الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 11:46 م
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الأربعاء, 08-أغسطس-2007
المؤتمر نت - جوزيف ناي بقلم :جوزيف ناي -
ما جدوى الأمم المتحدة ؟
تعتبر الأمم المتحدة، بأعضائها الـ 192 وتفويضها الذي يشمل كل شيء، من الأمن حتى اللاجئين مرورا بالصحة العامة، المنظمة الكونية الوحيدة في العالم. لكن استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة تظهر أن ثلثي مواطنيها يرون أن الأمم المتحدة تقوم بعملها على نحو سييء، وآخرون كثيرون يتهمون هذه المنظمة الدولية بأنها لم تعرف كيف تحل مشكلات الشرق الوسط التي لا تعد ولا تحصى.


بيد أن تلك الآراء تعكس، مع ذلك، جهلا لطبيعة الأمم المتحدة بصورة حقيقية. فبالإضافة إلى أنها لاعب مستقل في السياسة العالمية، فهي تعتبر أداة بيد الدول الأعضاء فيها. صحيح أن الأمين العام بان كي مون يتمتع بإمكانية إلقاء الخطب والدعوة إلى اجتماعات واقتراح تحركات، لكن دوره يميل إلى كونه أمينا أكثر مما هو عاما. وفي حين يقارن أحيانا بحبر أعظم علماني،


فإن الأمين العام للأمم المتحدة يستطيع توظيف الإقناع، لكنه لا يتمتع بسلطة اقتصادية ولا عسكرية. فالسلطة الوحيدة التي تتمتع بها الأمم المتحدة هي التي تعطيها لها البلدان الأعضاء على قاعدة الكثير من الطلب والرجاء. وعندما لا تتمكن الدول من الاتفاق فيما بينها على التحرك بصورة ملموسة، فإنه من الصعوبة بمكان أن تتمكن المنظمة الدولية من فعل شيء.


أما الكلفة الإجمالية لنظام الأمم المتحدة فإنها تقدر بنحو 20 مليار دولار، أي أقل من المكافآت السنوية التي تدفع خلال سنة جيدة في وول ستريت. من تلك الحصيلة، تمتص الأمانة العامة في نيويورك 10% فقط، علما بأن بعض الجامعات لديها ميزانيات تفوق هذه النسبة.


سبعة مليارات دولار أخرى تخصص للحفاظ على قوات السلام التابعة للأمم المتحدة والمنتشرة في أمكنة مثل الكونغو ولبنان وهايتي ومنطقة البلقان. أما بقية المبلغ - أكثر من نصفه- فتستخدمه الهيئات المتخصصة التي تعمل تحت راية الأمم المتحدة والموزعة حول العالم، والتي تلعب دورا مهما في تنظيم التجارة العالمية والتنمية والصحة والمساعدات الإنسانية.


المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، على سبيل مثال، تساهم في تخفيف عبء مشكلات الأشخاص المهجرين وبرنامج الغذاء العالمي يغيث أطفالا يعانون من سوء التغذية ومنظمة الصحة العالمية تدعم أنظمة معلوماتية حول الصحة العامة، وهذه الأنظمة تلعب دورا حاسما في مواجهة تهديد الأمراض المعدية مثل الحمى الآسيوية.


صحيح أن الأمم المتحدة لا تملك الموارد اللازمة لحل المشكلات في ميادين جديدة على غرار مرض الايدز أو التغير المناخي، لكنها تستطيع بلا شك دفع الحكومات لكي تتصرف. وحتى في ميدان الأمن، فإن الأمم المتحدة تقوم بدور مهم أيضا. فالمفهوم الأصلي للأمن الجماعي المصمم في عام 1945، والذي يقول باستعداد الدول للتحالف والتكاتف لردع المعتدي ومعاقبته، فشل بسبب المواجهة بين الاتحاد السوفييتي والغرب أثناء الحرب الباردة.


