الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:55 ص
ابحث ابحث عن:
كتب ودراسات

قراءة في كتاب

السبت, 06-ديسمبر-2003
المؤتمرنت : هشام سعيد شمسان -
ثقافة العولمة، وعولمة الثقافة
الجزء الأول
ماهي العولمة؟ وهل هي حركة موضوعَّية لا سبيل إلى التخلص منها، أم هي حركة سياسيه لنا فيها حرية الاندماج، أو التجنب والمقاومة؟ هل تعني الهيمنة، أم الخروج منها؟ ما القوة فيها، وما الضعف، وما السلبيات التي تنتج عنها؟ هل نحن أمام أمركة العولمة، أم التعددية الحضارية والثقافية، والسياسية الانفتاحية على العالم، وهل لدى العالم الثالث مقومات الاندماج فيها؟ وكيف يمكن لنا أن نتجنب مخاطرها؟ هل العولمة هي نتاج للرأسمالية، وأحد وجوهها؟ وكيف نرد على العولمة: بالعقيدة السلفية الرافضة للحداثة باسم الخصوصية،أم بالقبول بالحداثة،ونبذ الخصوصية ؛من خلال إعلان الحرب على السلفية،والقبول بالحداثة الاشتراكية ؛للدخول في العولمة كشرط لا بد منه، وتبني الثقافة الغربّية الجاهزة،؟ وما هي الأبعاد السياسية، والثقافية للعولمة؟
هذه هي أهم الأسئلة التي يجيب عليها الكتاب الذي بين أيدينا:" ثقافة العولمة، وعولمة الثقافة" الذي احتوى على بحثين: أولاهما للدكتور برهان غليون، والآخر للدكتور سمير أمين، تلاهما تعقيبان لكلا المؤلفين؛ يعقب كلُُّ منهما على بحث الآخر.. وبالرغم من اختلاف الباحثين في كثير من الطروحات الداخليَّة ؛نحو تحليل وتقييم الدَّور السلفيّ في الثقافة العربية، والإسلامية من خلال بعدين أولهما: السلفية كحاجز يمنع الدخول في الحداثة، وثانيهما: السلفية من خلال خطابها الإسلامي ذي المشروع التاريخي الذي فرضته الثقافة التحديثية، ، والمتميز بالطوباوية.
ونحو.. هل العولمة نوع من الاستعمار، أو هي أشد، وأقوى منه؟ وهل ثمة فرق بين العولمة، والرأسمالية؟
ومن الاختلافات الأخرى: استراتيجيات التعامل مع العولمة، ثم مفهوم الثقافوية،.. وغير ذلك؛إلا أنَّ أهم ما اتفقا عليه شيئان: نقد مسَّمى "ثقافة العولمة" كمصطلح مفروض من الغرب، على العالم الثالث لا خيار فيه، والآخر استنهاض مفهوم اصطلاحي مضاد هو "عولمة الثقافة" ويهدف إلى إرساء ثقافة جديدة ترفض الهيمنة، والاستعمار، وقائمة على مبدأ عدم رفض التباينات، واحترام الخصوصيّات، من أجل "إقامة حضارة إنسانية عالمية صحيحة قائمة على الديمقراطية" والمساواة، وعدم التهميش للآخر، وكل هذا لن يتم "في ظل استمرار سيادة التراكم الرأسمالي" الحاليّ.
وعن بحث الدكتور برهان غليون ؛فقد تركز حول ستة عناوين، تناول من خلالها: مفهوم العولمة، العولمة والضرورة التاريخية، العولمة والهيمنة الدولية :ثقافة، وسيطرة. إشكالية السيطرة الثقافية الأمريكية على العولمة، ثم ثقافة العولمة، وكيف نتعامل مع العولمة تعاملاً ناجعاً؟
ومفهوم العولمة يجيب من خلاله الباحث عن عّدة تساؤلات أهمها: بم تتجسد العولمة؟ وماذا تعني العولمة، وما مضمونها؟
فالعولمة في تجسدها ليست سوى تلك الشبكات الاتصالية العالمية بنشوئها الرابط لجميع الاقتصادات في العالم، وهذه الاقتصادات تخضعها لحركة واحدة. ولتوضيح نحو هذا الارتباط؛ فقد مثَّل له الباحث بمنظومات ثلاث تربط بين المركز، والأطراف وجميعها مندمجة. الأولى: المنظومة المالية من خلال (السوق الواحد لرأس المال الواحد). الثانية: البورصة العالمية الواحدة. الثالثة: المنظومة الإعلامية، الأتصالية، ويعني بذلك: الارتباط بالقنوات الفضائية في كل أنحاء العالم التي تتوجه بثها إلى جمهور عالمي.. لا محليّ.
وتعني العولمة- في رأي الباحث- "خضوع البشرَّية لتأريخية واحدة".. بما يعني سيرورتها في "مكانية ثقافية واجتماعية، وسياسية موحدة، أو في طريقا للتوحيد" وحتى يقرب لنا المفهوم أكثر فهو يلحضها في كلمتين: "كثافة انتقال المعلومات، وسرعتها" وكأننا نحيا في عالم موحَّد.. أوفي "قرية كونية" – بتعبير "مكلوهان".. أما المضمون الرئيسي للعولمة فهو انتقال البشرية من التاريخ الخاص إلى التاريخ الواحد، ذي الثقافة الواحدة، والنمط الإنتاجي الواحد المتحقق على مستوى الكرة الأرضية، بالخروج من الدولة القوميَّة، وعدم الإكفاء على الحدود السياسية للدول- كإطار جغرافي للتميز.." فهل استطاعت العولمة أنْ تحقِّق "جميع وعودها"؟ يعتقد الباحث عكس ذلك لا سيما على مستوى الدول القومية، و"الاندماج الجغرافي، والزماني للمجتمعات الإنسانية" وفرض الثقافة الواحدية.
-من التساؤلات التي يمكن استنباطها من عنوان: العولمة، والضرورة التاريخية: هل العولمة حركة موضوعية، أم سياسية استغلالية، أم ذاتية، أم هي مزيج بين السياسي، والموضوعي؟، وما البنية التي تفرزها العولمة؟ وعم تعبر العولمة؟ وهل يمكن الاستسلام، والتسليم بعقيدة العولمة كنوع من شرطٍ للتقدم والازدهار؟ أم التباعد عنها، والانقطاع باعتبارها خطراً داهماً؟ وهل يمكن للعرب الاستفادة الفعلية من العولمة، وما حقيقة العولمة (التحرر، أم الهيمنة)؟
الباحث يؤكد البعد الموضوعي للعولمة (إرادة السيطرة الدولية)، لكنه بالمقابل يحث على البعد الذاتي الذي يعني المقاومة من خلال استراتيجية التحكم الذاتي بآليات البنية الجديدة التي تفرزها العولمة، ويحذر من الخطر الكامن وراء الانقطاع عن العولمة، ورفضها.. وهو –في الوقت ذاته- لا يشجع الاستسلام لها بدون ضوابط؛ لأن التسليم دون شرط يعني "الإهمال، والتخلي عن جزء أساسي من آليات الاحتفاظ بالفاعلية التاريخية" أما "الانقطاع عنها" فهو" الاستسلام لإرادة السيطرة الدولية، وتضيع فرص التأقلم الإبداعي والتحكم الذاتي بآليات البنية الجديدة.. " ذلك أن "الأخذ بتقنيات العولمة أمر ضروري.." والعرب لا يمكن لهم الاستفادة الفعلية من العولمة إلاّ إذا تمكنوا من وضع استراتيجية محددة تتيح لهم أن يسيطروا على بعض العناصر، حتى يتوفر لهم شرط الدخول في العولمة من داخلها، والتحكم في بعض الآليات النظمية فيها، ورفض التسليم بالواقع، ويربط الباحث ما سبق بحقيقة العولمة، وهل هي فعلاً "فرصة للتحرر من السجون القومية الرثة، أم هي تجديد لنظام الهيمنة الدولية للعلاقات الامبريالية"؟ مستنتجاً من ذلك حقيقتين متلازمتين أولاهما: حقيقة ما تمثله العولمة من فرص تحررية مختلفة نتيجة التفاعل معها، ومن ذلك تجاوز الرقابات: المشكلة التي تعيق كثيراً من تقدم الشعوب، لاسيما العربية، وتقديم فرص للتقدم الازدهاري من خلال "التدفق الحر للقيم، والمنتجات والمعلومات والأفكار، والمخترعات" أما الحقيقة الأخرى فهي أن تلك الإتاحية التحررية للفرص ليست كلها متاحة، أو تلقائية للجميع لأنها مرتبطة بالدول، أو بالسياسات الكبرى للبلدان الغربية، بما يعني الوقوع تحت سنابك هذه السياسات شئنا أم أبينا. وفي هذه الصدد يتحدث الباحث في عنوان تالٍ هو "العولمة والهيمنة الدولية" من خلال سيطرة الثقافة التي تحاول فرضها على العالم، بما يعني أن النتائج الإيجابية للعولمة لن تظهر إلاّ في أرضية التمركزات المتحكمة بالأدوات، والثقافة، والموارد..
