المؤتمرنت - الشرق الاوسط - حسناوات بريطانيا يواجهن طالبان مقاتلات بريطانيات من الطراز الأول برتب مختلفة على الخط الأول للمواجهة العسكرية في مقاطعة هلمند الافغانية حيث تتصاعد العمليات العسكرية من قبل عناصر طالبان عبر انتحاريين على دراجات نارية، او في سيارات مفخخة جاهزة للتفجير تترصد قوات التحالف الدولية في شوارع لاشكجار واحياء قندهار وسنجر وانكمين بالقرب من الخط الاخضر، أو عبر زرع عبوات ناسفة ليلا على الطرق الترابية غير الممهدة ليلا، او اطلاق قاذفات «آر بي جي» المضادة للدروع من الاحياء السكنية على قوافل القوات الدولية في عمليات كر وفر لا تهدأ. وايضا سعاة بريد او بوسطجية عسكريين يعتبرون ملوك المعسكرات البريطانية وينقلون الرسائل والطرود من العائلات الى الجنود والضباط حتى المواقع الامامية.
محمد الشافعي موفد «الشرق الاوسط» التقى ضابطات وجنديات في عمر الزهور شقراوات وسمر وحسناوات برتب مختلفة من كابتن الى شاويش الى عقيد في معسكر باستين وسط صحراء هلمند بمساعدة وترتيب خاص من الكابتن جيمس بيلوي وهو محلل مالي سابق في مؤسسة ميريل لينش ترك الحياة المدنية بكل صخبها وضجيجها من اجل خدمة العلم البريطاني وحب الجندية الذي وجد انه يسري في عروقه حتى النخاع، والكابتن جيمس عندما تتحدث اليه تشعر انك امام احد ابناء الطبقة الارستقراطية، وهو خريج اكاديمية ساند هيرست مثل زملاؤه من الضابطات اللاتي قدمهن الى «الشرق الاوسط» في المعسكر البريطاني. اما سعاة البريد الذين التقتهم «الشرق الاوسط» فهم ضباط.
وصلت الى معسكر باستين من قندهار عاصمة الملا عمر على طائرة نقل هيراكليس من طراز سي 130، وجلست الى جانبي في الطائرة العملاقة الكابتن جو سمالي من قوة الدعم اللوجستي، وهي فتاة حسناء وكانها ممثلة سينمائية، كانت تغطي عينيها بنظارات سوداء، وترتدي الملابس العسكرية بإحكام وإتقان، وهي خريجة اداب قسم لغة انجليزية قبل ان تلتحق باكاديمية «ساند هيرست» العسكرية البريطانية، وساعدتني الكابتن سمالي على احكام حزام الامان حول جسمي وارتداء الخوذة والصدرية الواقية قبل ان تقلع الطائرة في طريقها الى قاعدة باستين، والتعليمات الأمنية على الطائرات العسكرية لا تعرف كبيرا او صغيرا، وحتى بعد الاقلاع لا يمكن خلع الخوذة او التخلص من الدرع الواقي الذي يزن نحو 15 كيلوغراما حول الصدر الذي يكتم الانفاس «ولكن هذه الصدرية انقذت حياة الكثيرين من الجنود على الخط الامامي في ارض المعركة من رصاص قناصة طالبان». في صبيحة اليوم التالي ذهبت مع الكابتن جيمس بيلوي الى قوة الدعم اللوجستي حيث كان لقائي الثاني مع الكابتن جو سمالي ومجموعة من الجنديات والضابطات ممن يعملن معها في وسط صحراء باستين، وبعضهن يخدمن في الجيش البريطاني منذ 15 عاما مثل السرجنت فيونا وايت. وفي عيون هؤلاء الجنديات كنت اجد عزيمة وإصرارا على الصمود على مواجهة الظروف الطبيعية الصعبة في صحراء هلمند من درجات حرارة تعدت الـ 45 درجة واقتربت من الخمسين في بعض الايام ومواصلة مهمات الدعم اللوجستي ونقل الاسلحة والذخائر والمياه والطعام الى زملائهم من جنود وضباط في الخط الاول، والجنديات البريطانيات يتنافسن مع الرجال من أجل الصمود والاستمرار تحت ظروف الطقس غير الطبيعية وفي مواجهة تحديات العمل، حين تكون الجندية في أجمل صورها». والكابتن جو سمالي لم تفتقد تلال انجلترا الخضراء والحياة الوادعة الامنة في شوارع لندن وباكينهام شاير، وسط نوبات العمل التي لا تهدأ والخيام البنية اللون المحيطة بها في كل مكان حتى الحمامات وعنابر السكن داخل خيام بنية اللون تتماشى مع طبيعة الصحراء من اجل التمويه ضد عيون المتمردين من عناصر طالبان». والتحقت الكابتن جو سمالي بالجيش البريطاني منذ 10 سنوات منذ تخرجها من «ساند هيرست». وتقول سمالي: «الناس هنا مختلفون، نحن نعمل كفريق واحد متجانس، منذ ان خرجنا سويا من كتيبتنا في اوكسفوردشاير، الشيء الوحيد الذي لم نحسب حسابه هو درجات الحرارة العالية، ولكن تدريجيا تعودنا عليها». ودرجات الحرارة العالية لم تقلل من سحر الجنديات البريطانيات في القاعدة العسكرية ولا درجة مرحهن وهن يتبادلن القفشات واحدة وراء الاخرى». وتقول الملازم ليديا دون هيو ان الشيء الوحيد الذي اعجبها في صحراء هلمند هو انه لا توجد اشارات مرور او كاميرات لمراقبة السرعة اثناء قيادتها للمركبة العسكرية في طريقها الى مدرج المطار لنقل المعدات اللوجستية على عجل».
اما السرجنت فيونا وايت وهي في خدمة العلم البريطاني منذ 15 عاما، فلا تشعر بالوحدة لأنها غير متزوجة، وتتصل بأهلها مرة واحدة اسبوعيا لمدة 30 دقيقة مجانا مثل باقي زملائها، او عبر البريد الالكتروني، وتقول وايت انها في هلمند منذ ثلاثة شهور، ومن المقرر ان تقضي في افغانستان 6 شهور مثل باقي زملائها، لكن المفيد في خدمة افغانستان هو كسب مزيد من الاصدقاء يوميا». اما الكابتن زو ريس جاي فهي تفتقد زوجها وهو ضابط يخدم في كتيبة اخرى داخل الوطن وتراه مرة كل خمسة شهور». وتخدم الكابتن جاي في الجيش البريطاني منذ 7 اعوام، ومعظم عملها يتلخص في اعداد البيانات عن الدعم اللوجستي الذي تطلبه القوات، وتنفيذ ذلك على الارض». وتقول انها لم تخطط ابدا ان ينتهي بها المطاف في صحراء هلمند، ولكن على العكس كانت تحلم وهي طفلة صغيرة ان تكون طبيبة بيطرية لحبها للحيوانات الاليفة او على اقصى تقدير ضابطة في الشرطة البريطانية، ولكنها في جميع الاحوال تستمتع بالحياة وسط الظروف الصعبة والمخاطر التي تحيط بها مع بنات جنسها اللاتي خرجن معها من كتيبة الدعم اللوجستي في اوكسفورد الى صحراء هلمند». وتعترف الكابتن جو سمالي انها تعرفت على الجندية وحياة الجيش البريطاني من برنامج تلفزيوني اسبوعي يتعلق بحياة الجنود، ولكن لو عاد الزمن الى الوراء تجيب ردا على سؤال لـ«الشرق الاوسط» وهي تثير الضحك من حولها انها كانت تفضل ان تكون زوجة لاعب كرة قدم مشهور تجلس في البيت كل يوم تتابع تدريباته وتسجيلاته في المربع الاخضر».
اما ليديا دون هيو وهي برتبة ملازم فهي تحنو الى تلال يوركشاير الخضراء. وتنفي الجنديات البريطانيات تعرضهن الى أي ضغوط او مضايقات من زملائهن الرجال بل على العكس يؤكدن تلقيهن كل دعم وعون من زملائهن وبصفة خاصة من رؤسائهن». اما الكابتن روث ايرل من كتيبة الهندسة الميكانيكية في صحراء هلمند فهي خريجة هندسة قبل ان تلتحق بأكاديمية ساند هيرست، وهي تخدم في افغانستان منذ ثلاثة شهور، وهي تحن كثيرا الى ستافودشاير ميدلاند حيث تقيم عائلتها، ومهمتها الاساسية مع فريق من زملائها اصلاح السيارات والمدرعات المعطوبة، وخارج خيمتها هناك بعض السيارات في طور الاصلاح والصيانة، وقالت لـ«الشرق الاوسط» انها تعد الساعات حتى يحين موعد اجازتها لمدة اسبوعين لرؤية عائلتها قبل ان تعود مرة اخرى الى الخدمة. اما الملازم فيونا فورست من الكتيبة الثالثة للشرطة العسكرية فقد التحقت بالخدمة عام 2005، وقد وصلت الى معسكر باستين قبل ثلاثة شهور، ومهمة الشرطة العسكرية في المعسكر البريطاني تتعلق اساسا بضبط الايقاع ومراقبة المنحرفين، وهي حالات نادرة، مثل تعرض بعض الجنود لسرقات بسيطة، وتبادل المعلومات الامنية والتفتيش وإلقاء القبض على المخالفين، واعتقال عناصر طالبان اثناء العمليات قبل تسليمهم الى القوات الافغانية». يذكر أن النساء يقمن بقيادة الطائرات المقاتلة في الجيش البريطاني، ويؤدين الخدمة على متن السفن الحربية ولكن ليس في الغواصات، كما ينفذن 70% من مهام الجيش التي يقوم بها الرجال، ومن بينها العمل مع المهندسين الميدانيين، وفي سلاح المدفعية. ولكنه غير مسموح لهن بالانخراط في الوحدات التي تتلاحم مع العدو كسلاح القوات الخاصة والمشاة وكوماندوز البحرية الملكية والمدرعات
|