نبيل الصوفي* -
عن صراع
أتممت قراءة افتتاحية صحيفة الصحوة، الخميس الفائت -وليت أن صديقي جمال عامر يتيح لقراء الوسط قراءتها بإعادة نشرها على مقربة من مقالي هذا.
اتصلت بزملاء قدرت أنهم سيعرفون إن كانت الافتتاحية -كما في الغالب- كتبت بقلم صاحب الامتياز، (الأمين العام السابق) الأستاذ محمد اليدومي. وعن دور محتمل للأمين العام الحالي الأستاذ عبدالوهاب الآنسي.
ومع أني لم أجد جوابا قاطعا، فإن المهم أن الافتتاحية عبرت عن شخصيتين أو عن فكرتين تناقضان بعضا، ومرد ذلك -من وجهة نظري- أنها كتبت أولا بنفس ثوري أقرب لمنطق الجماعات العقائدية التي يضغط عليها ظلم خصومها حتى تختل قدرتها ليس على التحمل وحسب بل وعلى التمسك بمنهج أرشد مماتنتقده وأثمر للمستقبل وللجميع. قبل أن يضيف آخر -سأفترض أنه الأمين العام- ليس لمجرد مانعرفه عنه من توازن، ولكن لأنه فعلا تولى مراجعة الافتتاحية -حسب ماتأكد لي-.
إن صحيفة الصحوة -الصحيفة الوحيدة التي تحافظ على كينونتها كأداة توجيه وتعبئة- تقول إن "الظلم يعفي المظلوم من الالتزام الأخلاقي والقانوني"، وغيرها من الفقرات التي تذكر بخطاب الثورات الذي لم يبن دولة ولم يقم عدلا ولم يحرر قضية ولم ينصر مظلوما إلا ليظلم آخر. وهو خطاب مناقض للدين وللسياسة. علما بأن جملة "إلا من ظلم" التي تصدرت الافتتاحية لم تأت -قرآنيا- إلا في سياق الدفاع عن "الأنين"، وليس إسقاطا للواجبات والمسئوليات.
صحيح أن كل الجمل الثورية كانت تنتهي بـ"قفلة غير ثورية"، كتلك التي بدأت بتبني خطاب جماعة الحوثي التي كانت تبرر مهاجمة الجيش بأن الدولة تعتدي على أفرادها، حيث تعتبر "الصحوة" أنه يجب أن "لا يسمح للحكام أن يستخفوا بالشعب تحت مسمى طاعتهم، فلا علاقة شرعية" بين الطرفين إلا إذا التزمت الحكومة بواجباتها، وإلا فمتى "صار الفعل الحكومي غير عابئ بإرادة الناس ومطالبهم وغير ملتزم بتوفير الأمن الغذائي والسياسي والاجتماعي لهم، فإنه يكون قد صدر من جهة مستخفة بالشعب"، قبل أن تغلق بالعودة لـ"وسائل الاعتراض السلمية".
إننا ومع تجديد مطالبنا أن يتاح للناس مناقشة القضية الواحدة في الوسيلة الواحدة، لتقديم آراء مختلفة تجنبا لمزالق التوجيه الآمر هو يصدر في النهاية من شخص مهما كانت مقاصده حسنة فإنه "واحد" لو أصر، هو أو كاتب السطور إنه وحده يهدي الناس الرشاد فإنه فرعون جديد.
مع ذلك فإن افتتاحية الصحوة تشير إلى حالة ارتباك لم تعهد على حزب بحجم التجمع اليمني للإصلاح، وبخاصة في المنعطفات الوطنية.
ليس مطلوبا من الإصلاح أن، يقف مرة أخرى وكيلا لسلطة رغم تجاوزها التحديات فإنها تفشل في حمايتها دائما. لكن المطلوب منه تماسكا يكون فيه أرشد من كل الأطراف، وأكثر روية ومسئولية.
وأن يتجنب استخدام الجمل ذات التوجه الكلي، كالآيات القرآنية التي تتحدث عن مبادئ عامة في ميدان الصراع والخلاف السياسي الذي لايصح أن يقول أحد أطرافه أنه هو الكامل المكمل الذي تنطبق عليه توجيهات الله ونصائح رسوله. هي توجيهات يمكن أن تستخدم في مجالات التربية والإرشاد، إلا إن قلنا أن من كان يقيس قلة الإيمان في خطاب الإصلاح السياسي بعدم وجود آيات قرآنية وأحاديث في متن الخطاب قد تولى مهمة كتابة الموجهات السياسية.
من وجهة نظري إن على الأحزاب تحديث قاموسها السياسي، كمقدمة لإحراج "تخلف السلطة"، وتجنب العودة إلى خطاب إن حقق نجاحات في فترة لن يحقق مثلها في غيرها.
بسمة عراقية
أيام إعصار جونو الذي ضرب عمان، وأثناء اتصالي بالسفير العماني في صنعاء لتعزيته، طلب مني إبني أن أسأله عن "منتخب عمان" الذي قال إنه يريد أن يشاهده مرة أخرى بعد مباريات كأس الخليج!! وقد لفت انتباهي أن طفلا لم يتجاوز الثمان سنوات من عمره وعبر مشاهدته كرة قدم دولة ما، يصبح معنيا بقضايا هذه الدولة. قلت في نفسي لقد تغير العالم بحيث لم تعد الدبلوماسية أداة واحدة.
تذكرت هذا مطلع الأسبوع الجاري وأنا أشعر بالحماس المفرط والفرحة الشديدة والمنتخب العراقي الذي لاتقام في بلاده دوري ولا مباريات، وهو يفوز لأول مرة في تاريخه بكأس آسيا.
للأسف لست رياضيا، غير أن العراق الذي تسكب الدموع فيه ليل نهار منذ أعوام طويلة، فرح بإنجاز تجاوز صراعاته الطائفية والسياسية. وليت أن السياسيين يتعظون.
[email protected]
*نبيل الصوفي