علي العمراني* -
الجنيد الذي كان مبهرا
رحم الله الدكتور / صالح قاسم الجنيد الذي وافاه الأجل ولم أستطع أن أشارك في تشييع جنازته ولا أحظر في وقت تقديم العزاء . فقد كنت حينها على بعد أكثر من عشرة آلاف كيلو متر من اليمن ، فليعذرني رحمه الله ، وليعذرني أبناؤه الأماجد وزوجته الفاضلة واخوانه وذووه الكرام.
كان آخر لقاء معه رحمه الله في منزل الأخ/ سلطان سعيد البركاني ، بعد تشكيل الحكومة الجديدة التي كنا نتوقعه وزيرا فيها . كان معجبا بسلطان ويعزه بلا حدود ، ربما إلى درجة التعصب . وهناك شواهد أذكرها لا حصر لها ، ولا يتسع المجال هنا لذكرها . وقد شأت الأقدار أن يواجه القدر وهو إلى جانب سلطان ، وكان في بقاء سلطان عزاء لمن يحبهما معا ، وكلاهما في الحقيقة يستحقان المحبة والتقدير. وكنا نتمنى أن لا يغادرنا صالح هكذا مبكرا جدا وفجاة ودون سابق إنذار ، لكنها مشيئة الله تاخذ وتستحق دائما الأجود وهذا حظها وقدرها .
في انتخابات عام 1997 فاز فيها صالح مستقلا ، وفيما تم توزيع أعضاء المجلس على اللجان ، لم يوزع صالح رحمه الله على اللجنة المالية ، وإنما على لجنة أخرى . ولما كان كثير منا يستشعر أنه غير مهيأ أوقادر على رئاسة اللجنة ، دعوناه و قَََدِمَ إلى اللجنة وقعد في طرف المكان وقلنا له أنت لها يا أبى أحمد . فقال أنا لم أفكر أو أنوي حتى في أن أكون عضوا في هذه اللجنة فما بالكم برئاستها ! قلنا جميعا ليس لك من الأمر بد ! وبعد حوار معه وإلحاح قبل رحمه الله . وبالمناسبة هكذا كنا لا نتزاحم كما هو الحال الآن ، وإنما كل واحد منا كان يقول لزميله أنت ، فيقول : بل أنت !
وعندما تولى صالح رئاسة اللجنة أضفى عليها المهابة والجدارة والكفاءة والفعالية وكانت نموذجا في حسن الأداء وقوة الطروحات والنقد القوي البناء ، وكان صالح طامحا رحمه الله في أن يمارس مسؤوليات و صلاحيات اللجنة ومهامها التشريعية على أكمل وجه وأن يأتي بما لم تستطعه الأوائل . وحقا فقد كان له ما أراد .
كان صالح مبهرا حقا ، فحيث كان اقتصاديا مهنيا و وماليا ممارسا ، فقد كان موسوعة في نواحي أخرى من المعرفة . ولعل الكثيرين يتذكرون كيف أنه كان حجة في التاريخ والسياسة وسلامة المنطق وقوة الطرح عندما افحم كل الذين ناظروه في فضائية المستقلة بشان واحدية اليمن التاريخية والإجتماعية .
مرة أخرى ، صادق العزاء لكل محبي واهل الدكتو ر صالح قاسم الجنيد ، وخصوصا زوجته الفاضله وابناءه الأماجد وعليهم أن يثقوا تماما أن الله سيكلأهم بعنايته ورعايته فلم يكن الجنيد بعيدا عن الله وإنما كان قريبا منه وهو الآن هناك قريب جدا من الله بإذنه وبحوله .
*عضو مجلس النواب- رئيس اللجنة المالية السابق
*نيوزيمن