية، محاولين بذلك ان يجعلوا الديمقراطية تأخذ في وعي الناس معنى مرادف للفوضى ومغاير للسلوكيات والممارسات المسؤولة.
ومن الملاحظ انه ومع كل عيد للوحدة المباركة تبرز مثل هذه النتوءات والبثور المشوهة لوجه الوطن في أعظم لحظات أفراحه ليعلو الصراخ والعويل سواء على الديمقراطية او حرية الصحافة مع أنه ليس هناك أي قيود أو ممارسات تحد من الممارسة الديمقراطية وحق التعبير ويتم التجاوز للكثير من المخالفات التي يعاقب عليها القانون حرصاً على الديمقراطية وحرية الرأي، انطلاقاً من قناعة أن مثل هذه التجاوزات ستتلاشى.. فالتجربة الديمقراطية تتشذب وترشد نفسها بمرور الوقت، وافتعال هذه الفقاقيع وازديادها في مناسبة وطنية عظيمة كهذه يحمل دلالات أبعد من مجرد الإساءة والتشويه المقصود بالتجربة الديمقراطية في اليمن باعتبارها المنجز الرديف للوحدة المباركة.
لذا نقول لهؤلاء أن يوقفوا ضجيجهم الفارغ وينخرطوا في مسيرة التحولات الوحدوية الديمقراطية بمصداقية وجدية تجسد روح الانتماء لهذا الوطن والمسؤولية عن حاضر ومستقبل أبنائه.