وبالمقابل، فإن من نتائج العولمة: نشر البطالة، والاضطراب، بل والخراب في العديد من البلدان والمجتمعات، والإفقار الموسع؛ لأنها ستعيش مع النُّخب وحدها، وسيظل قطاعاً واسعاً يحيا البؤس بسببها، مثلها مثل أي ثورة تقنية نتائجها واحدة: التحرر من الفقر والحاجة، والبطالة والأمراض لدى محيط معين، والبؤس النفسي، والمادي في محيط آخر. وهذا الأخير هو الذي يحمل الكثيرين على رفضها، إلى جانب مبّرر الهيمنة العالمية، لكن كل ذلك لا يبَّرر رفضها برأي الباحث. وما الخوف – برأيه إلاّ من تحوّل "العولمة" إلى "سلعة" سيطرية. فإلحاق الثقافة بالعولمة –مثلاً- يتجه بالذهن إلى كلمات جديدة مثل "الأمركة" "أي تعميم النموذج الأمريكي للحياة. والسلعنة؛ أي تعميم قيم السوق على الفعاليات الثقافية، وتحويل الثقافة إلى سلعة، ، وتهديد الهوية الثقافية.
وهو الأمر الذي يؤكده الباحث بقوله" العولمة تعني إذن بالضرورة: الأمركة، إذا ما فهمنها في الأمركة أرجحية المساهمة الأمريكية في الإنتاج الثقافي: المادي، والمعنوي.." وما سبق يدفعنا إلى عنوان تالٍ يكز فيه الكاتب على إشكاليات السيطرة الثقافية: الاستقلال، والاندماج، والتميز، والتفاعل، السلب، والتوازن، والذي من خلاله يؤكد الباحث على النقاط الآتية:
 إذا فُقد التميز الثقافي لمجتمع من فإنه يندمج في غيره ثقافياً، ويفقد هويته.
 لا توجد ثقافة مستقلة تماماً.. ولابد من مستويات تفاعلية بينها، والحقول الأخرى بدرجات متباينة.
 كل ثقافة مسيطرة لا تتأتى سيطرتها من المنظومة الأخلاقية لها، أو الدينية.. مثلاً وإنما تتأتى هذه السيطرة من التفوق المادي (العسكري، والاقتصادي، والسياسي).
 سيطرة الثقافة ليس معناه سلب الثقافات الأُخرى "اتساقها الداخلي، وقدراتها الإبداعية" إذْ يمكن الحدّ من تلك السيطرة بطرق (ما) ثقافية.
ويتوقف الباحث في آخر بحثه عند الحلول التي يمكن بها مواجهة ثقافة العولمة، معترضاً على ما يحدث الآن- لدى العرب- والمسلمين وهم يواجهون العولمة، وذلك من خلال "إعادة تأويل الإسلام تأويلاً هيمنياً في اتجاه مماثل في الجوهر للهيمنة التي تفرزها ثقافة العولمة المحتج عليها الآن؟ إذْ هذا التأويل الجديد للإسلام- برأيه- ليس سوى "نسخة مشوهة مقلوبة عن ثقافة العولمة المسيطرة".

حلول للمواجهة:
- وجوب التخلي عن المواقف الدفاعية التقليدية، والتمسك بمواقف تقوم على الثقة بالنفس، وبالمستقبل.
- وجوب تعديل النظام العام الذي نعيش فيه، وتطوير التعاون الجماعي الذي يمكننا من تحقيق هذا التعديل.
- إعادة بناء الذات لا الدفاع عنها والتغزل بمزاياها، والأعتزاز بماضيها، والتشهير بخصومها.
- التجاهل النسبي للسيطرة، والتعامل مع الآخر في مستوى الندية.
- اختراع، واكتشاف حلول جديدة للهوية.
- رفض الماضي، لأن الدفاع عن الهوية لا يتحقق من خلال الحفاظ عليه؛ بل من خلال إعادة بنائه من أفق مستقبلي، وفي إطار العولمة.




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر