افتتاحية صحيفة الثورة -
بعيدا عن التباين والخلاف!!
من المعروف أنه لا يوجد مجتمع واحد على وجه الأرض خالٍ من المشكلات والمنغصات، أياً كانت إمكانياته الاقتصادية ودرجة الانضباط لدى أجهزته ومؤسساته، مع ذلك فإننا نستغرب اندفاع البعض نحو تصيد الأخطاء وجوانب القصور التي قد تظهر هنا أو هناك داخل مجتمعنا، ليس بهدف الإصلاح والتقويم والنقد البناء رغم إدراك هؤلاء ان هذا البلد مثله مثل غيره من البلدان النامية والفقيرة مازال يعمل جاهدا على التخلص من كل موروثات الماضي، وكذا المصاعب الناتجة عن محدودية موارده الاقتصادية التي يتضاعف العبء عليها بفعل النمو السكاني المتزايد والذي يعد من أعلى النسب في العالم.
وتتجلى أبرز مظاهر هذا الاستغلال في قيام بعض المأزومين بتوظيف قضية المتقاعدين العسكريين والمدنيين لأهداف ضيقة تعبر عن حقدهم على هذا الوطن وأمنه واستقراره وما يضمرونه من نوايا خبيثة تجاه إنجازاته ومكاسبه العظيمة.
والآن وبعد أن اتضحت مرامي أولئك النفر الموتورين ومرضى النفوس، وتكشَّفت حقيقتهم وما كانوا يهدفون إليه.. ماذا عن دور الأحزاب والتنظيمات السياسية إزاء مثل هذه النتوءات التي تسعى إلى تحويل العملية الديمقراطية إلى أداة لإشاعة الفوضى وإثارة الفتن والبغضاء وإشعال الحرائق وإبطاء حركة التنمية ومسيرة البناء والإصلاح والإساءة إلى الوحدة الوطنية والتطاول على الثوابت التي تعتبر خطوطاً حمراء لا ينبغي لأحد المساس بها.
إذ أن من الواقعية ان تكون لمثل هذه المصفوفة الحزبية والسياسية مواقف واضحة لا مجال فيها للتذبذب أو مسك العصا من نصفها باعتبار ان التغاضي عن مثل هذه السلوكيات يعني القبول بها، في حين ان ما تستهدفه ليس فقط العبث بقيم الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير، بل إن اصحابها ومن خلال تلك التصرفات الرعناء يرمون إلى تصفية حساباتهم مع الوطن وثوابته عن طريق إعادة إنتاج تلك المفاهيم الضيقة التي تجاوزها أبناء شعبنا بانتصار ثورته وإعادة وحدته وتعزيز مساره الديمقراطي.
حيث وأن خطورة الصمت أو التغاضي هنا ستلحق أبلغ الضرر بتلك الأحزاب قبل غيرها لكونها التي تستمد طبيعة وجودها مما تبديه من تفاعل مع قضايا الوطن واضطلاعها بواجباتها في الدفاع عن أمنه واستقراره ومعاداة من يعاديه ومسالمة من يسالمه.
وعليه فإذا كانت النصيحة واجبة فإننا ندعو العقلاء في تلك الأحزاب للتعامل مع هذه المسؤولية في إطار ما تمليه روح الشراكة الوطنية لا من دافع الكيد السياسي والنكاية بالآخر.
حيث ومن المهم أن يعي الجميع أننا في هذا الوطن في سفينة واحدة وكلنا مسؤولون عن حمايتها من أن تنالها أيادي الحمقى والمهووسين والمتآمرين الذين نعرف نواياهم وخبث مقاصدهم وأهداف ومرامي من يقف وراءهم.
فمهما اختلفت الرؤى والأفكار فلا يجوز بأي حال من الأحوال ان ندع التباين في وجهات النظر يقودنا للتفريط بثوابتنا الوطنية أو يصيبنا بعمى الألوان إلى درجة نصبح فيها غير قادرين على التمييز بين الخطأ والصواب وبين الهدم والبناء وبين المرفوض والمقبول.
إننا مطالبون اليوم بوقفة جادة مع النفس لنراجع فيها المواقف بمسؤولية عالية تدلنا على الخيط الأبيض من الخيط الأسود.