كانت هناك فترة زمنية قصيرة بعد أن تشكل في عام 1991 تحالف واسع من البلدان الذي أجبر صدام حسين على الخروج من الكويت ، والذي بدا فيه أن ذلك المفهوم الأصلي القديم عن الأمن الجماعي كان في طريقه إلى التحول إلى (نظام عالمي جديد). لكن الآمال سرعان خابت، والأمم المتحدة لم تتمكن من التوصل إلى إجماع لا حول كوسوفو في عام 1999 ولا فيما يتعلق بالعراق عام 2003.


والمتشككون وصلوا إلى استنتاج يفيد أن الأمم المتحدة كانت قد أصبحت عديمة الأهمية في موضوع الأمن. إلا أنه عندما دخلت إسرائيل وحزب الله في لبنان في صراع في الصيف الماضي وانتهى الصراع إلى طريق مسدود، بدت الدول الأعضاء أكثر من مستعدة لإنشاء قوة سلام تابعة للمنظمة.


الغريب في الأمر هو أن أعمال السلام لا تبرز بشكل محدد وملموس في الميثاق الأساسي للمنظمة الدولية ، ولقد ابتدعها الأمين العام الثاني داغ همرشولد ووزير الخارجية الكندي ليستر بيرسون، عندما اجتاحت بريطانيا وفرنسا مصر أثناء أزمة قناة السويس عام 1956.


ومنذ ذلك الحين وقوات السلام التابعة للأمم المتحدة انتشرت أكثر من 50 مرة. وفي الوقت الحالي هناك ما يقارب 100 ألف جندي من بلدان متعددة يرتدون قبعات الأمم المتحدة الزرقاء في جميع أنحاء العالم. ولقد كانت لعمليات حفظ تقلباتها، ففي سنوات التسعينات من القرن الماضي مثلت كل من البوسنة ورواندا فشلا ذريعا بالنسبة للأمم المتحدة، مما دفع الأمين العام آنذاك كوفي عنان إلى اقتراح سلسلة من الإصلاحات لمواجهة عمليات الإبادة العنصرية والقتل الجماعي.


في سبتمبر 2005 ، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة وجود (مسؤولية حماية) السكان العزل المغلوبين على أمرهم. بكلمات أخرى، فإنه ما كان بوسع الحكومات الاستمرار بمعاملة مواطنيها كما يحلو لها. وهكذا تم إنشاء لجنة جديدة لتعزيز السلام هدفها تنسيق الأعمال التي يمكن أن تساعد إلى الحيلولة دون تكرار أعمال إبادة عنصرية،


حيث بدت الأمم المتحدة لاعبا رئيسيا في تيمور الشرقية أثناء عملية التحول إلى الاستقلال وهي تقوم اليوم بوضع الخطط من أجل بوروندي وسيراليون. أما في الكونغو، فإن قوات السلام لم تتمكن من القضاء على العنف بصورة نهائية هناك، لكنها لا شك ساعدت في إنقاذ أرواح الناس.


والحالة الحالية الأكثر دقة هي حالة دارفور في السودان، حيث تبذل جهودا دبلوماسية لإنشاء قوة مشتركة للسلام من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. لكن في ظل الجو السياسي المسمم الذي يحاصر الأمم المتحدة منذ الحرب على العراق، فإنه ليس غريبا أن تسود حالة من الانزعاج ، حيث تنتظر بان كي مون مهمة عسيرة.


لكن من المحتمل أن تدرك البلدان الأعضاء، وذلك عوضا عن الشك بالأمم المتحدة، أنها بحاجة إلى أداة عالمية من ذلك النوع بسلطتها الاستدعائية والشرعية. وعلى الرغم من أن نظام الأمم المتحدة ليس تاما، إلا أن العالم سيكون مكاناً أكثر فقرا وفوضى من دون هذه المنظمة الدولية.
البيان






أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر